لمساعدته طهران.. ترامب يدرس فرض «عقوبات مباشرة» على العراق
تركز إيران بصورة مطردة على تأمين تغلغلها في العراق من خلال السيطرة على الكثير من الملفات إلا أن أبرزها ملف الطاقة مستغلة الدعم السياسي العراقي لها كخطوة لتقليل من العقوبات الأمريكية على طهران.
وفي هذا الإطار، كشف موقع “اويل برايس” المختص ببيانات النفط والطاقة العالمية، اليوم الخميس، ان فريق ترامب يفكر بفرض عقوبات مباشرة على العراق مع بدء حكومة ترامب مهامها، وذلك ردًا على مساعدة ايران في تهريب نفطها من خلال موانئه، فضلا عن وجود كيانات تعمل على غسيل الأموال وتمويل نشاطات مختلفة.
وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
ويستورد العراق في فصل الصيف 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني في اليوم لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولّد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات، ويعني هذا التدفق، إلى جانب عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، أن طهران تلبي 40 في المائة من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن غالباً ما تخفض إيران إمدادات الغاز للعراق، ويساهم ذلك في بعض الانقطاع في التيار الكهربائي والاستياء العام والمشاكل السياسية، وتعزى بعض هذه التخفيضات إلى الطلب المحلي الإيراني.
ونقل الموقع عن مصدر وصفته بـ”الكبير” ويعمل عن كثب مع الفريق الرئاسي الجديد، وتابعته “العالم الجديد”، إن “فكرة إضعاف استخدام “الدول الحمقاء المفيدة” لتجنب العقوبات قيد الدراسة فيما يتعلق بالعراق”.
وأضاف المصدر أن “فريق ترامب يفكر في فرض عقوبات مماثلة على العراق كما هو الحال بالنسبة لإيران، بما في ذلك على الأفراد والكيانات المرتبطة بالتمويل والحركة والخدمات اللوجستية المتعلقة بنقل النفط والغاز الإيرانيين، والأموال المتعلقة بذلك”.
وأوضح انه “تم وضع سابقة لهذا في رئاسة ترامب الأولى بعد أن وقع العراق على صفقة استيراد الغاز والكهرباء لمدة عامين مع إيران على الرغم من تعهده بتقليص مدة هذه الصفقات، حيث ردت واشنطن حينها بعقوبات مستهدفة صارمة على 20 كيانًا مقرها إيران والعراق”.
يشار إلى أن الرئيس الجمهوري كانت انسحب عام 2018 من الاتفاق النووي، وأعاد في العام التالي (2019) فرض حظر كامل على صادرات النفط الخام من إيران، بحيث انخفضت شحناتها إلى 250 ألف برميل يوميًا بحلول أوائل 2020 – وهو أقل بكثير من مستواها قبل عامين.
لكن طهران عادت وحسنت وضعها لاحقا، بحيث وصلت شحناتها أعلى مستوى لها في ست سنوات بسبتمبر الماضي (2024).
واستشهدت وزارة الخارجية بهم بـ”اعتبارهم أدوات في توجيه الأموال إلى فيلق القدس”، معتبرة ان “الكيانات العشرين تواصل استغلال اعتماد العراق على إيران كمصدر للكهرباء والغاز من خلال تهريب النفط الإيراني عبر ميناء أم قصر العراقي وغسل الأموال من خلال شركات واجهة عراقية، حيث يواصل العراق العمل كقناة لإمدادات النفط والغاز الإيرانية لتشق طريقها إلى أسواق التصدير الرئيسية في العالم”.
وقال المصدر، انه “بما أن شيئًا لم يتغير على الإطلاق في هذا التواطؤ، فهناك كل الأسباب لتوقع التهديد بفرض مثل هذه العقوبات على العراق في وقت مبكر من ولاية ترامب الثانية، يليه فرض المزيد من العقوبات إذا لم يتم الالتفات إلى التهديدات”.
وسجلت ساعات تجهيز الكهرباء انخفاضا كبيرا في بغداد والمحافظات مع الهبوط الحاد بدرجات الحرارة وبدء موسم الشتاء وبالتزامن مع توقف تصدير الغاز الإيراني إلى العراق في 24 نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
وأكدت وزارة الكهرباء، في 19 أكتوبر تشرين الأول الماضي، إنها وقعت اتفاقية مع تركمانستان لتوريد الغاز إلى العراق بكميات تصل إلى 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، لافتة إلى أن شركة لوكستون إنرجي السويسرية ستورد الغاز من تركمانستان للعراق عبر شبكة خطوط الأنابيب الإيرانية باستخدام آلية المبادلة لتيسير النقل.
وعلى هامش الاتفاق، ذكر وزير الكهرباء زياد علي إن الاتفاق سيساعد في ضمان تزويد محطات توليد الكهرباء بالغاز في العراق بالوقود اللازم، مضيفاً أن هذه المحطات تسهم حالياً بنحو 60 بالمئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، فيما لفت إلى أن “استيراد الغاز يمثل إجراء مؤقتا ريثما تكتمل مشاريعنا الوطنية لإنتاج الغاز والوصول إلى الاكتفاء الذاتي والاعتماد الكامل على مواردنا المحلية في غضون السنوات القليلة المقبلة”.
ويعاني العراق من نقص الكهرباء بسبب عدم كفاية إمدادات الوقود لمحطات توليد الكهرباء، مما دفع الحكومة لبذل جهود لتنويع مصادر الطاقة وزيادة واردات الغاز والاستثمار في مشروعات إنتاج الغاز المحلية لتقليل الاعتماد على موردين من الخارج منهم إيران.
يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ذكرت أن العراق أشعل 692 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.
وشهدت الفترة الماضية قطع إيران للغاز المورد للعراق، وذلك في ذروة فصل الصيف ما أثر على إنتاج الطاقة الكهربائية، ودائما ما يتكرر هذا الأمر لأسباب مختلفة منها حاجة إيران للغاز فضلا عن عدم دفع العراق للمستحقات المالية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عشية تشكيل حكومة الكاظمي عن السماح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران لمدة 120 يوماً، وتزود طهران العراق بالكهرباء بواقع 1200 ميغاواط عبر 4 خطوط؛ هي: خط خرمشهر – البصرة، وكرخة – العمارة، وكرمانشاه – ديالى، وسربيل زهاب – خانقين.
ويبلغ إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية، وفقاً لوزارة الكهرباء، 13500 ميغاواط، ويخطط لإضافة 3500 ميغاواط خلال العام الحالي، عبر إدخال وحدات توليد جديدة إلى الخدمة؛ إلا إن التقديرات تشير إلى حاجة البلد لأكثر من 20 ألف ميغاواط.
يشار إلى أن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، وبعد أن تكرر انقطاع الكهرباء بشكل تام عن محافظات الوسط والجنوب، وجه بإيجاد بدائل للغاز الإيراني، لضمان استمرار عمل محطات الطاقة الكهربائية.
جدير بالذكر، أن خبراء في الطاقة أكدوا سابقا لـ”العالم الجديد”، أن التأخر بحسم ملف استثمار الغاز يعود لأسباب “سياسية” وتدخلات خارجية، وأن السبب ليس فنيا، وهو ما أكده مسؤول في وزارة النفط أيضاً.
وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية، في 28 آذار مارس الماضي، توقيعها عقدا لتوريد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات.
وأبرمت الحكومة الحالية والحكومات السابقة العديد من الاتفاقيات، منها مع فرنسا ومصر والأردن، بالإضافة إلى الربط الكهربائي الخليجي ومشاريع الطاقة الشمسية، إلى جانب شركات كبرى لاستثمار الغاز العراقي وإنشاء خطوط ربط كهربائي، لكن أغلب هذه الاتفاقيات لم تطبق على أرض الواقع.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية