هل انت أعسر؟ تعرف في يومك العالمي على أبرز الخرافات التي لاحت يدك
عندما يرصد المرء قواعد تناول الطعام، وآلات المطبخ المصممة لليدين اليمنى، وأزرار الأجهزة الكهربائية التي يُستخدم اليد اليمنى للتحكم فيها، وحتى الأدوات الحرفية المُصممة لليدين اليمنى، يمكن له أن يفهم لحظة كيفية تحدي العالم الذي يتسم بالتوجه نحو استخدام اليد اليمنى بشكل رئيسي.
منذ أزمنةٍ بعيدة، وُجِد أن الحياة للأفراد اليساريين لم تكن سهلة في هذا العالم. في بعض الثقافات، كان لديهم أن يواجهوا نظرة مُحاطة بالتحفظ. تلك المعاناة والتحديات التي واجهها هؤلاء الأفراد قد جعلت من الضروري تخصيص يومٍ خاص، وهو الثالث عشر من شهر آب/أغسطس، للاحتفال باليوم العالمي لمستخدمي اليد اليسرى.
إن نسبة مستخدمي اليد اليسرى في العالم تتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة من سكان الكوكب. ورغم أن تقديرات هذه النسبة قد تتغير، فإن وجود يوم خاص للاحتفال بمستخدمي اليد اليسرى يُظهر أهمية تسليط الضوء على هذه الجماعة واحترام تفضيلاتهم ومساهماتهم في مختلف المجالات.
تاريخ متباين من التعامل
وبحسب الدكتورة يوليا بونينا، عالمة النفس العصبيّة ورئيسة مركز “نيرو براكتيك”، تظهر تباين التعامل مع مستخدمي اليد اليسرى عبر تاريخنا بشكل واضح. منذ عصور الإغريقيين القدماء، اعتبروهم محظوظين ومقربين من الآلهة، بينما في العصور الوسطى في أوروبا، عانوا من التمييز والاضطهاد حتى حُرِق بعضهم تحت زعم أنهم رسل الشيطان. في الحقبة السوفيتية، ظهرت فكرة إعادة تعليمهم.
تطورت تصورات المجتمع عن مستخدمي اليد اليسرى أيضًا خلال القرن العشرين. في الأزمنة السابقة، كانت توجد اعتقادات بأن اليساريين يميلون للإجرام والمرض النفسي. ومع نهاية القرن العشرين، بدأ الوضع يتغير تدريجيًا بمجهودات العلماء، وظهرت رؤية جديدة تعتبر العسر علامة على الإبداع والقدرات المتعددة.
ولكن، مع مرور الزمن، لا تزال بعض الأفكار الخاطئة حول مستخدمي اليد اليسرى تنتشر. من هذه الأفكار أن جميع اليساريين أشخاص مبدعين، وهو اعتقاد غير دقيق. يتبين أن مثل هذه الأفكار لا تمت للحقيقة بأي صلة وتعتبر مجرد أساطير غير مسندة علميًا.
الوراثة والعوامل العشوائية
في ضوء البحث المستمر، يُفترض أن 25٪ من السبب وراء تفضيل بعض الأشخاص لاستخدام اليد اليسرى يعود إلى الوراثة. بينما قد تكون هذه النسبة مقلقًة بالنسبة للبعض، فإنها في الواقع تمثل نسبة أقل بشكل ملحوظ من تأثيرات الوراثة على سمات أخرى، مثل الطول أو الذكاء، على سبيل المثال، أن حتى بين التوائم المتطابقين الذين يتشاركون في نفس الجينات، يمكن أن تظهر أوجه تشابه واختلاف في تفضيل اليد المسيطرة.
كما واكتشفت الدراسات العلمية أن أقدم آثار ترجع للأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى تعود إلى ما يقرب من مليون سنة. هذه الآثار تمثلت في الأسلحة والأدوات التي استُخدمت من قبل هؤلاء الأفراد العسر.
النظرة القاسية
وفي بعض الثقافات، ينظر إلى استخدام اليد اليسرى بطريقة سلبية، حيث تُعتبر هذه العادة غير مرغوبة. وفي العقود الماضية، كان استخدام اليد اليسرى في أوروبا يعتبر نقصًا وعيبًا. وما زالت بعض اللغات تعكس هذه التوجهات، حيث في اللغة الإنجليزية مثلاً، تحمل كلمة “right” معاني “صح” و”يمين” في آن واحد.
قبل ستينيات القرن الماضي، كان هناك برامج مُخصصة لتدريب الأطفال العسر على استخدام اليد اليمنى بشكل رئيسي، وذلك في محاولة لتصحيح هذه العادة. تركز هذه الجهود على الأكل والكتابة، حيث كان يُعتقد أن استخدام اليد اليمنى في هذه الأنشطة أمرًا غير مقبول.
التورط التاريخي لمستخدمي اليد اليسرى في اتهامات السحر
تعيش اليد اليسرى مستنكفة في ظل تاريخ مظلم، حيث أُلقي على العسر سلسلة من الاتهامات والتوجيهات السلبية عبر العديد من الثقافات. ببساطة، استخدام اليد اليسرى كان موضوعًا محوريًا في تاريخ مليء بالاعتقادات والأفكار الخاطئة.
كان للعسر سمعة غير محمودة، فتصاحبه مسميات تثير الشبهات. تاريخياً، كان يُنظر إلى مستخدمي اليد اليسرى على أنهم أشرار ومحظوظين بشكل غير مقبول. حتى كلمة “شرير” في الإنجليزية تنبع من كلمة لاتينية تُعنى اليسار، مع كل ما تُحمله من توجهات سلبية.
في عصور الوسطى في بريطانيا، علاقة مستخدمي اليد اليسرى بالشيطان كانت لا تحسد عليها، حيث تم تكديسهم بتهم السحر والشر، مما جعل مصيرهم المحتوم هو الحرق. كان ذلك يُعد جزءًا من الظلم التاريخي الذي تعرض له هؤلاء الأفراد بسبب تفضيلهم للاستخدام اليسرى.
ولحسن الحظ في زمننا الحالي، تغير الأمر بشكل جذري. لم يعد العسر يتعرض لاتهامات السحر أو يرتبط بالشيطان. بل يمكنهم الآن التركيز على تحديات بسيطة تشمل البحث عن مقص ملائم أو سحاب سروال يتيح لهم السهولة في الإغلاق، أو حتى قلم حبر مُريح لاستخدامه دون عناء.
ومن أبرز الشخصيات الشهيرة في مجالات مختلفة والتي كانت تستخدم اليد اليسرى، هم: نابليون بونابرت، باراك أوباما، بيل كلينتون، مارلين مورنو، توم كروز، انجلينا جولي، البرت انشتاين، هينري جيمس، ارنست همنغواي، وليو تولستوي.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
