نيجيرفان بارزاني يطرح “خريطة طريق”: من أجل الحزب وكوردستان والعراق
إذا كان من توصيف لمواقف رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني يومي الأربعاء والخميس، فلعل التعبير الأمثل هو “تشريح دقيق للمشهد السياسي” للحاضر والمستقبل، ويمكن أن يكون بمثابة “خريطة طريق” من أجل تعافي بغداد والاقليم، ومعالجة مشاكلهما وتحدياتهما.
وحده “رجل الدولة” بإمكانه في ظروف حالكة أن يرسم حدا عقلانيا فاصلا بين الممكن واللاممكن وان يتكلم متفهما منطق الخصم المفترض، فيكون حليفا حقيقيا، بمثل هذه الجرأة. ولعل هذا ما فعله نيجيرفان بارزاني سواء خلال الجلسة الحوارية الأخيرة لملتقى “ميري” الذي عقد في أربيل، أو خلال كلمته أمام المؤتمر ال14 للحزب الديمقراطي الكوردستاني في مدينة دهوك، والتي أقترح بها ايضاً تسمية مسرور بارزاني نائباً ثانياً لرئيس الحزب، وهو الأمر الذي حظي بموافقة المشاركين.
حافلة تصريحات نيجيرفان بارزاني بما يعزز “خريطة الطريق” هذه. من كلامه حول استقاء الدروس من الماضي، مرورا بتأكيده مرارا على أنه إذا أصبح العراق مستقراً سيكون إقليم كوردستان مستقراً، وإذا تدهور الوضع الأمني في العراق سيتدهور الوضع في إقليم كوردستان أيضاً، وصولا الى تطميناته حول ضرورة احتضان الصدريين في العملية السياسية المستجدة، والى نيته العمل الى جانب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وسوية لمعالجة التحديات أمام العراق والعراقيين والكورد والمكونات الدينية والعرقية المتعايشة في هذا البلد، وصولا الى حق الشباب بان يغضبوا ويقولوا “كفى”، والى معالجة ملف النفط بروح التكامل مع بغداد وليس من باب الخصومة، والى اولوية كوردستان على نظريتي “الاخضر والاصفر” التي يرفضها، والتشديد على ان الاتحاد الوطني الكوردستاني هو “شريك رئيسي” للحزب الديمقراطي الكوردستاني، مهما كانت خلافاتهما.
رسائل كثيرة وجهها نيجيرفان بارزاني سواء أمام مؤتمر “ميري” بحضور خبراء وسياسين واعلاميين، او أمام مؤتمر “البارتي” الذي جدد الثقة بزعيم الحزب مسعود بارزاني، وبه هو نائبا للرئيس، وبدت تصريحاته كأنها وصايا للمستقبل، او برنامج عمل يصلح للارتقاء بالعراق، والاقليم، الى مصاف الدول الراقية باستقرارها السياسي والاجتماعي.
شاءت الصدفة وحدها ان ينعقد المؤتمر ال14 للحزب الديمقراطي الكوردستاني، بعد انفراج الأزمة السياسية الخانقة في العراق، وهو ما اتاح للمؤتمر، ولنيجيرفان بارزاني تحديدا، ان يركز الاهتمامات على التطلع نحو الامام وطرح الخيارات في بلد صعب كما وصفه، وانما بروح من التفاؤل والايجابية التي كانت واضحة حتى في المصطلحات والتعبيرات التي استخدمها في تقديم رؤياه.
لا انكفاء ولا قصر نظر ولا انعزالية وهو يمد يد التعاون والتنسيق لمحمد شياع السوداني وهو يقول امام المئات من اعضاء “البارتي” ان “الحزب الديمقراطي الكوردستاني كان قوة كبيرة في الحركة السياسية والديمقراطية العراقية منذ تأسيسه، وكان في مصلحة كل العراقيين، والآن بعد المؤتمر سنشارك مع جميع الأطراف العراقية بقوة جديدة”، مؤكدا ان نجاح المؤتمر هو انتصار للعراق واقليم كوردستان.
وللتأكيد على رسالته قال رئيس الاقليم مشيرا الى مختلف مناطق العراق ومكوناته ان “الحكومة العراقية الجديدة مدعوة لخلق وظائف وخدمات أكثر وأفضل في جنوب ووسط العراق، ومساعدة القطاع الخاص، وإعادة بناء المناطق السنية المدمرة، وتطبيع الأوضاع في كركوك وسنجار ومناطق أخرى، وتنفيذ المادة 140 من الدستور، ومنع انتهاكات حقوق وصلاحيات اقليم كوردستان”.
والفكرة بنظر بارزاني بسيطة، اذ انه من “اجل حل الوضع في العراق، لا يجوز انتهاك اي مكون عراقي، ولا ينبغي إزالة أي شريحة أو قوة من الشعب العراقي، لذلك يجب على الحكومة العراقية وجميع القوى العراقية أن تتبنى مفاوضات جديدة مع التيار الصدري” الذي وصفه بانه “قوة سياسية وجماهيرية عراقية كبرى، وانه بتحويل العراق إلى دولة كل المكونات والقوى، وبتنفيذ الدستور والنظام الاتحادي، يمكن حفظ استقرار وسيادة العراق، وهذا يصب في مصلحة شعب كوردستان وكل مكوناته”.
في خطابه امام المؤتمر ايضا، يستعين نيجيرفان بارزاني بالماضي، من اجل خدمة الحاضر والمستقبل، مشيدا برئيس الحزب مسعود بارزاني قائلا انه يمثل “رمز نضال وكفاح شعب كوردستان. فعندما يكون الرئيس بارزاني هو القائد، يرى شعب كوردستان نفسه قوياً، ومطمئناً إلى أنه يدافع عن حقوقه القومية والوطنية”. ثم من الماضي الى المستقبل، يطرح رئيس الاقليم رؤيته للعمل بالقول انه “من خلال المزيد من العمل وتوسيع الخدمات وتحسين الأحوال المعيشية والحياتية لشعب كوردستان وتعزيز وحدة إقليم كوردستان، سنستمر لنصبح الحزب صاحب الأغلبية المطلقة في كوردستان”.
لكن هذه الرؤية ليست سياسية بحتة، وانما تتضمن فكرا عصريا من اجل تحقيقها، وذلك من خلال تأكيده على دور المرأة والشباب سواء داخل الحزب او في المجتمع، حيث قال ان “حرية المرأة في كوردستان، تجعل بلدنا والمجتمع الكوردستاني أقوى وأكثر إنتاجية بكثير”. ثم يؤكد على اهمية تمهيد الطريق امام مبادرات شباب الحزب وافكاره وابداعاته، ومزجها بخبرات مناضلي الحزب، ليكونوا “القوة الجديدة والمبدعة ومبعث الامل”.
وبعدما يصف نيجيرفان بارزاني الحزب بانه احد أكبر وأكثر القوى السياسية والجماهيرية العراقية تأثيراً، وبانه سيبذل كل جهده لتعزيز المؤسسات في إقليم كوردستان والبدء بحوار مفتوح حول تحسين الإدارة والوضع السياسي لإقليم كوردستان، اعلن البدء بحوار صريح مع احزاب كوردستان، والانفتاح عليها، وخاصة مع شركائنا في الاتحاد الوطني الكوردستاني، وذلك بهدف تقوية الاقليم.
ثم يقدم معادلته لما اسماه “مشكلة شعب كوردستان” التي وصفها بانها من كبرى مشاكل الشرق الاوسط، فهو فيما يعمل من اجل تقوية الاقليم، فان مسعاه يرتكز على الحل السلمي للمشكلة وبعيدا عن العنف وهو ما يصفه بانه “أفضل وأنسب الطرق”.
ملتقى “ميري”
خلال مشاركته في ملقتى “معهد أبحاث الشرق الاوسط” في اربيل مساء الاربعاء، أسهب نيجيرفان بارزاني في شرح رؤيته، حيث بدا الوقت متاحا اكثر لنقاش اكثر عمقا وتفصيلا بحضور عدد كبير من المسؤولين الاتحاديين العراقيين ومسؤولي إقليم كوردستان والقناصل وممثليات الدول الأجنبية والأساتذة الجامعيين والمفكرين والشخصيات من داخل وخارج العراق وإقليم كوردستان.
يقول بارزاني فيما يشبه الرسالة الايجابية السريعة نحو بغداد، ان “همّنا ليس همّ إقليم كوردستان لوحده، بل هو همّ العراقيين جميعاً. أعتقد أن ظروفاً جديدة قد تبلورت الآن، ويريد إقليم كوردستان أن يكون مُعيناً بجد لكي يحقق رئيس الوزراء العراقي الجديد وكابينته النجاح، لأنه إذا أصبح العراق مستقراً سيكون إقليم كوردستان مستقراً، وإذا تدهور الوضع الأمني في العراق سيتدهور الوضع في إقليم كوردستان أيضاً”.
يسترسل رئيس الاقليم في رسالته السياسية هذه قائلا “ليس بإمكانك عزل بغداد عن الإقليم أو عزل الإقليم عن بغداد. ما آمله أنا هو أن نكون في الجانبين قد استطعنا استقاء الدروس من الماضي”.
لكن بارزاني ليس مفرطا في التفاؤل، وبمضمون سياسي حذر يتساءل بعدها “هل يشعر العراقيون فعلاً بأن العراق للجميع؟ ولو اتخذنا من هذا مدخلاً، فالجواب بسيط للغاية، وهو: لا”.
ثم يدعو الى التعلم من اخطاء الماضي والتعاون بين اربيل وبغداد. ويحرص على الاشارة الى انه لا يتحدث عن الكورد فقط، وانما كل مكونات الاقليم، لكنه يتوجه الى بغداد متسائلا عن طبيعة النظام السياسي المطبق حاليا وما اذا كان مركزيا ام اتحاديا، قبل ان يجيب انه وفق الدستور فهو اتحادي، لكن ادارة البلد تتم بعقلية شديدة المركزية. ويحرص بارزاني على التوضيح بان كلامه لا يستهدف “توجيه العتب على ما انجز وما لم ينجز”، وانما الحث على اطلاق بداية جديدة للطرفين.
ويقول بارزاني ذلك لان معادلته ب”مد اليد” نحو الطرف الاخر، تعتبر ان “الاستقرار السياسي في العراق مرهون باستقرار إقليم كوردستان، فإن كان إقليم كوردستان مستقراً من الناحية السياسية سيكون ذلك مكسباً لبغداد وسيكون نصراً لبغداد”.
وحول حكومة محمد شياع السوداني، يقول بارزاني بثقة انه “يستحق المساندة ويستحق أن يُمنح الفرصة ليتمكن من العثور على حلول لبعض المشاكل الموجودة في العراق”.
لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ لا يتردد بارزاني في القول انه “إذا التزمنا جميعاً بالدستور العراقي وساعد بعضنا بعضاً، فأعتقد أن المشاكل ستُحل. لا يمكن أن تُحل المشاكل في هذا البلد باعتماد منطق مَن هو القوي ومَن هو الضعيف. علينا كعراقيين أن نعرف هذا وأن نعثر على طريق لحل مشاكل العراق، وأن نجد صيغة لطريقة نتعايش بموجبها ضمن هذه الجغرافيا التي تعرف بالعراق. هذا سيكون أهم مكسب للعراقيين كافة”.
وفي دلالة على فهمه لحساسية الوضع الحالي، يقول بارزاني ان العراقيين بعد كل هذه السنوات، يقارنون أحوالهم بأحوال الدول المحيطة حيث انهم يستحقون حياة افضل بكثير مما هو قائم الان، خاصة ان العراق غني وامكانياته كبيرة وبمقدوره ان يكون نبراسا لكل المنطقة، الا ان المشكلة هي في الخدمات.
يعيد رئيس الاقليم قرع اجراس الانذار عندما يقول ان “تظاهرات الفترة الماضية التي شهدناها في العراق بصورة عامة، كلنا رأينا أن مطالبها كانت مشروعة جداً، مطالبها هي أن يكون البلد أفضل، وأن تتوفر فرص العمل وأن يستطيع الشباب تأمين حياة أفضل لأنفسهم. وأنا أعتقد أن العراقيين يستحقون هذا”.
وربما يتفق غالبية العراقيية مع ما قاله بارزاني لاحقا والذي يعكس تراكم الخبرة والملاحظات لما مضى من سنوات في العمل السياسي، عندما اشار الى ان “الديمقراطية ليست هدية تمنح لبلد ما، ويقال له يجب أن تطبق، بل هي ثقافة. أنا أرى أنه لو أجرينا مقارنة في العراق بدءاً بالعامين 2003 و2004 إلى الآن، سنجد أننا حققنا الكثير من التقدم، لكننا في الحقيقة لم نبلغ المرحلة التي أشرتم إليها وقلتم إنها قائمة في بريطانيا على سبيل المثال”.
وفي موقف ضمني يعكس تفاؤلا ازاء حكومة السوداني، يقول بارزاني “لو أجرينا مقارنة بين رئيسي الوزراء الحالي والسابق، نجد أن رئيس الوزراء السابق لم يكن يتمتع بدعم يذكر من جانب الأحزاب الأخرى، لكن لو أن رئيس الوزراء الحالي اتخذ أي قرار في الغد، لن يكون بمقدور الأطراف الأخرى وخاصة الشيعية أن تقول إن رئيس الوزراء هذا لم يدعمه أحد، فهو يتمتع بمساندة كل الأطراف الشيعية، وبمساندة الكورد، وبمساندة السنة، وهذه الحكومة مختلفة كثيراً عن الحكومة السابقة لها، لهذا فإن توقعاتنا لحل مشاكل العراق من رئيس الوزراء هذا مختلفة عن تلك التي توقعناها من رؤساء الوزراء الآخرين”.
وهذا ليس كلاما انشائيا، اذ يتبعه بارزاني عندما يوجه له سؤال حول مشكلات الاقليم والحكومة الاتحادية، اذ يقول ان “السؤال الجوهري هو: هل تريد بغداد عراقاً مستقراً من الناحية السياسية، عراقاً مستقراً من الناحية الاقتصادية؟”، ثم يتابع لتوضيح فكرته قائلا ان “الشرط الأول من اجل استقرار هذا العراق يجب حل مشاكله مع إقليم كوردستان اولا. هذا شرط رئيس لكل من يتولى الحكم في بغداد. إقليم كوردستان يريد حل المشاكل، وحتى إن كان إقليم كوردستان صغير الحجم، فإنه صوت كبير دولياً وإقليمياً، ومن الافضل ان يكون لصالح بغداد”.
يتأسف بارزاني عندما يستعيد مثالا عن “طريقة تفكير بغداد” حيث انها في قضية النفط “يجري ربط المسألة كلها بسيادة العراق. نحن لا نريد ولا نهدف إلى انتهاك سيادة العراق، نظرتنا وطريقة تفكيرنا في النفط والغاز مختلفة غاية الاختلاف عن طريقة تفكير بغداد في هذه المسألة. نحن نرى النفط كسلعة تجارية ونريد أن تكون هذه السلعة التجارية في خدمة المواطنين العراقيين، وتُقدم بالنتيجة مساعدات خدمية لكل شعب العراق. لكنهم يربطونه مباشرة بقضايا السيادة ووحدة العراق”.
يتطرق ايضا الى مسألة حساسة أخرى، ويؤكد على حقيقة مفادها انه فيما يتعلق بالموقع الجغرافي لاقليم كوردستان، فانه “حتى إن كان يمتلك النفط، لا يسمح بتحقيق الاستقلال لكوردستان، ربما يستطيع تحقيق الرفاهية لمواطني إقليم كوردستان، لكنه لن يصبح سبباً لاستقلال إقليم كوردستان، لأن جغرافيا إقليم كوردستان معقدة. لذلك يجب أن تتغير رؤية وفكرة بغداد عن إقليم كوردستان، إقليم كوردستان شريك رئيس لبغداد ويجب القبول بهذا”.
وحتى لا يساء تفسير وتحليل كلامه بشكل مغلوط، يحرص بارزاني على التوضيح بانه عندما يتحدث عن بغداد والمشاكل، فانه “لا يقصد إلقاء كل اللوم على بغداد. قلت إن علينا في الطرفين أن نعتبر من أخطاء الماضي، وأنا أرى أن أمامنا اليوم فرصة لتصحيح الأخطاء. أنا لا أقصد أن أقول إن كل الأخطاء تقع على عاتق بغداد وحدها وأقول إننا ليست عندنا أخطاء، كلا. لا أرى حاجة لأن نخوض في هذا الجدل، وأعتقد أن علينا أن نجلس ونقول إن عندنا دستوراً ويقضي هذا الدستور بأن هذه واجباتنا وهذه حقوقنا، ونريد أن نؤدي واجباتنا ونطالب بحقوقنا أيضاً، لا أكثر من ذلك ولا أقل”.
وحول مسألة تراجع تاثير كوردستان في بغداد، يقول بارزاني بشفافية “هذه الفرقة القائمة بيننا في إقليم كوردستان، لم تلحق ضرراً كبيراً بالكورد وحدهم، بل خلفت آثاراً سيئة للغاية من كل النواحي. فلو أننا تواجدنا متحدين في بغداد، سنكون أقوى وسيكون لنا ثقل أكبر، وهذا مما لا شك فيه. الذي يهم هذه المرة هو هذا الاتفاق الذي أبرمناه مع الإطار التنسيقي. خاصة وأننا كطرفين رئيسين في كوردستان، وقعنا عليه معاً، وقد كانت بيننا بعض المشاكل من حيث التكتيك، وصحيح أن أحدنا اتجه إلى ذلك الطرف والآخر إلى هذا الطرف، لكن من الناحية الاستراتيجية وكوننا نطالب معاً بحقوقنا، فقد كنا متفقين ووقعنا عليه معا”.
يولي بارزاني اهمية واضحة لاستقرار الاوضاع في الاقليم، وعندما يتطرق الى الخلافات مع الاتحاد الوطني الكوردستاني يتحدث بنبرة الحريص، يقول “أعتقد أنه لا يصح أن تكون هناك منطقة خضراء وأخرى صفراء، بل يجب أن تكون هناك كوردستان فقط، أنا شخصياً أناهض بشدة استخدام هذه المصطلحات، هذه منطقة صفراء وهذه منطقة خضراء، هذا التعبير ليس صحيحاً واستخدامه يسبب المزيد من إضعاف مكانة إقليم كوردستان”. ثم لتأكيد موقفه يتابع انه برغم وجود مشاكل بين الحزبين، سيبقى الاتحاد الوطني الكوردستاني الشريك الرئيس للحزب الديمقراطي الكوردستاني، داعيا الى بذل المزيد من الجهد لحل المشاكل والاقرار باخطائنا والتوصل الى تفاهم مشترك، مؤكدا على ان الحزبين يكملان بعضهما البعض.
بارزاني والصدر
يكشف رئيس الاقليم عن بعض ما جرى خلال مرحلة الانسداد السياسي الاخير في العراق ودوره وتواصله مع الزعيم الصدري مقتدى الصدر، ويقول “نكن الاحترام البالغ لسماحة السيد مقتدى الصدر، وكنا نرى أن مشاركة التيار الصدري في العملية السياسية العراقية ضرورية، كنا نعتقد بهذا حينها ولا زلنا نعتقد بهذا. وخلال لقائي بالنجف عندما زرت سماحته، قلت له إن بإمكان سماحتكم أن تمنحوا قوة كبيرة للإصلاح السياسي في العراق وتصحيح مساره بهمة سماحته، والآن ما زلنا نعتقد أن التيار الصدري ووجوده في العملية السياسية ضروري وأعتقد أن على الحكومة المشكلة حالياً أن تبذل كل جهدها لإقناع الإخوة في التيار الصدري وبأي شكل من الأشكال بمساندة الحكومة والمشاركة فيها…من اجل المساعدة على انجاحها”.
النفط وتركيا
وحول الملف القضائي بين أنقرة وبغداد حول مسألة النفط، ابدى بارزاني حرصه على التأني والتعقل، مذكرا بداية بان ما فعلته تركيا “كانت مساعدة لإقليم كوردستان من خلال سماحها لنا بمد أنبوب ناقل للنفط من إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان، ونحن نرى أن ذلك كان مساعدة للعراق وإقليم كوردستان معاً، والذهاب بهذا الموضوع إلى محكمة دولية لن يحل أي مشكلة بين العراق وتركيا”.
ويتابع بالقول “نحن جيران والعراق شريك رئيس لتركيا، ولغة التخاطب في هذا الموضوع ليس لغة صحيحة لحل المشاكل. وأدعو حكومة بغداد ورئيس الوزراء الحالي إلى التعامل بواقعية مع هذا الموضوع”. ولهذا، يضيف بارزاني ان “هذه المسألة يجب حلها ودياً ومن خلال الحوار بين تركيا والعراق، ونحن في إقليم كوردستان مستعدون لممارسة دور رئيس في هذا المجال”.
يختم رئيس الاقليم في خلاصات كلمته، والاهم عصارة تجربته السياسية والاحتكاك بقضايا الناس، بتوجيه دعوة مرفقة بتحذير ضمني، انه على الأحزاب في العراق “أن تكون قد تلقت الرسالة الآن من الأهالي والجماهير والشعب والرسالة واضحة جداً. رسالة تلك التظاهرات التي جرت في كل مكان من العراق كانت واحدة وهي أنه: كفى ولم نعد نقبلها منكم! إما أن يتغير هذا الوضع أو أننا لن نقبل وعودكم وتعهداتكم أبداً!”. ثم يضيف “علينا أن نتعلم من أخطائنا، وأرجو أن تتعلم هذه القوى السياسية العراقية من أخطائها وتدرك أن شعب العراق وشباب العراق الذين في الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة، عندما كنا نراهم في التلفزيون كانوا من هذه الفئة العمرية، رسالتهم واضحة وتقول أريد حياة أفضل وتوفير فرص عمل. وأقول بكل ثقة إن السيد الذي أصبح الآن رئيساً للوزراء يستحق أن يُمنح الفرصة وأن تسانده القوى السياسية كلها بكوردها وسنتها وشيعتها لكي ينجح في المهمة الموكلة إليه الآن”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية