ريباز حملان: كان على العراق اعتبار التقدم الذي حققه إقليم كوردستان إنجازاً لصالحه
الاتفاقات الاخيرة تمثل ضمانة قوية للاستقرار ومُستقبلٍ مشرق لإقليم كوردستان
أكد ريباز حملان مساعد رئيس حكومة إقليم كوردستان للشؤون الاقتصادية والادارية ، على أهمية الاتفاقين اللذين أبرمتهما حكومة الإقليم مع شركتين أمريكيتين في مجال النفط والغاز، وكشف عن بعض التفاصيل المهمة المتعلقة بهما.
وفيما يلي نص اللقاء:
(باسنيوز): كيف تقيّم عملية توقيع الاتفاقيتين بين حكومة إقليم كوردستان والشركات الأمريكية؟
ريباز حملان: للأسف، هناك ذهنية في بغداد تعادي أي تقدم اقتصادي أو سياسي أو دبلوماسي في إقليم كوردستان، وهذا لا يقتصر على التصريحات فقط، بل يتجلى بالفعل. رغم أن إقليم كوردستان، وفق الدستور، جزء من العراق، كان ينبغي احتساب نجاحاته وتقدمه كنجاح لكل العراق، لا أن يُحارب بسببها. خاصة بعد زيارة السيد مسرور بارزاني إلى الولايات المتحدة، التي كانت ناجحة جداً، حيث وصفها الكثيرون بأنها من أنجح الزيارات الدبلوماسية.
الاتفاقان لا يعتبران جديدين، بل هما ملاحق لاتفاقات قائمة منذ 15 عاماً، تم توقيعها وفق قانون النفط والغاز رقم 22 لعام 2007 الصادر عن برلمان كوردستان، فقط تم نقل العقود من شركة إلى أخرى، ولم تكن هناك عقود جديدة. وحتى لو كانت المحكمة الاتحادية، قد الغت قانون النفط والغاز في إقليم كوردستان، فأنها لا تستطيع إلغاء هذين العقدين، لأنهما ليسا جديدين، بل هما امتداد قانوني لعقود قائمة اصلاً.
المادة 112 من الدستور تنص على أن إدارة النفط والغاز تتم بالتعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في المناطق المنتجة، ويجب تقاسم العائدات وفق القانون. ولكن للأسف، منذ سنوات والحكومة العراقية عاجزة عن إصدار قانون شامل للنفط والغاز، وبالتالي لا يحق لها الطعن في قانون الإقليم أو ادعاء عدم شرعيته، ولا يوجد قانون نفط و غاز في العراق اصلاً لكي يقولوا لكوردستان بأن هذه الاتفاقيات غير قانونية.
(باسنيوز): إذاً وفقًا لقرار محكمة باريس والدستور العراقي، يمكن لإقليم كوردستان إبرام مثل هذه الاتفاقيات؟
ريباز حملان: نعم، قرار محكمة باريس واضح، إذ من بين أكثر من 30 نقطة، لم تُقبل سوى نقطة واحدة ضد إقليم كوردستان، وحتى في ذلك لم يُعتبر بيع أو استخراج النفط في إقليم كوردستان غير قانوني. ولهذا، فإن ما تفعله حكومة الإقليم لا يخالف لا القانون ولا الدستور ولا حتى القرار القضائي. والولايات المتحدة، على مستوى وزارة الخارجية والطاقة، دعمت هذه الاتفاقات، وهم يعلمون أنها قانونية تمامًا.
الولايات المتحدة مارست ضغطًا كبيرًا على العراق لاستئناف تصدير نفط كوردستان، وهناك تقارب كبير في المفاوضات بين الشركات الأمريكية وشركة سومو، وبقت بعض البنود للاتفاق عليها وإعادة تصدير النفط، ولولا الضغوط الأمريكية، لما اقترب العراق من التوصل الى اتفاق.
(باسنيوز): ما هو مستقبل اقتصاد الإقليم بعد هذه الخطوات؟
ريباز حملان: إقليم كوردستان لن يتراجع. صحيح أن هناك عقلية عدائية في بغداد، ولكن قرار مستقبل الإقليم بأيدينا، وبيان الحكومة العراقية ضد هذه العقود ليس له أساس قانوني. فرئيس الوزراء مسرور بارزاني، لم يبرم هذه الاتفاقات بشكل عشوائي، بل بعد دراسات وتنسيق شامل، وقد قالها وزير الخارجية الأمريكي صراحة إنهم لن يسمحوا للعراق بعرقلة تطور إقليم كوردستان، وهذه الرسالة نُقلت للعراق بوضوح.
رئيس حكومة إقليم كوردستان، ذهب إلى دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، وأبرم هناك عقدين بقيمة 110 مليارات دولار، في الوقت نفسه، رئيس دولة قوية مثل أمريكا يزور السعودية والإمارات ويبرم اتفاقية بقيمة 600 مليار دولار، هذا يُعد تحولًا اقتصاديًا كبيرًا وحركة اقتصادية قوية ومؤثرة في المنطقة. الاتفاقيتان اللتان أبرمتهما حكومة إقليم كوردستان تتشابه في التوقيت والأسلوب مع تلك التي تمت في السعودية وقطر، مما يعكس تشابهًا في الرؤية الاستراتيجية.
ان زيارة رئيس الوزراء إلى أمريكا جاءت في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتحولات كبيرة، سواءً في سوريا أو غزة أو حتى عملية السلام في تركيا، وهناك أيضًا مفاوضات جارية بين أمريكا وإيران. كل هذه العوامل تؤثر على الوضع في العراق وإقليم كوردستان.
وجود شخصية مثل مسرور بارزاني في الولايات المتحدة، وتناوله لكل هذه القضايا في محادثاته، له أهمية كبيرة ويعكس دورًا محوريًا للإقليم في المشهد الإقليمي والدولي ايضاً.
(باسنيوز): كيف تقيم المرحلة التي ستأتي بعد انتهاء زيارة مسرور بارزاني الى واشنطن؟
ريباز حملان: نحن الآن في مرحلة تتشكل فيها مصالح مشتركة بين الدول، ودولة قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية جاءت لتنسّق مصالحها مع السعودية والإمارات وقطر، والآن فإن رئيس حكومة اقليم كوردستان قد نجح في بناء مصلحة مشتركة مع أمريكا، لذلك، ينبغي على الشعب الكوردستاني أن ينظر إلى زيارة مسرور بارزاني إلى الولايات المتحدة باعتبارها زيارة نيابة عن شعب كوردستان بأكمله، لا كزيارة تمثل حزباً بعينه. فالأمر لا يتعلق بالخلافات الحزبية، بل هو خطوة دبلوماسية واقتصادية تم اتخاذها من أجل مصلحة أبناء إقليم كوردستان.
هذه الزيارة بمثابة إطار جديد لعلاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية قوية تُبنى من جديد لصالح الإقليم، وتفتح آفاقًا مهمة على الساحة الدولية.
(باسنيوز): ما هي فوائد هذه الاتفاقيات لشعب إقليم كوردستان؟
ريباز حملان: من الناحية السياسية، من المهم أن تكون لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية مصلحة استراتيجية بهذا المستوى العالي في إقليم كوردستان. هذا يُشكّل انطلاقة اقتصادية مهمة للإقليم، وخصوصاً أن هذه الاتفاقية، على مدى السنوات القادمة، ستمثل بنية تحتية اقتصادية قوية. ووفقًا لقرار رئيس الوزراء، فإن كل مشروع يتم تنفيذه في إقليم كوردستان يجب أن يعمل فيه ما لا يقل عن 75٪ من الايدي العاملة المحلية، وهذا يساهم في إيجاد فرص عمل للمواطنين وتحقيق استفادة مباشرة لهم.
بالنسبة لمشروع غاز المنازل، فقد تقرر أن يستفيد منه جميع أبناء إقليم كوردستان في المستقبل. أما في ما يتعلق بأزمة الكهرباء، فقد بدأ العمل بالفعل على مشروع الطاقة، وهو الآن في مرحلة متقدمة، ويتضمن توفير كهرباء على مدار 24 ساعة، وهو من أقوى المشاريع التي نُفذت لخدمة المواطنين، كما أن هذه المشاريع ليست فقط لإقليم كوردستان، بل للعراق أيضًا، لأن العراق بدوره يحتاج إلى الغاز.
(باسنيوز): هل تم توقيع الاتفاقين بعد تفاهم بين الحزبين (الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني)؟
ريباز حملان: هناك مجلس أعلى للنفط والغاز في إقليم كوردستان، وكل قرار استراتيجي يتم اتخاذه يتم عبر هذا المجلس. يرأس المجلس مسرور بارزاني، ويتولى قوباد طالباني منصب نائب الرئيس.
حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني له عضوان في هذا المجلس، أحدهما هو سكرتير مجلس الوزراء، وهو يمثل الاتحاد الوطني، وهو موجود حالياً في الولايات المتحدة ومطلع بشكل كامل على كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع.
أما وزير البيشمركة، فمن الناحية الرسمية، فهو غير مرتبط بشكل مباشر بهذه القضية، لكنه جزء من الوفد، لذلك فأن الاتحاد الوطني على اطلاع تام على كل التفاصيل المتعلقة بهذه الاتفاقيات بالكامل.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية