شيركو بيكه س ..شاعر منح الشعر طعم الحرية
فوزي الاتروشي – وكيل وزارة الثقافة
في رثاءه للشاعر الكوردي فائق بيكس والد الشاعر (شيركو بيكه س) قال الجواهري ( انت الجميع وانت الاحد ) في اشارة الى كلمة (بيكه س) التي تعني بالعربية الوحيد او الغريب. ولم تقتصر اهمية الشاعر فائق (بيكه س)
انه اسس للغة تمرد ولشعرية طافحة بقوة التعبير والتحدي، وانما تجاوز ذلك الى نقل ذات السلوك الى نجله (شيركو بيكه س)الذي رحل عنا محمولا بالقلوب بدلا من الايادي الى حيث اراد في ( بارك الحرية) في السليمانية لان وصيته كانت ان يشم هواء الحرية هناك وهو الذي ظل طوال حياته يدافع عن قيم الحرية والعدالة لشعبه وللانسان وللانسانية جمعاء.
وحين اجتمعنا في مقر الاتحاد العام للادباء والكتب العراقيين يوم 17/8/2013 لتأبين الشاعر كنا جميعا مجمعين ان هذا الشاعر عبر من الجبل الى السهل ومن القرية الى المدينة، ومن المدينة الى الوطن، ومن الوطن الى فضاءات الانسانية اللامتناهية ليحوز على جوائز عالمية وليترجم شعره الى لغات عديدة، وبذلك انتقل الشاعر (شيركو بيكه س) من المحلية الى العالمية بامتياز. وكانت هذه نقلة للشعرية الكردية فاللغة الكردية التي احاطت بها كل صنوف القمع والمنع والتهميش من قبل الانظمة الحاكمة التي تقتسم كوردستان، نقول رغم ذلك فان عددا من الشعراء واحد ابرزهم (شيركو بيكه س) ظل يكتب باللغة الام ويطور الشعر وادواته وتقنياته حتى اصبح شعره يتردد على كل لسان.
كتب (شيركو بيكه س) في السياسة والمقاومة والغزل والرومانسية، فتميز باللغة الرصينة والبلاغة والجمالية والاناقة في الجملة الشعرية، وحاول قدر الامكان البعد عن الغموض والتقعر والغرابة فكان في متناول الجميع.
ولكن اهم ما اكد عليه الشاعر في كل قصائده هي قيمة الحرية باعتبارها القيمة التي تنبثق منها كل القيم الحياتية الاخرى.
وهو كان يطالب بالحرية للجميع فلم يتخندق مناطقيا او طائفيا او دينيا او قوميا، بل ركز على الانسان كونه القيمة العليا والغاية الاسمى. ويحسب للشاعر (شيركو بيكه س) انه طوّر الجملة الشعرية الكوردية الى حد بعيد فكانت قصائده الرائعة القصيرة المكثفة المختصرة التي سماها (قصائد البوستر) التي تشبه قصائد نزار قباني في ديوانه (كتاب الحب). وهي ومضات شعرية معبأة بالمعنى ومكتنزة بالمغزى والفكرة في ثوب انيق وبسيط بعيدا عن الاطالة والاسهاب والحشو. لقد رحل (شيركو بيكه س) الى قبره في بارك الحرية في السليمانية، لكن دواوينه الشعرية ستبقى بساتين مثمرة تحيط بالضريح وتعلن ميلاده كل يوم ومع كل قراءة لقصائده المفعمة بالحياة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
