ناجية من داعش تروي لحظات اغتصاب ابنتها
بعدما نجت باعجوبة، واصلت نورهان محمد ارتداء الأسود والنحيب يومياً، حيث إنها فقدت ابنتها التي وقعت ضحية اغتصاب، وتندب زوجها المفقود، فاجتياح تنظيم داعش الارهابي لنينوى وصلاح الدين في حزيران 2014 خلف فضائع غير مسبوقة أودت بحياة آلاف الأبرياء وعدداً غير قليل من المغتصبات، وما زالت مستمرة.
نورهان محمد، أسم مستعار لامرأة في منتصف العقد الخامس من العمر، تحمل ندوباً عميقة نفسية وجسدية تشهد على هول مع تعرضت له من أفعال على يد عصابات داعش الارهابية طيلة فترة احتجاز عائلتها، تحدثت عن لحظات اختطاف زوجها، وإحراق منازلهم بداعي أنهم مرتدون وسماعها لصرخات ابنتها على وقع الاغتصاب ووفاتها لاحقاً، إذ لم تصدق أن أحداً يزعم الإيمان بالله يجرؤ على الاعتداء على امرأة ضعيفة مثلها ويمزق ثيابها ويغتصب ابنتها.
ذكريات مؤلمة
على حين غرة دخل ارهابيو داعش ليلة (22 حزيران 2014)، الى ناحية العلم التي تقع على بعد 16 كم شرقي قضاء تكريت الذي يعد مركز محافظة صلاح الدين، وعلى الفور شرع بحملة إعدامات واختطاف طالت العشرات من رجال القضاء، زد على ذلك تفجير وحرق الدور بداعي أن الضحايا مرتدين عن الدين الإسلامي.
وتتبع الناحية عشرات القرى والمناطق التي تقطنها عشائر الجبور المعروفة بمواقفها المناهضة لتنظيم داعش الارهابي وفكره المتطرف، ونورهان محمد تنحدر من أصل تركماني، بيد أن زوجها عربي جبوري، مازال مصيره مجهولاً منذ اختطافه قبل أكثر من عام.
عادت نورهان محمد بذاكرتها الى لحظات خروج عائلتها من منزلها لتروي للسومرية نيوز قصتها، وقالت: إن “داعش فجر منازلنا واعتبر الجبور مرتدين عن الدين الإسلامي لأنهم لم يناصروهم في قيام ما يسمونه دولة الخلافة”، وتابعت، “اقتادوا زوجي عنوة في الثالثة فجراً، وكسروا أسناني الأمامية لأنني تعرفت على اثنين منهم وتوسلت بهم لعدم المساس به، تلاها تردد عدد من عناصر التنظيم الارهابي على المنزل بحثاً عن الفتيات”.
بعدها قام عناصر التنظيم الارهابي بنقل احد رفاقهم الى منزل عائلة نورهان، طلباً من أبنتها علاجه لأنها تجيد التمريض وتركوه وغادروا، إلا أن البنت خافت من الارهابي الذي كان ينزف ولم تعالجه، وفي هذا الشأن تقول نورهان، “أسقيته قليلاً من الماء وفارق الحياة بعدها، وهنا نقطة فاصلة في مصير عائلتي، إما الموت أو تغيير موقع سكننا”.
خروج مصيري محفوف بالمخاطر
وقام عناصر التنظيم الارهابي بفرزهم حسب مناطقهم، إذ اختطف عشرات المدنيين من سكان ناحية العلم وأخذهم الى جهة مجهولة بينهم زوج نورهان، وهو احد وجهاء عشيرة الجبور، كما احتفظت نورهان في ذاكرتها بمشاهد ورعب لاينسى، وأضافت في حديثها: “خرجنا في اليوم الثاني باتجاه الطريق العام الرابط بين العلم وتكريت، ونحن عائلتين تضمان بحدود 18 فردا بينهم فتيات”، موضحة أن “عناصر التنظيم الارهابي اختطفوا فتاتين من العائلة الثانية وأخذوهن الى جهة مجهولة، وأكملنا طريقنا حتى وصلنا الى كراج بيجي على آمل صعود سيارة للانتقال الى كركوك”.
وبينما كانوا يهمون بالهروب والنفاذ بجلدهم، طوقتهم ستة سيارات تابعة لداعش الارهابي في مرأب بيجي وحققوا معهم لمعرفة مذهبهم وديانتهم، وعند سؤال نورهان عن أشكال الذي استوقفوهم أجابت، “كانوا يبحثون عن الفتيات بشكل غريب، وجنسياتهم عراقية وأفغانية وحتى أجانب بينهم”.
وتتابع نورهان، أن “ارهابيي داعش جلبوا كتاب قرأن، وجعلونا نقسهم على أن الفتيات اللواتي معنا سيدات أو باكر لغرض سبيهن وتوزيعهن على عناصر التنظيم الارهابي”، مبينة أنها “شدة الخوف حلفت على أن الكبيرة سيدة، بينما هي عذراء، بينما ابنتها الأخرى كانت صغيرة، وذلك حفاظاً عليهن من الاعتداء”.
اغتصاب وإمعان في الإذلال
بينما الدموع تنهار من عينيها وملامح وجهها مليئة بالهموم، تقول نورهان، إن “عناصر داعش الارهابي بدءوا يقتسمون الفتيات، ويتحدثون فيما بينهم عن الحور العين، في حين حولوا غرفة صغيرة لتصليح السيارات في المرأب الى سجن”، موضحة أن “أحد عناصر التنظيم الارهابي اعتدى عليها بشكل وشحي ومزق ثيابها، وكان معها نساء تركمانيات من مناطق بشير وخورماتو وآمرلي”.
وتضيف نورهان، أن “مجموعة ثانية دخلت على العائلتين اللتان فرتا من العلم وقاموا بالهتاف، (تكبير تكبير)، ثلاث مرات وهجموا على ابنتي الكبيرة التي سبق وأن رفضت علاج أحد عناصر التنظيم الارهابي”، لافتة الى أن “ابنتها اقتيدت بالقوة وهي تصرخ، والأم تستحلفهم بالإسلام والرسول بأن يتركوها، لكنها تلقت ضربة على رأسها لتسحب ابنتها عنوة الى غرفة الاعتداء والاغتصاب”.
وتضيف نورهان، “سلبوني ابنتي التي اقتيدت مع مجموعة بنات تم اغتصابهن بكل وحشية حيث نزفن بشكل لم أراه من قبل”، موضحة أنها “لجأت الى تقطيع ثيابها لمساعدتهن، ولكن لافائدة، لأن أكثرهن فارقن الحياة بينهن ابنتها، من شدة النزف بسبب الاعتداء الجنسي”.
وتلفت نورهان، الى أن “التنظيم الارهابي لم يكتف بذلك، بل قام عناصره أيضاً بالاعتداء على امرأة حامل وإسقاط جنينها لتفارق الحياة بعدها”.
خلاص غير متوقع
تقول نورهان، بعد هذه “الجرائم والاغتصاب دخل علينا رجل كثيف اللحية، وأبلغهم بأنه أحد عناصر التنظيم الارهابي، لكنه مجبر على العمل معهم، وهو من أهالي قضاء الحويجة، وحين سمع بنا نحن من أهالي كركوك وتركمان، وعدنا بإخراجنا من السجن، ووفى بوعده”، موضحة أن “هذا الشخص بقى معهم طول الطريق من بيجي الى ناحية الرشاد، (35 كم جنوب غربي كركوك)، وأوصلهم الى منفذ مكتب خالد حيث أمضوا ليلة واحدة ودخلوا كركوك، بينما توارى هذا الشخص عن الأنظار”.
وتصف نورهان اللحظات التي قضتها في سجن التنظيم الارهابي بأنها “جريمة بحق الإنسانية”، مطالبة بـ”فتح تحقيق دولي للتعريف بهذه الجرائم”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية