إيران تعتزم إجراء تغييرات في عطلة نهاية الأسبوع
يوجد في إيران 26 عطلة رسمية تتكون من مناسبات وطنية ودينية يعتمد معظمها على التقويم القمري الإسلامي، هذا بينما يتم تنظيم الدولة على أساس التقويم الهجري الشمسي الإيراني.
ويشكو مجتمع الأعمال من أن العطلات الرسمية، خاصة تلك التي تتغير بسبب وجود تقويمين، تضغط على تخطيط الموارد وتقوض الكفاءة في الأعمال، في ظل هذه الخلفية، تم إجراء بعض التعديلات في السنوات الأخيرة على أيام العطل الرسمية، لكن الوضع لا يزال معقدًا، ففي بعض الأحيان، يمكن طلب إغلاق الشركات والمدارس بسبب تلوث الهواء وأسباب تتعلق بالمناخ وغيرها من الأمور.
تبرر الحكومة ارتفاع عدد أيام العطل الرسمية بكون عطلة نهاية الأسبوع في إيران مؤلفة من يوم واحد وهو يوم الجمعة.
في الواقع، تبين إحدى الدراسات المقارنة أنه إذا تم احتساب أيام العطل الرسمية وعطلات نهاية الأسبوع معًا، فسيكون لدى إيران أيام عطلة أقل بكثير من أيام العطل في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، ويتم تطبيق أسبوع العمل الإلزامي الرسمي الذي يمتد لستة أيام من السبت إلى الخميس على المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية. هذا بينما تميل غالبية الشركات، بما في ذلك الشركات العامة، إلى العمل من السبت إلى الأربعاء.
هذا يعني أن الشركات الإيرانية، وخاصة تلك التي تربطها بالشركات الدولية مباشرة علاقة عمل، تواجه انقطاعًا في الاتصال لمدة أربعة أيام.
فعطلة نهاية الأسبوع الإيرانية الواقعة بين الخميس والجمعة يتبعها عطلة نهاية الأسبوع المعتمدة عالميًا أي السبت والأحد.
وللحد من تأثير هذا الانقطاع، أدخلت الكثير من الشركات الفرعية المحلية للشركات الدولية أسبوع عمل يمتد من الأحد إلى الخميس من دون اعتراضات رسمية، طالما أن الشركات تعوض موظفيها عن ساعات نهاية الأسبوع المخصصة للعمل.
ودفع هذا الشرخ معظم الدول الإسلامية في المنطقة إلى اعتماد صيغة موحدة كحل عملي فأعلنت الجمعة والسبت عطلة نهاية الأسبوع.
أما الإمارات العربية المتحدة فانتقلت إلى عطلة نهاية الأسبوع المعمول بها دوليًا واعتمدت أسبوع عمل مدته أربعة أيام ونصف.
وعلى الرغم من أن هذا التعديل أثار غضب رجال الدين المحافظين في الدولة، غير أنه جعل أيام عمل مجتمع الأعمال الإماراتي تتماشى مع المعايير الدولية.
ولعل ما أثار الاهتمام في هذا السياق هي تلك الخطوة المتقدمة التي سجلها مجتمع الأعمال الإيراني للمضي قدمًا في الاتجاه المطلوب.
فقد صرح رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الإيرانية، غلام حسين شافعي، في مقابلة أن الغرفة تجري محادثات مع كبار رجال الدين للحصول على موافقتهم على تغيير عطلة نهاية الأسبوع الإيرانية الرسمية وتحديد أسبوع العمل من الأحد إلى الخميس.
هذا من شأنه أن يبقي يوم الجمعة، الذي يعد يوم العطلة الأساسي للمسلمين، يوم إجازة لكن في المقابل يضمن تداخل يوم إضافي بين الشركات الإيرانية وتلك العالمية.
المحاولة الحالية لتعديل عطلة نهاية الأسبوع بين الحكومة والبرلمان هي سابع مبادرة من نوعها منذ عام 2016. في الماضي، ضغط ممثلو مجتمع الأعمال على السلطات لتغيير أسبوع العمل رسميًا لتسهيل التعاون مع الشركات الدولية. لكن الحملات السابقة فشلت في إدخال التغييرات القانونية اللازمة.
المختلف هذه المرة هو أن الاقتراح أتى من داخل البرلمان لإجراء التعديل من خلال إقرار قانون.
وأشار النائب محسن بيرهادي في الفترة الأخيرة إلى تحول محتمل، قائلًا: “من أجل تقليل تكلفة زيادة الإجازات الرسمية في البلاد، يتعين علينا توحيد الأعياد قدر الإمكان وفقًا للمعايير الدولية”. وأوضح أنه “يجب اعتماد نهج لا يضعف الدورة الاقتصادية للبلاد ولا يقوض الفوائد المحتملة من التبادلات والمعاملات الدولية”.
في غضون ذلك وبحسب ما نقل مشرع آخر هو أبو الفضل أبو ترابي، فإن الحكومة تعد مشروع قانون للإعلان عن أن أسبوع العمل مدته خمسة أيام، من السبت إلى الأربعاء، متجاهلة تمامًا ما يقوم مجتمع الأعمال من حملات لعكس الأمر. وقال أبو ترابي: “في اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1998، تم الاتفاق على أن الدول الإسلامية يجب أن تعلن يوم السبت بدلًا من الخميس كجزء من عطلة نهاية الأسبوع. الآن، قللت معظم الدول الإسلامية الفارق بين عطلات نهاية الأسبوع وبقية العالم من خلال الإغلاق يومي الجمعة والسبت”. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 2011 غيرت اسمها إلى منظمة التعاون الإسلامي.
أما دافع الحكومة وراء تقصير أسبوع العمل الرسمي فهو التوفير البحت، حيث ستكون قادرة على تقليل تكلفة إبقاء المدارس والمكاتب العامة مفتوحة يوم الخميس.
وتهدف العملية القانونية الجارية إلى تعديل المادة 87 مما يسمى “قانون إدارة الخدمات العامة” بشأن ساعات العمل الأسبوعية لموظفي الخدمة المدنية. ويخفض التعديل ساعات العمل من 44 إلى 42.5 ساعة أسبوعيًا و170 ساعة في الشهر. والجدير بالذكر أن التشريع يسمح أيضًا للمنظمات بتوزيع ساعات العمل بين أيام الأسبوع. علاوة على ذلك، يتيح القانون “لجميع الهيئات التنفيذية، بما في ذلك المقرات الوطنية والإقليمية، باستثناء الوحدات التشغيلية لمراكز الخدمة مثل الوحدات ذات الصلة بالرعاية الاجتماعية والبنوك والمستشفيات ومراكز العلاج الصحي والمرافق الرياضية والجيش وإنفاذ القانون والوحدات الأمنية، تحديد ساعات عملها على خمسة أيام في الأسبوع”.
وتستند المبادرة البرلمانية إلى عدم تحديد النص القانوني ليوم عطلة بشكل واضح أو ليومي الجمعة والسبت كعطلة نهاية أسبوع رسمية. ومع ذلك، من المتوقع أن تصر الحكومة على إعلان يوم الخميس كأحد أيام عطلة نهاية الأسبوع الرسمية.
في عدد من المجالات، ولا سيما بالنظر إلى الزيادة المحتملة في معدلات السياحة الداخلية والتأثير العام على الكفاءة، لا يوجد فرق حول أي يوم سيحدد على أنه عطلة نهاية الأسبوع. ومع ذلك، مع مراعاة تداخل أيام العمل بين إيران وبقية العالم، سيكون من المهم إعلان يوم الخميس يوم عمل. وبحسب رئيس هيئة التنمية التجارية الحكومية ولي الله أفخمي راد، فإن “استمرار الوضع الراهن سيعني أن إيران لن تكون قادرة على تحقيق إمكاناتها في التجارة الدولية”.
في رأيه، “إذا توقفنا عن العمل أيام السبت بدلًا من الخميس، فإننا نوائم عطلاتنا مع البلدان الأخرى، ما سيؤدي إلى مزيد من النجاح في التجارة العالمية وظروفًا أفضل مع جيراننا”.
يمكن القول في نهاية المطاف إنه وبالمقارنة مع الاقتراحات السابقة، تم إجراء التعديلات القانونية، لكن يتم تحديد أيام عطلة نهاية الأسبوع بشكل نهائي بعد. إن إصرار الحكومة على ألا يصبح يوم الخميس يوم عمل من شأنه أن يظهر تجاهلًا لمصالح مجتمع الأعمال.
كما هو الحال في الكثير من الحالات الأخرى، يركز القادة السياسيون بشكل كبير على أيديولوجيتهم المتمثلة في عدم الخضوع للقيم الغربية. ومع ذلك، فإن نخبة الأعمال الأكثر براغماتية والمشرعين المعتدلين يقاومون ذلك. ستشير نتيجة هذا النقاش إلى ما إذا كان بإمكان التكنوقراطية البراغماتية في إيران أن تتفوق على مراكز القوة الأيديولوجية. وحده الوقت سيحدد النتيجة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية