قيادي في الديمقراطي الكوردستاني: الدولة الكوردستانية قادمة ولم نكن جزء من العراق حتى ننفصل عنه
أمريكا والغرب لم يقولوا لنا إن استقلالكم خط أحمر
أكد هيمن هورامي، مسئول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني (بزعامة رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني) أن الدولة الكوردستانية باتت قريبة وأنها قادمة لا محالة، لكنه قال إن ذلك يجب أن يتم من خلال عملية تفاوضية مع الحكومة العراقية، مشيرا إلى أنه ليس هناك ضوء أخضر من جانب الولايات المتحدة والغرب في هذا الأمر، لكن في نفس الوقت ليس هناك ضوء أحمر تجاهه.
وشدد هورامي خلال مقابلة له مع مجلة “صوت الأمة” المصرية في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان ، وتابعتها(باسنيوز) على أن الإقليم سيكون دولة مستقلة لأن الكورد يرفضون أن يكونوا جزء من استمرارية الوضع الحالي في بغداد، وأن يكونوا جزء من مستقبل غير مضمون، حيث أن مستقبل العراق العربي غير إيجابي بعد شرعنة الحشد الشعبي والمجالس العشائرية والعلاقات غير السليمة بين الشيعة والسنة، ما سيؤدي إلى توترات في المستقبل، والكورد يريدون قطع الطريق عليها.
لم نكن جزء من العراق حتى ننفصل عنه
ونفى هورامي تهمة الانفصال عن الكورد ، لأنهم لم يكونوا أصلاً جزء من العراق حتى ينفصلوا. معترفا بأن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية وإن كانت غير مناسبة لكن ذلك لا يعني أنها ستكون مناسبة مستقبلاً. مؤكدا أن الكورد صاروا لاعبين أساسيين في المعادلة السياسية والعسكرية والأمنية في المنطقة، وأن العمق العربي “استراتيجي” بالنسبة لهم، مطالباً بمستوى أعلى من العلاقات مع العرب وخاصة مصر لثقلها التاريخي والسياسي في الشرق الأوسط .
وردا على سؤال بشأن ما اذا كان العد التنازلي قد بدأ ليعلن الكورد دولتهم ، قال هورامي” تقرير المصير حق طبيعي لأي شعب، وعندما تم تخييرنا في بداية القرن الماضي بين أن نكون جزء من تركيا أو العراق بعد انهيار الدولة العثمانية، اخترنا العراق، لكن منذ ذلك الوقت وحتى عام 2003 الحكومات العراقية المتتالية تعرض الكورد للاضطهاد والتهميش والإقصاء”.
مضيفاً ” والسؤال ماذا كان نصيب الكورد كمواطنين في العراق؟ والإجابة الإبادة الجماعية والقصف الكيماوي وعمليات الأنفال وهدم وتدمير 4500 قرية “. وتابع بالقول ” وبعد سقوط نظام صدام حسين، ولو أننا منذ انتفاضة 1991 كنا شبه مستقلين وعندنا كل شئ. فإن الرئيس بارزاني مع الرئيس طالباني ذهبا إلى بغداد أملا في عراق جديد مبني على الديمقراطية التعددية والشراكة الحقيقية. لكن بعد 14عاما ماذا حققنا من العراق الجديد؟ الفيدرالية غير موجودة، وحتى الآن هناك 46 مادة في الدستور العراقي لم تطبق .وموضوع الموارد والثروات لم نستلم حصتنا ولو مرة واحدة. والمادة 140 في موضوع المناطق المتنازع عليها لم يتم تفعيلها. والمجلس الاتحادي لم يؤسس ” .
مبيناً ” في عام 2014 المالكي قطع بشكل كامل ميزانية الإقليم. وعندما هاجمنا داعش لم تحمي الحكومة العراقية الإقليم، بل كانت الحكومة جزء من هذا الخطر بسبب السياسات المذهبية للمالكي”.
مستدركاً بالقول ” لهذا فإننا أمام الاختيار إما أن نكون جزء من مستقبل غير مضمون يعيد ما كان عليه العراق في السابق، أو نختار مستقبلنا، بغداد رفضت أن تقبل الكورد كشريك للحكم في العراق، ونحن نرفض أن نكون تابعين ” .
لافتاً الى ان ” العراق والعمق العربي في العراق استراتيجي لنا، ونريد عن طريق الحوار المكثف الأخوي، إذا لم ننجح أن نكون شريكين أساسيين في الحكم يمكن أن نكون متحابين وصداقة كاملة بيننا ” .
وتابع ” بصراحة لن نكون جزء من استمرارية الوضع الحالي في بغداد. وقد بدأت هذه العملية عندما زار الرئيس بارزاني بغداد والتقى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقادة التحالف الوطني وتم مناقشة هذا الموضوع، ونناقشها مرة أخرى ونبني على الإيجابيات ونكون عمق للعراق وهو يكون عمق لنا . ونحن متفائلين أن نحصل على نتيجة إيجابية ” .
ورداً على سؤال مراسل المجلة إن الكورد لا يفكرون في الانفصال بالأساس وما يهمهم أن يكونوا في وطن يراعي حقوقهم وخصوصياتهم وشركاء فيه ، قال مسئول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني ” السؤال هو هل نحن الكورد نعيش على أراضي غيرنا أم على أرضنا ؟ هل احتلينا قرية أو مدينة عربية؟ قبل تشكيل العراق عام 1921 هل كانت كوردستان والكورد موجودون على أراضيهم ؟ نعم . هل كنا جزء من كيان اسمه العراق؟ لا. لسنا إنفصاليين لأننا لم نكن جزءً من العراق”.
مستقبل العراق العربي غير مضمون
واوضح هيمن هورامي ” نحن نطلب أن يختار شعبنا في عملية ديمقراطية سلمية ما يريد، وعلى المثقفين العرب والرأي العام العربي أن يفهموا أننا جزء من الحل وليس من المشكلة، نريد حق تقرير المصير لنكون جزء من الحل. لأن مستقبل العراق العربي صراحة غير إيجابي بعد شرعنة الحشد الشعبي والمجالس العشائرية، والعلاقة بين السنة والشيعة في العراق، ومستقبل العراق فيما بعد داعش وعلاقة العسكر بالسلطات المدنية، والصراع السني ـ السني، والسني ــ الشيعي، والشيعي ــ الشيعي”.
مستدركاً ” كل ما سبق يعطينا مؤشرات أن البقاء على الوضع الموجود سيؤدي إلى توترات في المستقبل نريد أن نقطع الطريق عليها ونحل كل الموضوعات سلميا مع بعضنا البعض. لا نريد حربا أخرى. نريد أن نزدهر ونكون جزء من الاستقرار في المنطقة كلها ” .
وحول ما اذا كانت الظروف الداخلية سواء في الإقليم أو في العراق، والظروف الإقليمية والدولية مناسبة لإعلان الدولة الكوردية المستقلة ،قال هورامي ” الظروف المثالية غير موجودة في أي مكان بالعالم، وإذا انتظرناها لن نفعل شيئاً. الاستقلال المعلب غير موجود حتى نستورده. الوضع الاقتصادي غير مثالي، والتوحد بين الأحزاب الكوردية غير مثالي، والوضع الإقليمي غير مثالي وكذلك الوضع الدولي. لكن السؤال: إذا لم يكن الآن فمتى وكيف؟ لنفترض بعد أي عدد من السنوات من يضمن وقتها أن يقنع الكورد أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية تكون مثالية ؟ ما نخشاه أن الأمور ستزداد سوء أمنياً واقتصادياً إذا لم نقرر حق تقرير المصير الكوردي “.
واوضح بالقول ” مثلا عندما تم استقلال أمريكا كان 30% فقط من الولايات مع الاستقلال والتوحد الداخلي لم يكن موجوداً ” .
لا ضوء أخضر ولا احمر من أمريكا والغرب للاستقلال
ورداً على سؤال، ان هناك تفهم كبير من الولايات المتحدة والغرب لمطالبكم ومواقفكم فهل هناك ضوء أخضر منهم لكم ، قال هيمن هورامي ” الأمر ليس موضوع الضوء الأخضر والضوء الأحمر، الموضوع أن هذه المرة الأولى في التأريخ في الشرق الأوسط وخاصة كورد العراق أنهم مشاركون في اللعبة السياسية وجزء من الملعب السياسي، فمنذ عشرينيات القرن الماضي كانوا يلعبون بنا والآن نحن لاعبين أساسيين، فالغرب والولايات المتحدة والدول الإقليمية عندما يرون الكورد شريكا حقيقياً في مكافحة الإرهاب من كافة النواحي العسكرية والمعلوماتية وفي الجهود الدولية لإيواء النازحين. وعندما يرون كوردستان بلداً متعدداً من حيث الأديان والمكونات وجميعهم يعيشون بسلام، فإنهم يرون إقليم كوردستان كحليف يمكن أن يعتمد عليه في منطقة تعاني عدم استقرار، فسوريا والعراق واليمن وليبيا دول فاشلة، والمناطق الأخرى متأثرة بهذا الفشل ” .
واضاف بالقول ” أمريكا والغرب لم يعطونا الضوء الأخضر لكنهم لم يقولوا لنا إن هذا الأمر خط أحمر . والاعتراف لم يكن موجودا قبل الإعلان عن الدول فكل الاعترافات كانت بعد الإعلان ” . مبيناً ” سيكون إقليم كوردستان دولة مستقلة، متى وكيف ؟ نقول الآن لكن بعد المفاوضات مع بغداد والحوار معها ومع إخواننا في العراق، نحن مع مفاوضات مطولة مع بغداد، وعندما نقول الآن لانقصد “غداً” أو بعد شهر أو شهرين. وقد بدأنا الحوار ونأمل الوصول إلى نتيجة إيجابية وإذا لم نصل سنرجع إلى الشعب الكردي ونسأله وهو يقرر. وهذا يستلزم الوحدة الداخلية فهناك بعض الأحزاب الكردية غير راضية عن هذا التوجه ” .
الوضع الداخلي وحدود الدولة الكوردية
وحول ان الموقف الكوردي الداخلي ليس موحداً،قال هورامي ” سياسياً وليس استراتيجياً، استراتيجياً كل الأحزاب موقفها واحد في موضوع حق تقرير المصير والاستقلال. فليس هناك كوردي واحد يختلف على ذلك ” .
وبشأن حدود الدولة الكوردية هل ستكون في الإقليم أم كوردستان الكبرى، رد بالقول ” إقليم كوردستان العراق داخل العراق، ليس لدينا استراتيجية لإقامة الدولة الكوردية من الأجزاء الكوردية في سوريا وتركيا وإيران، فالكورد في هذه الأجزاء لديهم سياقات وقيادات سياسية وثقافة سياسية مختلفة. نحن نعني كوردستان العراق ” .
لسنا مرتهنين بالمواقف التركية
ورداً على سؤال من مراسل المجلة، بأن هناك اتهامات بأن أربيل وحزبكم (الديمقراطي الكوردستاني)مرتهنون بالقرار التركي ،قال هيمن هورامي ” هذا غير صحيح. موقفنا من تركيا واضح جدا. تركيا جارة استراتيجية لنا. وتركيا هي التي غيرت استراتيجيتها ومواقفها منا. من إنكار ورفض للتعاون مع الإقليم منذ 2002 واجتياحه ووقتها قال الرئيس بارزاني للعالم ولتركيا إذا أرادت أن تدخل الإقليم فسيكون ذلك على جثته، وعندما واجه بارزاني هذه المواقف التركية لماذا لم يقولوا إننا قريبون من تركيا. لكن في عام 2009 الحكومة التركية غيرت موقفها من الإقليم واعترفت به وفتحت قنصلية دبلوماسية فيه، وبدأت بمبادرة سياسية مع الكورد في تركيا. وجاء رئيس الوزراء التركي انذاك أردوغان أثناء افتتاح مطار أربيل وقال إن زمن إنكار الشعب الكوردي قد ولى. فهل بعد كل هذه المبادرات لا يكون لدينا استجابات إيجابية للوقوف مع تركيا” .
موضحاً ” عندما تم تشريع قانون الاستثمار في الإقليم فإنه ومن 3300 شركة أجنبية تستثمر في الإقليم هناك 1300 شركة تركية، والتبادل التجاري بين تركيا والعراق يبلغ 12 مليار دولار في عام 2013 نصيب الإقليم منها وحده 9 مليارات دولار. وهناك اعتماد تركي على مصادر الطاقة من الإقليم ، فلدينا 8 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يمثل 6% من الغاز في العالم، وتركيا تحتاج 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا والإقليم لوحده قادرعلى تأمين الغاز لها لمدة 70 سنة . فلهذا فإن تلك الاتهامات غير صحيحة لأننا في الإقليم لدينا سياسة خارجية مبنية على التوازن والاحترام وعدم التدخل في الشئون الداخلية وألا نكون جزء من أي اصطفافات مذهبية أو سياسية ” .
العمق العربي استراتيجي بالنسبة لنا ونطمح إلى علاقات أكبر مع مصر
وحول رأيه في مستوى العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر وما اذا كان راضياً عنه، قال مسؤول العلاقات الخارجية في الديمقراطي الكوردستاني ” لا والله . وأقول إن العمق العربي مهم جدا بالنسبة لنا وهو استراتيجي بالنسبة لنا . ونريد أن تكون العلاقات مع الدول العربية في مستوى أكبر مما هي عليه الآن ومع مصر بصفة خاصة ، فتأريخيا أول صحيفة كوردية صدرت من القاهرة ولا ننسى مواقف الرئيس جمال عبد الناصر معنا ومع المرحوم ملا مصطفى بارزاني ، والإذاعة الكوردية من مصر في الخمسينات من القرن الماضي” . موضحا ” بصراحة كنا نتوقع أكثر من مصر فهناك مشتركات وتفاهمات كثيرة ومصالح مشتركة كثيرة . وقررنا أن نبدأ بأن يكون هناك مكتب لحزبنا في القاهرة وسنعود بقوة إلى مصر وإن شاءالله نطور هذا ليصبح هناك ممثلية للإقليم في مصر لأن القاهرة بالنسبة لنا مهمة جدا جدا ” .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية