إحدى ناجيات الأنفال تروي قصتها في السجن لـ NRT
تروي إحدى الناجيات من عمليات الأنفال، لقناة NRT، تفاصيل ما تعرضت له وعائلتها، أثناء حملات الإبادة التي نفذها النظام السابق في المناطق الكردية، في ثمانينات القرن الماضي.
وذكرت المرأة التي أنقذت من عمليات الأنفال، إنها لم تأكل ثمرة الخيار منذ 29 عاما، بسبب اشتهاء طفلتها للثمرة عند احتضارها وموتها في سجن دبس بمحافظة كركوك.
وتسرد الناجية قصتها منذ البداية وتقول “دخل عدد من المسلحين الكرد المرتزقة لنظام لصدام عند العشاء إلى قريتنا وطلبوا من حماي ذبح شاة لهم، وأعطوا كلمة شرف لنا، بأخذنا معهم ومنحنا هويات لنا على إننا تابعون لهم.. بعد ذلك قاموا بجمعنا في شارع وكنا حوالي ثمانية آلاف شخص، من الرجال والنساء والأطفال، ثم تحدثوا مع الجيش العراقي باللاسلكي، وبعدها تفاجأنا بالقوات العسكرية ونقلتنا بالناقلات العسكرية إلى السجن”.
وتابعت “ابني ديار كان يغمى عليه بين الحين والآخر ويصرخ، فحملته في حضني واقتربت من أنبوب للمياه، لكي يشرب الماء ولكنه أغمي عليه هناك.. فضرب رأسي جندي من الخلف بقوة، فسقطتُ مع الطفل على الأنابيب وخرج الدم من أنفه وفمه… فأخذه الجندي ورماه في الغرفة ثم مات بعد ذلك وأخذوا جثته”.
وأضافت الناجية “بعدها نقلنا الجيش من طوبزاوه إلى دبس، وكانت ابنتي الصغيرة ترافقني.. فهي كانت تصيب بالذعر كلما كانت تشاهد الجنود يدخلون السجن بشكل مفاجئ، وقد مرضت بعد مدة وبقيت طريحة الفراش وكانت تحتضر.. وقد صحيت مرة من الفراش وهي تنظر إلي، فرششت الماء على وجهها، وقلت لها ماذا تريدين، فردت قائلة إنها تريد أن تأكل الخيار، فقلت لها حبيبتي إننا في السجن، من أين آتي لك بالخيار.. فدعتنى راجية أن أذهب إلى الجنود لأطلب منهم ذلك ورددت أنها تشتهي الثلج والخيار، أغمي عليها لحوالي نصف ساعة، فوضعتها عند عمتها في السجن وذهبت لأطلب من الحرس والجنود الخيار … وهم كانوا يأكلون الركي والفواكه أمامنا.. فذهبت متوسلة وراجية وطلبت منهم ذلك بالكردية والعربية، فقام جندي بجمع قشور الرقي والخيار على صينية ورماه أمام طفلتي على أرض ثم ثم داس عليها برجليه على القشور وقال “جئنا بكم إلى هنا كي نقتلكم لا أن نخدمكم”، ولم تكن طفلتي تعي أي شيء من ذلك، وتردد: أمي أريد الخيار… “
واستطردت الناجية بالقول “كان ابن أختي قد أرسل لي، كيس مليء بالأشياء، ففرغته على أمل أن يكون فيه شيء يُؤكل، لأنني كنت أعرف أن ابنتي تحتضر وستموت، فوجدت في الكيس عددا من الأحذية القديمة، وكان لون إحداها أخضرا فأعطيته لابنتي وقلت لها حبيبتي، جئت لك بالخيار خذيها، فقامت عدة مرات بعض الحذاء لكي تأكلها وهي تعتقد أنه خيار، وحين أردت أخذ الحذاء منها لم تعطني إياه وكانت تحاول أكلها إلى أن فارقت الحياة”.
وختمت الناجية من عمليات الأنفال تقول “منذ ذلك الوقت لم آكل الخيار أي قرابة 29 عاما ولا أحب حتى أرى الخيار ولا النظر إليه”.
يذكر أنه في الـ 14 من نيسان عام 1988، اشتدت حملات الأنفال العسكرية، التي أطلقها النظام السابق وعددها 8 لإبادة قرى ومناطق كُردية، ووصلت إلى ذروتها، حيث تشير إحصاءات المنظمات المعنية إلى فقدان نحو 20 ألف شخص في هذا اليوم عبر نقلهم على ظهر عربات النقل العسكري المعروفة بـ “إيفا” إلى المعسكرات ودفنهم تحت الرمال في صحارى جنوب وغرب العراق، وفي المقابر الجماعية، ما دفع المعنيين إلى اختيار هذا التاريخ كيوم استذكارٍ لضحايا الأنفال.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية