مايو 30, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

حقول السليمانية الضخمة.. ثروة غازية كوردية تشعل نزاعاً جديداً مع بغداد

حقول السليمانية الضخمة.. ثروة غازية كوردية تشعل نزاعاً جديداً مع بغداد

يُعدّ حقلا الغاز الطبيعي “ميران” و”توبخانه – كردمير” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كوردستان محوراً رئيسياً في ملف الطاقة العراقي، في ظل توترات سياسية وقانونية مستمرة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم.

وخلال زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، أعلنت حكومة إقليم كوردستان توقيع عقود استثمار مع عدد من الشركات الأمريكية الكبرى لتطوير الحقلين، في خطوة تهدف إلى تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء محلياً، مع احتمالية تصدير فائض الإنتاج إلى محافظات أخرى في العراق.

وتؤكد حكومة الإقليم، أن هذه العقود تُعدّ فرصة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة وتحسين البنية التحتية، رغم المعارضة الشديدة من الحكومة الاتحادية.

الشركات الامريكية المتعاقد معها

وتقول حكومة الإقليم إن الاتفاقيتين ابرمتا مع شركتي النفط الأمريكيتين “HKN Energy” و”Western Zagros”، وهما من الشركات الرائدة والمتخصصة في هذا القطاع الحيوي.

وتهدف هاتان الاتفاقيتان اللتان تُقدَّر قيمتهما الإجمالية بعشرات المليارات من الدولارات، إلى تطوير قطاع النفط والطاقة في إقليم كوردستان وتعزيز بنيته التحتية الاقتصادية، بحسب حكومة الاقليم.

وأكد ممثلو غرفة التجارة الأمريكية وشركتا HKN وWestern Zagros أهمية الاتفاقيتين الموقعتين مع حكومة إقليم كوردستان، والتي تُقدّر قيمتهما بمليارات الدولارات.

وأعرب رئيس الحكومة عن شكره للجانب الأمريكي، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقيات تعكس استقرار الإقليم وتسهم في تنمية اقتصاده، كما أشاد بدور الشركتين في خدمة مصالح الإقليم والعراق، وأكد التزام الحكومة بتطوير قطاع الطاقة لضمان إمدادات كهربائية مستدامة، واختتم بالإشارة إلى عمق العلاقات مع الولايات المتحدة وأهمية توسيع الشراكة في مجالات التنمية والطاقة.

موقف الحكومة الاتحادية

وترفض وزارة النفط العراقية هذه العقود، مؤكدة أن إدارة الثروات النفطية والغازية من اختصاص الحكومة الاتحادية فقط، استناداً إلى الدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية العليا، ووصفت العقود بأنها غير قانونية ومخالفة لأحكام القضاء.

وترى الوزارة الاتحادية، أن الثروات الطبيعية ملك لجميع العراقيين، ويجب أن يتم أي استثمار فيها بشفافية عبر الحكومة المركزية، لضمان تقاسم الإيرادات بما يخدم مصالح الجميع.

كوردستان: الاتفاقيتان ليستا جديدتين ومصدّقتان قضائياً

في المقابل، تؤكد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان، أن الاتفاقيتين مع شركتي HKN وWesternZagros الأمريكيتين ليستا جديدتين، بل تم التصديق عليهما سابقاً من قبل المحاكم العراقية باعتبارهما قانونيتين.

وأوضحت أن التغيير الأخير يتعلق فقط بجهات التنفيذ ضمن الأطر التعاقدية، مشيرة إلى أن الشركتين تعملان في الإقليم منذ سنوات وتعدان من المنتجين الرئيسيين في قطاع النفط والغاز.

وشددت الوزارة على تمسك الإقليم بحقوقه الدستورية، مبينة أن هذه العقود تهدف إلى تعزيز إنتاج الغاز لتلبية الحاجة المحلية، وخاصة لتغذية محطات الكهرباء في عموم العراق.

حقول “ضخمة” تغير مشهد الطاقة في العراق

يقول الخبير الاقتصادي عبدالله يوسف إن “حقل ميران، يُعدّ من أغنى الحقول الغازية في العراق، إذ يقدّر إنتاجه بأكثر من 500 مليون قدم مكعب يومياً، مع احتياطي ضخم يُقدّر بعشرات التريليونات من الأقدام المكعبة من الغاز الطبيعي.”

ويضيف، لوكالة شفق نيوز، أن “حقل توبخانه – كردمير يمتلك إمكانيات كبيرة ويمكن أن يدعم بشكل فعّال شبكة الغاز الوطنية عند ربطه بالبنية التحتية الاتحادية.”

وشدّد يوسف على أن “الاستثمار المدروس والمهني في هذين الحقلين يمكن أن يُغيّر مشهد الطاقة في العراق، ويُقلل من الاعتماد على واردات الغاز من الخارج، خصوصاً من دول الجوار”.

تداعيات النزاع السياسي

ويمثل النزاع حول إدارة حقلي ميران وتوبخانه امتداداً للتوترات القائمة بين بغداد وأربيل بشأن صلاحيات إدارة الموارد الطبيعية، إذ تؤكد حكومة الإقليم حقها في توقيع العقود مباشرة مع الشركات الأجنبية، بينما ترى الحكومة الاتحادية أن ذلك يُعد تجاوزاً للدستور ومخالفة للقوانين الاتحادية.

ومن المرجّح أن تستمر هذه الخلافات في التأثير على ملف الطاقة، في ظل الحاجة الملحة إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية لتحقيق الأمن الطاقي وتحسين الخدمات للمواطنين.

وتُعد حقولا “ميران” و”توبخانه – كردمير” ثروة استراتيجية كبيرة للعراق، وتمثل أملاً حقيقياً لتعزيز إنتاج الغاز وتحسين قطاع الطاقة، غير أن النجاح في استثمار هذه الموارد يتطلب توافقاً سياسياً وقانونياً يضمن حقوق جميع الأطراف، ويحقق التنمية المستدامة التي يحتاجها العراق في المرحلة المقبلة.

آثار النزاع المحتملة

قد يؤدي النزاع بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان بشأن استثمار حقلي “ميران” و”توبخانه – كردمير” بحسب يوسف، إلى تأخير في الاستثمار، مما يؤثر على إنتاج الغاز وتوليد الكهرباء، فضلا عن زيادة الاعتماد على الواردات، وبالتالي ارتفاع العبء المالي على الدولة، والتأثير على التنمية الاقتصادية خاصة في قطاع الطاقة، والتأثير على الخدمات العامة كالكهرباء، مما ينعكس سلباً على حياة المواطنين.

ومن الآثار المتوقعة أيضا بحسب يوسف، تأثير على الاستثمارات الأجنبية، إذ قد يحدّ من إقبال الشركات الدولية على العمل في العراق.وتؤكد هذه التأثيرات ضرورة حل النزاع بسرعة وكفاءة لتفادي تبعات اقتصادية وخدمية كبيرة.

الخزين الغازي في الحقلين

تشير التقديرات الجيولوجية والفنية إلى أن حقلي ميران وتوبخانه – كردمير يحتويان على كميات ضخمة من الغاز الطبيعي، ما يعزز مكانتهما كمورد استراتيجي ضمن خريطة الطاقة في العراق:

حقل ميران (Miran Field):

يقع غرب مدينة السليمانية قرب الحدود الإيرانية، واكتشفته شركة “جينيل إنرجي” (Genel Energy).

يُقدّر الغاز القابل للاستخراج بنحو 11.2 تريليون قدم مكعب، فيما يُقدّر الغاز الكلي في المكمن بنحو 22 تريليون قدم مكعب.

أما الاحتياطي المصنّف (2P) فيُقدّر بـ 6.9 تريليون قدم مكعب.

حقل توبخانه – كردمير (Topkhana – Qardagh):

يقع شمال شرق السليمانية، قرب حقلي خورملة وجمجمال، وقد شغّلته شركة “جينيل إنرجي” قبل أن تتوقف الاستثمارات فيه لأسباب قانونية وسياسية.

يُقدّر الغاز القابل للاستخراج فيه بما بين 4 إلى 6 تريليونات قدم مكعب، فيما لم تُستكمل الفحوص النهائية لتحديد الحجم بدقة.

المجموع الكلي التقديري للحقلين:

يتراوح الغاز القابل للاستخراج في الحقلين بين 15 إلى 17 تريليون قدم مكعب، بينما يُقدّر الخزين الكلي (بما فيه الغاز غير القابل للاستخراج) بـ نحو 28 تريليون قدم مكعب.وتمثل هذه الأرقام دليلاً واضحاً على الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي يمكن أن توفرها هذه الحقول في حال استثمارها ضمن إطار قانوني وسياسي متفق عليه بين بغداد وأربيل.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi