يوليو 27, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

معد فياض: احذروا الكوردي إذا غضب

احذروا الكوردي إذا غضب

معد فياض

في ثورات التحرر الشعبي ينتهي دور المقاتل عندما تتحقق أهداف الثورة ويتوقف القتال، ويذهب غالبية المقاتلين الى جمعيات (المقاتلين القدماء)، لتبدأ مرحلة جديدة هي اكثر صعوبة وتعقيدا من مرحلة الثورة، تلك هي مرحلة التعمير وارساء اسس بناء المجتمع والدولة، وهذه المرحلة تحتاج الى قائد سياسي يتحلى بمبادئ وطنية مخلصة وباخلاق دبلوماسية عالية ومن طراز متميز.. تحتاج الى رجل دولة وسلام، الى مهندس معمار، وهذا الدور الصعب انيطت مسؤوليته بنيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة اقليم كوردستان السابق ورئيس الاقليم الحالي الذي ترك موقعه في الجبال ليرتقي بمسؤولية بناء الاقليم وتحقيق طموحات شعبه المشروعة بعد جولات من القتال امتدت لاكثر من قرن من الزمان، ويتحمل مصاعب رئاسة الحكومة، ومن ثم رئاسة اقليم كوردستان، وتضميد جراح الشعب الكوردي ونقله الى مرحلة الانجازات الكبرى.

لقد أسعفني الحظ بأن ألتقي، كصحفي، الرئيس نيجيرفان بارزاني منذ عام 2004 وحتى آخر حكومة ترأسها، وان أواكب سواء عن قرب أو بعد، وأرصد انجازاته الكبيرة ليس في بناء إقليم كوردستان ووضعه على واجهة الأحداث الدولية كإقليم حضاري بحجم دولة وحسب، بل الارتقاء والنهوض بالاقليم وشعبه علميا وثقافيا من خلال المؤسسات الاكاديمية والطبية والخدمية والسياسية وبناء الانسان الكوردي ومساعدته على اكتشاف مؤهلاته العلمية اعتمادا على ثقته العالية بنفسه وبامكانياته المتميزة.

من هذا المفهوم نقرأ بتمعن كلمة الرئيس نيجيرفان بارزاني، بمناسبة ذكرى رحيل محمد باقر الحكيم اليوم، 31 كانون الثاني 2024، امام كبار المسؤولين وزعماء الاحزاب السياسية في بغداد، وسندرك تماما ان هذا الرجل خلق ليكون رجل دولة وسلام. حكيم في تشخيصه للازمات وشجاع في طرح الحلول العميقة، ماضيا بسلوك طريق دبلوماسي سليم للحفاظ على حقوق شعبه واستقرار الاقليم.

لقد اكد الرئيس نيجيرفان بارزاني في كلمته حرصه على وحدة العراق والعراقيين بجميع قومياتهم واديانهم وطوائفهم، ونبذ الخلافات من خلال تطبيق بنود الدستور الذي نص على ان العراق بلد ديمقراطي اتحادي، معتبرا تطبيق الدستور هو الحل لجميع الازمات ورسم طريقا للحاضر والعبور نحو المستقبل، وهذه من صفات القائد الحكيم الذي لا يحصر الحلول بالراهن فقط. يقول: “نرتكز اليوم على مصدر قانوني شرعي مهم جدا لتطوير وتعزيز التعايش المشترك بين مكونات العراق”.

فمنذ عام 2005 لدينا الدستور وهو قانوننا في التعايش واعتماد النظام الاتحادي الديمقراطي. وتتآلف روح الدستور مع العدالة وتقاسم السلطات والنظام الاتحادي.

وتطبيق الدستور كما هو يحافظ على ماضي مجتمعنا الرائع ويحسّن حاضرنا ويؤسس لمستقبلنا”.منبها بقوله:” لذا وبينما يجلس هنا الكثير من السادة الزعماء وكبار المسؤولين العراقيين، فإنني أدعو إلى أن نلتزم جميعنا بهذا الدستور كونه يحمي المساواة بين جميع مكونات وأقاليم ومحافظات العراق ويحفظ استقرار البلد”.

وعندما تعترض الازمات استقرار اقليم كوردستان ومعيشة الكورد الذين قاتلوا لما يقرب القرن من الزمان دفاعا عن ارضهم وكرامتهم وحياتهم ومستقبل ابنائهم، فان الرئيس نيجرفان بارزاني لا يتراجع عن تسمية تلك المشاكل وتشخيصها بوضوح حفاظا على حقوق شعبه من جهة وايجاد الحلول الناجعة من جهة ثانية، قال، انه ” بسبب الافتقار إلى الميزانية والرواتب في إقليم كوردستان في الوقت الحاضر، يعيش الموظفون والأهالي ظروفاً قاسية للغاية. وقد أثر هذا بصورة سلبية جداً على كل القطاعات في إقليم كوردستان. وهناك حاجة ملحة لحل هذه الأزمة الكبيرة بأقصى سرعة. وهذه مسؤوليتنا جميعاً، لأن إقليم كوردستان وموظفيه جزء من العراق”.

موجها الدعوة الى “جميع القادة والأطراف السياسية، والكتل وجميع أعضاء مجلس النواب العراقي، إلى دعم حل مشكلة ميزانية ورواتب موظفي إقليم كوردستان”.

وهذه بمثابة الدعوة لانقاذ سفينة العراق من الغرق بسبب الفوضى التي قد تسود لو تقاعس القادة السياسيين في بغداد من ايجاد الحلول السريعة، فالمواطن، اي مواطن في العالم عندما يشعر بالغبن والظلم ويحارب بلقمة خبز عائلته لن يتراجع عن التفكير بالحفاظ على كرامته باية طريقة لاسيما وان المواطن الكوردي يطالب بحقوقه المشروعة باستلام رواتبه اسوة بموظفي جميع المؤسسات والدوائر في سائر انحاء العراق.

لنقرأ بعمق كلمة الرئيس نيجيرفان بارزاني جيدا، فبالرغم من الهدوء الذي يتصف به اسلوبه وحرصه على ادامة العلاقات مع بغداد، وتعامله بروح حكيمة وحليمة، الا ان تفسيرا لما بين السطور يقول:”احذروا الحكيم اذا غضب”، والعرب قالت ” لقد بلغ السيل الزبى”.

وان على بغداد ان تفهم هذه الرسالة، فالكورد الذين عرفوا بطيبتهم وصبرهم، لن يتنازلوا عن حقوقهم المشروعة، خاصة عندما يتزامن موضوع قطع الرواتب عن موظفي الاقليم مع هجمات الميلشيات المسلحة على قوات البيشمركة، رمز امن اقليم كوردستان وحماته، ويحذر الرئيس نيجرفان من ان:”هذه الهجمات الحقت الكثير من الضرر بأمن وحياة مواطني إقليم كوردستان وتسببت في انتشار القلق والاضطرابات في جميع أسواق العراق ومنحت إرهابيي داعش الفرصة لتكثيف هجماتهم”.

ان الرئيس نيجيرفان بارزاني، الذي عرف عنه المطاولة وتمتعه بروح صابرة، فهو في كلمته يحذر حرصا على استقرار اقليم كوردستان وموقفه امام شعبه المؤمن به وبقيادته. وان لم تفهم بغداد هذه اللغة الهادئة واسلوب الدبلوماسية الناعمه فاني هنا الجأ الى ما قاله العرب ” لم يَبْقَ فِي قَوْسِ التَّصَبُّرِ مَنْزَعُ”.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi