من القاهرة إلى أربيل عبر نيوم.. طريق جديد للتجارة العربية
في خطوة استراتيجية تعكس التحولات العميقة في البنية التحتية للنقل الإقليمي، دشنت مصر خطاً تجارياً جديداً يربطها بالمملكة العربية السعودية وجمهورية العراق، عبر ممر متعدد الوسائط يجمع بين النقل البحري والبري، ويعيد رسم خريطة التجارة بين المشرق العربي وشمال إفريقيا.
المشروع الذي انطلقت أولى شحناته التجريبية خلال الأيام الماضية عبر ميناء سفاجا البحري على ساحل البحر الأحمر، يمثل نقلة نوعية في منظومة الربط الاقتصادي بين الدول الثلاث. فبدلاً من الاعتماد على المسارات التقليدية التي تتسم بالتعقيد الجغرافي والزمني، يقدم هذا الممر نموذجًا متكاملاً يبدأ من القاهرة عبر شبكة الطرق القومية، مروراً بميناء سفاجا، ثم عبر البحر الأحمر إلى ميناء نيوم السعودي، ليستكمل الشحن بريًا حتى مدينة أربيل في إقليم كوردستان العراق.
تعود جذور هذا المشروع إلى رؤية مشتركة بين مصر والسعودية والعراق لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، في ظل التحديات الجيوسياسية التي تواجه بعض الممرات الدولية التقليدية. وقد شهد ميناء نيوم السعودي خلال تموز الماضي نجاح تجربة تشغيلية للممر الجديد، بالتعاون مع مجلس الشراكة اللوجستي مع القطاع الخاص، حيث تم تقليص زمن نقل الشحنات بنسبة تجاوزت 50% مقارنة بالطرق التقليدية.
ويستفيد المشروع من الطفرة التي شهدتها شبكة الطرق القومية في مصر، والتي أصبحت العمود الفقري لهذا النوع من النقل المتكامل. كما ساهمت الاستثمارات السعودية الضخمة في تطوير ميناء نيوم، إلى جانب مشروعات النقل الحديثة في العراق، في خلق بيئة مواتية لهذا الربط الثلاثي الذي يعكس رغبة حقيقية في بناء بدائل آمنة ومستقرة لممرات التجارة العالمية.
تحول ميناء سفاجا خلال السنوات الأخيرة من مرفق بحري محدود الدور إلى أحد أبرز الموانئ المصرية الاستراتيجية، مدعومًا بخطط تطوير حكومية شاملة تستهدف تحويله إلى مركز لوجستي متكامل. ويخدم الميناء الآن حركة الركاب والبضائع الثقيلة والحاويات والمواد الخام، ويُعد نقطة انطلاق رئيسية لهذا الممر التجاري الجديد.
يفتح هذا الممر التجاري آفاقاً واسعة أمام تطوير ممرات تجارية إقليمية وعالمية مستقبلية، ويعزز فرص خفض التكاليف وتقليص أوقات العبور، مما يمنح الدول الثلاث ميزة تنافسية قوية في الأسواق العالمية.
كما يُعد المشروع خطوة محورية في تنفيذ رؤية طويلة الأمد لتحويل ميناء نيوم إلى مركز لوجستي وبحري رئيسي في المملكة، مستفيداً من موقعه الجغرافي الستراتيجي على البحر الأحمر، بالقرب من حدود عرعر، نقطة الدخول الرئيسية إلى العراق.
ويُتوقع أن يسهم هذا التكامل في تسهيل تدفقات تجارية سلسة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، مما يعزز مكانة السعودية ومصر والعراق كمراكز لوجستية محورية في المنطقة، ويدعم مستهدفات التنمية الاقتصادية المستدامة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية