نوفمبر 18, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

زيدو باعدري: دلالات وأبعاد زيارات قادة بارزان إلى معبد لالش النوراني

دلالات وأبعاد زيارات قادة بارزان إلى معبد لالش النوراني

زيدو باعدري

يُكتب التاريخ الكوردي بأقلام متعددة: قلم الثورة والسياسة، وقلم الدين والتراث.

ومن أبرز معالم هذا التاريخ العلاقة العميقة التي جمعت بين المجلس الروحاني الإيزيدي ومعبد لالش من جهة، وآل بارزان من جهة أخرى.

العلاقة لم تكن مجرد لقاء عابر بين الدين والسياسة بل شراكة استراتيجية حافظت على توازن المجتمع الكوردي، ورسخت وحدته في أصعب المراحل.

الجذور الأولى:

ترجع ملامح هذه العلاقة إلى زمن الأميرة المرحومة داي ميان خاتون، التي نسجت خيوط الثقة والتعاون مع ثوار بارزان خلال ثورة بارزان الثانية عام 1943 ورفضت رفضاً قاطعاً دعم الحكومة العراقية لإخماد الثورة وكانت تقدم الدعم والإسناد للثورة، وقد شكل ذلك تحوّلًا تاريخيًا، إذ أصبح الإيزيديون سنداً للثورة، فيما اعتمدت بارزان على عمق هذه العلاقة لتعزيز وحدتها الشعبية، ثم بعد ذلك بدا انخراط الايزيديين في صفوف الاحزاب الكوردية بعد تبلور المفاهيم القومية الحديثة.

في عهد الأمير المرحوم تحسين بك:

مع مرور الزمن، تعمّقت الصلة بين الايزيديين في ظل حكم الأمير تحسين بك، الذي جسّد الحكمة والاعتدال كأمير للإيزيديين في اصعب الظروف حيث صفحة (تهجير الايزيديين من مناطقهم ومن ثم تعريبهم) وبين قائد الثورة البارزاني الخالد.
كان الأمير على وعيٍ تام بأن قوة الإيزيديين لا تنفصل عن قوة الحركة القومية الكوردية، ولهذا مد جسور التعاون مع القيادة البارزانية، ليصبح الايزيديون وقيادة بارزان بمثابة جناحين ينهضان بجسد واحد.

آل بارزان.. قيادة قومية راسخة:

آل بارزان، بزعامة البارزاني الخالد ملا مصطفى ومن بعده المرجع مسعود بارزاني والاستاذ نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان ورئيس الوزراء السيد مسرور بارزاني، جسّدوا مدرسة في النضال.

لم تكن بارزان مجرد جغرافيا، بل عاصمة للكفاح الكوردي، صاغت معاني التضحية والإصرار على الحرية. وقد أدرك آل بارزان مبكرًا أهمية البعد الديني والاجتماعي الذي يمثله المجلس الروحاني الإيزيدي في لالش، فحافظوا على علاقة قائمة على الاحترام والدعم المتبادل.

المجلس الروحاني الإيزيدي.. حارس الهوية الدينية والعمق الروحاني:
المجلس، باعتباره المرجعية العليا لأبناء الديانة الإيزيدية، لم يقتصر دوره على الجانب الديني فحسب، بل كان أيضًا صمام أمان للهوية الإيزيدية في مواجهة التحديات. من خلال معبد لالش، حمى المجلس الموروث الديني والاجتماعي والثقافي، وأسهم في تعزيز تعايش الايزيديين مع محيطهم داخل كوردستان والعراق.

البعد الاستراتيجي للعلاقة:

يمكن تلخيص البعد الاستراتيجي في هذه العلاقة في ثلاثة محاور:

1. الوحدة المجتمعية: جعلت العلاقة بين المجلس وآل بارزان من التنوع الديني عنصر قوة بدل أن يكون عامل فرقة خاصة بعد تصريحات متكررة من قادة بارزان ان الايزيديين يمثلون اصل الكوردياتي وهم جزء اساسي من المجتمع الكوردي.

2. الشرعية المتبادلة: وفّر المجلس البعد الروحي للثورات، فيما منح آل بارزان الغطاء السياسي والعسكري لحماية المجتمع الإيزيدي.

3. استمرار الهوية: ساعد هذا التعاون على صيانة الهوية الكوردية الجامعة، حيث يلتقي البعد القومي بعمقه الروحي والديني.

امتداد معاصر:

منذ زيارة الخالد ملا مصطفى بارزاني إلى لالش عام 1962، مرورًا بزيارات كاك إدريس والرئيس مسعود في السبعينيات والتسعينيات، وصولًا إلى زيارات متكررة للمرجع مسعود بارزاني ورئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس الوزراء مسرور بارزاني في العقود الأخيرة، استمر هذا النهج ليؤكد أن العلاقة بين المجلس وآل بارزان ليست علاقة رمزية فقط، بل تحالف استراتيجي متجدد.

دلالات إنجاز المشاريع في لالش:
تأتي زيارة دولة الرئيس مسرور بارزاني إلى لالش النوراني كتجسيد وإدراك عميق لاهتمام قادة بارزان بأهمية موقع لالش المقدس وحاجته الماسة لهكذا مشروع استراتيجي ياخذ طابعاً حضارياً.

داعش والابادة الايزيدية

بعد تمدد الدولة الارهابية باسم داعش شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وارتكابهم الجرائم ضد الايزيديين كانت وجهة المراجع الايزيديين الاولى هي للرئيس مسعود بارزاني الذي شارك الايزيديين الالم واذرف الدموع ووعد بملاحقة المجرمين والاشراف بنفسه على تحرير شنكال ونفذ وعده بإخلاص تام . ثم لا ننسى موقف الاستاذ نيجيرفان بارزاني الذي فتح مكتباً خاصاً لإنقاذ المخطوفين الايزيديين حيث ساهم ولازال بإنقاذ الالاف من ايدي الدواعش وهكذا الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة الحالي مسرور بارزاني مهندس الاعمار الذي يشرف بنفسه على تقديم خدمات الأعمار لمناطق الايزيديين وخصوصاً معبد لالش ولا ننسى الموقف المشرف لابناء كوردستان جميعاً ودون استثناء في احتضان اخوانهم من شنكال اثناء المأساة وتقديمهم كل ما يلزم ليثبتوا ان الدم الكوردستاني ومآسيهم مشتركة.

دعم الايزيديين:

باعتبار ان الايزيديين عمق الكوردياتي حرص قادة بارزان على تقديم الدعم اللامحدود لهم منذ بداية الانتفاضة المباركة 1991 ثم تلاه فتح مركز لالش الثقافي والإجتماعي الذي يضاهي في اهميته وزارة من وزارات الأقليم من حيث الدور والدعم المادي اللامحدود له وايضا تخصيص مديرية الاوقاف ودعم الخطاب الديني في كوردستان بالصورة التي تليق المجتمعات المتحضرة وللشهادة نقول رغم وجود بعض الاصوات الشاذة هنا وهناك من مثيري الفتن والتحريض إلا إن وزارة اوقاف كوردستان أستطاعت تقديم النموذج الرائع من الود والإخوة بين الاديان في كوردستان وناخذ الأستاذ بشتيوان صادق وزير الاوقاف مثالاً حياً صادقاً في هذا التوجه المبارك وكيف لا وهو احد خريجي مدرسة البارزاني الخالد التي كانت ولازالت تؤكد على الأخوة والعيش المشترك.
خاتمة:
لقد أثبت التاريخ أن العلاقة بين المجلس الروحاني الإيزيدي في لالش وآل بارزان لم تكن يومًا مجرد تواصل بين مرجع ديني وزعامة سياسية، بل كانت شراكة استراتيجية أسهمت في صون الهوية الكوردية، وتعزيز التعايش بين مكوناتها، وتوفير مظلة أمان روحي وقومي لشعب يواجه التحديات جيلاً بعد جيل.. وكان نتيجة ذلك إضافة اسم الايزيديين كديانة ضمن الدستور العراقي وضمان حقهم في وزارة الاوقاف في بغداد والإقليم والإصرار على إزالة أثار التعريب التي لحقت بهم.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi