يوليو 27, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

‹ميزوبوتاميا› .. مطعم كوردي في اليابان

‹ميزوبوتاميا› .. مطعم كوردي في اليابان

بالقرب من محطة جوجو في حي كيتا بالعاصمة طوكيو يقع مطعم ‹ميزوبوتاميا› الذي لا يقدم الطعام الكوردي فحسب، بل ويقدم الثقافة الكوردية أًيضاً.

تعد منطقة جوجو في حي كيتا بالعاصمة طوكيو معرضاً مفتوحاً للعديد من ثقافات الطهي المختلفة. وعلى الرغم من أن المنطقة يخيم عليها الطابع المحلي، إلا أن «ميزوبوتاميا» تقع على بعد دقيقة واحدة فقط سيرًا على الأقدام من البوابة الجنوبية لمحطة جوجو، وهو ما يجعل هذا المكان مثيراً للانتباه بشكل خاص.

يقول كومازاكي تاكاشي، وهو صحفي ياباني عن هذا المطعم في صحيفة (نیپون): «تعرف كوردستان كواحدة من أكبر أربع حضارات في العالم. أستطيع أن أتذكر هذا الاسم جيداً من خلال دروس مادة التاريخ في المدرسة، ولكن لا أستطيع أن أتذكر موقع البلد بالتحديد على الخريطة، وهو ما دعاني إلى الصعود إلى الطابق الثاني وسؤال الرجل الطويل المتواجد داخل المطبخ:

– معذرةً، ما هو نوع الطعام الذي تقدمه؟

– إنه طعام كوردي.

– كوردي؟ أين تقع البلد صاحبة هذا المطبخ بالضبط؟

– يقول الناس أننا نحن الكورد أكبر مجموعة عرقية بدون دولة في العالم. المنطقة المعروفة باسم كوردستان، حيث يعيش معظم الكورد، هي منطقة تشمل أجزاء من تركيا، سوريا، العراق، وإيران وأذربيجان. للأسف أنها أمة غير معترف بها في العالم.

– لكن لماذا أطلقت على المطعم اسم ميزوبوتاميا؟

– إنه اسم المنطقة التي ينبع منها نهري دجلة والفرات حيث ولدت حضارة بلاد الرافدين».

ويقول الصحفي الياباني: «الرجل الذي قدم لي هذه المعلومات عن الكورد يدعى فاكاس كولاك وهو مالك المطعم والطاهي الرئيسي به. يعد هذا المطعم هو المكان الوحيد في اليابان الذي يقدم الطعام الكوردستاني، وقد تم افتتاحه عام 2017».

ويضيف: «نحن اليابانيون معتادون على دولتنا الجزرية، غالبًا ما نفكر في العرق واللغة والثقافة من منظور الحدود الجغرافية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهناك العديد من الثقافات الغذائية التي لها جذور تتجاوز هذه الحدود».

ويتابع: «عندما أوضحت للسيد كولاك أنني لدي فكرة عن المطبخ التركي مثلاً، لكني أفتقد لأي تصور عن المطبخ الكوردي، تطوع وقدم لي بعض المعلومات الهامة».

ويردف: «تأثر المطبخ الكوردي عبر تاريخه الطويل بثقافات الطعام القادمة من مناطق مختلفة مثل آسيا الوسطى واليونان وبلاد فارس والعرب. ولأن الكثير من الكورد عاشوا حياتهم في الجبال، تعد الخضروات والفواكه الموسمية ومنتجات الألبان مثل الزبادي والجبن من المكونات التي لا غنى عنها في المطبخ الكوردي. العديد من الأطباق المعروفة بالمطبخ التركي نشأت أصلاً في المناطق الكوردية».

من بين قائمة الطعام الخاصة بالمكان يوصي كولاك بوجبة ميزوبوتاميا (1250 ين ياباني)، وهي تشتمل على طبق مكدس بأرز بيلاف، وبطاطا مشوية بالفرن، وزلابية مقلية مملوءة باللحوم تسمى كوتيلك.

البيلاف المملح قليلًا يتناسب تمامًا مع البطاطس بنكهة الثوم. لكن الطبق الأشهى وسط هذه المجموعة هو كوتيلك. كانت قشرة البرغل المقرمشة مملوءة بلحم الضأن المفروم وممزوجة بحلاوة لذيذة. يُخلط اللحم مع البصل والبطاطس والجوز والسمسم، وفي تركيبة غنية مع القشرة يقدم بنكهة حلوة غير اعتيادية، وفق الصحفي الياباني.

ويتابع: «فتحت تلك الزلابية عالماً جديداً بالنسبة لي. فمنذ تلك اللحظة بدأت في التردد على المطعم بشكل منتظم، وفي كل مرة كنت أعرف المزيد عن الخلفية التاريخية والحياة اليومية للسيد كولاك والكورد الآخرين الذين يعيشون في اليابان».

كولاك .. من شمالي كوردستاني إلى اليابان

ولد كولاك عام 1981 وأمضى طفولته في قرية كوردية بشمالي كوردستان (كوردستان تركيا)، لكن في أواخر الثمانينيات نزحت عائلته كما العديد من الكورد، أحد إخوته هاجر إلى هولندا، وبعض الإخوة الأخرين إلى اليابان.

انتقل كولاك إلى ماليزيا لمواصلة دراسته، ثم اعتمد على أخيه لمساعدته على القدوم إلى اليابان في عام 2009.

يفعل كولاك كل ما بوسعه حتى يستطيع أن يقدم أشهى الأطباق من المطبخ الكوردي، ولكن «الطباخ» ليس سوى أحد جوانب كولاك العديدة.

يعمل كولاك كطباخ ومدير لمطعم ميزوبوتاميا في المساء، وكمدرس للغة الكوردية للطلاب اليابانيين في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية في أيام الأسبوع. وهو أيضًا مدير الجمعية الثقافية الكوردية اليابانية.

المطعم به رف ملئ بالكتب المتعلقة بالكورد، بعضها منسوب إلى كولاك نفسه. كما أنه ساعد في تحرير القاموس الكوردي ونص القواعد النحوية، كما شارك في كتاب الطبخ المنشور حديثًا تحت عنوان «المائدة الكوردية» وهو يعمل أيضًا على تقديم الأدب الياباني إلى الكورد، فقد قام على سبيل المثال بترجمة رواية يوكيجوني «بلد الثلج» للأديب الياباني كواباتا ياسوناري إلى اللغة الكوردية.

هناك عدد كبير من السكان الكورد الذين يعيشون في محافظة سايتاما وبالتحديد في مدينتي كاواجوتشي حيث يعيش كولاك ووارابي، وهي منطقة يحلو للبعض أن يطلق عليها اسم وارابيستان، كناية عن كثرة عدد السكان الكورد بها.

هناك بعض الأفلام التي تعرض قصصًا عن حياة الكورد الذين يعيشون في هذه المنطقة، فعلى سبيل المثال صدر عام 2018 فيلم «كورد طوكيو»، كما صدر في السادس من شهر مايو/ أيار من هذا العام فيلم «أرضي الصغيرة» وهما فيلمان يتناولان القيود التي تفرضها الحكومة اليابانية على الحياة اليومية للكورد الذين يعيشون في اليابان.

ووفق الصحفي الياباني، فإن جميع الكورد الذين يعيشون في اليابان ليس لديهم الحق في الحصول على صفة لاجئ، وغالبًا ما يُجبرون على العيش في ظل نظام «الإقامة المؤقتة» غير المستقر. فبموجب هذا النظام، لا يُسمح لهم بالعمل أو التنقل بحرية عبر حدود المحافظات، ولا يمكنهم الحصول على تأمين صحي وطني. وبدلاً من توفير الأمان والاستقرار لهم هنا في اليابان، يتم معاملتهم مثل المجرمين. يحاول كولاك مساعدة أقرانه من الكورد الذين يعيشون في اليابان من خلال عمله على نشر الثقافة الكوردية.

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi