يونيو 27, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

الرئيس بارزاني ينشر 300 وثيقة عن خفايا تأسيس النظام العراقي بعد صدام

الرئيس بارزاني ينشر 300 وثيقة عن خفايا تأسيس النظام العراقي بعد صدام

صدر مؤخراً الجزء السادس من سلسلة كتاب “البارزاني والحركة التحررية الكوردية” للرئيس مسعود بارزاني، بعد سنوات من الإعداد والتدقيق والترجمة إلى اللغة العربية.

ويغطي هذا الجزء فترة مفصلية في تاريخ العراق والمنطقة، تمتد من عام 2003 حتى 2016، وهي المرحلة التي شهدت تأسيس النظام السياسي العراقي الحالي.

الكتاب، الذي يقع في أكثر من 1000 صفحة ويتألف من قسمين، يكشف لأول مرة عن نحو 300 صفحة من المراسلات التي تبادلها بارزاني مع قادة سياسيين عراقيين وعالميين، خلال واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ البلاد.

وتسلّط هذه الوثائق الضوء على كواليس التحولات الكبرى التي رافقت تشكيل النظام الجديد في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.

وقد أصدرت مؤسسة بارزاني الخيرية الطبعة الأولى من الكتاب، والتي ستُوزع بشكل محدود على الجامعات والمراكز البحثية والمكتبات العامة، بالإضافة إلى دار المدى ووسائل الإعلام.

ومن المقرر أن تُطرح طبعة أوسع لاحقًا لتكون متاحة في دور النشر والمكتبات في بغداد وباقي المدن العراقية.

وفي مقدمة الكتاب، كتب الرئيس بارزاني:

يأتي هذا الكتاب في وقتٍ تتزايد أهمية التأمل في الماضي، ليس فقط من أجل الفهم، بل للاتفاق على الدروس أو بدء حوار حول العبرة مما جرى.

شهدت الفترة الممتدة من عام 2003 وحتى 2016 تحولات مفصلية في تاريخ العراق وكردستان، اختبرت بشكل حثيث، إرادة وصمود شعبنا، وفي الوقت نفسه، قدمت لنا فرصاً ثمينة لتشكيل مسار جديد نحو مستقبل أكثر استقراراً.
هذا الكتاب هو المجلد السادس من سلسلة “البارزاني وحركة التحرر الكُردية”، يتناول تفاصيل يوم بيوم، لمرحلة حرجة وحساسة من تاريخنا.

حاولت أن أقدم إلى القارئ رؤى ومواقف استندت لمذكرات توثق تلك الفترة الخاصة جداً حين ظهرت حقبة جديدة على أنقاض نظام دكتاتوري متهاوٍ.

بين أبرز القضايا التي واجهتنا في كردستان، بعد انتفاضة 1991 ثم بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، مسألة الانتقام والثأر. كان يعتقد البعض أن الانتقام هو الطريق السهل لتحقيق العدالة، ولكننا قلنا بوضوح منذ البداية أن هذا النهج سيقودنا إلى طريق مسدود. ولذلك، اخترنا في كردستان مسار المصالحة، مع أن الأمر لم يكن سهلاً بالنظر إلى حجم الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب الكردي، مؤمنين بأن هذا هو الطريق الوحيد نحو بناء مستقبل مشترك وزمن جديد يميزه التفاهم والتعايش بين القوميات والأديان والمذاهب.

خلال هذه الفترة، عملنا بجد لتثبيت مفهوم الفدرالية وتعزيز مؤسسات الحكم في إقليم كردستان. تمكّنا من تأسيس حكومة إقليم قوية وبرلمان فاعل، وأجرينا انتخابات تعكس رغبة الشعب الكردي في العيش بكرامة وحرية. كما شهدت تلك الفترة صراعًا مع القوى المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش، حيث حاول تدمير المكتسبات التي حققناها بشق الأنفس، ولكن بفضل صمود البيشمركة الأبطال إلى جانب شركائهم في القوات العراقية، ألحقنا الهزيمة بداعش وحطمنا أسطورته.

يسلط هذا الكتاب الضوء على الدور الحاسم الذي لعبه إقليم كردستان والمعارضة العراقية في إسقاط النظام السابق بمساعدة الولايات المتحدة، وعلى المرحلة التي تلت السقوط، والحكم الانتقالي، وصياغة الدستور وإقراره، والانتخابات العراقية للأعوام 2005، 2010، و2014. هذه الفترة كانت فرصة فريدة للعراق لتعزيز المؤسسات، وتوسيع الانفتاح على العالم، وتعميق المشاركة بين العراقيين في رسم السياسة العامة للبلاد. ولكن ومع الأسف الشديد، فما تم تحقيقه كان أدنى من انتظارات العراقيين.

أدعو القارئ العربي للتعامل مع هذه الرحلة، ليس فقط كسرد تاريخي، بل كجسر للتفاهم والتعاون بين العرب والكرد. تعلمنا منها أن المصير المشترك يجب أن يبنى على الحوار والاحترام المتبادل. العراق الذي نطمح له جميعاً، هو عراق يسخّر تنوعه الثقافي والقومي ليبني مجتمعاً بمعايير العدل والسلام.

خلال الفترة الانتقالية التي يغطيها الكتاب، من 2003 إلى 2016، لم يكن عملنا لترسيخ دعائم الديمقراطية وتعزيز المشاركة السياسية سهلاً في ظل صراعات الداخل وتحديات الخارج.

لكن بفضل إرادة شعب كردستان والتعاون مع شركائنا في العراق، والأصدقاء في المجتمع الدولي، تمكنا من اتخاذ خطوات مهمة، ولا يزال الطريق أمامنا نحو بناء دولة عصرية تتعلم من التاريخ وتعكس التنوع القومي والديني فيها وتحترم حقوق جميع المواطنين.

ومع تدفق موجات النازحين واللاجئين إلى إقليم كردستان من مناطق العراق وسوريا، واجهنا وضعاً إنسانياً هائلاً، واستطاع إقليم كردستان أن يقدم مثالاً في التعامل مع هذه الأزمات الإنسانية الكبيرة، حيث استقبل مئات الآلاف، وقدم لهم الملاذ الآمن والمساعدات الضرورية في وقت كانت المنطقة تعاني من اضطرابات شديدة.

وذلك لم يكن بسيطاً، لكنه أظهر قدرة كردستان على التحلي بالمسؤولية مهما كانت الصعوبات.
وفي الوقت ذاته، كانت الحرب ضد تنظيم داعش، من أكثر الفترات صعوبة في تاريخ إقليم كردستان والعراق، وأثبتنا للعالم أن البيشمركة، بروحهم القتالية العالية وتضحياتهم، قادرون على حماية كردستان والعراق من تهديدات الإرهاب.

صمودهم وانتصاراتهم لحظة تاريخية أثبتت أن سلاح الإرادة قادر على الانتصار حتى في أحلك الساعات.

خلال الفترة من 2003 إلى 2016، كان هناك بعدٌ آخر لا يقل أهمية، وهو الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية التي شكلت جزءًا كبيرًا من تلك المرحلة، وتطلبت إدارة دقيقة ومعقدة. فكان علينا بناء علاقات وشراكات مع القوى الدولية والعربية والإقليمية، لتوفير الدعم، وتعزيز موقع العراق وكردستان على المستويين الإقليمي والدولي.

كنا ندرك أن الحفاظ على استقرار كردستان والعراق يعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية. وكانت زياراتي واجتماعاتي مع قادة العالم جزءًا من استراتيجيتنا في كسب التأييد الدولي. سعينا دائمًا إلى تقديم إقليم كردستان كعامل للاستقرار في المنطقة، وقد وجدنا استجابة مثمرة من دول عديدة كانت ترى في الإقليم شريكًا موثوقًا.

ولا بد من الإشارة إلى أن الاتصالات الدولية لم تقتصر فقط على الغرب، فقد كانت علاقاتنا بالعالم العربي عنصرًا محوريًا آخر. بقينا دائمًا مؤمنين بأهمية التواصل مع الدول العربية، وفهم مخاوفهم، وبناء جسور التعاون. بالرغم من التوترات التي كانت تطرأ أحيانًا بسبب القضايا الإقليمية المختلفة، كنت أحرص على بناء علاقات متينة مع العديد من القادة العرب، لضمان استقرار العراق، ولتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعبين العربي والكردي.

خلال اللقاءات مع القادة العرب، حرصت دائمًا على تقديم رؤية كردستان لعراق متعدد ومتنوع. وسعينا دائمًا إلى توضيح موقفنا بأن كردستان تسعى إلى العيش بكرامة ضمن عراق فيدرالي يحترم حقوق جميع مكوناته.

كما شهدت تلك الفترة أيضًا تعميقًا للعلاقات مع دول الخليج العربي، وسعيت إلى بناء علاقات قوية مع قادة تلك الدول. كانت تلك الدول تدرك أهمية كردستان كجزء من الاستقرار الإقليمي، وتمسكت دائمًا بفتح قنوات الحوار والتعاون في مجالات الاقتصاد والسياسة. إن هذا التواصل الدبلوماسي مع العالم العربي لم يكن مجرد سياسة خارجية، بل كان جزءًا من رؤيتنا لدور العرب والكرد في بناء عراق يصبح ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط.

أود هنا أن أوجه رسالة خاصة إلى الجمهور العربي: القضية الكردية ليست نزاعاً على السلطة والموارد، بل هي قضية تطلعات مشروعة نحو الحرية والكرامة. إن الشعب الكردي يسعى منذ عقود إلى تحقيق العدالة والعيش بسلام، وهي نفس تطلعات شعوب المنطقة. إن فهم القضية الكردية يساعد في تعزيز العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط بين العرب والكرد، وهي علاقات يمكن البناء عليها لمستقبل أكثر استقرارًا للأجيال القادمة.

أرى أن الحفاظ على العلاقة بين الشعبين العربي والكردي يجب أن يستند إلى الحوار الصريح والمباشر. فقد عشنا معًا، وواجهنا التحديات معا. والتحديات التي تواجهنا الآن، سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية أم أمنية، تتطلب منا العمل بروح الشراكة. إن ما يجمعنا هو أكثر مما يفرقنا، والتأمل في الماضي المشترك يوفر أساساً لبناء مستقبل مشترك يقوم على فهم الآخر والانفتاح.

منذ بداية مسيرتي السياسية، كنت مؤمنًا بأهمية تدوين الأحداث والمواقف التي عشتها، ليس فقط كجزء من مسؤولياتي القيادية، ولكن أيضًا من أجل توثيق التاريخ للأجيال القادمة. لأن كل حدث مهما بدا صغيرًا، قد يحمل في طياته دروسًا وعبرًا لا تقدر بثمن.

هذا المجلد من الكتاب هو نتاج مذكرات يومية كنت أواظب على تدوينها خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2016. احتفظت بملاحظات دقيقة عن كل ما عايشت من أحداث، سواء تلك التي شاركت فيها بشكل مباشر أو كنت شاهدًا عليها. وقد كنت أؤمن بأهمية التوثيق في تلك المنعطفات التاريخية الحاسمة، لأضمن أن تُروى الحقيقة كما عايشتها ولتكون هذه المذكرات مرجعًا للأجيال.

ومع مرور الوقت وتراكم الأحداث، سعيت دائمًا إلى إيجاد الفرصة لمراجعة المذكرات والتأمل فيها، لكن مشاغل الحياة السياسية اليومية لم تترك لي المجال الكافي لتعمق أكثر. ثم جاءت جائحة كورونا والإغلاق الذي فرض على العالم كله، ووجدت نفسي، مثل الكثيرين، أمتلك وقتًا غير معتاد للتوقف والتأمل. كان ذلك فرصة لأعود إلى مذكراتي، وأراجع ترتيبها وتنسيقها بما يتيح أن تقدم للقارئ في شكل كتاب. وقد منحتني تلك الأيام القدرة على قراءة الأحداث والتطورات التي مرت بها كردستان والعراق بعين جديدة وفي سياق أشمل.

سجلت هنا الأحداث من منظور شخص عايشها يومًا بيوم، ورآها تتشكل وتتغير أمام عينيه، وتعلم منها.

آمل أن يجد القارئ في هذه الصفحات توثيقًا دقيقًا للتاريخ، وتأملات تعكس صعوبة القرارات التي كان علينا اتخاذها، وكذلك الفرص التي ضاعت والأخرى التي تم استغلالها بنجاح.

أقدم هذا لكل من يسعى إلى فهم أعمق لتاريخ المنطقة الحديث، ولكل من يؤمن بأن مستقبلنا في الشرق الأوسط يعتمد على قدرة التعلم من أخطاء الماضي، وبناء جسور جديدة من التفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب.

أخيرًا، أود أن أعبر عن امتناني العميق لكل من دعم وساند مسيرتنا الطويلة نحو الحرية والكرامة. هذا الكتاب توثيق شخصي ووطني، ولكنه أيضًا رسالة أمل وإيمان بأن المستقبل يصنعه الذين لا يتخلون عن أحلامهم وإرادتهم في العمل من أجل تحقيق العدالة والسلام.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi