يوليو 30, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

الارمن ؛ بعد تسعة وتسعين عاما وحلم العودة مستمر

الارمن ؛ بعد تسعة وتسعين عاما وحلم العودة مستمر
أربيل 28 نيسان/ أبريل (PNA)- في بيته المتواضع في احدى القرى القريبة من نهر دجلة يستذكر مراد ذكريات اباءه واجداده الارمن عن المذابح التي تعرضوا لها، يستطرد في حديثه الكثير من اسماء القادة والشخصيات الارمنية، ينقل بشغف واقعهم التاريخي والحضاري وكأنه يعيش تلك اللحظات، ويؤكد ” كل ما يأمره قادتنا نفعله، ولكن اعتقد ان العنف لايولد ألا العنف “.

وقال مراد مارديروس وارتانيان وهو في الستين من العمر الذي كان لايزال يحتفط بصورة لجده وخاله في المنزل تعود الى عشرينات القرن الماضي وبعض البنادق القديمة كان قد عرضها على الجدار ” لا اعتقد ان اي ارمني يمكن ان ينسى تلك المذابح، لأن الارقام كثيرة، والضحايا لايمكن تعدادها، وملذلك فأن ابادة مليون ونصف المليون من الارمن يعتبر اول ابادة جماعية يتعرض لها جنس بشري في التاريخ الحديث “.

مراد لاتخفي ملامحه هويته فشواربه الكثة والمنسقة تشيران اليه يقول ان عائلته كانت واحدة من تلك العوائل التي نزحت الى كوردستان العراق سنجرا، دهوك و اربيل والموصل و بعقوبة و بغداد وكركوك بعد الابادة، وسكن لفترة طويلة في قرية ( هاوريسك غربي دهوك 35 كم ) التي توجد فيها اكثر من مئة عائلة ارمنية ثم تركها الى الموصل بعدما تعرضت للتدمير من قبل نظام حزب البعث ضمن حملات التهجير في منتصف سبعينات القرن الماضي، و في عام 2006 بعدما اشتدت اعمال العنف في الموصل قرروا العودة اليها عندما علموا انه يمكن لهم ان يسكنوا تلك القرية ثانية يقول مراد : لم نكن نصدق انه سنعود الى هنا ثانية تحملنا مشقة لسنتين الى ان قامت حكومة الاقليم ببناء دور سكنية لنا ووفرت الكثير من الخدمات، وشعرنا بأننا مرة ثانية نقترب من العودة للوطن الام ،،، انه قريب جدا ” قالها و وجه كان يرتفع حماسة مع كلامه ويشدد على بعض الكلمات ليقول اذكر هذه ، او تأكد من هذه الكلمة او الاسم الارمني.

يقول مراد ان مذابح الارمن كانت ابادة جماعية لأنها استهدفت ابادة عرق الارمن ذلك العرق الاصيل، ابادة جنس بشري مختلف، ابادة ديانة وابادة فكر ،،، لأن الامة الارمنية تعد من الامم الاصيلة واكبر الامم التي اعتنقت الديانة المسيحية حيث اعتبرت اول ديانة رسمية للدولة في القرن الرابع الميلادي،،، لذلك يقول مراد  ان ” خطة الابادة الارمنية كانت خطة عثمانية خبيثة ، خطة مدروسة لأنهم كانوا يخافون الاقوام التي تسكن في القوقاز وارمينيا باعتبارهم اقوى الشعوب والامم وفقا لشهادات الفتوحات الاسلامية لتلك المناطق “.

مراد وهو يستذكر اسماء القادة والامبراطور الارمن ( اشمان، ارتيشيرز، باكرا، انترانيك ) ويوضح ان اعتزاز الارمن  للانتماء الى ارضهم ووطنهم هو الذي دفعهم بعد تعرضهم للابادة الى التقوقع “وهو ما أثر عليهم كثيرا” كانوا يخافون من تكرار تلك الابادات لشدة شناعتها ، ولذلك يقول ” انك ترى انهم كل عام يستذكرون 24 نيسان بالاناشيد والاشعار الحماسية وكان ولايزال ابائنا يسردون قصص ابطال شعبنا عندما كانوا يقومون بتنفيذ العملليات الانتقامية ضد الاتراك ويستعرضون المصاعب والويلات التي تعرضوا لها اثناء التهجير والابادة …. لكن مراد كانت عيناه تتوزع في اتجاهات مختلفة، كانت تلك الحماسة بادية عليه بوضوح  عندما قال ” تغير العالم، وتغيرت السياسة واساليب النضال، القوة لم تعد تنفع، هذا ليس وقت هتلر او ستالي، ليس وقت موسوليني او صدام حسين ،،، صحيح الان كما في الماضي نحيي يوم 24 نيسان ونعرض صور المشانق والقتل الجماعي نستذكر باجلال الضحايا والشهداء ،،، لكن علينا ان نعلم ايضا ان الان وقت النضال السلمي والحضاري ، ولأن الارمن من الامم الحضارية العريقة فهم يقدرون ذلك ، ولكن نحن دوما نمشي على الخطى التي يرسمها قادتنا لنا “.

ووفقا لما يشير اليه مراد فان الجهود الدولية والنضال المستمر للارمن هو الذي جعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يعترف بتلك الجريمة هذه السنة فبعد 99 عاما من الانكار وهو الشعار الذي الصقه مراد على صدره  ورفع العلم الارميني قبل ان التقط صورته امام دزينة بنادقه ولذلك يقول ” لن نتوقف في المطالبة بحقوقنا، نحن مستمرون وستستمر الحملات الاعلامية والدعم الدولي يتزايد عام بعد اخر وسنستخدم كل السبل الى ذلك، لكن يجب ان نعلم الجيل الحالي ايضا ان العنف لايولد ألا العنف ولن ننسى الوطن لأنه قريب ودائما اشعر ان يوما ما سنعود اليه ، نعيش على ذلك الحلم كما عاش عليه ابائنا واجدادنا “.

واضاف وهو يستعرض اسماء البنادق المعلقة على الجدار ” هذه بندقية مارتيني هنري تعود الى نهاية القرن اتاسع عشر، واخرى انكليزية وثالثة امريكية و الرابعة برنو ثم امريكية وروسية، معها معلق ايضا صور خناجر بعضها تعود لاجداده، وعتاد مختلف ، قال انه يعرضها ليس لحبه للسلاح بل لانها جزء من ذلك التراث “.

وكان حملات ابادة للارمن التي انطلقت في الدولة العثمانية عام 1915 واستمرت شهور قليلة قد اسفرت عن قتل مليون ونصف مليون شخص وحدوث مذابح وحرق جماعي لذلك الجنس البشري ن ولاحقت القوات العثمانية الارمن الذين وصلوا حلب و عامودا و دير الزور فأدواهم رافقه استهداف الايزيدية ايضا بحسب ما اشار اليه مراد الذي قال ان استهداف الايزيدية كان مستمرا قبل ذلك التاريخ وبعده ايضا في الدولة العثمانية .

اعداد الارمن في العراق تتراجع بحسب ما يشير اليه مراد اذ يقول ان الكثير منهم هاجر للاسف وترك هذا الوطن الذي احتضننا منذ حوالي مئة عام، اشعر ان هذا ايضا وطني واتذكر يوم اشتدت الاوضاع الامنية في الموصل وقررنا العودة الى هذه القرية كان شيئا كبيرا بالنسبة لي تركت منزلا كبيرا في الموصل لكي اعود الى هنا ، احس انني قريب من الوطن جدا قالها ويشير الى صورة جده المعلقة على الجدار هم ايضا كانوا ينتظرون ذلك الحلم …!”

خضر دوملي/دهوك

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi