الموصل.. مراكز التجميل تنفض غبار داعش عن المدينة التي كانت متشحة بالسواد
رووداو – أربيل/ على مدى ثلاث سنوات كانت نساء الموصل مغطاة بالسواد من الرأس إلى أخمص القدم، وكان على رجالها أن يبقوا يطلقوا لحاهم، كما أُغلقت مراكز التجميل، فيما كانت الجراحة التجميلية تعتبر جريمة.
لكن بعد مرور أكثر من عام على الإطاحة بتنظيم “الدولة الإسلامية” داعش، تبزغ المدينة العراقية جانبها الأكثر جمالاً.
راجي نجيب نازح سوري يعيش في الموصل، وقد استفاد مؤخراً من العروض الجمالية للمدينة، وقد كان هذا الشاب البالغ من العمر 40 عاماً يعاني من بقعة من الصلع منذ فترة طويلة، إلى أن أخبره أصدقائه العراقيون بما نجح لهم، زرع الشعر في عيادة جديدة افتتحت بمدينتهم.
وقال نجيب: “أخبروني أن المعدات حديثة والممرضون مؤهلون والأسعار جيدة”.
في الموصل، يكلف متوسط عملية زراعة الشعر حوالي 800 دولار، بما في ذلك المتابعة بعد العملية.
وعلى بعد حوالي 90 كلم إلى الشرق، وتحديداً في أربيل بإقليم كوردستان، أو حتى في تركيا، تبلغ تكاليف العملية نفسها 1200 دولار على الأقل.
وبلغت تكلفة حقن البلازما لمنع تساقط الشعر حوالي 63 دولاراً في الموصل، ولكن هناك على الأقل 20 دولاراً إضافياً في أربيل.
وبالإضافة إلى الفرق في السعر، كان على نجيب أن يضع المال ويستغرق الوقت للسفر، وأضاف قائلاً: “إن الذهاب إلى العيادة في الموصل أسهل بكثير، حيث لا أملك الوقت للسفر خارج الموصل”.
المزامير في الموصل
قبل عقود، لم يقدم سوى قسم واحد في مستشفيات الموصل الجراحة التجميلية، وفقط لأولئك الذين تعرضوا لحادث شديد أو كانوا يحاولون إزالة عقبة جسدية منذ الولادة.
وتعرضت الموصل والعراق على نطاق أوسع لموجات من الصراع منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بصدام حسين ومهد الطريق لحرب طائفية.
وأجبر المتشددون الدينيون النساء على التستر أو البقاء في المنزل، وكانوا يستهدفون على وجه الخصوص مصففي الشعر، وكثير منهم أغلقوا متاجرهم خوفاً.
وحدثت صدمة أخرى في عام 2014 عندما اجتاح تنظيم “الدولة الإسلامية” داعش الكثير من مناطق العراق، حيث جعل “الجهاديون” الموصل “عاصمتهم” الفعلية.
وقامت “الشرطة الدينية” في داعش بتطبيق قواعد صارمة للغاية على اللباس لجميع السكان، مع التأكد من عدم وجود جَلد للنساء، كما ارتدى الرجال “كابات” بطول الكاحل ولحى طويلة بدون شارب.
وقد افتتحت خمس عيادات تجميل منذ أن استعادت قوات الأمن العراقية الصيف الماضي مدينة الموصل، ولا يستطيعون مواكبة تدفق الزبائن، ومعظمهم من الرجال.
وقال المواطن مهند كاظم، في تصريح صحفي، إنه “كان أول من أعاد إطلاق تجارة التجميل في مدينته مع عيادته (رزان) التي تقدم خدمات تبييض الأسنان وغيرها من العناية بالأسنان، وقد جاء الموظفون من لبنان وتم استيراد العلاجات والآلات”.
ندوب من الداخل والخارج
تضررت الخدمات الطبية في المدينة بشدة من فترة حكم داعش التي استمرت ثلاث سنوات ومعركة الإطاحة التي دامت أشهر.
لكن المدينة تعيد البناء، وهناك مركز تجاري جديد يضم عيادة “دياموند” لطب الأسنان في الطابق السفلي، مع مركز “شهرزاد” للتجميل في الطابق العلوي.
يتحدث ملصق في مدخل المركز بالإعلان عما هو معروض: حقن البوتوكس ومواد الحشو الأخرى، جراحات التخسيس، العمليات الجلدية، وأكثر من ذلك.
من جهتها قالت المواطنة عليا عدنان، وهي تعمل في التجميل، إن التأثير الجسدي والعقلي للجهاديين على الناس في الموصل كان يدوم طويلاً، إنهم يعانون من مشاكل في الشعر أو الجلد بسبب الضغط والتلوث الذي تعرض له سكان الموصل سواء في ظل داعش أو أثناء الاشتباكات”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية