أنجبت توأماً: ما أوجه الاختلاف؟
لا شك في أن حمل طفل طوال تسعة أشهر أمر مضنٍ بحد ذاته، فكيف باثنين؟ حتى إن لم تواجه المرأة أي مضاعفات، يُعتبر هذا النوع من الحمل عالي المخاطر. فهو يتطلب متابعة خاصة يتولاها فريق من أطباء التوليد المهرة. واحرصي على ذلك إن كنت ستنجبين توأماً.
عندما أدركت مريم أنها حامل، كان سؤالها الأول: «كم عدد الأجنة؟ واحد؟ اثنان؟ ثلاثة؟». فقد فرحت كثيراً حين أثمرت جهودها بعد خمس سنوات من محاولات الإنجاب، وأدركت أن معاناتها مع أخذ الهرمونات وتحفيز المبيضين وعمليات التلقيح المتكررة في الأنبوب قد شارفت على نهايتها، وأن ذلك كله لم يذهب سدى. لذلك ما كانت الضحكة ستفارق ثغرها حتى لو أخبرها الطبيب أنها حامل بثلاثة أجنة. وفي النهاية، أنجبت مريم ثلاث فتيات جميلات. ومع أنها اضطرت إلى قضاء 15 أسبوعاً في السرير في بداية حملها بسبب فرط تحفيز المبيض، ومع أنها لم تستطع العودة إلى عملها بعد الإنجاب، لا تذكر من هذه المرحلة العصيبة سوى اللحظات الجميلة.
على غرار مريم وزوجها، يكون أزواج كثر مستعدين للمصاعب المحتملة التي ترافق الحمل بتوأم ولا يختلف وضعهم عن الأزواج الآخرين الذين ينتظرون طفلاً واحداً، مع أنهم قد يواجهون الكثير من المضاعفات. تشير الإحصاءات إلى أن نحو ثلث مَن ينتظرون توائم يكونون قد خاضوا معركة طويلة مع العقم ويدركون أن اللجوء إلى تقنيات التلقيح بالمساعدة تزيد احتمال إنجاب توائم. في هذه الحالة، تكون الأم قد حظيت بالرعاية الطبية المناسبة منذ البداية وتكون مستعدة لما ينتظرها. ولكن ماذا عن الأخريات؟ بالإضافة إلى صدمة المفاجأة، على المرأة أن تتقبل فكرة أن حملها لن يكون بالهدوء الذي توقعته وأنها ستحتاج إلى رعاية طبية أشمل. ومن حسن الحظ أن كل الأمور تسير على خير ما يُرام في معظم الحالات. ولكن من الضروري معرفة أن الحمل بتوأم يشمل دوماً مخاطر أكبر، وأن أفضل وسيلة للحد منها معرفتها والوقاية منها.
قيمي المخاطر
يشكل التوأم نسبة كبيرة من الولادات التي تُعتبر مبكرة. لذلك تُشكّل هذه ظاهرة مهمة في الصحة العامة. ولكن لمَ ينتهي نحو نصف حالات الحمل بتوائم قبل الأسبوع السابع والثلاثين؟ يعود هذا أحياناً إلى أسباب ترتبط بالأم، مثل انقباضات تلقائية مبكرة أو توسع عنق الرحم قبل الأوان. نتيجة لذلك، يتدخل الطبيب ويولد المرأة الحامل لأن هذه المضاعفات قد تكون خطرة بالنسبة إليها وإلى الطفل. ومن المشاكل البارزة الأخرى التي تواجهها الحامل: جلطات دموية، مقدمة الارتجاع، أو الداء السكري أثناء الحمل. أما الاضطرابات التي يعانيها الطفل، فتشمل تأخر النمو، متلازمة نقل الدم الجنيني- الجنيني، وتشابك الحبلين السريين الذي قد يؤدي إلى الموت في الرحم.
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تحديد عدد المشيمات في الرحم. يستطيع الطبيب خلال الأشهر الأولى من الحمل أن يخضع الحامل لتصوير بتخطيط الصدى، محدداً بالتالي عدد المشيمات. وإن كان لكل جنين مشيمته الخاصة، فيحد ذلك من المضاعفات. لا شك في أن على المرأة الحامل بتوأم أن تخضع لكمّ من الفحوص الطبية. ولكن إن كنت أنت بصحة جيدة ولا يعاني توأمك أي مشاكل، يكفي أن تزوري الطبيب وتخضعي للتصوير بتخطيط الصدى. أما إن كان الجنينان يتشاركان مشيمة واحدة، فمن الضروري تكثيف الفحوص بغية اكتشاف أي مضاعفات في أقرب وقت ممكن، خصوصاً انتقال الدم الجنيني- الجنيني، متلازمة تُعتبر الأكثر انتشاراً بين الأجنة الذين يتشاركون في مشيمة واحدة.
عدد الجيوب مهم أيضاً
في بعض الحالات النادرة، لا يتشاطر الأجنة المشيمة فحسب، بل الكيس أيضاً. ومن المؤكد أن هذا يزيد الحمل تعقيداً، لأن أطفالك يتحركون في الكيس عينه من السائل السلوي. نتيجة لذلك، تُضاف إلى كل المخاطر السابقة احتمال تشابك الحبلين السريين، ما يفرض على المرأة الحامل في هذه الحالة الخضوع للتصوير بتخطيط الصدى مرة كل 15 يوماً، ثم مرات عدة في الأسبوع. كذلك قد تُضطر إلى قضاء فترة في المستشفى قبل الولادة، التي ستكون غالباً قيصرية. في مطلق الأحول، على المرأة الحامل أن تلجأ إلى فريق طبي مختص يكون مطلعاً جيداً على حالتها. كذلك إن كانت المرأة الحامل عاملة، فعليها أن تخطر رب عملها باحتمال أن تُضطر إلى أخذ إجازة الأمومة قبل الموعد المحدد. والأهم من ذلك، تحلي بالصبر والشجاعة، فأنت في النهاية ستحظين بسعادة مضاعفة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية