يوليو 27, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

داود مراد ختاري: مأساة إيزيدية سرحد في مذكرات وكتابات الأديب (أحمد كَوكَي)

مأساة إيزيدية سرحد في مذكرات وكتابات الأديب (أحمد كَوكَي)
داود مراد ختاري
الــمــقــدمــة
السيد ” أحمد كَوكَي – Ahmedê Gogê ” هو احد المثقفين الكورد المشهورين في أرمينيا والذي وهب حياته من اجل تقدم ونهوض الثقافة والارث القومي للكورد، تاريخ عائلة الصحفي والكاتب الكوردي الشهير أحمد كَوكَي موغل في التاريخ .

فالكاتب أحمد كَوكَي ينتمي إلى قبيلة من قبائل الكورد الايزديين ” قبيلة رموشية قديمي ” والتي ينتمي اليها عشيرة حسنا، هو من عائلة ( علي شفو علي آغا ) المعروف . جد أحمد هو يوسف خدو، فقد كان معروفا ومشهورا بين عشيرته وكذلك لدى العشائر المجاورة من الكورد المسلمين والايزديين ايضاً، كان شخصا معروفا ومحل تقدير واحترام، والعشيرة التي ترعرع وكبر فيها أحمد هي عشيرة ” حسنيا ” عشيرة عائلة حسن آغا، عائلة جد أحمد، عائلة يوسف خدو كانت معروفة ضمن هذه العشيرة، وكان زعيما يقود قبيلة ” رموشي ” وقد لعب جد أحمد ” يوسف خدو ” بالاشتراك مع رؤساء العشائر الايزدية في منطقة القوقاز دورا بارزا في التاريخ الكوردي – الروسي، والكوردي – الارميني، وقد كان جسراً للوفاق بين الكورد في هذه المنطقة بين الكورد المسلمين من جهة والكورد الايزديين من جهة أخرى، عائلة الجنرال ” گولي جوار آغا ” والذي كان من الديانة الإسلامية والذي كان جنرالاً في الجيش الروسي بالإضافة إلى عائلة يوسف بگي (والذي كان من الديانة الايزدية) حيث كانوا ” كرفاء في الدم منذ القدم “، وكان جد أحمد _ يوسف خدو صديقاً لرئيس عشيرة ” الجلالية ” والذي كان جنرالاً في الدولة الروسية ” أله شرف بگ – Elehşeref begê “، وكانت لهم زيارات عائلية متبادلة، وكان يوسف خدو ايضا مقربا من ابن الجنرال ” شرف بك ” والذي كان من الديانة الإسلامية كما ذكرنا سابقا . وبفضل هذه القرابة والصداقة، عاش الكورد المسلمين والكورد الايزديين افضل علاقات الجيرة والاخوة معا وتعانوا سوياً في الظروف الصعبة التي واجهتهم . أحمد كَوكَي في كتابه هذا يشير بشكل واضح إلى تلك الاحداث الحية التي مرت في تاريخهم، هذا الكتاب الذي عنونه بـ : ” صوت آباءنا وأجدادنا – صوت الاجداد ” والذي يتحدث فيه بدقة عن الاحداث والوقائع التاريخية والانسانية، والفلسفية، والثقافية والقومية، حيث يتحدث عنها بشكل مفصل .
لم يكن أحمد كَوكَي فقط صحفيا وكاتبا كورديا ذو اختصاص، بل كان ايضا مختصا في اللغة الكوردية، وكان مغنيا وراويا للقصص والحكايات، حيث تربى وترعرع في عائلة وبين عشيرة كانت موجودة فيها الحس القومي الكوردي . أحمد هو معلم للغة الكوردية قبل أي شيء آخر وبدأ بتعليم القومية الكوردية ووحدتها بدءاً من عائلته، ويقول ابن اخيه ( خدر رزاي كَوكَي ) وهو اليوم سياسي قومي كوردي : ” انهيت دراستي المتوسطة وحصلت على شهادتي من مدرسة قريتي شاميرام، وهذه بعض اسماء المعلمين الذين تعلمت على ايديهم وهم، توسن مجيد، فيزو بدر، زاد علي خان وآخرين، هؤلاء كانوا من القومية الكوردية – من الديانة الايزدية -، فهؤلاء كانوا يعلمونا ويثقفونا من الجانب القومي الكوردي، ولكن من كان معلمي منذ ان وعيت على الدنيا وقدوتي، وهو من علمني اللغة الكوردية النقية والادب والتاريخ الكوردي هو كان عمي أحمد كَوكَي ” .
ولد أحمد كَوكَي في سنة 1937 م في جمهورية أرمينيا السوفيتية ( الاتحاد السوفياتي ) في منطقة ” آراغاسوتن ” في قرية شاميرام التابعة لـ منطقة آشترك، وهو من عائلة كوردية ذو صيت ذائع منذ القدم وهذه العائلة من الديانة الايزدية . وبعد اتمام دراسته في قريته، اتجه إلى عاصمة أرمينيا ” يريفان ” وهناك اكمل دراسته وليدخل دار المعلمين ويتم قبوله فيها إلى ان تخرج منها وبنجاح، وبعد اكمال دراسته عاد إلى قريته ليصبح معلماً في مدرسة القرية، وبالإضافة إلى عمله اكمل دراسته في الجامعة وليتخرج من بعدها من قسم اللغات والتاريخ .
في سنة 1964 م انتقل فيها إلى يريفان وعمل في راديو أرمينيا الاجتماعي وعمل فيها ضمن قسم اللغة الكوردية وعمل فيها كمقدم للبرامج، وبعد مرور مدة من الزمن أصبح رئيساً للقسم وقبل قدومه إلى الإذاعة كان أحمد يرسل للإذاعة الكثير من الكتابات التي كان يكتبها ، وكان أحمد محباً للعلم، و قدم كل ما يعرفه وتعلمه إلى الإذاعة الكوردية، ان ما كان أحمد يقدمه على الإذاعة من كلمات واشعار واعداد للبرامج كان مقبولا بشكل ممتاز لدى مستمعي الإذاعة، وفي السنوات التي كان فيها رئيساً للقسم الكوردي من الراديو أدار الإذاعة بشكل احترافي ولم يكن اقل مستوى من الأقسام الاخرى، وفي وقت ادارته كان هناك نضال وتطور مستمر على صعيد اللغة الكوردية من خلال إغناء اللغة الكوردية بالكلمات والمفردات الاصيلة والاشعار والأغاني ذات المستوى الرفيع، ويوم بعد آخر بدأت المكتبة الكوردية بالاغتناء بالكلمات والاشعار الكوردية، وقد كانت تعد وتقدم العديد من البرامج الجديدة .
وقد اشتهر أحمد كَوكَي هناك بكتابة الاشعار ايضاً، وقد نشرت بعض اشعاره في مجلة ” بهار ” الناطقة باللغة الكوردية ، وقد اخذ المطرب والمغني المشهور ” آرام تيكران ” بعض أشعاره ولتصبح فيما بعد أغاني يغنيها، أي الأغاني التي كان يحبها الجمهور كان يضعها في الإذاعة .
ولقد برز اسم أحمد كَوكَي كواحد من اهم وابرز الكتاب المعروفين في الوسط الكوردي وخاصة بعد كتابه ” صوت الأجداد “، هذا الكتاب طبع في سنة 1997 م في مدينة يريفان عاصمة جمهورية أرمينيا وكتبت بالأحرف اللاتينية، وتم نشر هذا الكتاب بمساعدة من الباحث والكاتب والشاعر الكوردي الكبير ” عسكر بويوك “، وفي سنة 2003 م توفى أحمد كَوكَي ورحل إلى مثواه الاخير في مدينة يريفان، وقد أصبح كتابه ” تاريخ الاجداد ” مثالاً حياً ووثيقة تاريخية مهمة للجيل الحالي وللأجيال التي تليها عن التاريخ والعادات والتقاليد والاعراف لدى الكورد الايزديين، والذين إلى اليوم ما زالوا متمسكين بتلك الاعراف والتقاليد الوطنية الكوردية على نهج الاباء والاجداد وما زالوا مخلصين لها .
يتحدث أحمد كَوكَي في كتابه هذا عن عشيرة ” حسنان ” الذين وقفوا في وجه الدولة العثمانية والإسلاميين المتشددين في بداية القرن التاسع عشر وتركوا أراضي هم وبيوتهم هرباً من ظلم الدولة العثمانية وبداية دخولهم إلى مناطق ” سورملي و سينك “، فبنوا القرى وعاشوا بها، وفي ذلك الوقت كانت هذه الأراضي تابعة للإمبراطورية الروسية، فالدولة الروسية لم تكن تسمح لديانة بالتعدي على الديانة الأخرى، والديانات لم تكن تستطيع التعدي على بعضها البعض، ورؤساء العشيرة ” عشيرة حسنان ” كانت قد نالت على ثقة الدولة الروسية، وكان رئيس عشيرة حسنان ” حسن آغا ” قد وقف مع الدولة الروسية ضد الدولة العثمانية وحاربها وبذلك تكون العشائر قد امتلكت الفرصة في التخلص من ظلم وجور الدولة العثمانية، ويسرد الكاتب أحمد كَوكَي في كتابه ويتحدث فيه عن حياة القبيلة من خلال حديثه وتناوله لحياة أسرتين كبيرتين ومشهورتين وهما عائلة الآغا وعائلة كبير قبيلة رموشية، حيث يتحدث من خلال كتابه هذا عن كل قرية من قرى القبيلة من ناحية عدد السكان، العادات والتقاليد المتبعة لدى أهالي تلك القرى قبل الهجرة التي حدثت بين اعوام 1918 – 1920 م حيث يتحدث عن تلك الامور ويسردها بدقة للقارئ .
الابطال والشجعان الرئيسيين، رؤساء هذه القبيلة والعشيرة ” يوسف بكي حسن آغا و كبرى عائلات قبيلة رموشية ” يوسف خدو “، حيث كانت كل عائلة قريبة له فواحدة من جهة الأم وواحدة من جهة الأب، حيث كان الاثنان ” جدان ” لـ أحمد كَوكَي .
عندما يقرأ القارئ كتاب أحمد كَوكَي ” صوت الآباء والأجداد – صوت الأجداد ” ويضع امام عينه حياة كاتبها أحمد كَوكَي، سيعرف من خلال ذلك فقط كيف استطاع أحمد كَوكَي من كتابة هكذا كتاب مهم وقيم .

.. يتبع

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi