أبريل 29, 2024

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

تسارع النمو السكاني في العراق مقابل تباطئه بإقليم كوردستان

تسارع النمو السكاني في العراق مقابل تباطئه بإقليم كوردستان

رووداو – أربيل: حذر الأستاذ الجامعي، سرور حمه أحمد، من تباطؤ النمو السكاني في إقليم كوردستان في مواجهة تسارع ارتفاع مستوى النمو السكاني في العراق، وقال إن “هذا الاختلال في توازن النمو السكاني ستكون له آثار مستقبلية سلبية على حصة إقليم كوردستان من الموازنة العامة العراقية، وعلى عدد النواب الكورد في بغداد وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي”.

واعتماداً على بيانات وزارة التخطيط العراقية وهيئة الإحصاء في إقليم كوردستان، تحدث سرور حمه أحمد، الأستاذ في كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة صلاح الدين، عن مسألة النمو السكاني في إقليم كوردستان، وأكد أن معدل النمو السكاني في العراق أسرع بكثير منه في إقليم كوردستان.

وأوضح أحمد أن “إحصائيات وزارة التخطيط العراقية وهيئة الإحصاء في إقليم كوردستان تفيد بأن عدد سكان العراق في العام 2003 كان 25 مليوناً و627 ألفاً و362 نسمة، منهم أربعة ملايين و864 ألف و241 من الكورد، وبلغ عدد سكان العراق في العام الماضي 37 مليوناً و139 ألفاً و519 نسمة، وعدد الكورد منهم حسب إحصائيات هيئة الإحصاء كان خمسة ملايين و755 ألفاً و43 فقط”.

15% وليس 17%

يؤكد المسؤولون الكورد باستمرار على أن سكان إقليم كوردستان يشكلون 17% من سكان العراق، ويقول أحمد إن “نسبة الكورد في العام 2003 كانت أعلى من النسبة التي يؤكد عليها هؤلاء، لكن هذه النسبة باتت الآن أدنى منها”.

وأضاف الأكاديمي الكوردي أن “من خلال التدقيق في إحصائيات سكان إقليم كوردستان والعراق، يتبين لنا بأن نسبة السكان الكورد والتي تم الاتفاق في صفقة سياسية على أنها 17% ووافق الكورد بموجب ذلك الاتفاق على أن تكون حصة الإقليم من الموازنة مساوية لنسبة سكان الإقليم إلى سكان العراق، كانت في العام 2003 تساوي 18.9%، لكن هذه النسبة انخفضت في العام 2017 إلى 15.4%، وهذا ما جعل المسؤولين العراقيين يصرون على أن تكون حصة الإقليم من الموازنة مساوية لنسبة سكانه إلى سكان العراق”.

ويرى أحمد أنه “في حال اعتماد عدد السكان معياراً، فإن تباطؤ نسب النمو في سكان الإقليم وتسارع وتيرة النمو السكاني في سائر العراق سيؤديان في المستقبل إلى خفض حصة الكورد من الموازنة وعدد النواب”.

مشيراً إلى أنه “مع أخذ النمو السكاني في العراق بعين الاعتبار، فإن تعداد سكان العراق سيبلغ 43 مليوناً و17 ألفاً و453 نسمة بحلول العام 2022، بينما سيكون عدد سكان إقليم كوردستان في تلك السنة ستة ملايين و445 ألفاً و621 نسمة، أي 14.9% من سكان العراق”.

ومن المخاطر الأخرى لتباطؤ النمو في سكان إقليم كوردستان، بحسب أحمد، انخفاض عدد ممثلي الكورد في مجلس النواب العراقي لارتباط عدد مقاعد المجلس بعدد السكان.

في الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي التي نتجت عن انتخابات 15 كانون الأول 2005، كان عدد مقاعد المجلس 275 مقعداً شغل الكورد 58 منها، وفي الدورة الثانية التي نتجت عن انتخابات السابع من آذار 2010، وبالرغم من زيادة عدد مقاعد المجلس إلى 325 مقعداً، إلا أنه انخفض عدد مقاعد الكورد إلى 57 مقعداً، وفي دورته الحالية التي نتجت عن انتخابات 29 نيسان 2014 ارتفع عدد مقاعد المجلس إلى 328، وحصل الكورد على 61 مقعداً.

وتابع أحمد قائلاً: “لو أننا اتخذنا من عدد النواب الكورد في هذه الدورات مثالاً، لوجدنا أنه بالرغم من ارتفاع عدد مقاعد مجلس النواب من دورة إلى أخرى، فإن نسبة النواب الكورد تنخفض، وبحسب ما توقعنا فإن عدد مقاعد مجلس النواب العراقي في العام 2022 سيكون 430 مقعداً، وبحسب عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة سيكون عدد النواب الكورد في حال توحدهم 64 نائباً فقط، ولهذا نرى أن السرعة غير الطبيعية لنمو السكان في العراق تمثل خطراً حقيقياً يتهدد التمثيل الكوردي في السلطة التشريعية العراقية”.

تتعمق المشاكل بين العراق وإقليم كوردستان عاماً بعد عام، ومشكلة الطاقة واحدة من أهم هذه المشاكل، والتي تتمثل في عمليات استخراج وبيع النفط والعقود النفطية، أما الملف الثاني فيتمثل في ملف الأرض ويتبلور في عودة المناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة إقليم كوردستان، هذا بالإضاقة إلى ملفات القوات العسكرية والبيشمركة وغيرها.

ويتأثر حسم هذه الملفات بصورة مباشرة أو غير مباشر بالنمو السكاني، ويقول أحمد إنه “يصعب حسم هذه الملفات الثلاثة بسبب غياب الثقة بين الجانبين وتفسيراتهما المختلفة لمواد الدستور، لذا لو لم تسرع القيادة السياسية الكوردية بإيجاد الحلول المناسبة لها، فإنها ستزداد تعقيداً في المستقبل، خصوصاً مع تسارع وتيرة النمو السكاني في العراق”.

النمو السكاني في إقليم كوردستان

تقضي القوانين العراقية بإجراء تعداد عام للسكان مرة كل عشر سنوات، لكن وبسبب الوضع السياسي الذي ساد العراق لم تجر عملية التعداد في إقليم كوردستان منذ 31 سنة، ولم تجر تلك العملية في العراق منذ 21 سنة.

ولسد هذه الثغرة تعتمد هيئة الإحصاء في إقليم كوردستان على بيانات عمليتي المسح العنقودي متعدد الأوجه للعامين 2006 و2011 في إقليم كوردستان، وتستخدم في توقعاتها الخاصة بنمو سكان إقليم كوردستان على برنامج (Spectrum)، ومن خلال هذا البرنامج تم تخمين النمو السكاني حتى العام 2020، وتخمن هيئة الإحصاء في إقليم كوردستان عدد سكان الإقليم في نهاية السنة الماضية بخمسة ملايين و755 ألفاً و43 نسمة، وأن هذا العدد سيبلغ مع حلول نهاية السنة الحالية خمسة ملايين و895 ألفاً و52 نسمة، كما أن من المتوقع أن يبلغ تعداد سكان الإقليم في نهاية العام 2020 ستة ملايين و171 ألفاً و83 نسمة.

من جهته قال رئيس هيئة الإحصاء في إقليم كوردستان، سيروان محمد، لشبكة رووداو الإعلامية، إنه “لغرض توقع النمو السكاني نعتمد على بيانات عمليتي المسح العنقودي متعدد الأوجه للعامين 2006 و2011 والبيانات التي حصلنا عليها من عملية الحصر والترقيم للعام 2009، وبناءً على ذلك قمنا بتخمين الولادات والوفيات والهجرة والهجرة المعاكسة، وتم تحديد التوقعات الخاصة بنمو سكان إقليم كوردستان من العام 2009 إلى العام 2020 عن طريق برنامج (Spectrum)”.

بيّن المسح العنقودي متعدد الأوجه (MICS) للعام، أن معدل الخصوبة والنمو السكاني للعام 2006 كان 3.8، لكن التطورات الاقتصادية والاجتماعية في كوردستان منذ العام 2012 أدت إلى انخفاض هذه النسبة إلى 3.4، وعند أخذ معدل السنتين توقعت هيئة الإحصاء أن تكون نسبة النمو في العام 2009 هي 3.6، وعلى نفس هذه الأسس تم تخمين عدد سكان الإقليم في العام 2020.

لكن المثير في الأمر هو أن النمو السكاني في كوردستان يتراجع سنوياً، حيث كان 2.8 في العام 2010، وانخفض في العامين 2011 و2012 ليبلغ 2.7، وكان 2.6 في العام 2013 لينخفض إلى 2.5 في العام 2017، ومن المتوقع انخفاضه إلى 2.2 في العام 2020.

ويضيف محمد أن الدول في حال العجز عن إجراء التعداد السكاني تلجأ إلى تحديد النمو السكاني باستخدام برنامج (Spectrum) وتعتقد أن نسبة صواب النتيجة هي 95%”.

عدد سكان السليمانية إلى انخفاض

تفيد إحصائيات وزارة الصحة في إقليم كوردستان إلى أن عدد الولادات في العام 2011 إلى العام 2014 كان في ازدياد، حيث ارتفع العدد من 145 ألفاً إلى 181 ألفاً، لكن هذا العدد انخفض في العام الماضي إلى 164 ألفاً، وتشير هذه الإحصائيات إلى أن السليمانية تأتي في المرتبة الأولى من حيث انخفاض عدد الولادات، ففي العام 2011 كان عدد الولادات 59 ألفاً و575، لينخفض في العام 2015 إلى 46 ألفاً و37، كما أن عدد الولادات في أربيل ينخفض أيضاً، ففي العام 2014 كان العدد 60 ألفاً و62، لكنه انخفض في العام 2015 إلى 51 ألفاً و110.

وعلى العكس من محافظتي أربيل والسليمانية، فإن عدد الولادات في محافظة دهوك يشهد ارتفاعاً سنوياً، فبعد أن كان 48 ألفاً و687 في العام 2011 ارتفع في العام 2015 إلى 67 ألفاً و393.

الإحصائيات ليست صحيحة

يرى البروفسور المتخصص في ديموغرافيا السكان، خليل إسماعيل، أن “العوامل السياسية تؤثر سلباً على النمو السكاني عند الكورد”، ويقول إنه “بحسب عمليات التعداد والبحوث الميدانية المتعلقة بالنمو السكاني في مدن إقليم كوردستان، يتبين لنا أن النمو السكاني في المدن الكوردية حتى العام 1991 كان أقل مقارنة بمدن العراق، والسبب الرئيس وراء ذلك سياسي”.

ويضيف البروفسور إسماعيل أن “النمو السكاني يرتبط ارتباطاً مباشراً بسن الزواج وطول فترة الحياة الزوجية، وفي الماضي لم تكن الظروف السياسية والاقتصادية في صالح النمو السكاني بإقليم كوردستان، فلم يكن الزواج ممكناً بالنسبة للشباب، من الجنسين، الذين هم في سن الزواج، كما أن الحروب والهجرة أدت إلى قضاء الأزواج فترة أقل مع بعضهم البعض، وهذا يؤثر على انخفاض عدد الأطفال وانخفاض نسبة النمو السكاني”.

كما شكك البروفسور إسماعيل في الإحصائيات التي تعتمد على التخمين وعلى بعض البرامج الخاصة بتحليل البيانات، وقال: “لم يجر تعداد للسكان منذ 31 عاماً، لذا فإن الأرقام والتوقعات التي تطرح، والتي تعتمد على أخذ العينات، ليست صحيحة تماماً، وأعتقد أن عدد سكان الإقليم ونسبة النمو السكاني فيه أعلى مما يُنشر، وحجتي في هذا هي أنه كان ينبغي إجراء التعداد العام للسكان في العراق بين عامي 2007 و2017، لكن الجهات المعنية بالأمر تدرك جيداً أن نتائج التعداد ستؤدي إلى زيادة حصة الكورد في الموازنة العامة وفي مجلس النواب، وستعود المناطق الكوردستانية المشمولة بالمادة 140 إلى إقليم كوردستان”.

إلا أن سرور حمه أحمد يرى أن حجم العائلة الكوردية يتقلص الآن “بتأثير من المستوى الثقافي والاجتماعي، حيث لم تعد تلك العائلات تنجب من الأطفال ما كانت تنجب في الماضي، لذا من الأفضل أن يسرع ممثلو الكورد وقادتهم السياسيون في حل مشكلة المناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة الإقليم من خلال الحوار والضغط الدولي، وأن يتم تعزيز الموقف الكوردي في مجلس النواب العراقي من خلال الاتفاقات السياسية وبناءً على المصالح المشتركة”.

المرأة الكوردية أكثر خصوبة

يعتقد البروفسور إسماعيل أن من الممكن وبسهولة رفع نسبة النمو السكاني في إقليم كوردستان بوجود شيء من التشجيع، ويقول: “تبيّن البحوث والدراسات أن الخصوبة عند المرأة الكوردية هي أعلى من مثيلاتها لدى نساء العرب والأتراك والفرس، وبفضل التأثير الديني والقومي والاجتماعي فإن الكورد ميالون لإنجاب الأطفال، ولو كانت الحكومة تريد ذلك فإنها تستطيع مع قليل من التشجيع زيادة نسبة النمو السكاني في إقليم كوردستان بسهولة”.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi