حماية حقوق الاقليات الدينية العراقية في التشريعات الوطنية و الدولية /الحلقة التاسعة
المحامي عبد المجيد سلو ختاري
وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في القانون العام
اليهودية
اعاد التاريخ نفسه في احوال يهود العراق ، فقدموا الى ارض الرافدين قبل اكثر من ثلاثة الاف عام ، بعمليات تهجير جماعية ، اطلق عليها اسم السبي البابلي و السبي الاشوري ، و اشتهرت هجرة اهل هذا الدين بالاسم الاخير ، و قبل نصف قرن رحلوا بهجرة جماعية ايضا ، و تركوا دهرا لا يقاس بواحدات الزمن ، يطلق عليها اسم السبي الاسرائيلي فهل مصادفة ان يستوطن اليهود العراق و يهجرون في الحالتين ؟ ، فالاقوام تهاجر لجوع و ظما ، او هروب من كارثة طبيعية او عدو يتربص بهم ، لكن هجرة يهود العراق قضية اخرى ، و لعل هذا ما يميز بينهم و بين الاديان و المذاهب التي استوطنت العراق في مختلف المراحل التاريخية ، استوطنت بفتح او تبشير او انبعث فيه منسوخة من اديانه القديمة , فلم يجر الحديث عن هجرة مسيحية او اسلامية او الايزيدية او صابئة , الا بحدود ضيقة بالنسبة للديانة الاخيرة , غير ان التوافق بين الديانات السومرية و البابلية و المندائية , في الطقوس و الميثولوجيا, قد يبطل الحديث عن هجرة مندائية الى العراق , و يختلف الامر مع اليهودية و علاقتها بالبابلية سوى كان في القصص الدينية , ما يربط اليهود بعراقهم اكثر من ارض الميعاد او جنة الموعود , و ما حصل كان سبياً صهيونيا , و اقتلاعا من الجذور تحقق بفعل قوانين و ممارسات لم تكن الدولة الاسرائيلية بعيدة عنها , تكللت بما عرف بالفرهود و اسقاط الجنسية , و بهجرته تضرر العراق و تضرروا هم روحيا و اجتماعيا فتحولوا الى كتل من الحنين المؤذي , يعيشون على الماضي و ذكرياته , و بالنسبة للعراق كانوا طائفة منتجة في مجال الصناعة و المال و الفن , و كان وجودهم محقق التوازن الاجتماعي , فقد بدا هذا البلد متنوعا و ظل هكذا رغم الهزات العنيفة التي تعرضت لها طوائف كافة , و تبدو تسمية مخلفات اليهود المالية بالاموال المجمدة نافعة في الاشارة الى تجميد نشاط حرفي و فني عمره الاف السنين , جمد العراق ليتحرك باسرائيل او بلدان العالم الاجرى , و ان تحسن الحال سيعود سائلا المرضى بالعراق , قد يثير الحديث عن يهود العراق , و عدهم ضمن البنية العراقية , التساؤل لدى البعض لانهم طائفة منقرضة , لكن ما يبرر ذلك هو اثرهم الباقي و روابطهم الممتدة و عيونهم شاخصة صوب العراق رغم الياس الكامل من العودة , ففضلا عن اموالهم المجمدة , هناك ديارهم و ذكريات الجيران عنهم , و ان مهربي الاثار جمعوا ثروات من المتاجرة بمخلفات كتبهم الدينية , و ان الاثر الذي لا يمكن ازالته هو بابليات ثوراتهم و تلمودهم . ظلت بقيتهم الباقية التي تخلف عن السبي الصهيوني تستنشق عمق تاريخهم الموغل بالقدم , و لم يهزها تفجير كنيسة سنة 1998 , مجموعة من العجائز تعتصم بغداد اعتصام هند بنت النعمان بدير والدها بالحيرة بعد الفتح الاسلامي , فكم يشير التواجد الى متانة الارض بالمحيط و العلاقة بينهما , كانت نتيجة هذا الانفجار الذي يذكر بتفجيرات الخمسينات , تحت رعاية رموز من السلطة , قتل شخصين من وجهائهم مع اخرين مسلمين من العاملين معهم , و حسب الصحف اليومية لازالت البقية الباقية منهم تعيش بسلام و حذر ببغداد يؤدون صلاتهم , و منهم المهندس و المحامي و الطبيب و الخياط و صاحب المطعم و بضعة اطفال هم امل الطائفة لتجدد بارض الاجداد . فقد اعلنت الحكومة في صفحها و وسائل الاعلام و قتذاك بالحرق و اعدام وجبة جديدة من الجواسيس و تعليق جثثهم في ساحة التحرير و من بينهم هؤلاء ( الجواسيس ) كان يهود و مسلمين و مسيحين , اذا ما هي درجة الخوف التي يعاني منها اليهودي بالعراق , و ما هي درجة اطمئنان اسرائيل ان يكون الموت في بغداد و الحياة في تل ابيب . و من محن اليهودي المتخلفين عن الهجرة الجماعية , بالرغم من الظروف القاهرة , تقرا ما كتبه انور شاوول تحت عنوان ( رباغية شعر تجند في عملية انقاذ ) قال : لم تعد العرائض و الشكاوي ذات مفعول او مدلول , و لم يعد بمقدور رئيس الطائفة ملاقاة المسؤولين بسهولة ليعرض عليهم ما يتحتم عرضه من شؤون الطائفة . و راح وضع اليهود يتدهور بسرعة و ساد ابناء الطائفة قاطبة جو من الهلع و الفزع , و كيف لا تهلع القلوب و تقزع النفوس و زبانية مدير الامن العام ( ناظم كزار ) اتبع اليهودي من ظله و الاعتقالات مستمرة و التحقيقات على قدم وساق , و اخبار قصر النهاية الذي كان قصرا ملكيا يعرف بقصر الرحاب , تتحدث اليوم بزاوية جديدة و بمأساة جديدة . تحدث الشاوول عن احد هذه القصص , و هي اعتقال الاديب مير مصري , و بما ان جهود رئيس الطائفة ساسون حضوري لم تفلح في اطلاق سراح ولده من قصر النهاية, لجا شاوول الى احد اصدقائه المسلمين اللغوي ( مصطفى جواد ) و اعتذار جواد لخوفه من تفسير ذلك بتقاضي رشوة من يهودي . يبدو ان الضغط مارس على اليهود في العراق منذ الثلاثينات لدفعهم الى الهجرة , فقد صدرت الاوامر الى الجهات المعنية وصفت بالسرية ان لا يرقى اليهود الى درجة مدير عام مثلا , أي وظائف عليا مما دفع العديد من يهود العراق اعلان اسلامهم مثل نسيم سوسة , و اصبح احمد سوسة و ذلك في عام 1936 لنتقص عواطف و مشاعر العراق اليهود العراقيين من خارج العراق , فالصورة قائمة من داخله حيث يقيم البقية الباقية من اليهود و هم ( 381 ) حسب احصائية 1977 , و هو اخر احصائية . مواطنة عراقية تكتب الى احد السياسين المعارضين , و هو ابن وزير الداخلية رئيس وزراء سابق له علاقة مباشرة باصدار قانون اسقاط الجنسية عن اليهود المهاجرين , هو سعد صالح جبر , قالت ( اتمنى الوقوف دقائق على شاطئ دجلة , و اديب عراقي يهودي ( سامي ميخائيل ) يحشد مظاهرة داخل اسرائيل ضد الحرب على العراق عام 1991 , و يقول في ندوة عقدت في لندن ( هم يضربون الجسر الذي اودعت تحته ذكريات طفولتي ) و اديب اخر ( سمير نقاش ) ترك اسرائيل لكي لا يخدم اولاده في الجيش , و قال ( معللا سبب استمراره في الكتابة بالحرف العربي دون الحرف العبري انني اعشق هذه اللغة التي نطقت بها اول ما نطق , استطيع بواسطتها التعبير عن دواخلي بشكل افضل , لماذا اقيد نفسي بلغة اعرف عنها اقل و هي العبرية , ثم انها توكد انتمائي العضوي الى اهل العراق ) , و نشر مقالا معلنا فيه انتماءه العراقي بقوة , مع انه غادر العراق و عمره ثلاثة عشر عاما , رد فيه على من اتهم طائفته بالعمالة لاسرائيل , نشر مقالا تحت عنوان ( ليس يهود العراق صهاينة و لا هم جواسيس ) , استعرض فيها تاريخ الطائفة منذ القدم بالعراق , و استقبال تسعين الف يهودي للامام علي بن ابي طالب , وهو يتخذ من الكوفة عاصمة للاسلام , و كان خطوته بنقل العاصمة من الحجاز الى العراق جاء تصديقا لما نقل عنه ( من كان سائل عن نسبا فاننا نبض من كوثي , كوثي حاضرة من حواضر بابل , و كتب متالما من عبارة خيانة يهود العراق ) التي قذفها احدهم في الصحافة العربية ليذكر باماني بن غورين لهجرة اليهود العراقيين , اذا علق الاخير على الحوادث بقوله ( يقتل عشرة يهود عراقيون لياتي عوضهم مانة الف يهودي ) و ان نوري السعيد رئيس الوزارء العراق السابق , قال حينها مبررا تهجير اليهود ( اني سابعث للدولة الصهيونية بمائة و خمسين الف يهودي , و ذلك ستقوض الدولة الصهيونية دون حرب ) و علق النقاش على عبارة السعيد بقوله , لكنه كان يعرف ان يبعث لصاحبه بن غورين ( بحطب المدافع , و يعيد المباني و يعبدون الطرق ) و من الاهمية بمكان ان يختتم مقاله بالاسئلة التالية ( من الذي اقام الدولة الصهيونية ؟ و هل كانت هذه الدولة لتقوم لو لا اضطهاد اليهود في موطنهم و قتلهم و التنكيل بهم ؟ ) . و في مكان اخر علق اليهودي ( حسقيل قوجمان ) المهتم بتاريخ الموسيقى بالعراق على هجرة طائفته بالقول ( ان هجرة اليهود من العراق كانت مؤامرة مدبرة و محبوكة , ساهمت فيها قوى هائلة اجنبية و صهيونية و عراقية) توزع يهود العراق على بلدان العالم , فهم يشكلون رغم قلة عددهم وجود احياء بالبحرين , و لعل البحرين هي البلد الخليجي الوحيد الذي لا يزال يقطنه اليهود بعد تهجيرهم القسري من الجزيرة العربية بقرار من الخليفة عمر بن الخطاب . منهم من وفد الى العراق , لذا هناك من عد الجزيرة العربية مصدر اخر , اضافة الى السبيين الاشوري و البابلي , اليهود العراق , عاد اليهود بعد ثلاثة عشر قرنا من طردهم الى الجزيرة ثانية , و كان محطتهم هذه المرة البحرين , فقد بلغ عددهم فيها عام 1947 ( 422 ) نسمة , الا ان تقلص عددهم فيما عام 1947 ( 422) نسمة, الا ان تقلص عددهم فيما بعد بسبب حربي 1956 و 1967 , يقول اليهودي البحريني العراقي الاصل ( فريد روبين ) , جدي مير داود روبين الذي ولد في الموصل بالعراق كان يعمل في تجارة الاقمشة , جاء الى البحرين عام 1910 بغرض جلب بضاعة من العراق و بيعها و العكس , قرر ان يقيم في البحرين و كان الانكليز يحكمون البلاد , و في عام 1919 اخذ زوجته و ذهب الى البصرة , ثم عاد مرة اخرى للبحرين و ولد ولدي هناك , كذلك اعمامي و عماتي , و لم يبقى مكان في العالم الا وطئته اقدام يهودي عراقي . و اي مكاي يحلون فيه يتقدمون في المناصب وريادة المهن و التجارة , وصل ببريطانيا اليهودي العراقي ادوارد شيلدون الى منصب وزير و نائب في البرلمان , و كان ال ساسون من اهم تجار اسيا , و اصبح ال خضوري من اغنياء هونج كونج , ال زلخا اصحاب اكبر شركة عالمية للوازم الاطفال و منهم رونيت زلخا مصممة ازياء العالمية, و وصل اليهودي العراقي ديريك عزرا اليهود في العضوية مجلس اللوردات البريطانيا . و وزير الدفاع الاسرائيلي اسحاق موردخاي من الكرد العراقيين و غيرهم كثير , و اشارت خارطة بابل السكانية الى تاريخ اول مجموعة يهودي في العراق في اواخر القرن السادس قبل الميلاد , و ان هذا التاريخ مطابق مع تاريخ السبي ان استقر اليهود بشمال العراق و كونوا قرى خاصة بهم , حالهم في ذلك حال بقية السكان الاكراد في المنطقة التي قطنوها و ضلوا هناك حتى السبي الاخير في الخمسينات من القرن الماضي , اما اليهود البابليون , فمصدرهم السبي البابلي الاول و الثاني , تم تجميعهم في مركز مدينة بابل بعد ان توج نبوخذنصر ملكا على بابل في اليوم الثالث و العشرين من الشهر التاسع لعام 604 ق.م جاء في ( قاموس الكتاب المقدس ) حول تسمية اليهود. انها اطلقت ( او لا على سبط او مملكة يهوذا , تميزا لهم عن الاسباط العشرة الذين سموا اسرائيل , الى ان تشتت الاسباط و اخذ يهوذا الى السبي , ثم توسع معناها صارت تشمل جميع من رجعوا من الاسر من الجنس العبراني , ثم صارت تطلق على جميع اليهود المشتتين في العالم . لفظة يهود اعم من عبرانين , لانها تشمل العبرانيين الاصليين و الذخلاء , و جعل المؤرخون العرب التسمية نفسها هي تسمية اليهود . يبقى الاقتباس المتبادل حالة مشتركة بين الاديان , ليس هناك ديانة او شريعة نزلت نقية من السماء , فالشريعة البابلية نفسها ( كما يبدوا من مودها ) عبارة عن جمع منقح لمواد الشرائع التي سبقتها , اذا ان حمورابي قد حذف من مواد التشريع السابقة ما كان لا ينفق و طبيعة عصره و اضاف الى شريعته مواد اقتضتها مصلحة الدولة انذاك, ولاسيما القوانين الصارمة بعقوبة الموت و القصاص بالمثل , لان القوانين السومرية كان تتجنب مبدا القصاص , و ترجع التعويض و الغرامة المادية , و هذا ما تتجه الدول المتحضرة و ذات النظام المدني العصر الحاضر . وصف الحال في العهد العثماني انه ( كان هنيئا ) و شجعت هذا الحال دعوة يهود اوروبا للهجرة الى البلاد العثمانية , فقد ورد في رسالة اليهودي اسحاق زرقاني الى يهود المانيا و المجر ( ان بلاد الاتراك ارض لا يعوزكم شيء فيها , و ان شئتم و اخذتكم الاحوال وفق رغاباتكم , فيما تصلون الى الارض المقدسة سالمين , او ليس الافضل ان تسكنوا في حكم المسلمين من ان تسكنوا في حكم النصارى ؟ فانكم تتمكون هنا من لبس افخر الاقمشة … و يتمكن كل واحد هنا من الجلوس تحت كرمته و شجرة تينه ) . و ما يخص الجزية بالعراق ان العثمانين في فترة من الفترات جعلوا وقفا لاسر معروفة , مثل اسرة الحيدرية و الشافعية ببغداد , قال حفيد هذه الاسرة , كان ادادنا تاخذ الجزبة من اليهود و النصارى و الصابئة المندائيين تاخر العثمانيون في قرار الغاء الجزية , لاسيما و انها لا تتناسب مع دعوات التحديث و نشر حياة دستورية لا تفرق بين المواطنين , حتى عام 1855 , اذا صدر مرسوم يقضي بالغاء الضريبة الجزية و السماح لغير المسلمين اداء الخدمة العسكرية اذا رغبوا بذالك , و الا دفعوا البدل العسكري , و بعد ان جاء الاتحاديون الى الحكم سنة 1908 قرروا و جوب الخدمة العسكرية من قبل المسلمين و غير المسلمين على حد سواء و الغاء البدل العسكري . شكل يهود العراق وحدة متجاسبة , عكس الطوائف اليهودية الاخرى , فلم تكن هناك هجرات يهودية الى المنطقة عدا ما كان ياتي من بلاد فارس , حتى موجة السفارديم , التي غطت الامبراطورية العثمانية , وقفت عند ابواب العراق , و هذا ما ادى الى محافظتهم على احوالهم و تقاليدهم الحضارية مدة طويلة بعد ان اسسو بارض بابل فكرهم الديني واساطيرهم , و ربما اول بنك مالي في التاريخ نشا في عهد سنحاريب , باموال وجهود يهود العراق , دل على ذلك اكتشاف اثري بين اطلال بابل عام 1874 , و هو عبارة عن مجموعة جرار من الطين المثوي قد صانتها ايدي الزمان و طوارق الحدثان , و كانت مسدودة سدا محكما . ان هذا التاريخ الضارب بالقدم , جعل مهنم ( وحدة متجانسة ) و منسجمة , و لم يسمح لها بالتفكير بجدية بما يسمى بارض الميعاد , الا بحدود تفكير أي مسيحي او مسلم , يحج الى القدس , و لم يجد وعد بلفور قبولا بين اليهود بل العكس رفضوا عرض بلفور , اذا ياتي احد وجهاء يهود العراق , الاديب مير بصري بادلة على موقف طائفته السلبي من وعد بلفور , و قبلها رفضوا ما عرف بالجمعية الصهيونية باوربا. استقبل يهود العراق , حالهم حال الطوائف الاخرى , الامير فيصل بن الحسين ليكون اول ملك بالعراق الحديث فاقاموا له حفلا خاصا في 18 تموز عام 1921 , و جاؤوا بالتوراة مكتوبة على درجة من الرق مصونا في غلاف من ذهب فلثمها جلالته , لم يضع فيصل و هو من بيت هاشمي النسب في تلك اللحظة قصة تحريف التوراة , او روايات تجنب قراءتها او عدم احترامها , فقد تعامل مع كتاب سماوي المنزل , في لحظة مقبل فيها على اعادة تاسيس الدولة العراقية , بعد ان فقد كيانها منذ الهيمنة الساسانية و حتى جلاء الانكليز عنها , خاطب فيصل اجتماع اليهود بالقول , لاشيء في عرفي اسمه مسلم او مسيحي او يزيدي او يهودي , اطلب من ابناء وطني العراقيين ان لا يكونوا الا عراقيين و كلنا منسوبون الى العنصر السامي , و لا فرق بين دين و اخر , و حتى فرهود 1941 لم يذكر حادثا يميز اليهود عن النسيج العراقي , و ما تعرضوا لاضطهادات على مدى القرون كان قد تعرض لها المندائيون و المسيحيون و الايزديون و اليهود على يد المسلمين من الامراء و الولاة , الا ان الحادث كان من القسوة و المرارة هدف الى قلعهم من البلاد و اشعارهم بالغربة عنها , و الفرهود كلمة بحد ذاتها تعبر عن التمادي في الاعتداء . اما اليهود في عهد عبد الكريم قاسم , شهد التخفيف من الام اليهودي , ما عدا ازالة مقبرة لهم قال , كانوا قد اشعروا لنقلها الى مكان اخر . لعل العهد الذهبي للطائفة اليهودية الضئيلة المتبقية في العراق بعد الهجرة الجماعية لسنة 1950 ـ 1951 كان عهد عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 تموز سنة 1958 ذلك العهد الذي دام 4 سنوات و نصف السنة , تمتع اليهود بكل حقوقهم المدنية و الدينية و الطائفية , و تضم بغداد رفات عدد من ائمة و اولياء اليهود منهم يوشع كوهين كادول , و يقع في جانب الكرخ قريبا من مقبرة المتصوف ( الشيخ معروف الكرخي ) بمحلة عباسية و تعرف بمحلة ( باب البصرة ) , و كان تسميته شائعا من بين اليهود ( ضريح نبي يوشع ) , من اقدم معابد اليهود كنيسة الشيخ اسحاق الفاووني , و يقع في احدى محلات الرصافة , عرف بمحلة الشيخ اسحاق . اما حياة يهود العراق في مجال التعليم كان لهم الدور الرائد فيه و اشتهر اليهود بعنايتهم بالتعليم منذ عهدهم البابلي , و من مدارسهم القديمة مدرسة سوار ببابل تاسست سنة 219 م , و قيل بين اركان هذه المدرسة دون التلمود اليهودي , أي تفاصيل الشريعة , و تعتبر المدرسة المذكورة اساسا لمعاهد علمية جمعت بين الدراسة الدينية و الدينيوية , و في الوقت الذي لم يكن بالعراق غير مدرسة ثانوية واحدة , و ان اهتمت بالمدارس الاسلامية و المسيحية بالجانب الديني و الفقهي فقط , فتحت المدارس اليهودية ابوابها للتعليم المدني , عام 1950 , كان لليهود تسع عشرة مدرسة اهلية و هي : مدرسة البير ساسون الابتدائية و المتوسطة للبنين ( 1864 ) و كان عدد طلابها في عام 1899 ( 254 ) طالبا , فلنا ان نتخيل التقدم الذي احرزته هذه الطائفة في الزمن العثماني الباش , مدرسة لورة خضوري الابتدائية و المتوسطة للبنات ( 1893 ) , و هي اول مدرسة لتعليم الاناث بالعراق , بلغ عدد طالباتها في عام ( 1899 ) ( 131 ) طالبة , كان هذا العدد من البنات المقبلات على التعليم في وقت يتخلف فيه المسلمون على تعليم البنت , و قصائد الشعراء المتحررين كانت تصدح ببغداد و النجف من اجل تعليمها , و مدرسة راحيل شحمون ( 1909 ) للبنين التي عرفت باسم مدرسة التعاون و المدرسة الوطنية ( 1923 ) , و مدرسة شماس الاعدادية للبنين ( 1928 ) , و مدرسة مسعورة سليمان سنة ( 1930 ) , و مدرسة منشي صالح الابتدائية عام ( 1935 ) و الخاصة بتعليم الفقراء و اشترط مؤسسها على ان يتم تعليم العلوم الدينية , و الثانوية الاهلية المسائية ( 1941 ـ 1942 ) للبنات , و مدرسة فرنك عيني المتوسطة للبنين ( 1943) , و الاخيرة كانت تعد طلابها لنيل شهادة صفوف المتربكوليشن البريطانية , و مدرسة مسعودة يوسف شطوب الابتدائية للبنين ( 1946 ) , و المدرسة المتوسطة الاهلية ( 1949 ـ 1948 ) و غيرها . اما المدارس الدينية في العصر الحديث فابرزها مدرسة تلحود توراة ( 1932 ) و مندائي ( 1907 ) , و لهم في جنوب العراق بالبصرة و العمارة و الناصرية مدارس عديدة . اما الاحصاءات العراقية الرسمية في القرن العشرين , اشارت الى عددهم
كالاتي في الاعوام :
عام 1920 87488 نسمة
عام 1930 120000 نسمة
عام 1947 ( 118000 ) نسمة موزعين على المدن العراقية و كالاتي :ـ
بغداد ( 77542 ) , موصل ( 10345 ) , بصرة ( 10537 ) , كركوك ( 4042 ) , اربيل ( 3109 ) , ديالى ( 2851 ) , سليمانية ( 2271 ) , عمارة ( 2131 ) , حلة ( 1865 ) , رمادي ( 1442 ) , ديوانية ( 825 ) , ناصرية ( 652 ) , كوت ( 345 ) , كربلاء ( 39 ) . بعد اسقاط الجنسية سنة 1950 تضاءل عدد يهود العراق الكلي الى ( 500 ) نسمة , يقيم معظهم في بغداد , و قد بلغ عددهم حسب احصائية عام 1957 ( 4906 ) نسمة , و حاليا لم يبقى بالعراق غير ( 381 ) نسمة حسب تقرير مديرية الامن العامة . وورد في التقرير المذكور ان عددهم اخذ بالتنازل بسبب الهجرة المستمرة , و التي تصاعدت جدا في عام 1950 ـ 1951 , و بين سنوات ( 1965 ـ 1977 ) بعد ان استقر في عهد عبدالكريم قاسم , حسب الاحصاءات ( 1947 ـ 1957 ـ 1965 ـ 1977 ) تضاءل عددهم كالاتي : ( 118169 ـ 4319 ـ 3178 ـ 381 ) .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية