رغم تدخل المرجعية.. العراق يتحول إلى «مقر» دولي لتجارة المخدرات
توسعت تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق، حتى بات مقرا للتجار الدوليين وطريقا أساسيا لتهريب المخدرات والاتجار بها على الرغم من تعزيز القوات الأمنية عملياتها في ملاحقتهم ودخول المرجعية الدينية في الآونة الأخيرة على خط الأزمة للحد منها.
وبأرقام مفزعة، أعلنت السلطات العراقية، اليوم الأربعاء، القبض على أكثر من 130 تاجراً دولياً ومحلياً للمخدرات، فضلا عن ضبط (926) كيلو غراماً من مختلف المواد المخدرة.
ويتضمن قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 عقوبات تصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 27 على عقوبات قاسية منها “يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من يتورط بزراعة المخدرات والصناعة والاستيراد والتصدير”، أما فيما يخص تجارة المخدرات محلياً ما بين النقل والترويج فتنطبق عليها أحكام المواد 28 من القانون والتي تتضمن “عقوبات السجن المؤبد أو المؤقت”.
إذ ذكر بيان للمديرية العامة لشؤون المخدرات تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، أنه “بقرارات قضائية صادرة من محكمة التحقيق المركزية في الرصافة نفذ قسم تحقيقات المديرية العامة لشؤون المخدرات الخاصة خلال عام 2024 عمليات أمنية استخبارية استباقية اسفرت عن إلقاء القبض على 76 تاجراً دولياً و55 تاجراً محلياً بالمخدرات”.
ولفت البيان الى “ضبط (926) كيلو غراماً من مختلف المواد المخدرة”.
وأعلنت السلطات العراقية، في 24 آب أغسطس الجاري، أنها تمكنت من ضبط 100 كغم الحبوب المخدرة في محافظة الأنبار، إلى جانب تفكيك شبكة خاصة بالمتاجرة بالمخدرات الدولية.
وفي 12 آب أغسطس الجاري، اعلن مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، عن حرمة تجارة وتعاطي المخدرات، داعيا إلى العمل على تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين.
ودعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، في 10 آب أغسطس الجاري، إلى اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق، مؤكدة أن موظفين وعناصر أمن يسهلون دخول المخدرات عبر المنافذ الرسمية.
يشار إلى أن أكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة الكريستال التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.
وفي أيار مايو الماضي، كان قد أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن حكومته ستتعامل مع قضايا المخدرات على أنها “تهديد إرهابي”، مؤكدا أنها “وضعت إستراتيجية وطنية مكثفة لمكافحة المخدرات للسنوات 2023-2025 ضمن خطة موسعة نحو عراق خال من المخدرات”.
وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن في 14 كانون الأول ديسمبر 2023، عن تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات بحوزتهم 12 كيلوغراما من الكرستال في البصرة، مكونة من 10 أشخاص، المتهم الرئيس فيها كان يعمل على إدخال المخدرات من خارج الحدود إلى المحافظة.
وورد ضمن ملف المخدرات الذي أعدته “العالم الجديد” وشمل محافظات عديدة، أن نسبة تعاطي المخدرات في محافظة كربلاء، ذات الطابع الديني، تراوحت بين الشباب بين 3-5 بالمئة خُمسهم نساء، وسط تعكز كبير على مركز واحد لمعالجة الإدمان من المؤمل أن يفتتح قريبا داخل “المستشفى التركي”، فيما كشف الملف عن تفاصيل وأرقام صادمة بشأن تعاطي المخدرات في واسط وذي قار، حيث بلغت نسبة التعاطي بين شباب ذي قار 20 بالمئة، بينهم 5 بالمئة إناث، فيما استفحل التعاطي بين الإناث والذكور أيضا في واسط، وبنسبة مرتفعة بحسب المتخصصين، من دون تحديد الأرقام لافتقار المحافظة إلى مراكز متخصصة.
ووفقا للإحصائيات الدولية، يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، إلى أن السلطات العراقية صادرت عام 2023 رقما قياسيا بلغ 24 مليون قرص كبتاغون تقدر قيمتها بين 84 مليون دولار و144 مليونا، مضيفا أن مضبوطات هذه المادة زادت بنحو ثلاثة أضعاف بين سنتي 2022 و2023.
وتعد المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، لاسيما أن تجارتها توسعت بشكل خطير في الفترة الأخيرة، فيما توجد تحركات نيابية لتعديل قانون المخدرات، حيث سيتضمن القانون الجديد إجراءات مهمة على مستويات مختلفة تسعى لتشديد العقوبات على المتاجرين، وتعزيز البرامج العلاجية للمدمنين، إضافة لتحويله صفة المتعاطي من “مجرم ” إلى “مريض” لأول مرة في تاريخ العراق.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.
ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية