من بين خمسة أقسام فاز العراق بواحد فقط وعليه أن يدفع لتركيا تعويضات عن النقص في صادرات النفط
في شكوى عراقية من خمسة أقسام ضد تركيا بسبب تصدير نفط إقليم كوردستان، ردت محكمة التحكيم الدولية في باريس، أربعة أقسام منها بناء على كون إقليم كوردستان كياناً قانونياً في إطار العراق، ورأت المحكمة أن العراق محق في قسم واحد فقط من مطالبه، وذلك نتيجة التعديل الذي أجري سنة 2010 على اتفاقية الأنبوب الناقل للنفط بين العراق وتركيا، والذي أبرم بين وزير النفط العراقي آنذاك حسين الشهرستاني ووزير الطاقة التركي تانار يلدز.
في نفس الوقت ربحت تركيا شكواها على العراق، لعدم التزام الأخير بالجدول الخاص بكميات النفط التي كان على العراق أن يضخها عبر الأنبوب الناقل للنفط العراقي إلى تركيا.
موقع Middle East Eye (عين الشرق الأوسط) الذي هو موقع خبري يتخذ من لندن مقراً له ويعنى بالأخبار المرتبطة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أشار في تقرير له إلى أنه في الحقيقة وبخلاف ما يدعيه العراق، ليست الحكومة العراقية هي الفائز في ملف شكوى العراق ضد تركيا لسماحها بتصدير نفط إقليم كوردستان.
بعد أن أصدرت محكمة التحكيم الدولية في باريس قرارها، بادرت وزارة النفط العراقية إلى إصدار بيان يشيد بالمحكمة، وأعلن المسؤولون العراقيون بصراحة عن وجهات نظرهم من خلال وسائل الإعلام المحلية والدولية، وعمدت تركيا منذ يوم الاثنين إلى إيقاف تصدير نفط إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان، ولحقت أضرار كبيرة بقطاع النفط في إقليم كوردستان.
لكن حسب موقع Middle East Eye، فإن للخبراء الغربيين والأتراك وجهة نظر مختلفة حول الملف، ورأت المصادر التي تحدثت للموقع أن مسؤولي بغداد لا يتحدثون عن كل جوانب قرار المحكمة في تصريحاتهم.
وقال خبير غربي مطلع على ملف المحاكمة، لـMiddle East Eye: “ربما يحتفل العراقيون بهذا، لكن لو كان الأمر بيدي لطردت محاميهم جزاء على أدائهم غير الجيد”.
ومضى هذا المصدر موضحاً: “رفع العراقيون شكوى على تركيا لانتهاكها اتفاقية العام 1973 الخاصة بأنبوب النفط بين العراق وتركيا، في أربعة مجالات هي: التخزين، النقل، الحق المطلق في الاستخدام، وحق الوصول إلى النفط وشحنه”.
ويشير هذا الخبير إلى أن العراق ربح الدعوى في “القسم الخاص بالشحن” فقط.
وفي إطار شكواها المقدمة لمحكمة التحكيم الدولية في باريس سنة 2014، طالبت الحكومة العراقية تركيا بتعويضات قدرها 33 مليار دولار عن الخسائر التي لحقت بعائداتها.
وفي الشهر الماضي، طالبت بتعويض قدره 58 مليار دولار عن كل النفط المصدر حتى العام 2022.
لكن المحكمة قررت في النهاية أن تدفع تركيا تعويضاً قدره 1.4 مليار دولار فقط للعراق.
ويقول مصدر Middle East Eye إن المحكمة قررت أن إقليم كوردستان جزء من الحكومة العراقية ولكونه كياناً قانونياً من الناحية القانونية، فإن إقليم كوردستان كيان وطرف قانوني في عقد أنبوب العراق – تركيا الناقل للنفط، وأوضح أن “تركيا لم تخطئ عندما أقدمت بناء على طلب حكومة إقليم كوردستان وتوجيهها بنقل النفط وتخزينه”.
ويضيف أن “المحكمة ردت شكوى العراق بخصوص الحق المطلق لاستخدام الأنبوب، حيث كان العراق قد طالب بتعويضه عن كامل مبيعات وعائدات نفطه”.
وزاد المصدر موضحاً سبب وقوف المحكمة إلى جانب العراق في جزئية (الشحن)، وقال: “قررت المحكمة أن تركيا انتهكت الاتفاقية في مجال الشحن فقط، وذلك لأن تركيا قامت بنقل النفط وشحنه بتوجيه وطلب من حكومة إقليم كوردستان، والسبب هو تعديل أجري سنة 2010 في اتفاقية أنبوب العراق – تركيا الناقل للنفط، أضيفت بموجبه نقطة تقول إن شركة سومو التابعة لوزارة النفط العراقية لها الحق الحصري في طلب شحن النفط”.
وفي ضوء تلك المخالفة، ناقشت المحكمة ما إذا كانت تركيا تلقت أموالاً إضافية عن نقل النفط وهل أن تركيا حصلت على تخفيضات استثنائية في سعر النفط، ولهذا جاء قرارها في صالح العراق.
ومع ذلك، قررت المحكمة أن على العراق أن يتحمل 50% من الضرر الناجم عن تخفيض سعر النفط، لأن حكومة إقليم كوردستان التي هي جزء من الحكومة العراقية قد ربحت من بيع النفط واستخدمته لتغطية نفقاتها.
وتحدث مصدر آخر لـ Middle East Eye عن شكوى مضادة سجلتها تركيا على الحكومة العراقية في المحكمة، ويتجنب المسؤولون العراقيون الحديث عن هذه الشكوى التركية.
الشكوى المضادة التركية تخص النقص في كميات النفط المنقولة عبر الأنابيب وعدم دفع أجور النقل لعشرات السنوات السابقة.
والعراق ملزم بموجب اتفاقية أنبوب العراق – تركيا بتصدير كمية محددة من النفط عبر الأنبوب لكي لا يفقد الأنبوب جدواه الاقتصادية.
والحد الأدنى من النفط المصدر الذي يجب أن يلتزم به العراق بموجب الاتفاقية هو كالآتي:
22 مليون طن لسنة 2010
27 مليون طن لسنة 2011
32 مليون طن لسنة 2012
35 مليون طن لسنة 2013
وقد حكمت المحكمة لصالح تركيا بأن على العراق أن يدفع لتركيا تعويضاً قدره 600 مليون دولار لعدم التزامه ببنود الاتفاقية المبرمة بين الجانبين.
وفي بيان أصدرته يوم الثلاثاء (28 آذار 2023) أكدت وزارة الطاقة التركية أنه من بين خمسة أقسام تألفت منها شكوى العراق، حكمت المحكمة لصالح العراق في قسم واحد فقط، بينما حكمت في الأقسام الأربعة الأخرى لصالح تركيا.
وأكد بيان وزارة الطاقة التركية أن المصدر الرئيس لهذه القضية قانوني يرتبط بالخلافات بين حكومتي العراق وإقليم كوردستان حول طريقة إدارة قطاع النفط.
كما جرى التأكيد على أن تركيا أنفقت منذ العام 1973 مليارات الدولارات على صيانة وترميم الأنبوب الناقل.
وفي الختام، قال إن الحكم في أربعة أقسام صدر لصالح تركيا وطالب الحكومة العراقية بدفع تعويضات لتركيا.