“اغتيالات اسرائيل” والرد الإيراني .. مخاطر تضع العراق بـ”عين الإعصار”
حذر “معهد ستيمسون” الامريكي، من ان الاغتيالات الاسرائيلية في ايران ولبنان تعرض استقرار العراق لمزيد من المخاطر، وتهدد بحدوث تصعيد كبير مع تداعيات بعيدة المدى على الشرق الاوسط المتوتر بالفعل منذ اندلاع حرب غزة في العام 2023.
واعتبر المعهد الأمريكي في تقرير، ان ايران تعرضت للضرب والاهانة في قلب طهران بشكل لم يسبق له مثيل، وهي بالاضافة الى حزب الله اللبناني بعد اغتيال القيادي فؤاد شكر في بيروت، ستحاولان من اجل حفظ ماء وجههما، واستعادة بعض الردع، بالقيام بالرد على اسرائيل، على الرغم من أن توقيت ذلك وطريقته غير واضحين لغاية الآن.
ورأى التقرير ان العراق، بالنظر الى موقعه الاستراتيجي ووجود القوات الامريكية على اراضيه، فانه يواجه خطر السقوط في عين الإعصار إذا ما تسبب الصراع بحرب إقليمية أوسع.
وبعدما لفت التقرير الى هجوم عين الاسد الاخير، والى نفوذ الميليشيات الموالية لايران، وعدم قدرة الحكومة المركزية الضعيفة على احتكار استخدام القوة، والنظام السياسي المنقسم في مرحلة ما بعد صدام حسين، قال ان تأثير حرب اقليمية على العراق قد يكون كارثيا.
ورأى التقرير ان وقف التصعيد بين اسرائيل وايران، العدوين اللدودين اسرائيل، بداية من خلال وقف دائم لإطلاق النار في غزة، هو وحده القادر على الحد من الضرر بالاستقرار النسبي في العراق.
واعتبر التقرير أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ستواجه صعوبة في التعامل مع الازمة الحالية، مذكرا بان السوداني وسلفه مصطفى الكاظمي، حاولا بجهد ابعاد العراق عن السقوط في حرب الوكالة بين إيران والولايات المتحدة، بل انهما نجحا في الحصول على دور للعراق كوسيط في الصراعات الاقليمية.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير إن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة، عملت على تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجيران من العرب المسلمين السنة، وشاركت في الجهود التي تستهدف تحسين التواصل الإقليمي من خلال مشروع “طريق التنمية”، الذي سيربط منطقة الخليج بتركيا، وسيحول العراق إلى مركز للتجارة الاقليمية وتطوير اقتصاده.
وفي حين ذكر التقرير بأن السوداني نجاح في البداية في التوصل الى هدنة مبدئية بين القوات الامريكية و”المقاومة الاسلامية” في وقت سابق من العام الحالي وهي مجموعة من الميليشيات المتحالفة مع إيران، بعد سلسلة من الهجمات والهجمات المضادة في حين فإن هناك شكوكا جدية عما إذا كانت هذه الهدنة ستصمد.
وأشار التقرير، في هذا السياق الى الهجوم الصاروخي الأخير على عين الاسد، وصدور بيانات ادانة من جانب الحكومة العراقية، مضيفا أنه “من غير الواضح كيف وإلى أي مدى ستحمي هذه الادانات العراق في حالة قيام الولايات المتحدة بالرد”.
فيما قال التقرير إن دول الخليج أظهرت استعدادها للاستثمار في العراق على أمل تعزيز تعافيه اقتصاديا، والحد من النفوذ الاقتصادي الايراني تدريجيا، محذرا من ان حربا اقليمية شاملة بمشاركة من الجماعات الموالية لإيران، من الممكن ان تعرض هذه المكاسب السياسية والاقتصادية الصغيرة للخطر.
ونوه التقرير إلى أن اغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية في طهران، زعزع ثقة القادة العراقيين المتحالفين مع إيران في قدرة ايران على ضمان سلامة الشخصيات الاجنبية التي تزورها.
ونقل التقرير عن محلل مقيم في العراق قوله إنه بعد هذا الهجوم، فإن هؤلاء القادة تساءلوا عما اذا كان لا يزال بمقدورهم السفر إلى إيران وعقد اجتماعات هناك إذا لم يتمكن مضيفوهم من ضمان أمنهم.
وتابع التقرير ان هؤلاء العراقيين يتذكرون الانتقادات الايرانية للحكومة العراقية لفشلها في حماية قائد فيلق القدس قاسم سليماني عندما قُتل في غارة امريكية بالقرب من مطار بغداد في اوائل العام 2020، وهم يوجهون حاليا نفس الانتقادات تجاه الحرس الثوري، المسؤول عن المجمع الذي قتل فيه هنية.
كما لفت التقرير إلى ان الجماعات الموالية لإيران، منقسمة بين من يريد الانضمام الى الرد على الاغتيالات الاسرائيلية، وبين الذين يريدون الابتعاد عن المواجهة بدلا من المخاطرة بمصالحهم السياسية والاقتصادية.
إلا أن التقرير قال إنه سيكون من الخطأ تفسير هذه الهواجس على أنها نهاية “محور المقاومة” في العراق.
وتابع قائلا إن استراتيجية ايران في العراق لا تزال بلا تغيير، حيث تفضل طهران عراقا مستقرا وإنما ليس قويا، ويضمن مصالح ايران الامنية والاقتصادية ويعمل كممر لنقل الاسلحة والاموال الى حزب الله عبر سوريا.
واضاف التقرير ان النفوذ الايراني السياسي ومصالحها الاقتصادية الخاصة في العراق، كبيرة، ولا تزال تتمتع بتأثير ايديولوجي قوي على الحشد الشعبي.
وحذر التقرير من حدوث فوضى في العراق بسبب حرب اقليمية شاملة، ليست في مصلحة ايران، حيث ان العديد من الأمور على المحك هنا، خصوصا اذا وقع صراع لا تكون نتائجه واضحة، على الرغم من أنه جرى تجاوز العديد من الخطوط الحمراء.
وبحسب التقرير، فإن الفصائل العراقية قد تختار المشاركة في العمليات الانتقامية، من داخل سوريا أو لبنان، لمحاولة الحد من ردود الفعل السلبية ضد العراق. الا انه اشار ايضا الى انه لا توجد ضمانات بأن اسرائيل لن تقوم باستهداف قادة هذه الجماعات والبنية التحتية للحشد الشعبي.
ونبّه الى ان القلق الاكبر يتعلق باحتمال ان بعض فصائل الحشد الشعبي سوف تقوم بمهاجمة القوات الامريكية في العراق وسوريا، وأن الولايات المتحدة ستقوم عندها بالانتقام، مما سيعزز من زعزعة استقرار العراق.
ومضى التقرير بالقول انه فيما تستعد المنطقة للرد الإيراني الحتمي والهجوم المضاد من جانب اسرائيل، فان العراقيين وغيرهم من سكان الشرق الأوسط، في حالة انتظار بلا حول لهم ولا قوة.
وختم التقرير بالاشارة الى أن وقف التصعيد بين ايران واسرائيل من خلال المساعدة الامريكية والقوى الاخرى، ووقف اطلاق النار في غزة، يمكن أن يقلص من الضرر الذي يلحق بالاستقرار النسبي الذي حققه العراق بصعوبة.
ترجمة: وكالة شفق نيوز
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية