يونيو 18, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

فوزي الاتروشي: نورس النعيمي: ابتسامتي على الشاشة لا تموت

نورس النعيمي: ابتسامتي على الشاشة لا تموت

فوزي الاتروشي

تعودت نورس النعيمي إن تطل على الشاشة الصغيرة ببسمة محبة وحكاية تواصل وبحزمة من مواعيد حوار مع المشاهدين لا تنتهي. وكما نوارس البحر إذ تصطادها بندقية عاشقة للدم سقطت الإعلامية الشابة ذات العشرين ربيعاً وهي تقترب من بحر الحقيقة وفضاءات  النور لتمسح شيئاً من العتمة عن طرقاتنا و لتسجل الرقم (267) هم ضحايا الإرهاب من الإعلاميين العراقيين منذ  عام 2003 .ان اغتيال (نورس النعيمي) أعاد مجددا  إلى دفتر يومياتنا ان الإعلام تجاوز كونه مهنة المتاعب ليصبح عملاً على خطوط النار وعلى مشارف الموت اليومي الذي يلاحق الباحثين عن الحقيقة والعاملين على منحنا فسحة حوار وشمعة ضوء نطارد بها الظلام.
ما الذي دار في ذهن الإرهابي الذي أطلق النار عليها؟
سؤال يحمل الجواب التقليدي البائس الذي مفاده ان قتل الإعلامي سيؤدي إلى  ردم التراب على الحقيقة والى قتل  إرادة العقل ان يفكر ودحر تصميم اللسان ان ينطق وتكميم الفم كي لا ينفتح على بوابات التحاور لبناء الوئام  والسلام في المجتمع. وهذا هو بالضبط  الرهان الخاسر للإرهاب الذي لا يفكر ولا يتحاور  ولا يتصالح ولا يعرف غير عدد الطلقات الموجودة وكيفية إفراغها في رؤوس الآخرين ,دون حساب لنتائج هذا العمل الجبان الخارج عن اطار الحق والوجدان والدين والأعراف والمصمم على قتل فعل الحب فينا جميعا.
ومرة أخرى كان الإرهابي ساذجاً الى حد الجنون لأن نورس الربيعي  كما معروف  زملاؤها وزميلاتها الذين رحلوا وهم على جبهات الكلمة الطيبة والحوارات الصادقة تحولوا الى غابة من الأشجار الباسقة التي يستحيل موتها لأن سيرة حياتهم مسجلة لدينا بالصورة والصوت والحركة وستبقى معنا تمنحنا الإصرار على المضي في الطريق.
كان يمكن لذات  ال (20) ربيعاً ان تستمر في مراكمة فصول الربيع الأخضر على حياتها , وكان يمكن لها ان تراكم فينا المزيد والمزيد من حكمة ان يصبح الإنسان في ربيع العمر إعلاميا يطل عبر الفضاء على الآخرين ,وكان يمكن ل(نورس) ان تنتقل  من مقدمة برامج الى أستاذة إعلام يتخرج على يديها آخرون لمواصلة الحقيقة التي تقول ان المرأة وهي تكتب وتحاور وتفكر وتتكلم تمثل  قمة مساواتها مع الرجل في بناء الحضارة. كان يمكن ان تحدث كل هذه الاحتمالات.
لكن يبقى  الاحتمال الأكثر يقيناً وهذا ما لم يفكر به القاتل وهو انه يستحيل عليه قتل ابتسامة (نورس) على الشاشة والتي ستكون حتماً محفورة في الذاكرة وقابلة للتكرار والتجدد  ولزرع الأمل فينا, في حين ستكون على الدوام سؤالاً يلح  على القاتل يومياً قائلاً لماذا  قتلت نفسك وأن تدرك ان جسدي إذ-
يسقط  فوجهي وابتسامتي  على الشاشة  تعشب  يوميا بستان ثمار للمشاهدين.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi