مرصد: مباحثات العراق المائية الأخيرة مع تركيا فشلت بشكل ذريع
رأى مرصد “العراق الأخضر”، يوم الأحد، أن العراق “فشل” في المباحثات التي أجراها مؤخرا مع تركيا لمعالجة ملف المياه وقلتها داخل البلاد.
وذكر المرصد في بيان، أن “الحديث عن تفعيل الاتفاقية الإطارية للتعاون في مجال المياه بين العراق وتركيا والذي جرى على اثر اجتماعات الجانبين يوم الجمعة الماضي غير واقعي ومجدي”، معتبرا أن “محاولات العراق للحصول على حصة ثابتة من إطلاقات المياه فشلت بشكل ذريع كون تركيا تعد ولا تفي في كل الاجتماعات التي تجمع الطرفين على الدوام”.
وأضاف البيان ان “تركيا تحاول ان تجعل العراق (يستجدي) الاطلاقات المائية خاصة أن هنالك الكثير من المصالح التي تحققت لها بسبب نقص المياه في العراق وحصول مشكلة أكثر تعقيدا بقيام العراق ومنذ عقدين على الأقل، باستيراد مياهه افتراضياً من دول الجوار”.
وأوضح المرصد البيئي أن “المياه التي كانت تاريخياً تجري الى العراق لينتج منها كفايته من الغذاء، أصبحت تُحجز في بلدان الجوار وتستخدم في إنتاج محاصيل وثروة حيوانية تصدر منتجاتها الى العراق لسد النقص الحاصل في السوق نتيجة لانحسار المياه”، واصفا بأن “هذه قضية غاية في الخطورة، ولم تحظ للآن بانتباه الحكومة، والمجتمع برغم التحذيرات المستمرة”.
ونبه المرصد إلى أن “تركيا ترفض ومنذ عقود توقيع أي اتفاقية من اجل استحصال حقوق العراق المائية وإمكانية تقاسم الضرر معه”.
وانعقد يومَ الجمعة 10 من شهر تشرينَ الأوّلِ/ أكتوبر الجاري في انقرة، اجتماع رسمي مشترك بينَ وفدَي جمهوريّةِ العراقِ والجمهوريّةِ التركيّة لبحثِ ملفِّ المياهِ وتعزيزِ التعاونِ الثنائيِّ في هذا المجال الحيويّ، وفقا لبيان صادر عن الخارجية العراقية.
وجرى بعدَ ذلك عقدُ اجتماعِ اللجنةِ الفنيّةِ المشتركةِ بينَ البلدين، حيثُ ترأّسَ عن الجانبِ العراقيِّ وزير المواردِ المائيّة عونُ ذياب، وعن الجانبِ التركيِّ وكيل وزارةِ الزراعة والغاباتِ أبو بكر كزلِ كيدر، وبحضورِ أعضاءِ اللجنةِ الفنيّةِ من كلا البلدين.
وخلالَ الاجتماع، استعرضَ ذياب الواقعَ المائيَّ في العراق والتحدّياتِ التي تواجهُ البلادَ جرّاء انخفاضِ الوارداتِ المائيّةِ من حوضَي دجلةَ والفرات، مؤكداً أهميّةَ زيادةِ الإطلاقاتِ المائيّةِ، خصوصًا في حوضِ نهرِ دجلة، كما تطرّقَ إلى الإجراءاتِ التي اتّخذتْها وزارةُ المواردِ المائيّةِ لمعالجةِ الأزمةِ، ولا سيّما في محافظاتِ الوسطِ والجنوب.
من جانبِه، أكّدَ وكيلُ وزارةِ الزراعةِ والغاباتِ التركي أنّ بلادَهُ تدعمُ العراقَ وتتابعُ باهتمامٍ الوضعَ المائيَّ الحرجَ الذي تعانيه المنطقةُ بسببِ التغيّرات المناخيّة التي أثّرتْ على جنوبِ شرقِ الأناضول وأدّت إلى انخفاضِ معدّلاتِ الأمطارِ بنسبةٍ بلغت 60% مقارنةً بالسنواتِ السابقة، مشيراً إلى أنّ تركيا، بما في ذلك العاصمةُ أنقرة، تواجهُ بدورِها تحدّياتٍ مائيّةً مماثلةً نتيجةَ التغيّراتِ المناخيّةِ العالميّة.
وذكرت الخارجية العراقية، أن الجانبين اتفقا على وضعِ حلولٍ آنيةٍ وأخرى بعيدةِ المدى لمعالجةِ أزمةِ المياه، من خلال تفعيلِ الاتفاقِ الإطاريِّ للتعاونِ في مجالِ المياهِ، ومباشرةِ الشركاتِ التركيّةِ بتنفيذِ المشاريعِ والبُنى التحتيّةِ ذاتِ الصلة.
كما أكّدَ الطرفانِ على ضرورةِ استمرارِ التعاونِ والتنسيقِ المشتركِ، وعقدِ اجتماعاتٍ دوريّةٍ للجنةِ الفنيّةِ المشتركةِ لمتابعةِ تنفيذِ التفاهماتِ والبرامجِ المشتركةِ، بما يسهمُ في تحقيقِ إدارةٍ مستدامةٍ للمواردِ المائيّةِ بينَ البلدينِ.
وعلى هامش الاجتماع عقد نائبُ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ ووزيرُ الخارجيّةِ فؤاد حسين، مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع وزيرِ خارجيّةِ الجمهوريّةِ التركيّةِ هاكان فيدان، في مبنى وزارةِ الخارجيّةِ التركيّةِ في أنقرة، وذلك على هامشِ الاجتماعِ الرسميِّ المشتركِ بينَ وفدي العراق وتركيا بشأنِ ملفِّ المياه.
وقال حسين خلال المؤتمر، إن المناقشاتِ بينَ الجانبينِ بدأت قبلَ سنتين، وقد أسفرت عن تحقيقِ هدفين رئيسين؛ أوّلهما بعيدُ المدى يتمثّلُ في الوصولِ إلى تفاهماتٍ ومسودةِ اتفاقٍ إطاريٍّ حولَ إدارةِ المياه ودورِ الحكومةِ والشركاتِ التركيّةِ في هذا المجال، معرباً عن أملهِ بالتوقيعِ على مسودةِ الاتفاقِ قريبًا، ومؤكدًا أنّه وجّه دعوةً إلى نظيرهِ التركيّ لزيارةِ بغداد لتوقيعِ الاتفاق.
وأضاف أمّا الهدفُ الثاني فيتعلّقُ بالتعاملِ مع الوضعِ الآنيّ لمشكلةِ الجفافِ في العراق، حيثُ جرت مناقشاتٌ معمّقةٌ حولَ آليّاتِ إطلاقِ المياه.
من جانبِه، أوضح وزيرُ الخارجيّةِ التركيّ هاكان فيدان خلال المؤتمر، أنّ الوفودَ المشاركةَ من الوزاراتِ المعنيّةِ ناقشت سُبلَ الدعمِ الممكنة، مؤكّدًا أنّ تركيا تُدركُ حجمَ مشكلةِ شحِّ المياهِ في العراق، ولا سيّما في محافظاتِ البصرةِ والموصلِ ومدنٍ أخرى، وأنّ أزمةَ المياهِ مشكلةٌ مشتركةٌ ناجمةٌ عن التغيّراتِ المناخيّةِ وحالاتِ الجفاف.
كما بيّنَ أنّ اللجنةَ المشتركةَ بينَ الجانبينِ تعملُ منذُ عامينِ على إصلاحِ توزيعِ المواردِ المائيّةِ وإحياءِ المشاريعِ المشتركة، مشيرًا إلى أنّ العملَ وصلَ إلى مراحلِه النهائيّة، وأنّ العراقَ وتركيا يجتمعانِ بروحٍ أخويّةٍ ويتبادلانِ الأرقامَ والبياناتَ بثقةٍ متبادلة.
وفي نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي اتفق ثلاثة وزراء في الحكومة العراقية، على إجراء مفاوضات مع الجانب التركي لتأمين المياه للبلاد خلال شهر تشرين الاول وتشرين الثاني.
وانعقد في حينها اجتماع تشاوري ثلاثي ضم كلا من: وزير الزراعة عباس المالكي، و وزير الموارد المائية عون ذياب، و وزير البيئة هەلو العسكري جرى خلاله مناقشة عدد من الملفات “المهمة أبرزها” تأمين مياه الشرب والاستخدامات البشرية بالدرجة الاولى، ثم الحفاظ على الوضع البيئي للأنهار وعدم تلوثها،و مناقشة الخطة الزراعية للموسم الشتوي، وفقا لبيان صادر عن وزارة الزراعة.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد أكدت، في شهر تموز/يوليو الماضي، أن قلة الاطلاقات من دول المنبع وتأثير التغير المناخي، أدى إلى إنخفاض الخزين المائي بشكل كبير، مشيرة إلى أن العام 2025 هو من أكثر السنوات جفافاً منذ العام 1933.
وتشتد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، جراء سياسات مائية لإيران وتركيا أبرزها بناء السدود على المنابع وتحويل مساراتها، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.
ويعد العراق من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغير المناخي بحسب تقارير للأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بالموضوع.
وقالت منظمة البنك الدولي، في نهاية العام 2022، إن العراق يواجه تحدياً مناخياً طارئاً ينبغي عليه لمواجهته التوجه نحو نموذج تنمية “أكثر اخضراراً ومراعاةً للبيئة”، لا سيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة، فإنه وبحلول العام 2040، “سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحاً فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخصر وشامل”، أي ما يساوي نسبة 6% من ناتجه الإجمالي المحلي سنوياً.
وكان مركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان قد افاد مؤخرا، بأن العراق فقد نحو 30% من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل بسبب التغيرات المناخية خلال السنوات الثلاثين الاخيرة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية