يونيو 17, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

حسن الخفاجي: مدن مرشحة للتهديم في عام ٢٠١٦

مدن مرشحة للتهديم في عام ٢٠١٦

حسن الخفاجيحسن الخفاجي

قال نزار قباني : “لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار”، لكني اعيش منذ فترة في منطقة وسطى بين التفاؤل والتشاؤم . في هذه المنطقة ربما تكون الرؤية اكثر وضوحا وواقعية.

قالوا اننا نعيش زمن الانتصارات على داعش ، أراها انتصارات بطعم مر حيث ان داعش تسَلَم مدن عامرة  دون قتال وحررناها بشلالات دم ووجدناها خرائب مهدمة .

اعيد القول من سيبني المدن المحررة من داعش وبأي مال ستبنى والتقشف بدأ بحلق رؤوس الموظفين والمتقاعدين  ؟.

في العمارة نوافير ماء تتراقص على اصوات الموسيقى ، يقابلها نوافير دم تتراقص على اصوات الرصاص في الرمادي.

في كربلاء والنجف المراقد المقدسة  نفضت غبار سنوات الاهمال وتجدد عمرانها وارتدت حلة تسر الزائرين ، يقابلها نسف وتهديم لقبور الأنبياء والأولياء والأماكن الاثرية  والجوامع التاريخية في الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار .

دواليب هواء ولعب اطفال تحمل معها ضحكات وقهقهات الاطفال وفرحهم وهي تدور مرتفعة بهم الى الأعالي في مدينة  ألعاب الناصرية التي بناها مستثمرون . يقابلها مدن مهدمة ومهجورة واسر وعشائر كاملة مهجرة في صلاح الدين والانبار وديالى والموصل ، اطفال يقتلون ويموتون و يبكون بحرقة ، بفعل  التشرد والمرض والجوع وشدة البرد والمطر وهم في خيم التهجير ، هذا ما جنوه من ساستهم .

الحلة كربلاء النجف الديوانية السماوية الناصرية العمارة البصرة محافظات  تولى اغلب اداراتها لصوص الاحزاب وسرقوا اغلب تخصيصات الدولة لهذه المحافظات ،الا ان اغلب هذه المدن تعمرت بواسطة مستثمرين.

المحافظات التي لم يتم بها بناء جديد عن طريق الاستثمار،   شيد بعض الاهالي فيها عمارات وأسواق تجارية وبيوت باحدث خرائط واحلى تصاميم  وكل هذه المحافظات ظلت امنة نسبيا ، ولو ان في اغلب هذه المحافظات مدن صفيح وفقراء معدمين ، وبنيتها التحتية والخدمية تشكو إهمال صدام ومن لحقه باهمال وتقصير وسرقات ، لكن هذه المحافظات احلى واكثر امنا بملايين المرات من كل المحافظات الغربية.

العامل المشترك بين جميع المحافظات العراقية هو لصوصية من تناوبوا على ادارتها الا ما رحم ربي .

أهي  مصادفة ان تهدم كل المحافظات التي وقفت منذ اطاحة صدام الى الان بالضد من العملية السياسية ؟.

اغلب ساسة المحافظات الغربية ورجال الدين وشيوخ العشائر وقادتهم السياسيين ومن تولوا ادارة تلك المحافظات كانوا ممن لم يؤمنوا ويقتنعوا بالعملية السياسية ، بينما دخل اغلب ساسة محافظات الوسط والجنوب الى العملية السياسية  بإيمان وقناعة. على الرغم من لصوصية الغالبية منهم  ، الا ان بعضهم عرفوا ان يغطوا على لصوصيتهم ببناء مدنهم وبجلبهم مستثمرين بعضهم  من ابناء المحافظات ذاتها . في حين ظل اغلب ساسة ورجال دين وزعماء عشائر المحافظات الغربية يقامرون  بمحافظتهم وساكنيها ، اخر مقامراتهم  ومغامراتهم كانت في ساحات الاعتصام والتظاهر التي فرخت داعش التي نكبت ودمرت مدنهم ومحافظاتهم ، وقتلت من قتلت منهم وشردت الباقين ، حتى ان بعض اغنياء تلك المدن مولوا الارهاب واسهموا بتدمير مدنهم بدل تعميرها .

لأغلب ساسة المحافظات الغربية  وجوه قبح لا تعرف الخجل ، لذلك نراهم يختلقون المشاكل والازمات ، وبعدما تحل الكوارث بمدنهم ينبرون بالدفاع عن ضحاياهم ، بالامس يشكون من”التهميش” واليوم يتباكون بدموع التماسيح على اللاجئين والمشردين . من الزرقاوي مرورا بأبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري وانتهاء بأبو بكر البغدادي وداعش والنقشبندية والسيبندية .

هل ظل في جعبتهم ما يجربوه ؟.

تشرد فقراء هذه المدن وجاعواوفتكت بهم الامراض, وساستهم  ما زالوا يراهنون على دول الجوار والاقليم ويعملون على قلب المعادلة للعودة  لزمن الزيتوني .

الى ان يتحلى من خربوا مدنهم بالواقعية ويقبلوا بالتسويات التي سيفرض بعضها القوى الكبرى، ويقبلوا بالعيش المشترك الذي جمعنا لمئات السنين ، حينها ربما تتساوى مدن العراق بالعمران من جديد ، والا فالخراب سيعم مدن اخرى .

اقامتي في المنطقة الوسطى بين التفاؤل والتشاؤم جعلتني اعتقد ان مدنا اخرى ستهدم ، مازالت تنعم بالهدوء الى الان ، لان النافذين من ساسة تلك المناطق يسيرون على خطى ساسة المدن المدمرة لهم رجل في العملية السياسية ورجل خارجها .

ليس بالضرورة ان تهدم  تلك المدن بيد داعش ، ربما ستهدم بعض المدن بقتال داخلي او يولد داعش جديد !.

” ليست الوطنية بالحفاظ على ارض الآباء والاجداد بل هي حماية لارض الاولاد “

حسن الخفاجي

2/1/2016

hassan.a.alkhafaji@gmail.com

— 

في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا


في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi