دهوك.. ملاذ الأمان للمسيحيين في العراق
تُعدّ نوهَدرا، إحدى أقدم مناطق الوجود المسيحي في محافظة دهوك، رمزاً للتعايش الديني والسلم الاجتماعي في إقليم كوردستان.
في هذه المدينة الهادئة، ما زالت عائلات مسيحية تعيش في البيوت نفسها التي سكنها أجدادهم منذ مئات السنين، يحتفظون بإيمانهم وتقاليدهم، ويشعرون بأنهم جزء أصيل من النسيج الكوردستاني.
يقول السكان إنهم يجدون في كوردستان ما يفتقده كثيرون في المناطق الأخرى من العراق: الاستقرار، والرعاية، والحماية.
توضح المواطنة ناريمان وحيد من دهوك:
“نذهب إلى الكنيسة والمدرسة وكل مكان بثقة، لأننا نشعر بالأمان في كوردستان. هناك تعايش سلمي بين المسيحيين والمسلمين والإيزيديين في كل المناسبات، سواء في الأعياد أو الأفراح أو حتى الأحزان. لا أحد يفرّق بين مسيحي ومسلم، ولدينا كل مقومات الحياة المريحة دون أي نواقص.”
وبحسب الإحصاءات الرسمية، يعيش اليوم أكثر من 50 ألف مسيحي في محافظة دهوك، حيث شُيّدت نحو 100 كنيسة تُقام فيها الطقوس والشعائر الدينية بحرية تامة، في مشهد يعكس عمق الاستقرار الديني والاجتماعي الذي تنعم به المحافظة.
لكن الصورة تختلف تماماً في بعض المناطق الأخرى من العراق. ففي جنوب مدينة الموصل، وتحديداً في حي النصارين، الذي كان يُعد من أقدم وأكبر الأحياء المسيحية في المدينة، لم يبقَ من بين أكثر من 10 آلاف مسيحي سوى شخص واحد، بعد أن اضطر معظم السكان إلى الهجرة بفعل العنف وعدم الاستقرار الذي طال تلك المناطق.
يقول سعد الله بيسون، وهو أحد المسيحيين الذين اضطروا لمغادرة الموصل:
“إن التعايش السلمي والقبول المتبادل في كوردستان دفع أغلب المسيحيين من وسط وجنوب العراق إلى الانتقال والاستقرار هنا. جميع حقوقنا ومطالبنا في الإقليم مصونة ومحترمة من قبل حكومة كوردستان.”
في مشهد يعكس التناقض بين واقعين، تظل دهوك وإقليم كوردستان نموذجاً للتنوع الديني والعيش المشترك، حيث تلتقي الأديان والثقافات تحت مظلة السلام والاحترام المتبادل، بينما لا يزال كثيرون في باقي مناطق العراق يبحثون عن مكان يضمن لهم ما وجده مسيحيو كوردستان من أمنٍ وكرامة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية