أكتوبر 11, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

قاسم ميرزا الجندي: الإستراتيجية الروسية والأمريكية يتقاطعان في الشرق والأوسط

الإستراتيجية الروسية والأمريكية يتقاطعان في الشرق والأوسط

قاسم ميرزا الجنديقاسم ميرزا الجندي

أفرزت مرحلة تفكك الاتحاد السوفياتي السابق فترة بالغة الخطورة على الساحة السياسية للدول السائرة في فلك الاتحاد السوفيتي وروسيا بشكل خاص وعلى الساحة الدولية بشكل عام، لأن ما حدث كان تغيرا كبيرا بكل المقاييس , حيث كانت تعد القوة العظمى الموازية للولايات المتحدة الأمريكية, وبعد انهيارها  وجد العالم أن أميركا وكأنها حسمت أمرها بالسيطرة والهيمنة على العالم برمتها  خدمة لمصالحها , فانطلقت على المسرح الدولي كقطب واحد لا يقف في وجهها أي قوة تذكر. وان إستراتيجيتها تقول ليست هناك صداقة دائمة وإنما هناك مصلحة دائمة, يا للمفارقة.

 

بعد مرحلة التحول التي مرت به روسيا الاتحادية في عقد التسعينات, ولدت تحولات ازدواجية في المواقف السياسية الأمريكية تجاه العالم وبدء العالم الأول يحكمها سياسة القطب الواحد حتى إلى بداية القرن الحادي والعشرين. وبعد إعادة ترتيب أولويات حكومة روسيا المتمثلة بشخص بوتين نحو شعبها وفهم وتحليل عناصر القدرة والقوة المؤثرة في حياة شعوبها الروسية, تمكنت من إنهاء عملية التحول والوصول إلى مرحلة الاستقرار على الصعيدين الاقتصادي والسياسي الداخلي والخارجي, واستطاعت أن ترسم لها خطوطا إستراتيجية في العالم ما بعد الحرب الباردة.

حيث نجد في الشرق الأوسط الدور الروسي المتنامي والمهيمن على الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية, ومنها دورها في رسم خطها الاستراتيجي المتمثل ب(إيران ـ عراق ـ سوريا ـ  وتيارات وأحزاب ذات نفوذ داخل لبنان ـ ..  )التحرك الشيعي إن جاز التعبير, الذي يتقاطع مع الخط الاستراتيجي الأمريكي المتمثل ب(تركيا ـ حركات داخل سوريا والعراق ـ سعودية ـ دول الخليج ـ …)انه التحرك السني ضد الشيعي في المنطقة هذا من جانب . ومن جانب آخر نجد أن إيران هي ملتقى الخطوط الاسترتيجية الروسية ونرى الخط الآخر يبدأ ب (إيران ــ حركات وأحزاب في البحرين والسعودية ودول الخليج ــ والحوثيين في اليمن ـ مصر وقوى في شمال افريقيا )الذي يتقاقطع مع الخط الاستراتيجي الامريكي الاخر وايضا نجد ان السعودية هي محور وملتقى السياسات الامريكية(سعودية ــ اردن  ــ اسرائيل ــ اقطاب في شمال افريقيا)

 بدأت دوائر السياسة الروسية بالبحث عن إستراتيجية جديدة وتفعل ما بوسعها بجميع الوسائل للحفاظ على مصالح روسيا بإتباع تكتيكات هجومية، غير معهودة في السياسات الخارجية الروسية خلال العقدين الأخيرين، كردة فعل على ما جرى في استخدام القوة العسكرية في سوريا وفي بلدان أخرى , وتعتمد روسيا في بناء إستراتيجيتها الجديدة على إرث السياسات السوفييتية السابقة.
إن الحساسية الروسية من المشاريع الأطلسية للتمدد إلى داخل  الحدود الروسية، عبر التغلغل في آسيا الوسطى والقوقاز، ومخاوفها الكبيرة من تنامي دور تركيا في مجريات الثورات العربية وتدخلاتها في المنطقة, وأحلام اردوغان في استعادة الزعامة العثمانية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ودول البلقان
ومنذ انحلال الاتحاد السوفييتي بدأت تركيا لإضعاف التأثير الروسي في أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان، بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية والدور التركي في إستراتيجيات الناتو ، لمحاصرة روسيا واحتواء تحرك إيران بدعم روسي نحو طاجيكستان ذات الأغلبية الفارسية، وتوجه روسيا في بناء شبكة علاقات اقتصادية وثيقة مع دول القوقاز غير الإسلامية مثل أرمينيا وجورجيا لموازنة التأثير التركي، وتحجيم التطلعات العثمانية التركية العابرة للحدود. لذا ترفض روسيا سياسة الضغوط الأمريكية ــ الأطلسية على إيران، وبالمقابل ترفض تمدد الدور التركي، فالمخاوف الروسية تبدأ من مجريات الأحداث في سوريا والعراق وليبيا واليمن والبحرين، لتصل إلى العمق الإستراتيجي الروسي. ولا يغيب عن الحسابات الإستراتيجية الروسية  تسوية الصراع العربي ــ الإسرائيلي وإرساء علاقات إقليمية مستقرة .

وبدء الصراع يحتدم بين روسيا وأمريكا وسياساتهما ومصالحهما واستراتيجياتهما المتداخلة في الأطماع نحو العالم الثالث. وفق هذا التصور الروسي، تعد الثورات التي شهدتها كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن .. وحركات التطرف الإرهابية(داعش) في سوريا والعراق وليبيا وغيرها, هي ثورات مستوردة بكل تحركاتها وقراراتها وإبعادها الملتوية والمتطرفة, ضد الأقليات وشعوب المنطقة, تأتي صياغتها وتأهيلها وصناعتها من قوى خارجية تدعمها الولايات المتحدة، وهي وسائل  للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة واندلاع الحروب الطائفية فيها. ونهب ثرواتها وحريات الشعوب فيها متماشيا مع العولمة وتوجهاتها الاستعمارية. وطبقا لذلك التصور أنها مصدر تهديد للمصالح والإستراتيجية الروسية التي تعد القطب الثاني المنافس للولايات المتحدة الأمريكية على الساحة الدولية في التحرك والتأثير في متغيرات السياسة العالمية .

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi