عضو في البرلمان الاتحادي الألماني: لكي تفهم شجاعة البيشمركة يجب ان تزور مناطق وسط العراق
أعلن عضو البرلماني الاتحادي الألماني، ماكس لوكس، لشبكة رووداو الإعلامية أنه يهمه جداً أن يتواجد في إقليم كوردستان، مشيراً إلى أن من يريد أن يفهم حرب داعش ويدرك الشجاعة التي أبداها البيشمركة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فعليه أن يزور مناطق وسط العراق التي شهدت أغلب معارك تلك الحرب.
وأكد ماكس لوكس أنهم وحلفاءهم لن يتخلوا عن إقليم كوردستان، وسيواصلون العمل مع إقليم كوردستان وحكومته وشعبه، ويتطلعون إلى تعزيز دور الإعلام وتعزيز حرية الصحافة وتحسين حالة حقوق الإنسان في إقليم كوردستان.
جاء ذلك في حوار أجرته شبكة رووداو الإعلامية يوم (13 تموز 2024) مع البرلماني الألماني، ماكس لوكس، الذي عبر عن تأييده لقيام البرلمان الألماني بتمديد تفويض القوات الألمانية في إطار مهمة التحالف الدولي للقضاء على داعش في إقليم كوردستان والعراق.
رووداو: أنت عضو في الوفد، أود أن أعرف ما هو هدف الوفد؟
ماكس لوكس: هدف الوفد هو أن نبين أننا لن نسمح بأن يكون حلفاؤنا في هذا الإقليم وحيدين، وسنواصل العمل المشترك مع هذا الإقليم وحكومته ومجتمعه،، ونولي اهتماماً كبيراً بالملفات الخاصة التي هي قريبة إلى قلوبنا، مثلما أننا ندافع عن الإيزديين بعد مرور عشر سنوات على الإبادة العرقية التي ارتكبت ضدهم.
رووداو: مذ كم يوماً وأنت هنا؟ أظن أنهما يومان.
ماكس لوكس: وصلنا أمس.
رووداو: إذن وصلتم أمس. أي أن هذا يومكم الثاني وكانت لكم لقاءات عديدة. لهذا أود أن أعرف كيف كانت النتائج حتى الآن؟
ماكس لوكس: النتيجة هي أن الجميع يريد للعلاقات الألمانية أن تدوم. كما نريد نحن أن تستمر علاقاتنا في عدد من الجالات. أنا أرى أن نواصل علاقاتنا مع وجود عسكري هنا في إقليم كوردستان. من المهم أن ندعم حلفاءنا ونعلم البيشمركة ونشجع على إصلاح قوات البيشمركة. لكننا أيضاً نريد أن نرى بعض الخطوات من جانب الحكومة هنا، كتعزيز الإعلام وحرية الصحافة لتحسين حالة حقوق الإنسان في هذا الإقليم، وأن تبذل الجهود كافة من أجل العثور على حل لسنجار كي يتمكن الإيزديون من العودة.
رووداو: أشرتم إلى حقوق الإنسان، وأعلم أن هذا واحد من المواضيع التي يركز عليها هذا الوفد. ما هو تقييمكم للأخذ باللقاءات التي أجراها الوفد اليوم في أربيل مع مختلف الأحزاب، وربما ستكون لكم يوم غد لقاءات مع وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية؟ كيف تجدون حالة حقوق الإنسان؟
ماكس لوكس: بداية، أود أن أقول أننا نلمس أوضاع حقوق أفضل هنا في هذا الإقليم مقارنة بجميع أنحاء العراق. هذه علامة جيدة. لكننا نريد أن نرى الصحفيين يعملون بحرية ونريد أن نشهد انتخابات حرة. ثم أن حقوق الإنسان تضم أيضاً الوصول إلى البنى التحتية الاقتصادية، كالصحة والعمل. نريد أن نرى الفرص، خاصة لشباب هذا الإقليم لينعموا بحياة جيدة وكريمة.
رووداو: هل ستقتصر زيارتكم على إقليم كوردستان أم تخططون لزيارة مناطق أخرى أيضاً؟
ماكس لوكس: سنزور أيضاً بعض المناطق في وسط العراق.
رووداو: في وسط العراق! أي أن التركيز ليس منصباً على إقليم كوردستان وحده؟
ماكس لوكس: رؤيتي الشخصية هي أن إقليم كوردستان مهم جداً عندي، وأن أكون هنا وأبين للإقليم أننا لن نترككم لوحدكم، لكن إن كنت تريد أن تفهم حرب داعش والشجاعة التي أبداها البيشمركة في حرب داعس، فعليك الذهاب إلى مناطق وسط العراق، لأن الكثير من المعارك وقعت هناك.
رووداو: هذا صحيح. هل لا تزال علاقات إقليم كوردستان وألمانيا مستقرة أم أن هناك تطورات في هذه العلاقة؟
ماكس لوكس: العلاقة بين ألمانيا وإقليم كوردستان هي علاقة من القلب في الحقيقة. نحن في ألمانيا عندنا أكبر جالية إيزدية في العالم. كذلك عندنا واحدة من كبريات الجاليات الكوردية في العالم. لدينا الكثير من العلاقات الشخصية. يوجد كثير من السياسيين هنا في أربيل، درسوا في ألمانيا ويعملون على ممارسة السياسة هنا وأن يصبحوا مشرعين. لذا، يوجد الكثير من هذه العلاقات التي تعزز علاقاتنا. في سياق المصالح الإنسانية أيضاً، نرى أن كثيرين في هذا الإقليم يتبنون نفس قيمنا.
رووداو: وزير الخارجية الألماني الحالي ينتمي إلى حزب الخضر، حزبكم، أود أن أعرف ماذا قدمتم في حزب الخضر لتنمية العلاقات بين أربيل وبرلين؟
ماكس لوكس: لدينا الكثير من العلاقات الصلدة في هذا الإقليم. نعمل معاً في المجالات كافة، كالتعليم في جامعة دهوك، لدينا هناك تعليم جيد للنفسانيين. لدينا العديد من المشاريع ونعمل معاً للتغلب على أزمة المناخ وخلق أعمال جديدة. ليدنا الكثير من المشاريع التي تضم المجتمع المدني. كذلك، لدينا مشاريع لضحايا داعش لخلق رؤية عندهم مثل مشروع (العودة إلى الحياة)، لدينا الكثير من مخيمات النازحين داخلياً في دهوك.
رووداو: ذكرتم الإيزديين، وقد وصف البرلمان الألماني هجمات 2014 على الإيزديين بالإبادة العرقية، وكان لكم شخصياً دور مهم للغاية في إصدار هذا القانون. ماذا تقدم ألمانيا للإيزديين في ألمانيا وفي إقليم كوردستان؟
ماكس لوكس: في ألمانيا، نحاول مساعدتهم للعيش وفق تقاليدهم وديانتهم بكرامة وبحرية. كما نعمل في ألمانيا على مساعدة الشباب الإيزدي على إدخال إصلاحات بصورة من الصور على ديانتهم بحيث تنال المرأة الحرية وتكون لها حرية الاختيار في مسألة الزواج. هنا في إقليم كوردستان، نريد الدفاع عن الإيزديين لأننا نرى أن كثيراً من الأطراف والسياسيين في هذا الإقليم، يستخدمون السياسيين لأغراضهم السياسية، كأدوات في اللعبة.. لدينا أكبر جالية إيزدية وهم مواطنون ألمانيون، لذا فإن كونهم محميين وأن يكون لهم مستقبل في هذا الإقليم، قضية وطنية عندنا. كما نريد ضمان مستقبلهم في ألمانيا. لهذا أعارض بشدة إعادتهم التي تدعو لها وزيرة داخليتنا، نانسي فيزري، التي هي من الاشتراكيين الديمقراطيين، فنحن نريد المستقبل الحقيقي للإيزديين هنا في سنجار وأينما كانوا. لهذا ندافع عنهم في مواجهة كل شخص، ونشدد على التزاماتهم تجاه تنفيذ اتفاقية سنجار، ويجب أن يبذلوا ما في وسعهم، ويقدموا كل سلطاتهم لتحقيق السلم.
رووداو: كيف تجد سنجار؟
ماكس لوكس: كيف أجده؟
رووداو: كيف تجده؟ أنا واثق أنك مطلع على أوضاع سنجار، وتتابعها عن كثب.
ماكس لوكس: على المستوى الشخصي، أنا متضايق إذ أرى سنجار غير آمنة، وسنجار لم تجر إعادة إعمارها، والكثير من الإيزديين عاجزين عن العودة إلى سنجار بسبب الافتقار إلى الينى التحتية والأمن والسلم، بل ليس هناك أي ضوء في الأفق يبشر بفرص عمل ومعيشة. من المحزن أن أرى الإيزديين وهم ضحايا الإبادة العرقية الكارثية التي ارتكبها بحقهم داعش، لا يزالون يقيمون في مخيمات النازحين التي ترعاها الحكومة العراقية. هذا يعود بي إلى نظرتي السياسية، والتساؤل كيف تعلن الحكومة العراقية أنها تريد إغلاق مخيمات النازحين، من جهة، ومن الجهة الأخرى لا تنفذ التزاماتها بموجب اتفاقية سنجار. أتطلع إلى رؤية خطوات حقيقية لنتمكن من إغلاق مخيمات النازحين يوماً ما، مع مراعاة الناجين الإيزديين.
رووداو: من الذي تلقي عليه باللائمة في الفشل في تنفيذ اتفاقية سنجار؟
ماكس لوكس: لا ألوم أحداً، لأني لا أعتقد أن اللوم يجدي نفعاً، لكني أعلم من الذي تقع عليه المسؤولية الأكبر ومن الذي لا تقع عليه المسؤولية الأكبر. الجزء الأكبر من المسؤولية في هذه الاتفاقية يقع على الحكومة المركزية العراقية وعلى بغداد، فيما يقع جزء أصغر منها على حكومة إقليم كوردستان. لا شك أن السلم في سنجار لن يتحقق مع استمرار العمليات العسكرية التركية المزعزعة للاستقرار.
رووداو: ذكرت أن الإيزديين يتم استغلالهم من جانب أحزاب العراق. هذا القلق شائع في العراق وحتى في إقليم كوردستان. بصفتك برلمانياً ألمانيا يركز على أحوال الإيزديين، هب تعانون في ألمانيا من هكذا قلق؟
ماكس لوكس: أنا لا أشعر بهذا القلق، فأنا برلماني منذ 2021 ولم أر في برلماننا قانوناً يصدر بدون تعريف أو في الخفاء، الإقرار بالإبادة العرقية للإيزديين صدر عن البرلمان الألماني علناً.
رووداو: أنا أقصد العراق.
ماكس لوكس: لا أعتقد أن هذا لعبة أحزاب في بلدنا.
رووداو: لا، لا، أنا لا أتحدث عن بلدكم. أتحدث عن العراق حيث استغل الإيزديون بصورة من الصور من جانب الأحزاب. هذا القلق شائع في العراق وكثيرون بتحدثون عن استغلال المجتمع الإيزدي بطريق ما لأغراض سياسية للأحزاب أو تم استغلال الإبادة العرقية التي تعرضوا لها. هل تشعرون بنفس القلق؟
ماكس لوكس: أنا أيضاً أشعر بهذا القلق.
رووداو: في سياق متصل بالإيزديين، يوجد العديد من العراقيين، قرابة 30 ألفا، طلبوا اللجوء ورفضت طلباتهم من جانب محاكم ألمانية مختلفة، وقسم من هؤلاء إيزديون. ما رأيك في هذا؟
ماكس لوكس: عندما أصدرنا قرار الإقرار بالإبادة العرقية للإيزديين، أوضحنا أن الإيزديين يجب أن تتاح لهم فرصة الحصول على حق اللجوء في ألمانيا. الآن عندما نجد أن بعضهم قد أعيد فعلاً، فإن ذلك ليس تجاذباً سياسياً. نحن نتحدث عن أطفال إيزديين نشأوا في ألمانيا واللغة الوحيدة التي يعرفونها هي الألمانية، بينما تمت إعادتهم إلى قرية وإلى وضع لا يعرفونه ومكان يستذكر فيه آباؤهم الإبادة العرقبة. لهذا السبب أن أعارض تماماً إعادة الإيزديين. هذه مسؤولية وزيرة داخليتنا، مسؤولية نانسي فيزر التي هي عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. عليها حقاً اتخاذ خطوة في هذا السياق. هي تريد زيادة عدد الذين تجري إعادتهم أكثر فأكثر، لكنها بينما تسعى لزيادة العدد، فإن العملية تطال أشخاصاً هم بأمس الحاجة إلى حمايتنا. هذا مرفوض عندي.
رووداو: تحدثنا إلى العديد من الإيزديين في ألمانيا، وكانوا يطالبون الحكومة الألمانية بالحوار بشأن تلك الحالات. ماذا يمكن أن تقدموا لهؤلاء؟
ماكس لوكس: نحن نعمل على إقناع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بإيقاف عمليات الإعادة تلك. هذا أمر يجب أن نفعله، لكن هناك أموراً أخرى يمكن أن نفعلها كأعضاء في البرلمان. ما تعلمته في العمل كسياسي هو أن السياسة ليست أن تشير بأصبعك للآخرين وحسب، بل هناك أمور أخرى بمكننا فعلها كبرلمان. يمكننا إصدار قانون خاص بطالبي اللجوء الإيزديين هؤلاء، ونعمل على ذلك ونأمل من شركائنا في تحالفنا كالاشتراكي الديمقراطي والحزب الليبرال في البرلمان أن يقبلوا بهذا.
رووداو: في وقت قريب، في تشرين الأول القادم، سينتهي تفويض البرلمان الألماني لبقاء القوات الألمانية في إقليم كوردستان. هل ستؤيدون أنتم وكتلة حزبكم البرلمانية، الخضر، تمديد التفويض هذا للقوات الألمانية؟
ماكس لوكس: دعني أكون صريحاً. نحن نحب أن نستمر نحن وجنودنا في المهام التي نؤديها هنا، وفي الواقع نريد استمرار هذا العمل، لأن عملنا هنا يعني الكثير. نحن نؤمن الاستقرار لهذا الإقليم. نستطيع العمل معاً وتعليم البيشمركة. إلى جانب هذا، فإننا أسوة بكل العالم يجب أن نكون ممتنين للبيشمركة الذين هزموا داعش من أجلنا جميعاً. لكن السؤال هو: هل نستطيع الاستمرار في مهامنا؟ هذا ليس منوطاً بنا وحدنا، نحن بحاجة إلى طريقة لمواصلة أعمالنا. أرجو أن نتمكن من الاستمرار في مهامنا هنا مع تواجد عسكري، كما هو الآن، لكننا لا نعرف بعد هل هذا ممكن أم لا، بسبب المفاوضات بين بغداد وأمريكا.
رووداو: توجد الآن مفاوضات بين بغداد وأمريكا حول إنهاء مهام التحالف الدولي للقضاء على داعش في العراق. ألمانيا جزء مهم ورئيس من هذا التحالف الدولي. فهل ألمانيا مطلعة على مضامين تلك المفاوضات؟
ماكس لوكس: ألمانيا تعلم جيداً أهمية هذه المفاوضات، لكنها ليست مطلعة على كل المضمون، لأنها مفاوضات بين بغداد وأمريكا. لكن ألمانيا مطلعة جيداً على ما طلبنا من الحكومة المركزية العراقية أن تنجزه. طلبنا من الحكومة العراقية أن تصدر قراراً يكون بحق في صالحهم لتنعم هذه المنطقة بالاستقرار، ولتأمين سيادة هذه المنطقة وكل البلد، وأن تستمر مع قواتنا هنا وضمن التحالف.
رووداو: دعني أطرح السؤال هكذا: هذا يعني أن بقاءكم رهن بالمفاوضات بين العراق وأمريكا لتقرر هل تبقى القوات الألمانية في العراق أم لا؟
ماكس لوكس: هذا رهن بالقانون الدولي. بموجب القانون الدولي نحن بحاجة إلى دعوة من بغداد لنتواجد هنا.
رووداو: وماذا يقول تقييمكم للوضع في العراق؟ هل تعتقد أن وضع العراق والمنطقة ملائم لاتخاذ خطوة إنهاء مهام التحالف الدولي؟
ماكس لوكس: أدعو الحكومة المركزية العراقية بحق إلى عدم إيقاف أعمالنا هنا، لأن أعمالنا مهمة جداً لهزيمة داعش. معلوم أن قوات داعش انتهى تفوقها العسكري، لكن داعش لا يزال خطراً يهدد الاستقرار هنا في المنطقة وإقليم كوردستان وكل العراق وكل الشرق الأوسط. لذا فإن تواجدنا العسكري مهم جداً للعراق ولإقليم كوردستان. أعلم أن هناك كثيرين في هذا الإقليم يثنون على قيامنا بتدريب البيشمركة، ونحن نعمل معاً ونشجع الإصلاح وتوحيد قوات البيشمركة. هؤلاء يريدون لنا أن نواصل أعمالنا هنا. أنا أيضاً أريد أن يواصل جنودنا هنا عملهم العظيم هذا. الجنود أيضاً يريدون هذا، لأننا نريد أن نبين للشعب الكوردي أنه بعد ما جرى في 2014 و2015 لن نتركهم وحدهم. ثم بعد الذي جرى في العقود الماضية، فكر في الإبادة العرقية بحلبجة، علينا بحق أن نقفاً جنباً إلى جنب حلفائنا الكورد. أنا أرى ذلك في هذا الإقليم. لهذا أرجو أن يجدوا حلاً يوفق بين القانون الدولي وبين بقائنا هنا.
رووداو: ألمانيا شريك في خطة البيشمركة وإصلاح البيشمركة، وقواتكم هنا تقوم بعمل حثيث وعظيم في هذا المجال، فهل أنتم مرتاحون للنتائج؟ ففي الواقع لا نلمس حتى الآن على أرض الواقع آثار خطة توحيد قوات البيشمركة وتحويلها إلى قوة وطنية بعيدة عن التدخلات السياسية. هل تشعرون بأي انزعاج من سير عملية تنفيذ الخطة وقد طال الأمد بتنفيذ عملية تشكيل هذه القوة الوطنية من البيشمركة؟
ماكس لوكس: أتعلم أن اللافت للنظر هو أنني كنت في العراق قبل سنتين، وكان الجميع يخبرني بوجوب توحيد قوات البيشمركة، ويقدمون تطمينات بنسبة 100% بخصوص توحيد القبيشمركة، لكن الذي نجده اليوم هو أن البيشمركة لم يتم توحيدهم. من الجيد أن كل اللاعبين السياسيين الرئيسيين يريدون توحيد البيشمركة، لكننا في الحقيقة نريد أن نرى النتائج. نريد أن نرى قوة بيشمركة موحدة بحق.
رووداو: ولا ترونه حتى الآن؟
ماكس لوكس: نعم، لا نراه حتى الآن.
رووداو: لديكم دور في بوندشتاغ (البرلمان الألماني) في مجال مراقبة حقوق الإنسان في تركيا. كيف تقيم حالة حقوق الإنسان في تركيا؟
ماكس لوكس: لا أتولى فقط مهمة مراقبة حقوق الإنسان في تركيا، بل أنا رئيس جمعية البرلمانيين الألمان – الأتراك، وهذا موضع فخر كبير لي، خاصة في عمري هذا وعندما تكون حديث عهد بالبرلمان، فنحن نقول إنها أهم جمعية عمل برلماني بعد الجمعية الأمريكية. نقول هذا لأن عندنا الكثير من العلاقات الشخصية بين ألمانيا وتركيا. في دائرتي الانتخابية بمدينة (بوخوم) ربما تمثل التركية اللغة الأم الكبرى الثانية للأهالي والأطفال المولودين حديثاً، وهو أمر جيد للغاية. لهذا أستطيع أن أفهم شيئاً من التركية، فقد نشأت هناك، وعندما أفكر في تركيا وأتحدث عنها، لا أرى الحكومة والفاعلين السياسيين فقط، بل أرى الكثير من الناس، أرى مجتمعاً مجتهداً والكثير من الشباب الذين يسعون لإرساء ديمقراطية جيدة ولخلق دور قوي للقانون. من المحزن أن أرى دور القانون هذا يتعرض للهجوم، على سبيل المثال، عدم تنفيذ القرارات التي تصدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. من المحزن أن أرى القوات التركية وهي تنفذ عمليات في سوريا والعراق وتنتهك القانون الدولي أحياناً خلال تلك العمليات. هذا واحد من أمور عديدة يجب أن نناقسها مع تركيا.
رووداو: كيف تجد أوضاع الكورد في تركيا؟
ماكس لوكس: نحن نرى أوضاع الكورد في تركيا على أن الكورد جزء من تركيا. إنهم مواطنون في تركيا. إسطنبول واحدة من كبى المدن الكوردية في العالم. يوجد فيها الكثير من الكورد. لا أحد ينكر أن إسطنبول مدينة كوردية. عندما أقول هذا، فأنا أعتقد أن الديمقراطية تكون أقوى عندما تتعامل بصورة جيدة مع أقلياتها. الكورد في تركيا أقلية ولا يجري التعامل معهم بصورة جيدة في جمع النواحي. تصور القمع السياسي الذي يمارس ضد صلاح الدين دميرتاش، الذي هو صوت للقضية الكوردية في تركيا. في التعليم، أرى أن الوصول إلى الدروس الكوردية ليس كما يجب، وليست هناك تربية وإجراءات رسمية باللغة الأم، بالكوردية. أعتقد أن هذه خطوات يجب أن تتخذها تركيا. أعتقد أن ديمقراطية تركيا تحتاج بحق إلى بداية جديدة لعملية السلام الخاصة بالقضية الكوردية. فبدون العثور على حل للقضية الكوردية وبدون استئناف عملية السلام، لن يكون هناك سلام في المنطقة ولا في تركيا. أعتقد حقاً أن عليهم أن يفعلوا ذلك وسيستفيدون منه في البلد ككل، كبلد موحد تعددي.
رووداو: لكن الحكومة التركية الحالية تقول إنها حلت المشكلة الكوردية في تركيا ولم يعد هناك شي اسمه المشكلة الكوردية. هذا ما كرره الرئيس التركي أردوغان السنة الماضية في خطاباته. ما رأيك في هذا؟
ماكس لوكس: أعتقد أنهم لم يحلوا المشكلة الكوردية، لأن المشكلة الكوردية واحد من أسباب بقاء صلاح الدين دميرتاش كسياسي معارض في السجن، والمشكلة الكوردية لن تحل طالما كان هناك صراع مسلح بين قوات حزب الاتحاد الديمقراطي والجيش التركي في شمال سوريا. هذا الصراع قائم كل يوم، وطالما استمر هذا الصراع، لن تحل المشكلة والقضية، لكن يجب حلها. يجب حلها بالحوار مثلما أنا وأنت نتحاور على طاولة وليس في ميادين المعارك ولا بالسلاح.
رووداو: الحرب بين الجيش التركي وPKK تدور الآن في إقليم كوردستان العراق وداخل حدود الدولة العراقية، وتركيا عضو في ناتو، وألمانيا أيضاً عضو في ناتو. كيف تجد هذه العملية العسكرية؟
ماكس لوكس: سياسيونا في حزب الخضر ووزير الخارجية الذي هو من حزبنا كما قلت أنت، رأيت وزير خارجية واحد من بين جميع دول ناتو يرفع صوته ويصرح بوضوح في تركيا وفي إسطنبول في مؤتمر صحفي مع وزير التركي، إن الطريق الذي يسلكه الجيش التركي في سوريا والعراق غير مسموح به وفق القاتون الدولي. كانت تلك كلمة قوية جداً وهي موقفنا. نحن لسنا ضد الحرب على الإرهابيين، لكننا ضد عمليات عسكرية تهدد المدنيين وتقتل المدنيين وتزعزع استقرار كل المنطقة وديار الإيزديين.
رووداو: تتابع الشأن الإيراني أيضاً.
ماكس لوكس: أجل. هذا لصالح جمعية برلمانيي المجلس الأوروبي.
رووداو: لإيران الآن رئيس جديد، مسعود بزيشكيان. هل تتوقع أن نشهد أي تغيير في السياسية الخارجية الإيرانية؟
ماكس لوكس: لا، لا أعتقد ذلك. لا أثق بتلك الحكومة. لا أثق بتلك الانتخابات. أعتقد أن هذا النظام الإيراني لا يحظى بمساندة غالبية شعبه، وليس لهذا النظام الإيراني نية حسنة في المنطقة. أنظر إلى الوضع السيء لأهالي غزة. الناس تعاني كل يوم في غزة، الرجال والنساء والأطفال الأبرياء يقتلون. بينما النظام الإيراني يستغل آلامهم. لهذا قاموا بتمويل هذه المأساة. هذا النظام الإيراني لا يريد من المنطقة غير المال والنفوذ له.هذه مشكلة كبرى ولهذا يجب أن ندعم شعب إيران والشعب الكوردي في إيران.
رووداو: هذا كلام صريح يصدر عنك.
ماكس لوكس: ألم يجتمع شعب إيران وكورد إيران بالضد من هذا النظام، ثم خرجوا إلى الشوارع؟
رووداو: هل تتوقع من إيران أو حكومتها الحالية أن تتخذ خطوة بخصوص القضية الكوردية؟ على الأقل في السنوات القليلة القادمة؟
ماكس لوكس: بصراحة، لا أتوقع من هذا النظام أي خطوة جيدة تصب في مصلحة الإنسانية.
رووداو: حسناً، إن كان هذا موقفك، فما هو تقييمك للدول الأوروبية التي تريد الدخول في محادثات مع إيران وتقبل بإيران كجزء من المجتمع الدولي بشكل من الأشكال، وترى أن خير الطرق للتعامل مع إيران وحل المشاكل الداخلية والإقليمية مع إيران هو الحوار، مثلها مثل إي دولة أخرى؟
ماكس لوكس: هذا واحد من أهم الأسئلة، لأنني في تقريري لجمعية برلمانيي المجلس الأوروبي عن إيران، أشرت إلى هذا. ما أراه، ويخيفني بحق، هو أن ستراتيجية الاتحاد الأوروبي وناتو تجاه إيران ليست كما ينبغي. نحن نسمح لإيران بأن تتلاعب بنا. أنظر فقط إلى الرهائن الذين احتجزهم هذا النظام. ليس لدى أوروبا ستراتيجية مشتركة تجاه مختلف مواطني دولنا. لهذا يجب أن نعثر على ستراتيجية مشتركة، طريق مشترك يمكننا من خلاله الدفاع عن مواطنين المحتجزين كرهائن، والتحرك من خلاله ضد هذا النظام، مثل عقلية غالبية شعب إيران الشجاع.
رووداو: بخصوص روجآفاي كوردستان، شمال شرق سوريا، المناطق التي يقطنها الكورد، كيف تجد الوضع هناك، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية الإعلام في الإدارة الذاتية التي يديرها حزب الاتحاد الديمقراطي؟
ماكس لوكس: حالة حقوق الإنسان هناك لا تخلو من عيوب، وربما هي بعيدة جداً عن كونها جيدة. فمن خلال نظرة على تقرير مراقبة حقوق الإنسان لمنظمة العفو الدولية مثلاً، نجد تجنيد الأطفال بالإكراه. هذا ليس مقبولاً من أي منظور لحقوق الإنسان، لكن عليك بالتأكيد أن تقارن حالة حقوق الإنسان في هذه المنطقة مع مناطق سوريا الأخريات التي تخضع لسلطة الأسد أو لسلطة حلفاء الجيش التركي المتمثلين في الفصائل الإسلامية، حينها تجد أن حالة حقوق الإنسان أفضل في المناطق التي تخضع للسلطة الكوردية في شمال شرق سوريا.
رووداو: برأيك، ماذا على ألمانيا والمجتمع الدولي أن يفعلوا لحماية حقوق الكورد في سوريا المستقبل؟
ماكس لوكس: عليهم أولاً العثور على طريق مشترك لسوريا. نحن نقود طريقاً أوروبياً مشتركا بخصوص سوريا، لأننا لو نظرنا الآن إلى سوريا وما فعلناه هناك، ستجد أننا فشلنا في تحقيق أهدافنا، لأن أحد أهدافنا يجب أن يكون حماية كورد سوريا، وأعتقد أن أحد مفاتيح هذا هو التعامل مع السلطة الكوردية في شمال سوريا. ثم يجب أن نعثر على طريق يجعل حليفتنا في ناتو، تركيا، توقف عملياتها العسكرية في سوريا. هذا مهم بصورة خاصة لحماية الأقلية الكوردية، لأن الكثير من التقارير تتحدث عن انتهاكات حقوق إنسان ضد الشعب الكوردي من جانب القوى الحليفة لتركيا. هذا ليس مقبولاً. ربما يكون هذا أمراً يجب أن نتحدث به بإصرار وبصوت عالٍ مع تركيا.
رووداو: كيف تقيم محاولات دول مختلفة لتطبيع علاقاتها مع نظام الأسد؟ وهل تؤيد هذه المحاولات؟
ماكس لوكس: نظام الأسد واحد من أكثر النظم وحشية على مستوى العالم. لهذا لست موافقاً على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد. علينا أن نعلم أن سياستنا تجاه سوريا لم تنجح كما أردنا لها، وأحد أسباب ذلك هو روسيا وتأثيرها ودعمها للأسد. لهذا أعتقد أننا في الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى حوار بشأن طريق جديد يخص سوريا.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية