راس السنة الايزيدية الميدية والسومرية والبابلية والاشورية
قاسم مرزا الجندي
ينتقل كوكب الارض في دورانه حول الشمس في حركات ومواقع ومدارات متعددة وينتقل في الافلاك حول النجوم والابراج, ويتداخل حركة الارض في مدارات الكواكب الاخرى فيحدث عنها اقترانات فلكية وكوكبية لها تأثيراتها الكبيرة على حياة الانسان منذ ظهوره على كوكب الارض .
يدخل كوكب الارض الى الحركة الاعتدالية بتاريخ (21/3)عند الدخول الى برج الحمل في يوم 21 مارس اذار, تكون اعتدال ربيعي بزاوية تساوي صفر درجة, ويقول بعض العلماء أن الاعتدال الربيعي يبدأ بين برج الحوت والحمل في اللحظة الفاصلة بين البرجين.
في أول أربعاء من شهر نيسان هو عيد تذكير الإنسان الإيزيدي(الكُردي) ببدء الحياة على كوكب الأرض وبداية التكوين(الخلق والخليقة) في الاعتقاد الإيزيدي. وهي عيد (طاووس الملائكة) و نزول(ملك زان) وظهور النباتات والكائنات على سطح الأرض, وظهور الكائن البشري عليها, وفي عرفات العيد يذهب رجال الدين إلى لالش لإحياء وأداء مراسيم السما وإيقاد الفتائل في الباحة الخارجية في(سوق المعرفة)من قبل الحاضرين.
ان تحريم الزواج لدى الايزيديين في شهر(نيسان) لنزول الملائكة الى الأرض وهو عيد بداية الحياة ونزول الروح (لالش)(لي لش) إلى الأرض وتجددها بنزول الملاك، وكان تحريم الزواج قائما في العهود السومرية والبابلية والاكدية والمثرائية ولدى الكثير من أقوام وشعوب بلاد حوض ما بين النهرين, وذلك التحريم قائم لدى الايزيديين الى اليوم.
يعتبر رأس السنة الايزدية (سرسال) عيد طاؤوس الملائكة ايزيدياً، بما يحمله من معاني مثرائية وسريانية وايزدية في الطقوس، إنعكاساً وإستمرارا لعيد (زاكموك – أكيتو) مما لا لبس فيه, ويمكن القول بأن الايزيدية هي التي احتفظت أكثر من مسيحيي العراق (الكلدانيين والآشوريين) بطقوس وعادات هذا العيد المثرائي (السومري – البابلي) الممتد في أعماق تاريخ ظهور الانسان على الارض
إن منع الزواج وحفر الأرض في شهر نيسان الذي يعتبره الايزيديون نيسان عروسة الأشهر، لان الارض وما عليها من كائنات في مرحلة التكاثر، وإن سلق وتلوين البيض لها معاني تتعلق بخلق الكون والخليقة بعد خلق الكون في انفجار الدرة البيضاء, وإن تعليق شقائق النعمان مع قشور البيض على واجهات البيوت، انه استعداد الانسان الايزيدي والقديم في انتظار حادثة او شيء ما, والتي كانت تسمى في زمن البابليين بـ (نيشان) التي تدل على الكرامة, وعيد (سرسال) والمهرجانات (الطوافات) والأعياد التي تقام في جميع القرى الايزيدية في فصل الربيع، هي تعبير على بداية السنة الجديدة وبدء وتجدد الحياة على الارض.
أن تلوين البيض في هذا العيد وبألوان الزهور والورود, هي تأكيد وإشارة على لبس كوكب الأرض حلتها, ونمو النباتات والزهور على سطحها وبدء حياة جديدة في سنة جديدة, والبيضة هي أشارة على بدية كل كائن في هذا الكوكب, وقد ترمز البيضة إلى الدرة البيضاء والتي انفجرت وتكونت منها الكون، وان سلقها هي اشارة واضحة لتجمد سطح كوكب الأرض والقشرة الأرضية, لأن الأرض وكل الكواكب في بداية تكوينها كانت كتلة ملتهبة وسطحها كان مائعا وشديد الحرارة وبعد ملايين السنيين تصلبت قشرتها الخارجية وتجمد سطحها، وتقدر عمر كوكب الأرض والمجموعة الشمسية بنحو(4700)مليون سنة أرضية حسب التقديرات الفلكية والعلمية.
حسب الميثولوجيا الايزيدية تعود الديانة الايزيدية الى أكثر من مائتي الف سنة حسب النصوص (الاقوال) الدينية الايزدية أي الى زمن النبي نوح, وحتى يذكر في بعص النصوص الدينية, ان الايزدية تعود الى زمن ادم وبدء الخليقة، اما تاريخيا عرف البشرية مصطلح الإيزيدية في الكتب السومرية على الرقم الطينية التي اكتشفها المستشرقين (ئى زى دى)التي تعني السير على الطريق المستقيم, والغير الملوثين إشارة إلى الإنسان وعمله وسيرته في هذه الدنيا وتعود الى اكثر من سبعة الاف سنة.
إن رأس السنة الكوردية الآرية الميدية والزردشتية الكردية في نوروز (اليوم الجديد) انه تجدد للحياة, وتذكير جميع الشعوب الآرية في التمسك بالأصل والعادات والتقاليد والطقوس الدينية العريقة, ولا يمكن أن يتخلى عنها أبدا مهما تغيرت الأفكار والمعتقدات والاديان في الأزمان والعصور, والاحتفال والخروج إلى السفرة في الطبيعة الخلابة إنما هو تعبير صادق في تثبيت وترسيخ للايديولوجية الدينية الايزيدية (الكوردية) المثرائية(الارية) الكبيرة في يوم نوروز قبل آلالاف السنين في ميزوبوتاميا وقبلها.
وكذلك عيد رأس السنة البابلية الآشورية (أكيتو) هي بداية السنة في بابل واشور و(آكيتو)هي كلمة بابلية ذات جذر سومري وأقدم صيغة لها جاءت بحدود 2500 ق.م وعلى شكل (آ- كي- تي) وتعني الماء والتراب والحياة، ومعناها (قدوم حياة جديدة الى الأرض) وهو عيد تجدد الحياة.
و نجد إن رأس السنة السومرية (زكموك) (زكماك) هي كلمة كُردية تعني الولادة والتجدد والتكاثر في الاعتدال الربيعي ونشاط ولادة الحيوانات ونمو النباتات فيها، وتؤكد المصادر التاريخية بأن السومريين في أور وبابل هم أول من احتفلوا بعيد رأس السنة(زكَموك) (زكَماك) هو عيد ملاك الخير(الشمس) لدى السومريين.
ان الاعتدالين تشير الى الترابط بين عيدي (الجما ــ سرسال), وبمعنى أوضح أن(الشمس) يقضي على الثور عندما يدخل الشمس إلى برج الثور ويخفيه من دائرة البروج خلال اكثر من شهر في دائرة البروج, ولا يمكن رؤية برج الثور خلا ست شهور لأنه تكون في سماء النهار, عند هذا الاقتران الفلكي تزداد خصوبة الأرض، وتنمو سنابل الحنطة في الحقل وتأتي الربيع وعيد رأس السنة, وبعد ستة أشهر من عيد(سةرسال) تكون الشمس قد تهيأ للدخول إلى برج العقرب وهو نهاية فصل الخريف الذي تموت فيه الإعشاب وتتساقط أوراق الأشجار عند نهاية هذا الفصل نجد العقرب تقضي على خصوبة الأرض، لمدة ستة أشهر قادمة إلى أن يأتي الربيع ويتهيأ الشمس للدخول إلى برج الثور ثانية، هذا ما تمثله الصورة المثرائية الفلكية التي تؤكد في معناها العلمي والفلكي الدقيق في دوران الافلاك.
ان الصورة الفلكية المثرائية المنقوشة على الحجر تعود إلى أكثر من آلفي سنة قبل الميلاد تؤكد الترابط الفلكي الدقيق بين هذين العيدين في زاويتين متقبلتين في دائرة البروج الفلكي في برج الثور وفي برج العقرب.
إن تاريخ عيد الجما هو بعد ستة أشهر من تاريخ عيد رأس السنة الايزدية( سرسال)، وربما كان عيد الجما سابقا يحدده تاريخ سرسال، لانهما عيدان متقابلان في تاريخ البروج الفلكي, ولانهما يلازمان تاريخ الاعتدالين (الربيعي 21 /3) و (الخريفي 22/9), طقوس و مراسيم القباغ يجب أن يكون في يوم الأربعاء. وعيد سةرسال يشترط أن تكون في أول أربعاء من شهر نيسان في بداية السنة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية