بعد “الإبادة الجماعية”.. الاطفال الايزيديون يواجهون الحرمان من التعليم و”سلب” الهوية الدينية
دعت منظمة “أنقذوا الأطفال” الانسانية، يوم السبت، المجتمع الدولي وحكومتي العراق واقليم كوردستان الى العمل على مساعدة الأطفال الايزيديين على تخطي آثار الابادة الجماعية التي تعرضت لها اقليتهم، وتجاوز الخوف وضمان نيل حقوقهم في التعلم وحصولهم على أوراقهم لإثبات الهوية.
وفي تقرير لها، قالت المنظمة أنه يجب عدم نسيان الأطفال الايزيديين الذين دُمرت حياتهم بسبب هجمات تنظيم داعش قبل 8 أعوام.
400 ألف إيزيدي هُددت حياتهم
وذكّر التقرير بأن نحو 400 الف ايزيدي اجبروا على الفرار من موطن اجدادهم في سنجار في العام 2014 بعدما عبر داعش الحدود من سوريا، وتعرض كثيرون الى القتل والاسر، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “إبادة جماعية”.
وتابع التقرير ان نحو ثلاثة الاف امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب واشكالاً اخرى من العنف الجنسي، فيما ما يزال العديد منهن في عداد المفقودين، بينما جرى فصل الأولاد الصغار عن عائلاتهم وتجنيدهم في صفوف التنظيم.
والآن، يقول التقرير انه بعد مرور 8 أعوام ما زال العديد من الأطفال الايزيديين نازحين من مجتمعاتهم، ويتواجد العديد منهم في بيئات ليست آمنة.
أطفال خسروا عوائلهم
وفي محاولة لتحديد تأثير الابادة على الاطفال، تحدثت منظمة “انقذوا الاطفال” مع 117 طفلا اعمارهم تتراوح بين 7 و17 عاما، كانوا اقل عمرا بكثير عندما خسروا امهاتهم واباءهم واخوتهم واقاربهم في العنف، وذلك بالاضافة الى 33 من الناشطين في تقديم الرعاية.
وعبر الأطفال عن مخاوفهم واحساسهم بانعدام الأمن والأمان في حياتهم اليومية، وأن من بين المراهقين، قال 39 من 40 مشاركا في الدراسة انهم لم يحسوا بالأمان في الأماكن التي يعيشون فيها، وانهم يشعرون بالقلق إزاء عمليات الخطف والعنف الجنسي والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، والقلق من فقدان العائلة او الانفصال عنهم الى جانب مسائل اخرى.
ونقل التقرير عن خالد، وهو احد هؤلاء الاطفال، قوله إنه يرى “كل يوم أطفالا يحملون اسلحة ويعملون مع جهات امنية من الجماعات المسلحة، وهم ما زالوا صغارا”.
الحاجز اللغوي
ومن بين التحديات التي يواجهها هؤلاء أيضا الحواجز اللغوية بشكل خاص، حيث ان بعض الاطفال نسوا لغتهم الكرمانجية، او انهم لم يتعلموها بالاساس لانهم ولدوا في مرحلة الخطف، وهو ما يجعل من الصعب عليهم التواصل مع عائلاتهم او اعادة دمجهم في مجتمعاتهم.
ولفت التقرير ايضا الى اثار السلامة العقلية على الناجيات من الفتيات مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب الى جانب نتائج خطيرة اخرى مرتبطة بالصحة البدنية والعقلية.
حق التعليم
واشار التقرير الى ان الاطفال الايزيديين قالوا إنهم يرغبون في التعلم الا انهم بعد 8 اعوام، ما زالوا محرومين من حقهم هذا، وانه بالنسبة للعديد منهم، فإن اقرب مدارسهم مهجورة، او تعرضت للقصف والتدمير، كما انهم يخشون التنقل لمسافات طويلة، فيما يعانون أيضا من نقص المواد والكتب المدرسية والموظفين.
وينقل التقرير عن الناشطة في مجال الرعاية سوزان، قولها إنها تخشى من ذهاب ابنائها وبناتها الى مدارس بعيدة خوفا من تعرضهم للخطف.
والى جانب ذلك، ذكر التقرير ان عدم وجود وثائق مدنية يحول دون التحاق بعض الاطفال الايزيديين بالمدارس، حيث فقد العديد منهم وثائق هويتهم خلال فترة الابادة الجماعية، بينما قد لا يتم تسجيل الاطفال الاصغر سنا عند الولادة.
وتابع التقرير انه من دون هذه الوثائق، لن يكون بامكان الاطفال الحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
الوثائق الرسمية وتغيير الديانة
وأشار التقرير إلى ان الاطفال المولودين خلال مرحلة الخطف، يواجهون تحديات أكبر بالنسبة الى اجراءات اثبات الابوة للتسجيل من قبل والدين غير متزوجين.
وبين أنه مع عدم وجود هذا الإثبات، فإنه يتم تسجيل الطفل على أنه “مسلم”، مما يجعله قانونيا وثقافيا ليس من المكون الايزيدي.
ونقل التقرير عن القائم بأعمال مدير منظمة “أنقذوا الأطفال” في العراق رزكار الجاف، قوله ان الاطفال الايزيديين “ما يزالون يعيشون في خوف مما واجهوه هم وعائلاتهم على يد داعش، وما يختبرونه في حياتهم اليومية حاليا”.
واضاف “انهم ما زالوا محرومين من حقوقهم كأطفال ومن الرعاية الملحة والدعم الذي يحتاجون إليه في التعافي من الصدمات”، مشيرا الى ان “العديد من الأطفال ما زالوا مفقودين، وفي حال لم يتغير شيء، فسيتعزز عمق آثار الإبادة الجماعية على الأطفال الايزيديين”.
دعوة دولية
ولهذا، دعت “انقذوا الاطفال” المجتمع الدولي للعمل مع حكومة العراق وحكومة إقليم كوردستان لتقديم خدمات متخصصة من اجل الناجين من الأطفال الايزيديين واعادة دمجهم في مجتمعاتهم، بالاضافة الى الاستثمار في التعليم والبنية التحتية، وضمان أن الأطفال الإيزيديين الناجين من العنف الجنسي والتجنيد دخولهم الى النظام التعليمي مجددا مع توفير رعاية للصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.
كما دعت المنظمة الاطراف الثلاثة الى اتخاذ خطوات لضمان حصول الأطفال الايزيديين على العدالة وتحقيق المحاسبة ونيل التعويضات عن الانتهاكات الخطيرة والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ارتكبت ضدهم.
وبالاضافة الى ذلك، طالبت المنظمة حكومة العراق بضمان حصول الأطفال الايزيديين على وثائق مدنية تتيح لهم نيل الحقوق الاساسية مثل التعليم والصحة والى جانب تعديل القوانين العراقية بما يسمح لأمهات الأطفال المولودين في الحرب، باختيار ديانة أطفالهم عند تسجيلهم.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية