مدير عام شؤون المقابر الجماعية: رفع 50 رفاتاً من مقبرة تل الشيخية حتى الآن
كشف ضياء كريم، مدير عام دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية التابعة لمؤسسة الشهداء العراقية، عن رفع 50 رفاتاً حتى الآن من مقبرة تل الشيخية في بادية السماوة التي تضم ضحايا عمليات الأنفال، مشيراً إلى أن العمل سيستأنف مطلع الشهر المقبل.
وقال ضياء كريم لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الأحد (29 كانون الأول 2024)، إن منطقة بادية السماوة “تضم عدداً كبيراً من المقابر الجماعية التي خلفها النظام البائد وتضم ضحايا كورد”.
تمييز ضحايا المقابر وفق الانتماءات الحزبية
وفق تحليل السلوك الإجرامي، أوضح أن “الضحايا والشهداء من الاتحاد الوطني الكوردستاني في منطقة تل الشيخية ونقرة السلمان، أما فيما يتعلق بالمقابر الجماعية الخاصة بالبارزانيين والحزب الديمقراطي الكوردستاني، فهي موجودة في منطقتي العفايف وأبو صية في بادية السماوة أيضاً”.
وأشار إلى أن المقبرة الأولى فتحت في تموز 2019، وأوضح أنه “تم اكتشاف مواقع جديدة تضم ضحايا جميعهم من النساء والأطفال”، وذلك خلال مراجعة وتحليل الصور الجوية.
في منطقة نقرة السلمان، “لا تفصل بين مقبرة وأخرى سوى أمتار قليلة”، بحسب مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية الذي أضاف أن الفريق الوطني المتخصص بالبحث والتنقيب “يضم كافة الاختصاصات، لدينا آثاريون ومحققون، وأيضاً كوادر مختصة بتحليل الصور الجوية عبر الأقمار الصناعية”.
بفضل هذه الجهود، “تم تشخيص بعض المتغيرات على سطح التربة، ومن ثم إجراء عمليات تقييم دقيقة لهذه المواقع”، وقد أثمرت هذه الاختبارات عن العثور على مقابر ومواقع جديدة.
وأعرب ضياء كريم عن الأسف لأن جميع الضحايا “من النساء والأطفال، ويرتدون الزي الكوردي”.
أما المقبرة الجماعية التي جرى فتحها مؤخراً، فقد وصف العمل عليها بأنه “صعب جداً. مساحتها متران في ستة عشر متراً، وعمقها لا يزيد على متر وربع، لكن الرفات متكدسة بشكل كبير، كونهم أطفالاً ونساء يحتضنّ أطفالهن”.
تكدس الضحايا يصعّب العمل
بدأت الأحد (22 كانون الأول 2024) عملية فتح مقبرة جماعية في منطقة نائية بالعراق، تضم رفات نساء وأطفال كورد من ضحايا عمليات الأنفال، جميعهم قُتلوا رمياً بالرصاص قبل دفنهم فيها.
وقد تم اكتشاف المقبرة الجماعية عبر الأقمار الصناعية في شهر أيار من هذا العام، وظهرت داخلها مشاهد أظهرت بقايا عظام نساء وملابسهن الكوردية التقليدية، وهن يحتضن أطفالهن قبل إعدامهن ودفنهن في هذه الصحراء النائية. اضغط هنا لمشاهدة صور للمقبرة الجماعية
بحسب ضياء كريم، فإن المساحة وتكدس الرفات “صعّب وعقّد” العمل وتسبب في “تداخل العظام”، حيث تعمل الفرق لـ”ضمان عدم اختلاط العظام، لتسهيل الأمر على كوادر الطب العدلي أثناء العمل في المشرحة الجافة”.
بشأن عدد الضحايا، أشار إلى رفع 50 رفاتاً حتى الآن، إضافة إلى الأدلة وبعض الأجزاء التي تسمى “بودي بارت”، موضحاً أن الفريق الذي انسحب اليوم الأحد “سيستأنف العمل في 2 أو 3 من شهر كانون الثاني القادم”.
وتوقع المدير العام لشؤون وحماية المقابر الجماعية أن “تحتوي المقبرة على أكثر من 100 إلى 150 ضحية”.
مسرح جريمة
رداً على تأخر عمليات فتح المقابر الجماعية، ذكّر بأن “عمليات الفتح ليست سهلة. البعض يتصور أن فتح المقبرة يعني رفع الأتربة واستخراج (رفات) الشهداء وتسليمهم”، لكنهم يعملون على “مسرح جريمة يوثق مرحلة تاريخية مهمة، تتعلق بنظام ديكتاتوري وشعوب ناضلت من أجل حريتها”.
وشدد على أن “عملية التوثيق مهمة جداً”، لأن “الملفات القانونية تُحال إلى المحاكم المختصة، والرفات تُحال إلى دائرة الطب العدلي”، مؤكداً حرص الفرق العاملة على أن تكون “العظام غير مختلطة، من أجل أخذ نموذج عظمي من كل رفات ومطابقته مع نموذج الدم الذي تم تحليله واستحصاله من عوائل الشهداء والضحايا”.
تأهيل نفسي للعاملين بين حين وآخر
“عمليات فتح القبور تتطلب إمكانيات مادية وبشرية كبيرة، والتعامل مع ضحايا، خاصة النساء والأطفال، له تأثير نفسي كبير على الكوادر”، أضاف ضياء كريم.
وبيّن أن هذا الأمر يتطلب بين فترة وأخرى “عمليات تأهيل نفسي للفرق العاملة التي تتعامل مع أبرياء فقدوا حياتهم لا لشيء سوى لأنهم يتحدثون اللغة الكوردية أو أطفال لا ذنب لهم سوى الانتماء إلى الطائفة الفلانية”.
وأكد أن عملية فتح المقبرة “يجب أن تكون منسجمة مع ما يتوفر من مساحة لدى دائرة الطب العدلي لتكون هناك عملية انسيابية بين الفتح والرفع والتسليم إلى دائرة الطب العدلي وتحديد هوية الضحايا”.
كما أكد أن الطب العدلي “يتعامل مع قضايا متعددة، منها التفجيرات والعمليات الجنائية، بالإضافة إلى المقابر الجماعية”.
على سبيل المثال، لفت إلى أن أول مقبرة جماعية قاموا بفتحها في منطقة تل الشيخية عام 2019 “كانت تحتوي على 172 رفاتاً، جميعهم من النساء والأطفال. المقبرة الحالية يتوقع أن تحتوي على أكثر من 100 شهيد.”
“لا تزال لدينا رفات شهداء لمجزرة سبايكر، ورفات شهداء من الأخوة الإيزيديين الذين فتحنا مقابرهم، ورفات من مقابر بادوش. كل هذا يشكل عبئاً تراكمياً على كوادر الطب العدلي”، تابع المدير العام لشؤون وحماية المقابر الجماعية في العراق، مستطرداً أنهم يعملون على رسم سياسات مستقبلية بالتنسيق مع دائرة الطب العدلي لـ”ضمان الانسيابية بين الفتح والرفع والتسليم.”
30 مقبرة جماعية في سنجار
“لا يكفي فتح مقبرة جماعية ما لم تكن هناك حملات لجمع عينات من عوائل الضحايا كي تكون لدينا بيانات مرجعية، وإلا ما الجدوى من فتح مقبرة دون أن تكون لديك قاعدة بيانات تمهيداً للمطابقة”، أردف ضياء كريم.
وبعث برسالة لكل عوائل الضحايا بأن “مؤسسة الشهداء تقف على مسافة واحدة من جميع الضحايا”، مشيراً إلى “إمكانية الانتقال إلى سنجار بعد الانتهاء من مقبرة تل الشيخية”.
وفيما يتعلق بعدد المقابر الجماعية في سنجار، قال: “لدينا إحصائية شاملة حول عدد المقابر في سنجار وكافة المحافظات. هناك ما لا يقل عن 30 موقعاً جديداً خلال الأيام الأولى من العام القادم، بإشراف مباشر من رئيس مؤسسة الشهداء، نتيجة اهتمامه بهذا الموضوع ومحاولة مساعدة الإيزيديين كونهم تعرضوا إلى الإبادة”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية