تزايد حالات هجرة الكورد السوريين من مخيمات اقليم كوردستان صوب أوربا
باسنيوز | وائل ملا: تنامت ظاهرة الهجرة بين اللاجئين السوريين في الأشهر الأخيرة من هذا العام بعد إن كانت مقتصرة على أعداد أقل بكثير مقارنة مع الأعوام السابقة .
وتتم الهجرة من مخيمات اللجوء بدول الجوار التي لجأ إليها السوريون بعد الحرب الدامية التي عصفت ببلادهم صيف 2011 ، ومع تنامي الشعور باليأس من ايجاد حل لهذه الحرب في المستقبل القريب .
وكان لللاجئين الكورد السوريين الذين كانوا يقيمون في عدة مخيمات بإقليم كوردستان نصيب من هذه الهجرة التي عادة ما تكون وجهتها إلى إحد دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا على وجه التحديد .
وبحسب بعض المراقبين والمهتمين بظاهرة الهجرة من المخيمات يمكن تقسيم اللاجئين حسب تعاطيهم مع هذه المسألة إلى أربعة أصناف، الصنف الأول/ وهم قلة في المخيمات يفضلون أن يبقوا في إقليم كوردستان رغم صعوبة ظروفهم بحكم قُرب الإقليم الجغرافي مع سورية ويتأملون بعودة سريعة إلى أرضهم، كما يرون في مسألة الهجرة خذلاناً لقضية الشعب الكوردي في سورية.
الصنف الثاني/ وهم كُثر من لا يملكون المال الكافي للسفر بصحبة عائلاتهم ويرفضون أن تنقسم العائلة بسبب الهجرة فيفضلون البقاء على هذا الحال .
الصنف الثالث/ تتكون عادةً من عوائل كبيرة فتقوم بإرسال ربّ العائلة أو أحد أبنائها القاصرين بهدف لم شملهم بعد وصوله إلى أوروبا بكلفة اقل ،فينتظر باقي أفراد العائلة الأجراءات اللازمة لذلك.
أما الصنف الرابع/ هم الذين يقررون السفر بشكل كلي بكامل أفراد العائلة وعادةً ما يكون هذا الصنف مكلفاً جداً وحاملاً لمخاطر الطريق بشكل أكبر .
ومن ناحية اخرى يتحدث المهاجرون عن اختلاف أسباب هجرتهم ،فلكل مهاجر سببه الخاص المحصور ضمن ظروف عائلته وعمله وأحياناً تجمعهم أسباب مشتركة أبرزها وضع المنطقة والحالة الإقتصادية التي يعاني منها الإقليم بعد تزايد أعداد اللاجئين والنازحين فيه .
(ع) “ترفض كشف اسمها” فتاة كوردية لاجئة من مدينة قامشلو قبل حوالي سنتين وكانت تسكن في إحدى المخيمات القريبة من أربيل عاصمة إقليم كوردستان ، إتخذت قرار السفر والهجرة إلى ألمانيا بعد أن كانت منتسبة في الفترة الأخيرة الى قوات البيشمركة الخاصة بكورد سوريا ( بيشمركة غرب كوردستان ).
الفتاة (ع) التي تقيم حالياً في مدينة أزمير التركية وتنتظر مهرباً يقودها الى الجانب الأوروبي لتكمل وجهتها الى إلمانيا وتقول في حديث لـ(باسنيوز) : “لم يكن إتخاذ قرار الهجرة بالأمر السهل ،فقد كنت منتسبة لقوات البيشمركة عندي إرادة ورغبة كاملة لكن خوف الأهل وخاصة الوالدة وحرصها على حياتي دفعني إلى السفر”.
وترى (ع) إن الهجرة نتيجة ظروف معينة لاتعني التخلي عن المبدأ أو الإبتعاد عن الواجب الإنساني في الدفاع والزود عن الوطن، فتؤكد قائلة: “أنا مستعدة للتضحية بروحي من أجل قضية شعبي، ولكن أحياناً تكون الظروف قاهرة وتجبر على إتخاذ قرارات بعيدة عن القناعة” .
رائد محمد أحد الأساتذة في مدرسة مخيم كوركوسك للاجئين الكورد السوريين يتحدث عن التأثير الواضح لظاهرة الهجرة على الطلبة والمناخ التدريسي في ظل فقدان الطلبة لأصدقائهم المسافرين إضافة لسفر بعض أعضاء الكادر التدريسي وإستبدالهم بأخرين جدد، يقول رائد: “نشاهد في الصفوف الدراسية أثناء تأدية عملنا الحزن في وجوه الكثيرين من الطلاب بعد سفر أقرانهم وزملائهم، حيث يتداولون أسماء من سافروا مع أولياء أمورهم وأحياناً لا يخفي بعض الطلاب نية ذويهم بالسفر أيضاً” .
لا تختلف حالة الناشط الإعلامي خالد عمر عن حالة الكثيرين من قاطني مخيم كوركوسك ، فبعد أن أصبحت حياته شبه طبيعية يصعب عليه خوض تجربة لجوء أخرى لها ما لها من مخاطر وتكاليف مادية يعجز عن تأمينها في الوقت الحالي ،يقول خالد: ” لو كنت أملك المال الكافي لأصل مع عائلتي بشكل آمن حينها كنت سأفكر بشكل جدي بالهجرة”، ويضيف “إن المصير الذي لاقاه الطفل الكوردي الان غرقا في البحر أثناء محاولته السفر يضعني كما الكثيرين مثلي أمام التردد والتكهنات “.
عائلة أخرى من ذات المخيم فضلت إرسال إبنها المعاق فيما بقيت الأم بصحبة بناتها آملين اللحاق به في أول فرصة تأتيهم أو عندما يكون لهم القدرة المادية الكافية للّحاق به .
وتقول شقيقته الكبرى التي رفضت الكشف عن إسمها في حديث لـ(باسنيوز) : “لقد قمنا بإرسال أخي ذو الإحتياجات الخاصة بسبب وضعه الصحي الخاص ولإيجاد فرصة عمل تتناسب مع إعاقته ،متأملين في الوقت ذاته أن يستطيع أخي لم شمل عائلتنا جميعا” ، وتضيف قائلة: “أنا أعمل حالياً وأُعيل أسرتي، لكن قلة فرص العمل وظروفنا الأقتصادية تدفع عائلتي للتفكير بالهجرة كاملةً”.
محمد عطا رئيس مجلس مخيم كوركوسك عبر في وقت سابق خلال حديث لـ(باسنيوز) عن تخوفه من افراغ المخيمات اذا ما استمرت الهجرة بهذا الحجم.
حيث أكد ان المخيم كما المخيمات الاخرى يشهد خروج ما يقارب الـ(6) عوائل وعشرات الشبان يومياً كما يشرح بالتفصيل أسباب الهجرة من المخيم ويضعها في اربعة خانات .
الأولى : متعلقة بالوضع السياسي والخلافات بين الاحزاب الكوردية وخاصة المجلسين الكوردين وعدم توافقهما .
الثانية (إقتصادية) , متعلقة بقطع الأرزاق والمعونات والحصص التموينية التي كان يحصل عليها اللاجئ المقيم في المخيم من قبل منظمة wfp وقلة المساعدات من قبل المنظمات وعدم الاهتمام كما في السنوات الاولى من لجوؤهم .
والثالثة :حرص الاهل على مستقبل اطفالهم وخاصة من الناحية التعليمية والذي يعد من الاسباب الرئيسية لهجرة العوائل .
الرابعة : التاثيرات التي يتركها وضع اقليم كوردستان الغير مسقر في الآونة الاخيرة والهجمات التي تعرض لها سبب من الأسباب المشجعة للهجرة ويشرح رئيس مجلس المخيم (م) الحلول والاجراءات التي قد تساعد في التخفيف من حدة الهجرة ويلخصها بـ عدة امور اهمها ” إعادة السلة الغذائية وتوزيعها على اللاجئين وايلاء اهتمام أكثر بالمخيمات وإعادة النظر في الناحية التعليمية واسلوب تدريسها اضافة لاتفاق المجلسين الكورديين ربما سيشكل بارقة امل لدى كثيرين و سيساعد وبشكل كبير على إيقاف الهجرة .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية