تقرير ألماني: تعديل قانون الأحوال الشخصية يعكس ابتعاد العراق عن الغرب
أثار تقرير نشره موقع DW الألماني تساؤلات عما إذا كانت التعديلات المطروحة على قوانين الأحوال الشخصية في العراق والتي يعتبرها ناشطون ومعارضون لها بأنها بمثابة تراجع فيما يتعلق بحقوق المرأة والأطفال، تمثل أيضا ابتعادا من جانب العراق عن الغرب.
ووصف التقرير الألماني ما يجري بأنه محاولة لتغيير ما يوصف غالبا بأنه أكثر قوانين الأحوال الشخصية ليبرالية في الشرق الاوسط حيث ان غالبية القوانين في المنطقة تعتمد على الأحكام الدينية، إلا أنه في العراق الذي أقرها العام 1959، أقل اعتمادا على هذه الأحكام.
وأشار التقرير إلى أن لدى العراق مشكلة تتعلق بقضية الزواج المبكر حيث تقول الأمم المتحدة أن ثلث النساء يتزوجن قبل بلوغهن الـ 18 سنة، وأن قضايا حقوق المرأة ستشهد أيضاً تراجعا فيما لو أقرت هذه التعديلات الجديدة، مشيراً أيضاً إلى أن هذه التعديلات تساهم في تعزيز الانقسام في المجتمع العراقي حيث من المفترض أن الجميع متساوون أمام القانون، لكن هذا الفصل في الأحوال الشخصية قد يفاقم من التوترات الاجتماعية والطائفية، ويقوض النظام القضائي العراقي.
وبعدما ذكر التقرير أنه جرت محاولات في الأعوام 2003 و2005 و2014 و2017، لإدخال التعديلات على الأحوال الشخصية، لكنها لم تتحقق وقتها، نقل عن خبراء قولهم إن المحاولة الجديدة الآن قد يكتب لها النجاح بسبب الصفقة المبرمة بين القوى السياسية خصوصا بين السياسيين السنة والشيعة من خلال البرلمان حول قانون العفو لإطلاق سراح معتقلين في السجون.
ونقل التقرير عن الباحث في معهد ‹تشاتام هاوس› البريطاني ريناد منصور قوله: «كان هناك في الماضي بعض كبار القادة الذين تمكنوا من تأجيل هذه المسألة من خلف الكواليس، إلا أنها الآن ربما تكون أقرب من أي وقت مضى».
وبعدما تساءل التقرير عما إذا كان ما يجري يشكل ابتعادا عن الغرب، قال التقرير؛ إن مشروع التعديلات المقترحة يأتي بعد أحداث أخرى في العراق يمكن وصفها بأنها ابتعاد عن النفوذ الغربي، بما في ذلك انسحاب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ‹يونامي› المتواجدة في العراق منذ العام 2003؛ ونهاية مهمة ‹يونيتاد› للتحقيق التابعة للأمم المتحدة حول جرائم داعش، بالإضافة إلى الاتفاق على سحب القوات الأمريكية، وطرح المناقصات الأخيرة حول النفط العراقي والتي لم تشارك فيها دول غربية.
وتابع التقرير؛ أن ريناد منصور يؤيد من بعض الجوانب أن المسألة تتعلق بشكل ما بإعادة تأكيد العراق على مظاهر سيادته عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة والأمم المتحدة، وينقل عنه قوله في المقابل، أن «هذه الأحزاب السياسية تعاني من أزمة شرعية بسبب فشلها في تقديم الخدمات، وهذه تمثل طريقتهم لكي يقولوا لهم: نرجو أن تعذروا حقيقة أنه ليس لديكم ماء أو كهرباء، ولكن كما تعلمون، دعونا نركز على الصورة الأكبر».
وبحسب منصور، فإن هؤلاء السياسيين «يستخدمون مشاريع القوانين هذه من أجل إعادة الدين إلى النقاش، لأنهم يعتقدون أن بمقدورهم على الأقل استعادة شرعيتهم الأيديولوجية بين ناخبيهم»، مضيفاً أنهم يقولون لهم «لم نعد في حالة حرب، ولم نعد بحاجة إلى وضع خاص من قبل الأمم المتحدة، وقد قمنا بتنظيم انسحاب القوات الأمريكية».
إلا أن التقرير ينقل عن حداد قوله، إنه في الوقت نفسه، وبعيدا عن عيون الناس، فإن هؤلاء السياسيين يتفاوضون على اتفاقيات أمنية ثنائية مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «نهاية مهمة بعثة الأمم المتحدة، ليست نهاية لمؤسسات الأمم المتحدة الأخرى في العراق».
واعتبر حداد أن السياسيين المتدينين المحافظين يحاولون تغيير العراق بحسب ما يرونه. وتابع قائلاً، إنه في حال نجحوا في إدخال التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، فإن ذلك «سيكون بمثابة نداء صحوة كبيرة للعديد من العراقيين الليبراليين الذين ارتبطوا بشكل عام بمقاطعة الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين».
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية