سيناريو “المقاومة” مع انتهاء “الفرصة الأخيرة”.. الاشتباك مع المؤسسة الأمنية العراقية أو تحمّل الضربات الأميركية
ارتفعت وتيرة التهديدات من الفصائل المسلحة في العراق “المقاومة الاسلامية” ضد القوات الاميركية في البلاد، تزامناً مع رفضها تسليم السلاح، عقب دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لها، في وقت تقترب البلاد شيئاً فشيئاً من الموعد المقرر لتحويل مهام القوات الأميركية في العراق من قتالية الى استشارية وتدريبية، مع الاشارة الى وجود حوالي 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة بينهم 2500 أميركي.
الصدر، طالب في مؤتمر صحفي عقده في النجف، القوى السياسية “الخاسرة” في الانتخابات “محاسبة المنتمين لكم ممّن عليهم شبهات فساد وتسليمهم الى القضاء النزيه، وتصفية الحشد الشعبي من العناصر غير المنضبطة وعدم زج اسمه وعنوانه في السياسة”، اضافة الى “حل الفصائل المسلحة أجمع ودفعة واحدة، وتسليم سلاحها كمرحلة اولى للحشد الشعبي عن طريق القائد العام للقوات المسلحة”.
الصدر أول المبادرين
وكبادرة منه، أعلن الصدر في تغريدة له انه “كبادرة حُسن نيّة مني أنا: (مقتدى الصدر) أعلن حل تشكيل لواء اليوم الموعود وغلق مقراتهم”، مضيفاً أنه “ولولا أنهم سلموا سلاحهم لسرايا السلام سابقاً أو ما يسمّى حالياً لواء 313 و314 و315 في سامراء، لأمرتهم بتسليم سلاحهم ولأطاعوا فهم ما زالوا مخلصين لنا ولوطنهم”.
الصدر، أردف: “وإن وُجد فعليهم بتسليمه خلال مدة 24 ساعة عسى أن تكون هذه الخطوة بداية لحلّ الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتهم وغلق مقراتهم، بل وتكون رسالة أمان وسلام للشعب كافة”.
فتح باب التطوع لمقاتلة الأميركان
أغلب الفصائل المسلحة يبدو أنها لن تنصاع لمطالب الصدر، وبدأت عقب مؤتمره الصحفي بيوم واحد، يوم الجمعة، بالتصعيد قرب المنطقة الخضراء، مكررين مطالباتهم بالغاء نتائج الانتخابات أو اعادة العد والفرز اليدوي لكل الصناديق، رغم الترحيب الدولي بنتائج الانتخابات وسلاستها.
فكتائب سيد الشهداء، فتحت باب التطوع لصفوفها، في خطوة قالت عنها إنها تحضيراً للمواجهة “الحاسمة” مع الأميركان، وذلك بحلول نهاية العام الحالي 2021، حيث كتب الأمين العام للكتائب ابو الاء الولائي، في تغريدة له أنه “مع اقتراب ساعة الحسم والمنازلة الكبرى، تعلن المقاومة الاسلامية كتائب سيد الشهداء عن فتح باب الانتماء والتطوع لصفوفها وتدعو ابناء شعبنا العراقي المقاوم وفصائل المقاومة لرفع مستوى الجهوزية تحضيرا للمواجهة الحاسمة والتأريخية مع الاحتلال الاميركي في 31/ 12/ 2021 بعد الساعة 12 ليلاً”.
واستهدفت عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة، المصالح الأمريكية في العراق منذ بداية العام الماضي، فيما شنت الولايات المتحدة من جهتها ضربات نهاية حزيران الماضي على مواقع للحشد في العراق وسوريا، ما أسفر عن مقتل حوالي عشرة مقاتلين.
“ضراوة بالعمليات ضد الأميركان”
المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، كاظم الفرطوسي، قال لشبكة رووداو الإعلامية، يوم السبت (20 تشرين الثاني 2021)، إن “الحكومة استنفذت كل جهودها، من خلال التوقيتات التي أعلنت عنها خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الولايات المتحدة الاميركية، وبالتالي فهو التزام متبادل، سواء تم نفيه من قبل الجانب الأميركي او لم يتم ذلك”.
ورأى الفرطوسي أنها “الفرصة الأخيرة التي يمكن أن يتحدث عنها الجهاز الحكومي في الدولة”، مردفاً: “نحن ما كنا الا لمقاتلة هذا الوجود الاميركي داخل العراق وغيره من الوجودات الاجنبية، وبالتالي ستكون هنالك عمليات بشكل مباشر وعلني وستكون هنالك ضراوة في العمليات”، مضيفاً أنه “اذا كانت هنالك بعض الاخلاقيات التي تنتهجها فصائل المقاومة في العمليات التي يستهدفون بها هذه القوات، لكن ستكون الحرب عند ذلك مفتوحة، وبالتالي لن يكون هنالك شيء خارج حدود المنازلة والصراع”، وفقاً للفرطوسي.
ولفت الى أن “الحكومة استنفذت كل الوسائل التي يمكن أن تقنع بها، رغم اننا لم نكن أصلاً مقتنعين بالمسرحية التي حصلت بتمثيل الانسحاب، ولكن تماشياً مع رغبة الكثير وحتى لا يقال اننا طلاب حرب، اعتبرنا هذا الاعلان اعلاناً جدياً”، مضيفاً: “اننا من أول لحظة وقبل ذهاب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الولايات المتحدة الأميركية نعلم ان ذلك هو خداع بصر، وليست هناك أية نية للانسحاب، وهذا ما يؤكده الجنرالات الأميركيون”.
البيان الختامي لجولة الحوار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية أكد على ان القواعد التي تستضيف افراد الولايات المتحدة وافراد التحالف الدولي الاخرين هي قواعد عراقية تدار وفق القوانين العراقية النافذة، وليست قواعد اميركية او قواعد للتحالف الدولي، وان وجود الافراد الدوليين في العراق هو فقط لدعم حكومة العراق في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي.
كما اتفق الوفدان، بعد استكمال مباحثات الفرق الفنية الاخيرة، على أن العلاقة الامنية ستنتقل بالكامل الى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباري، ولن يكون هناك اي وجود لقوات قتالية اميركية في العراق بحلول 31 كانون الأول 2021.
كتائب حزب الله تحل سرايا الدفاع الشعبي
نبرة كتائب حزب الله ظهرت اقل حدة من كتائب سيد الشهداء، حيث أعلن الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله ابو علي العسكري، الجمعة، حل تشكيل “سرايا الدفاع الشعبي” وإيقاف جميع انشطتها واغلاق مقراتها، وذلك استجابة للمبادرة التي اطلقها زعيم التيار الصدري.
وأضاف العسكري في تغريدة له أنه “تقرر الحقاهم مع عدتهم وعديدهم بقيادة الحشد الشعبي، على أن تقوم الهيئة الموقرة بمساواتهم بأقرانهم، وتأمين مستحقاتهم”.
“بعض الفصائل تتجه للتسوية”
الى ذلك يرى الخبير الأمني والستراتيجي أحمد الشريفي، في حديثه لشبكة رووداو الإعلامية، يوم السبت (20 تشرين الثاني 2021)، أن التهديد بحمل السلاح ضد القوات الاميركية “ليس من جميع الفصائل، وانما من فصيل واحد، فيما بعض الفصائل الى الان يأخذ جانب الصمت، والبعض الآخر يتجه باتجاه تأييد عملية التسوية، كالبيان الذي صدر من كتائب حزب الله الذي عد مؤيداً لقضية الحل”.
“المواقف الى الان غير واضحة ولم تتخذ قرارات نهائية، الخيارات محسوبة، هي إما الحل واما الاشتباك مع الدولة”، وفقاً للشريفي الذي نوه الى وجود “ضغط اقليمي ودولي بهذا المسار”.
أما بشأن دعوة كتائب سيد الشهداء الى التطوع، فرأى أن “قضية التطوع وتنمية قدرات الموارد البشرية مسألة مستبعدة جداً، في مثل هكذا ضغوط”، لافتا الى ان “كتائب سيد الشهداء تدرك حقيقة انها تحت النظر، وعليها علامات استفهام كثيرة فلن ترفع من منسوب الضغط، ادراكاً منها ان هكذا فعاليات ستدفع باتجاه الاشتباك سواء كانت مع المؤسسة الأمنية والعسكرية في العراق أو حتى أن تكون تحت مرمى ضربات الولايات المتحدة الأميركية”.
في هذه الأثناء، نفى المتحدث باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، تمديد موعد انسحاب القوات الاميركية، عاداً هذه الأخبار غير دقيقة وغير صحيحة، مشيراً إلى أن موعد خروج القوات القتالية في الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول المقبل “ثابت ولا تغيير فيه”.
على الجانب الآخر، ألمحت الولايات المتحدة الأميركية الى بقائها في المنطقة، مؤكدة اهتمامها بأمن الشرق الأوسط.
جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الذي قال في كلمة ألقاها من البحرين، يوم السبت: “لنكن واضحين. التزام أمريكا بالأمن في الشرق الأوسط قوي ومؤكد”، مضيفاً أن “هناك ضرورة للمزيد من العمليات متعددة الأطراف والمتكاملة في المنطقة مع الحلفاء، وأن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بمواجهة إيران، حتى في الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على إحياء الاتفاق النووي لعام 2015”.
وفي ظل هذه التوترات والتهديدات المتبادلة بين الفصائل المسلحة من جهة، والتأكيدات الاميركية على حفظ أمن المنطقة وحفظ مصالحها من جهة أخرى، قد تواجه الحكومة العراقية الحالية مصاعب أمنية جمة، لاسيما مع بداية العام المقبل 2022 وانتهاء المهام القتالية للولايات المتحدة في البلاد وتحولها الى استشارية وتدريبية، وقد يمتد تأثير ذلك على فرص تشكيل الحكومة المقبلة، في ظل عدم موافقة الاطراف السياسية “الخاسرة” في الانتخابات، ولاسيما الشيعية منها، على النتائج التي أعلنتها المفوضية، وتهديداتها المستمرة بحصول أمور “لا تحمد عقباها” في حال بقيت النتائج على حالها.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية