مارس 28, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

هل العراق متجه نحو دولة دينية متشددة؟

هل العراق متجه نحو دولة دينية متشددة؟

يقول مراقبون، إن هناك بعض الأزمات التي قد تتشكل على وقع قرارات حكومية وبرلمانية، لأنها قد تقود البلاد نحو نموذج «ديني متشدد»، يشبه النموذج الأفغاني أو الإيراني.

فالنهج العام لتضييق الحريات عبر مضايقة مشاهير التواصل الاجتماعي ومنع استيراد وبيع وشرب الخمور ومهاجمة أصحاب الفكر والرأي ووضع ضوابط على بعض المواقع في الانترنيت، وكانه يتجه بالبلاد إلى مزيد من الأصولية الدينية بدعم من الحكومة والبرلمان، عبر قوانين وقرارات دون شرعية دستورية، تعتبر تجاوزاً على حقوق الآخرين خصوصاً المكونات والأقليات، كما أنها تعتبر تكميم للأفواه، لذلك يرى مراقبون أن مثل هكذا إجراءات تسيء إلى المجتمع كونها تحمل منهجية واضحة بفرض التشدد الديني.
خطوة مستعجلة

وفي هذا الصدد، يقول الباحث والمحلل السياسي عمر الناصر في حديث لـ (باسنيوز): «علينا أولاً تعريف المفهوم الحقيقي للحقوق والحريات الذي يتناسب مع معايير الديموقراطية في كل مجتمع لا يتضارب مع خلفيته الاجتماعية والموروثات والعادات والتقاليد التي تدعم وتعزز من سلطة القانون كذراع ساندة لهيبة الدولة، وليست الحريات المنفلتة التي تؤدي إلى صناعة التفاهة المنافية للشريعة والتقاليد الأصيلة التي تنظم الروابط الأسرية، والتي أصبحت هي الصفة والعلامة الفارقة التي تميّز البعض ممن اعتلوا منصات التواصل الاجتماعي».

ويرى الناصر، أن «قرارغلق محال الخمور خطوة مستعجلة نوعاً ما، كان يفترض الذهاب لأمور أكثر واقعية وأهمية تصب في صالح تحسين الوضع المعيشي وزيادة مفردات التموينية والتركيز على موضوع السلة الغذائية التي تعتمد عليها حياة المواطن، كان ينبغي التفكير بأن منع الخمور ربما سيفتح المجال أمام ازدهار تفشي المخدرات بنسب أعلى مما هي عليه الآن».

وتابع المحلل السياسي، أنه «لا بد من التفكير بأن العراق متعدد الديانات والدستور يؤمن بالتعددية واحترام بقية الأديان والطوائف حق مكفول دستورياً، ومثل هذا القرار قد يثير حفيظة الكثير منهم، وخصوصاً موضوع التضييق على الحريات الخاصة».

وفيما يخصص اتهام بعض الكتاب والمفكريين وحتى الصحفيين والإساءة إليهم، يقترح عمر الناصر «النظر بحرفية لمفهوم ومواصفات الكتاب المثقفين الذين بالإمكان وصفهم بصناع الرأي العام، وليس الذين أساءوا للثقافة وللأدب والأخلاق السامية، كي لا يكون هنالك ظلم وإجحاف على هذه الطبقة التي تساهم بتقويم الأخطاء».

ويصف الباحث والمحلل الاعتقاد بوجود توجه نحو التشدد الديني في العراق بـ «المبالغة الكبيرة»، ويقول: «العراق مؤمن إيمانا قطعياً بالاعتدال والوسطية، إذا ما أبعدنا اشعة التأثيرات الطائفية والعنصرية على السياسية، لن يكون العراق بلداً عنصرياً لكونه ومنذ الخليقة كان النواة الذي انبثقت منها الحضارات وكان منارة للعلم والعلماء والفن والموسيقى».

وبحسب مراقبين، فإن الناظر إلى المشهد الذي يعيشه العراق حالياً بصورة أكبر يرى منهجية واضحة بفرض التشدد، وسياقا مدروسا متدرجا في القرارات، ويعتمد على الرفض العام لعناوين مثل المواقع الإباحية والكحول، لتمرير أجندة متشددة تضيّق على الحريات ومنها الحرية الفكرية، وإن قوى الإطار (الشيعي المشكل للحكومة) تتصرف بهذا الشكل لتستهدف الحياة المدنية بطريقة ممنهجة.
الدولة الدينية لن تنجح

من جانبه يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جيهان الدكتور مهند الجنابي لـ (باسنيوز): «صحيح نحن أمام قوى وأحزاب تنتمي للإسلام السياسي، لكن مسالة الدولة الدينية لن تنجح بها القوى السياسية مهما حاولت أسلمة المجتمع لأنها بعيدة كل البعد عن الإسلام»، مشيراً إلى أنه لو «كان الإسلام يتعلق في جوهر سلوكهم لما شاهدنا أثناء فترة حكمهم أكبر نسبة فساد وسيطرة على المال العام».

وتابع الدكتور الجنابي، أن «التوجهات الإسلامية بعيدة عن هذه الأحزاب والفصائل بل هناك توجهات أخرى وهي ابتزاز وفرض الولائات أو إجبار المجتمع على نمط معين بسبب خشيتهم من زوالهم وصعود التيار المدني، لذلك تستخدم هذه الأحزاب السياسية القوة لإرسال رسائل معينة».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن «ممارسات هذه الأحزاب سببت كبت الحريات وتهديد حقوق الإنسان أملا في الحفاظ على ما تبقى من نفوذ ومن مقبولية في المجتمع».

وأضاف الجنابي، أنه «فيما يتعلق بغلق محال الخمور فإن المسألة لا تتعلق بحقوق المكونات الدينية الأخرى فقط، وإنما تمس جوهر وروح الدستور الذي ذكر وأكد على الحقوق والحريات بفصلين، أي ثلثي الدستور كان واضحا لضمان هذه الحقوق، لذلك فإن مثل هكذا قرارات تمس حتى الأغلبية المسلمة في الحق باختيار طريقة العيش».

ويرى الأستاذ الجامعي الدكتور مهند الجنابي، أن «مثل هذه الممارسات تعطي مؤشرات سلبية لأنها تؤثر على جودة الهوية الوطنية العراقية والثقافية، لأن الهوية العراقية ليست إسلامية دينية بل هي هوية جامعة أقرب إلى التيارات المدنية».

ويؤكد الجنابي، أن «هذه السياسات تبعدهم أكثر من الشارع وتسرع من نهايتهم، فحالات الكبت لضمان الولاء لا أعتقد ستحقق شيئاً لهذه القوى، بل ستزيد من حالة النفور وتجعلهم يعانون أكثر».

كما قال الجنابي، إنه يتفق مع الرأي القائل أن التضييق على الحريات هو «عمل منهجي تقوم بهه الأحزاب والفصائل»، وأن «هذه الممارسات نابعة من مخاوف هذه الأطراف لأنها لم تعد مقبولة في المجتمع والشارع العراقي، حتى من محافظات الفرات الأوسط والجنوبية التي جاؤوا منها أصبحوا غير مرغوب بهم فيها، لذلك تعمل بشكل منهجي ومنظم من أجل إرهاب الآخرين وصباغة المجتمع بصبغة واحدة تنتمي لهم».

و لكن استبعد الدكتور مهند الجنابي أن يتجه العراق نحو دولة دينية، قائلاً: «بل المطالبة بالمدنية أصبحت أصواتها أعلى من أي وقت مضى، ولهذا السبب أتصور أن هذه الأحزاب تعاني من أزمة وجود وتجعلها تقوم بسلوكيات وقرارات مخالفة للدستور».

وعبر مغردون على تويتر عن آرائهم حول تضييق الحريات والقرارات الممنهجة التي تقوم بها أحزاب السلطة الحاكمة في بغداد، حيث قال صباح الأنباري على تويتر: «يدعي العراق بأنه تحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية والحريّة، والجواب هو: أصبح العراق أكثر دكتاتورية من السابق وأكثر عنصرية وأكثر تضييقاً على الحريات العامة والخاصة. يدعون حرية الأديان كذبا ونفاقا أمام العالم، يطالبون بحقوقهم في أوروبا ويقمعون حقوق الآخرين في الداخل».

كما كتب الإعلامي والصحفي معن حبيب على تويتر: «هكذا يصنع شعبي الطغاة..البرلمانيون العراقيون الذين أوصلوهم مريدوهم سواء بالتصويت الذي لم يتجاوز 16% أو بالتزوير، يخططون لسن قانون جديد يقيد حرية التعبير، هذه الطبقة السياسية المنبوذة ستستمر في التمادي ولن تتوقف، وسيعاد انتخابهم في الدورات القادمة من جديد…16% تتحكم بمصائر 84% ».

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi