المجلس الروحاني الأيزيدي ” يظهر ” بشخصية رئيس القوالين” بهزاد سليمان سفو ”
في عشرينيات القرن الماضي أعيد تشكيل المجلس الروحاني الأيزيدي الذي تم تأسيسه على الأرجح بعد زمن الشيخ حسن ابن الشيخ آدي الثاني بزمن قليل , وضم جميع الطبقات الدينية المعروفة منذ ظهور الشيخ آدي الأول سنة 557 هـ منها طبقة القوالين ـ حفظة ( القول المقدس أي العهد المقدس أو اللاهوت الآري الأيزيدي ) .
عاصر هذا المجلس مختلف السلطات العراقية بدأ بالحكم الملكي وانتهاء بحكم حزب البعث , وما جابهه من استبداد وحرمان واضطهاد وهضم لحريته الدينية على يد الحكومات المتعاقبة, وما طرأ في العراق منذ الاحتلال الأمريكي من ثقافة عشوائية دخيلة غير محددة تحت سقف أخلاقي وعقائدي , والتناحر الطائفي والمذهبي الذي أساء لأصلاء الشعب العراقي من الأقليات وأبناء الديانة الأيزيدية على وجه الخصوص , كل ذلك أثر سلبيا على طموح وغايات وتطلعات المجلس الروحاني , وحد من عطائه, ولكن ذلك ما نأى بالمجلس عن تمسكه بمبادئه التي قامت عليها الديانة الأيزيدية منذ آلاف السنين, وما جعلته يستغني عن القيام بما يقع على عاتقه من إصلاحات ومشاريع تكلم فيها أحد أعضائه البارزين قبل وفاته المرحوم رئيس القوالين ( سليمان سفو ) وأوكلها لولده الخلف ( قوال بهزاد سليمان ) .
من الجدير بالذكر هو أن منصب رئيس القوالين يعتبر الأكثر أهمية مقارنة بالمناصب الدينية الأخرى إذ أنه مسئولا عن ( لاهوت ديانة توحيدية يمتد تاريخ وجودها إلى آلاف السنين ) إذا ما قلنا أنه يعتبر من أول اللواهيت التي رتلت في معابد جبال زاكروس الآرية وتم تداولها على مر الحقب والمراحل الزمنية . هذه القيمة العظيمة التي أدركها الرجل الشاب المتقد بروح الأيزدياتي الرئيس الجديد للقوالين قوال بهزاد سليمان الذي تم تنصيبه كخلف للمرحوم والده قبل ما يقارب الشهرين في حفل مهيب جرى في معبد لالش حضره جمع غفير من شخصيات دينية أيزيدية ومسيحية وإسلامية وممثلين عن أحزاب سياسية ورؤساء منظمات ثقافية ورؤساء عشائر. كانت بشارة خير وبداية جديدة في حياة المجلس الروحاني الذي يستنم أهم المناصب فيه للمرة الأولى شخصية ذات روح شبابية طموحة متطلعة بتفاؤل لمستقبل أكثر إشراق للأيزدية .
إن الثقافة العصرية الحديثة التي يمتلكهما قوال بهزاد بحكم اطلاعه على ثقافات دول الغرب منها ألمانيا , وهو قد أكمل مرحلة الثالث متوسط الدراسية وتفرغه لـحفظ ودراسة ( علم الصدر أو القول المقدس ) وتمكنه من إجادة ( النقر على الدف المقدس ) وترتيل النصوص الدينية أثناء أدائه الطقوس والمراسيم الدينية , وتجواله في جميع مناطق تواجد الأزيديين في العراق وخارجه, ومعرفته بالأعراف والقيم الاجتماعية منذ صغره ومخالطته للمجالس العشائرية في ديوان المرحوم والده كل هذا الإلمام والاهتمامات لدى قوال بهزاد جعل من بدايته كرئيس لأهم المناصب الدينية بداية موفقة وناجحة , ذلك لقيامه بالخطوة الأولى الصائبة والمهمة وهي : إنشاء مدرسة خاصة لرجال الدين القوالين الذين يقومون بتأدية المراسيم الدينية وحفظ وترتيل النصوص المقدسة لأول مرة في تاريخ المجلس يحدث هكذا انجاز مهم .
في لقاء مشرف جمعني بـ قوال بهزاد تحدثنا خلاله عن انجازاته على الصعيد الديني والاجتماعي أيضا فصرح قائلا :
بعد أن قمنا بجمع علماء الدين وحافظي ( القول المقدس ) في المدرسة الدينية الخاصة برجال القوالين سنعمل أيضا على إنشاء ( معهد ديني خاص بفئة الشباب ) يتم فيه تدريس النصوص الدينية بعد انتهائهم من دراسة ( الثالث متوسط ! ) ممن يرغبون بالتقدم للدراسة في ( معهد التربية الدينية ) ستكون المدة ثلاثة إلى أربعة أعوام ومن ثم سيتخرجون كرجال دين ملمين بعلوم ومبادئ الأيزدياتي.
ولكن ما أعاق عمله في الوقت الحاضر حسبما تفضل هو الوضع السياسي والأمني الذي تمر فيه محافظة نينوى, فهو على الصعيد الاجتماعي متيقظ إلى أبعد الحدود, فمنذ بداية الأزمة بسقوط مدينة الموصل بيد المجاميع الإرهابية , وما تعرضت له من مخاطر أكثر من ( أربعين طالبة أيزيدية ) في الأقسام الداخلية في جامعة الموصل إثناء سقوط المدينة أفاد سماحته قائلا : كنت على مدى يومين أقوم باتصالات مكثفة مع جميع المسؤلين ابتداء من السيد عصمت رجب مسؤل الفرع الرابع عشر للبارتي , وبشار كيكي رئيس مجلس محافظة دهوك , وقيادة عمليات الشرطة, وجميع اعظاء مجلس المحافظة والأمير تحسين بك ومسؤلي أحزاب المنطقة , وكنت على مدار الساعة أجري اتصالات هاتفية مع جميع الطالبات لأهدئ من روعهم وخوفهم وأصبرهم على محنتهم التي عاشوها وهن في مدينة الموصل في ظل سيطرة المجاميع الإرهابية على المدينة لكون في تلك الأثناء كان البعض ينصحهم بالهروب بشكل عشوائي دون معرفة العواقب التي كانت قد يتعرضون لها , وبعد وقت قصير تلقيت اتصالا من السيد عصمت رجب فقال أن الأمر وصلنا من قيادة العمليات بإخراج الطالبات من الأقسام الجامعية والتوجه بهن إلى قضاء تلكيف في حينها اتصلت بالمجلس الاجتماعي في بحزاني فحضروا جميعا وطلبت من الاسايش والـ أف بي أس لمرافقتنا إلى آخر سيطرة مشتركة بين الموصل وتلكيف , والحمد لله أنجدنا جميع الطالبات وأبديت حينها الاستعداد لاستقبال جميع الطالبات وليس الايزيديات فقط لأن عددهم كان كبيرا ومن جميع مناطق المحافظة من الكرد والشبك والعرب لان قدومنا لإسعافهم ونجدتهم كان ليس فقط لأجل الطالبات الأيزيديات إنما كانت مهمتنا خدمة إنسانية تتوجب علينا دينيا , وحدث أني استقبلت في داري أكثر من أربعين طالبة من أهلانا في سنجار لحين إيصالهم لأهاليهم أما باقي الطالبات فتم وصول ذويهم في نفس الوقت فكانوا طبعا بعد أخذهم ممتنين وشاكرين لنا .
كذلك عن أزمة الكهرباء تفضل بالقول : بعد لقاءنا بالسيد عصمت رجب ومطالبتنا بربط منضومة كهرباء ناحية بعشيقة وقضاء سنجار بالمنضومة الرئيسية في الإقليم فقام بدوره بالاتصال مع سكرتير المكتب السياسي فاضل ميراني في حينها أمر السيد فاضل ميراني بإعطاء حصة من كهرباء كردستان للمناطق الأيزيدية , ونحن على أمل زيارة المحافظ في الأيام القادمة. أما بشأن أزمة الماء فقال قوال بهزاد : قمنا بجمع المولدات الكهرباء التي بحوزة الوقف الأزيدي وتوزيعها على الآبار الارتوازية على طول مدينتي بحزاني وبعشيقة لتخفيف أزمة ماء الشرب عن الموطنين.
برأيي أن ما يميز ظهور شخص قوال بهزاد ” المستقل سياسيا ” كونه رجل دين وليس رجل سياسة بتحركاته الصائبة على الصعيدين الديني والاجتماعي سوف يلقى الاحترام والدعم اللا محدود من قبل مجتمعه ” المفكك سياسيا ” الذي ينتظر القشة التي ستنقذه من الغرق في ظل المشاكل الاجتماعية المتداخلة ببعضها منها ما حدثني فيها قوال بهزاد وهي قضية الفتاة البحزينية المراهقة التي هربت برفقة شاب مسلم . قال بهذا الشأن : ناشدنا ونناشد جميع المعنيين بإنشاء ( دور توعية وإرشاد ـ اجتماعي ) لتعليم مبادئ وقيم الديانة الأيزيدية السمحة في جميع المناطق الأيزدية لكون ما يقدم في المدارس الحكومية من مادة دينية لا يكفي لمعالجة ومجابهة الثقافة المنفلتة التي استفحلت في مجتمعنا .
إنما أبداه رئيس القوالين الجديد من مواقف إنسانية وضميرية مشرفة تجاه الأخوة المسلمين الفارين من بطش تجار الدين المتعطشين لدم المسلم قبل الأيزيدي إلى مدينتي بعشيقة وبحزاني إثر إسقاط السلطة الحكومية في مدينة الموصل قال في حديثه أنه أمر بميزانية مفتوحة من أوقاف بحزاني لمساعدة النازحين , وشوهد بنزوله ( إلى الشارع العام أمام سيطرة بحزاني وفي يديه علب العصير والكعك ) لاستقبال النازحين وقيامه بتوزيعها شخصيا بهندامه الديني على العوائل أطفالا ونساء المعبئين في سياراتهم التي تقلهم إلى حيثما يجدون من يأويهم . إنما كانت رسالة سلام ومحبة وتسامح وتعبيرا عن تعاليم ديانتنا الأيزيدية المسالمة والمتسامحة التي لم تسفك قطرة دم واحدة ” باسم السماء ” على مدى تاريخها الطويل.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية