نار ‹التسريبات› تصل إلى صلاح الدين.. هدايا ‹أبو مازن› بـ 40 ألف دولار
استدارت بوصلة التسريبات هذه المرة نحو محافظة صلاح الدين شبه الغائبة عن المشهد السياسي، حيث كشفت عن ملفات فساد عميقة ومساومات بالتعيينات، شملت حتى بعض القضاة في المدينة لتعيينهم في مناصب أرفع، وصولاً إلى تهديد المحلل السياسي كتاب الميزان، من قبل رئيس حزب الجماهير النائب أحمد الجبوري (أبو مازن).
على مدار السنوات الماضية، كانت تلك المدينة في عهدة النائب (أبو مازن)، الذي تسلم مهمة إدارتها لعدة سنوات، لكنه ورغم خروجه من منصب المحافظ، ظلت يده موضوعة على الملفات الحسّاسة، ويمتد نفوذه إلى مفاصل عميقة داخل المدينة، التي لم تشهد إعماراً كما هو الحال في مشاريع الإكساء بمحافظتي الأنبار ونينوى.
ملفات فساد بالجملة
ومع مجيء المحافظ السابق عمار جبر عام 2018، كانت الاتهامات تُوجه بشكل متكرر إلى النائب (أبو مازن) بالتدخل في شؤون المدينة والسيطرة على المفاصل الإدارية فيها، حتى فجّرت التسريبات الأخيرة ما كان خلف الكواليس، وهو ما شكل صدمة لأهالي المدينة.
وخلال تلك الفترة، ظهرت إلى السطح عدة ملفات فساد، كانت على الدوام مثار جدل واتهامات متبادلة بين المسؤولين، كملف تأهيل وصيانة الكهرباء، وتركيب كاميرات حرارية، ومستشفى قسطرة القلب، وصفقة وضع حاويات نفايات.
وأظهر التسريب الأخير، طبيعة الوضع داخل المدينة، وتغلغل الفساد المالي والإداري، والتدخل حتى في عمل مجلس القضاء الأعلى.
التسجيل الصوتي الذي سربه الناشط علي فاضل، ليلة الأربعاء (24 آب 2022)، أظهر شخصا يدعى (محمد الهجف) يتصل بـ (أبو مازن) وينقل إليه طلب قاض يدعى (فيصل العزاوي) التدخل لتعينه في المحكمة الجزائية.
كما ينقل عن شخص يدعى القاضي (خلف) قوله، إنه اتفق مع (أبو مازن) على أن يجلب له المبلغ يوم الاثنين، ولديه قائمة بـ 15 شخصاً من منطقته «سيزعل» من أحمد الجبوري، ما لم يعمل على تعيينهم في التربية.
وحسب المتصل، فإن المدعو (القاضي خلف) استلم مبلغ الـ «300 مليون»، مشيراً إلى سحب مليار دينار للضريبة، ويجب تسديدها قبل نهاية السنة، أعطيت لشخص يدعى (أبو صكبان).
من جانبه يقول أحمد الجبوري (أبو مازن) في التسجيل، إنه أبلغ المحافظ بأن لديه التزاماً بقضية «الوزير صالح»، وطلب منه أن يوقع له الصك.
وفي التسجيل حديث عن مبلغ 20 دينار مليار تتعلق بـ الصحة، بربح يبلغ 20%، صرف منها 6%، 3% في «زمن الدكتور عمر» الذي منح منها 20% وتعادل 500 مليون إلى الدكتور قتيبة الجبوري، فيما الـ 3% الأخرى قام شخص يدعى الدكتور رائد بـ «تمشيتها».
وعلى إثر ذلك، قررت محكمة الكرخ في العراق اتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريب الصوتي.
وفي تسريب جديد، يقول (أبو مازن) لرجل الأعمال (محمد الهجف)، بأنه يريد تحويل 4 «دفاتر» لشراء هدايا، ضمن حديث طويل بين الجانبين، وهو ما أثار ضجة واسعة.
بدوره، يرى عضو منظمة الشفافية العراقية محمد العبيدي، أن «محافظة صلاح الدين، كانت على المؤشر خلال السنوات الخميس الماضية، بسبب الصراعات السياسية، وغياب النزاهة، واستفحال الفساد، فضلاً عن ضعف الرقابة الشعبية، والصحافة، بالإضافة إلى تهاون الجهات المختصة الرسمية في متابعة الملفات هناك، لجملة أسباب؛ أبرزها الارتباطات السياسية».
وأضاف العبيدي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «التسريبات الأخيرة أعطت صورة للرأي العام بشكل أوضح بضرورة التدخل، ووضع حد لهذا التهاون في المال العام، والذي أدى إلى غياب أية تطور داخل محافظة صلاح الدين، وسيطرة مافيات وشبكات على المدينة، لتحقيق مكاسب شخصية»، مشيراً إلى «ضرورة تدخل الادعاء العام العراقي، ومحاسبة جميع المتورطين بتلك الملفات وغيرها».
ملاحقة النشطاء
ولم تكد قضية التسريب تهدأ حتى تفجرت قضية أخرى، وهي تهديد النائب أحمد الجبوري (أبو مازن)، للمحلل السياسي كتاب الميزان.
وبحسب المقطع الصوتي، قال الجبوري للميزان، إن «اتصالي لك بمثابة فرصة، أما في حال الاستمرار بهذه الطريقة سألاحقك، حتى لو ذهبت إلى السماوات»، مضيفاً، إن «استمرار التجاوز سيدفعك الثمن».
وقال الميزان في تعليق على الحادثة، إن «سبب التهديد ظهوري على القنوات التلفزيونية وانتقادي له ولمحافظ صلاح الدين إسماعيل الهلوب، وحديثي عن الاتفاق الذي حصل بينه وبيه مثنى السامرائي لنهب أموال قانون الأمن الغذائي المخصصة للمحافظة»، على حد وصفه.
وأضاف أن «التهديد ليس الأول من نوعه، فقد هددني (أبو مازن) في عام 2019 و2020».
وقبل أشهر، اعتقلت القوات الأمنية الناشط (يزيد الحسون)، إثر دعوى قضائية أقامها المحافظ (عمار جبر)، ليتم الإفراج لاحقاً عن الناشط بعد ضجة واسعة.
وفي غمرة هذا الوضع المعقد، تعيش المدينة واقعاً صعباً من الناحية الخدمية، وغياب الأفق، واستمرار الممارسات الزبائنية، واستيلاء طبقة سياسية على مقدرات المحافظة، وغياب لأي مشاريع جديدة.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية