يوليو 27, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

زيدو باعدري: بناء الإنسان أولاً

بناء الإنسان أولاً

زيدو باعدري

يعد بناء الإنسان اللبنة الأولى التي ينطلق منها بناء كل شىء.

فالبناء كإسم، هو لفظ إيجابي منتج، ومجازاً يعني وضع الصح فوق الصح، أي الحجر المناسب في المكان المناسب.. وعدم الخروج من المسار.

ولندخل بموضوعنا أكثر فأكثر، فإن البناء نوعان، ويجب أن يبدأ من الصفر (الأساس)، أو بمعنى آخر تصحيح مجال المسار، أي وضع القامة على الأساس (القاعدة الصحيحة في الجذور).

فكثيراً ما نسمع ونرى أن البناء والعمران بدأ يزدهر ويزهو ويتقدم في الكثير من المدن والبلدان بشكل غير طبيعي، وقد يصل علو هذه العمارات إلى عنان السماء وأسموها ناطحات السحاب، وهذه آتية من الاستخدام غير الصحيح لواردات المعادن بشكل عام وواردات النفط بشكل خاص.

وبنظرة بسيطة إلى الكثير من الدول والمدن وحتى الأحزاب والأشخاص، فإن القسم الأعظم من الميزانية والواردات يصرف على بناء المضافات أو البحث عن آخر موديلات السيارات وآخر صيحات الموضة وآخر موديلات الهواتف الذكية كـ (أيفون 14) وأجهزة تكييف المناخ، دون معرفة كيفية استخدامها أصلا، وسفرات سياحية للفضاء .. وغيرها.

فبدلا من أن نعتني ببعضنا البعض ونكمل بعضنا البعض كإخوة وحبا للخير، صرنا نعين بعضنا أمام الملأ ليقولوا عنا أن فلان كريم أو شجاع أو محب للخير أو أي صفة أخرى، ورغم جمالها ومقامها فهي أقبح الصفات التي تمر على الوجود والتي نسميها (المظاهر)، وكتعبير آخر أصبحنا نأخذ القشور ونرمي البذور، ولا نهتم بالإنسان بحياته، بل نهتم به بعد وفاته، نصرف على تعزيته وتذكير اسمه في العزاء أكثر مما كنا نصرف عليه في المستشفيات والعلاجات والأطباء، نبني له القبر بأعلى القباب بينما كان في حياته محتاجا للقمة خبز أو شراء علاج بسيط للأمراض المزمنة مثلا، حتى كنا نبخل عليه في حياته بكلمة طيبة.

وأثبتت التجارب الطبية، أن كثيراً من الأمراض تشفى بالمعاملة الطيبة أو حب الدعم النفسي الإيجابي، وليس بالإبر أو الحبوب والأدوية الأخرى.

لماذا سجوننا فيها معاملة سيئة للمحكومين بمدة زمنية طويلة؟، لماذا لا نستفيد من تلك المدة بإعادة الشخص إلى الحياة ليكون فعالا في المجتمع، كمسار لإعادة التأهيل التربوي والمهني والاجتماعي؟

لماذا نكره ونشمت ونشتم المرأة المطلقة، في حين نعتبر من ناحية ذكورية أن الرجل حين يطلق أو يشتم أو يسيء معاملة زوجته، أنه بطل وقوي.

لماذا لا نجعل التعليم الإلزامي أولوية في مجتمعاتنا، في حين نرى الكثير من الأطفال متسولين وصباغين للأحذية ومشردين وحتى لصوص؟

لماذا لا نعتبر إن الله الخالق هو وحده خلق البشر .. إذا هو وحده الذي له كل الحق في أخذ الروح؟

لماذا لا نفكر أن الإنسان أخ الإنسان أينما وجد واينما كان .. له عينان وفم و انف كأي انسان طبيعي سواء كان ابيض او اسود، قصير أو طويل وبغض النظر عن اللغة التي ينطق بها.

لماذا المرأة الحسناء مفضلة عن باقي النساء ؟ هل لديها أذرع إضافية مثلا ؟

ولماذا صوت الظالم الغني مسموع ولو كان بعيدا .. في حين أن صراخ المظلوم حتى بجانب صوان الأذن غير مسموع؟

لماذا في الكثير من البلدان عدد الجوامع والكنائس ونوعياتها وتعدادها أفضل وأرقى وأكثر من المدارس والمستشفيات والدوائر التي تهم المواطن وتخدم مصلحته؟

وأنا ككاتب لهذه السطور أجد من مسؤوليتي كإنسان كوردستاني أن أدعو برلماننا وحكومتنا لأن يضعوا أعينهم وجل إهتماماتهم في بناء الإنسان قبل الاهتمام بالمظاهر والعمارات. وهذا يمكن عن طريق مراعاة ما يلي:

أولا: الاهتمام برياض الأطفال والمدارس الابتدائية وجعلها إلزامية.

ثانيا: اعتبار أن الطفل والمرأة والأقليات هم أضعف الحلقات في المجتمع، ويجب حمايتهم بقوانين وقرارات خاصة.

ثالثاً: جعل الدين لله والخلق للخالق وحده .. والوطن والحياة للجميع.

رابعاً: توفير الماء والكهرباء والغذاء والصحة والعمل للجميع.

خامساً: توفير المنابر لحرية التعبير والرأي وتقبل النقد البناء الذي يصب في مصلحة المجتمع إيجابياً، والنقد الذاتي.

سادساً: لنجعل القاضي هو السلطان الأول، والقضاء أعلى سلطة.

سابعاً: معاقبة الشخص المقصر والمذنب، ومكافأة الشخص المجتهد الذي يريد التطوير.

ثامناً: الوقوف بجانب شاهد الحق مهما كانت العواقب.

تاسعاً: الإشارة إلى أن التبذير شيء معيب يجب المحاسبة عليه، وأقصد هنا التبذير في كل شيء بالحياة (كالطعام والكهرباء والمواعيد والحكايات والضوضاء).

عاشراً: قال فيلسوف في ما مضى: تنتهي حريتك حينما تبدأ حرية الآخرين، بما معناه احترام الآخرين وعدم الإزعاج بالضوضاء بأوقات غير مناسبة.

إنني كفرد كوردستاني أشعر أنه من واجبي أن أسلط الضوء على أن كثيرا من البلدان تعاني من هذه النقاط العشرة المذكورة، وفي مجتمعاتنا تحديداً، وأوصي بالالتزام ببعض من الجمل المذكورة مبدئياً، لجعل مجتمعنا أفضل في وقتنا الحاضر وفي المستقبل.

ويجب على كل إنسان وحسب مقدرته أن يكون إيجابيا بمبدأ التضامن مع الغير، خاصة في مجال الصحة والتغذية، وأن يظن بأخيه الخير، وإزالة مشاعر الحقد والكراهية والظن السيء.

والخلاصة:

الأهداف المرجوة من هذه المقالة، هي جعل الأنسان متساوياً كأخيه الآخر مهما اختلف معه ، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.

وقد كرم الخالق الإنسان بخلقه في أعلى المنازل ، فالإنسان لأخيه الإنسان صنف في الإحسان وهو نظير خلقه، وهنا لا بد من جعل بنائهِ هو الهدف والغاية ليصل لمرتبة الخلق القويم. وأورد هنا قصة اختراق سور الصين العظيم من قبل الجيش المهاجم بواسطة ضعف بناء الإنسان، وكان السور العظيم من عجائب الدنيا السبع وبناء منيعاً، لكن بناء الإنسان هو الأصعب والأجل، فإمبراطور الصين شيد هذا الصرح العظيم، ونسي أن يبني الإنسان الذي يحميه من الأعداء، فكان ماكان من خسران.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi