قيادي مسيحي عراقي لـ(باسنيوز):استمرار الوجود المسيحي في العراق مرهون بقيام دولة علمانية وطنية
واقليم كوردستان كان على قدر المسؤولية ازاء المسيحيين
عبر سياسي مسيحي عراقي عن قلفه على مستقبل المكون المسيحي في العراق والمنطقة، كاشفا عن انهم كانوا يتوقعون ان يتحسن وضع المسيحيين في العراق بعد 2003 ، موضحا ان ما حدث لهم في العراق(عدا اقليم كوردستان)كان أسوء بكثير من كل المراحل التاريخية ، مشيرا الى انهم (الكلدان سريان اشوريين) وجدوا انفسهم وجها لوجه ازاء تنظيمات “اجراميه تكفيريه” أو “ميلشيات لها اجندتها” منتقدا غياب حماية الدولة، موضحا بالقول انه لم يبق للحفاظ على سلامتهم الا الهجرة والتشرد.
ضحايا الميليشيات والتنظيمات المتطرفة
رئيس حزب بيت نهرين الوطني صباح ميخائيل برخو (من مواليد الموصل 1955 من اب سرياني وام كلدانيه) ، قال لـ(باسنيوز) ان “التنظيمات الارهابيه التي ظهرت بكل مسمياتها بدءً من القاعده وانتهاءً بداعش أستهدفتنا بقوة قتلا واختطافاً واغتصاباً وسلباً وتفجيرا لكنائسنا ، ايضاً العصابات الاجراميه السائبه وخاصةً في بغداد كذلك استهدفت المكونات الدينيه الصغيره (مسيحيين ومندائيين )” موضحا “غالباً لأن هذه (العصابات ) كانت جرائمهم تقع علينا أكثر لأنهم لا يخشون من رد فعل المكونات (الثأر) ولان المكونات يحميها القانون لا القبيله،طبعاً هذا أضافه الى تدهور الوضع العام من تفجيرات وقتل ونحن لا نتكلم عن الوضع العام لأن هذا أصاب الجميع”.
وانتقد رئيس حزب بيت نهرين الوطني(حزب قومي كلداني سرياني اشوري) سلطات بغداد ، قائلا” إما كانت ضعيفة حيناً وغير مبالية بنا وبالدفاع عنّا حيناً أخر ، كذلك ميليشيات الاحزاب الدينية اضطهدت المكونات الصغيرة لحد ما ، وجدنا نحن الكلدان سريان اشوريين انفسنا وجه لوجه ازاء تنظيمات اجرامية تكفيرية أو ميليشيات لها اجندتها في غياب الحماية ، فلم يبق للحفاظ على ارواحنا وارواح اطفالنا الا الهجرة والتشرد”.
بغداد خالية من المسيحيين
برخو تابع بالقول” تحصيل حاصل بغداد التي كان بها نصف مسيحيي العراق (بين 600 الى 700 الف) اليوم لا يصل عدد مسيحييها الى 50 الفا وهكذا الموصل التي كان عدد مسيحييها يصل الى 100 الف، غداة دخول داعش خرجوا منها بالآلاف ، والأن لايوجد بالمدينة التي تضم عشرات الكنائس والاديره (منها التاريخيه التي تعود للقرون المسيحية الأولى ) مسيحي واحد،والكنائس غدت إما جوامع أو مقرات لداعش أو خرائب”.
صدمة تأريخية كبيرة
واعتبر برخو أجتياح داعش للموصل وسهل نينوى بمثابة “صدمه تاريخيه كبيرة أشبه بالزلزال المدمر وقع على شعبنا” ،وقال ” لقد وقع تأثير ذلك بالكامل على بلدات وقرى سهل نينوى ( بخديدا برطله بعشيقه وبحزاني تلكيف تلسقف وباطنيه وباقوفا ) والتي لم يتأثر شعب هذه المناطق كما حدث لمسيحيي بغداد والموصل والبصره الخ ، بالعكس كانت اصبحت مأوى لبعض مهاجري بغداد والموصل كما إن بلدة مثل بغديدا انتعشت أقتصادياً واصبحت مركزا تجاريا للكثير من البلدات والقرى المحيطه بها “. مضيفا ” أجتياح داعش كان صدمة تاريخية كبيرة أشبه بالزلزال المدمر الذي وقع على شعبنا ، فبالاضافه الى فقده كل ممتلكاته وامواله وجد نحو 150 الف نسمة انفسهم على قارعة الطريق وفي العراء”.
مستدركا بالقول” اضافة الى هذا فسهل نينوى هو أخر ما تبقى لنا من مناطق تواجدنا التاريخي وهو رمز تاريخي وحضاري لنا ، اجتياح سهل نينوى أحدث خلل في ذاكرتنا الجمعية وفي استمرارية تواجدنا التاريخي في ارض ما بين النهرين ” .
اقليم كوردستان وفّرت المأوى والامان
اما عن تقيمه لوضع المكون المسيحي في اقليم كوردستان،مقارنة ببقية المناطق الاخرى،سواء في العراق او الشرق الاوسط،قال رئيس حزب بيت نهرين الوطني ، إن “اقليم كوردستان حكومة وشعبا كانوا على قدر المسؤولية الوطنية والانسانية والضميرية والتاريخية ازاء المكونات القوميه والدينيه ومنها شعبنا المسيحي بعد سقوط الدكتاتورية اولا وبعد اجتياح داعش ثانياً “. وتابع” استقبل أقليم كوردستان ابناء شعبنا المضطهد والمهجّر ووفروا لهم ما أمكن من مأوى وأمان وصحه ومدارس وبقية متطلبات الحياة ، وهذا موقف تاريخي كبير ومشرف سوف لن ينساه شعبنا لكوردستان حكومةً وشعباً ، رئيس الأقليم السيد مسعود بارزاني مشكوراً جسد منذ اليوم الأول تعاطفه ودعمه لشعبنا وللأن وهكذا القيادة السياسية والحكومية” .
المسيحية في الشرق نحو التدهور
وعن تصوره لوضع المسيحيين في الشرق الاوسط،قال القيادي المسيحي لـ(باسنيوز)،ان” المسيحيه في الشرق الاوسط بشكل عام في تدهور والشعوب المسيحيه في المنطقه فقدت الأمل بالمستقبل في ظل تنامي الاسلام السياسي وخاصة الأرهابي والتكفيري منه”، مضيفا”الهجرة نخرت الوجود المسيحي في الشرق الاوسط وهي مستمرة ، وإذا لم تتظافر جهود دولية ومحلية في الشرق الاوسط لتغيير اوضاع المنطقه وتحسين اوضاع المسيحيين وايقاف الاضطهاد والقتل والتشريد أزاءهم سنجد بعد عقود قليله شرق اوسط لا خالي من المسيحيين فقط بل خالي من كل المكونات الدينيه الاخرى غير الاسلام وحتى من بعض المذاهب الاسلامية وهذه كارثة كبرى ستدفع كل شعوب المنطقه ثمن ذلك”.
الاحزاب المسيحية ليست بمستوى الطموح
وفي رده على سؤال عن ما اذا كانت الاحزاب المسيحية بمستوى طموح المكون المسيحي بالعراق وما اذا كانوا كأحزاب مسيحية راضين عن مشاركتهم في العملية السياسية بالعراق وفي الحياة السياسية في اقليم كوردستان ،ردّ القيادي المسيحي ” كلا ،ببساطة الأحزاب القومية (المسيحية ) ليست بمستوى طموح المكون المسيحي بالعراق ، معظم ابناء شعبنا سياسياً كان قد تماهى وتبودق في الاحزاب العراقيه والكوردستانية ، الاحزاب القومية لشعبنا التي ظهرت بعد سقوط النظام بشكل عام منبثقة من مكون واحد من شعبنا ولا ضير إن هي فعلا تسامت وعبرت عن طموحات وحقوق الشعب المسيحي ، لكنها للاسف ظلت اسيرة الفئويه وزادت من الشق الموجود بين شعبنا بسبب التسميات والانتماءات المذهبية”. مستدركا بالقول “هذا اضافه الى إنها تحولت الى مشاريع تجارية صرفة مما دفعها أن تتاجر بشعبنا والامه ومحنه ، وبوصلة تحالفاتها تنتقل الى هنا وهناك الى درجة التخبط ، وخير مثال على ذلك هو أحد هذه الاحزاب والذي تأكسد رئيسه في البرلمان العراقي ، قفز بتحالفاته من الكورد الى الشيعة والى العرب السنة ثم الى الشيعة وغازل الكورد مرة اخرى والان لا احد يعرف مع من هو وكل القوى العراقية بما فيها الاحزاب الكوردية يعرفون اي بهلوان هو وهذا نموذج للاسف لاحزابنا القومية” .
واشار بالقول “أنطلاقأ من هذه الحقائق فشعبنا غير راضي اطلاقا عن تمثيلنا الرديء ، نحن لا نملك تعداد شعبي كبير ولا نملك قوى عسكرية ، كان الاولى بممثلينا ان يتعاملوا بمصداقيه خاصه مع شعبهم”.
مشاركتنا السياسية في كوردستان افضل من المركز
اما بخصوص وضعهم في اقليم كوردستان،قال برخو ” مشاركتنا في الحياة السياسيه في اقليم كوردستان افضل من المركز لكنها مازالت دون الطموح ، نحن نأمل من الشعب الكوردي وحكومة الاقليم ان ينظرا الينا كشركاء ، طبعا بحجمنا،نحن لا نطمح اكثر من ان نكون شركاء بحجمنا وعددنا”. موضحا” انا اتصور ان القيادة السياسيه للاقليم ستكون على قدر المسؤرليه التاريخية في المرحلة المقبلة كما كانت منذ انبثاق الثورة الكوردية الى يومنا هذا ” .
قوة عسكرية ضمن البيشمركة
وفيما اذا كانوا مشاركين في اي قوة عسكرية في منطقة سهل نينوى،تحت مظلة وزارة البيشمركة أو ما اذا كانوا مستعدين او يملكون مقاتلين لهكذا مشاركة،قال رئيس حزب بيت نهرين الوطني ” نعم لدينا قوة عسكريه (قوات سهل نينوى) NPF مع الاخوة في حزب بيت نهرين الديمقراطي ، وهي تحت مظلة وزارة البيشمركة ، والقوات فعلا قد مسكت الارض في تلسقف وقاتلت الى جانب قوات البيشمركة والاسايش في معركة تلسقف ، ونأمل ان تأتي الموافقة على وجبة مقدمة للوزارة لتنضم للقوات في مقاتلة داعش ” .
وضع المسيحيين في سهل نينوى
وعن تصورهم لوضع المسيحيين في منطقة سهل نينوى،قال صباح ميخائيل برخو،ان”هناك الكثير من العوامل والمعطيات تؤثر سلباً وايجاباً في مستقبل المسيحيين في سهل نينوى ، منها مدى جدية القوى الدولية الكبرى للحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقه عامة وفي سهل نينوى خاصة ، المسألة المؤثرة الاخرى هو التسريع في تحرير سهل نينوى وعودة شعبنا اليه وكلما تأخر التحرير يؤثر سلباً علينا”.مستدركا بالقول ” كذلك نأمل من حكومة الاقليم والقوى السياسية والشعب الكوردي كما عهدناهم ان يكون لهم وقفة اخوية ووطنية ، ورغم الهجرة الا إنه هناك جزء كبير من شعبنا متشبث بالعودة “. مضيفا ” رغم كل شيء أنا اعتقد ان سهل نينوى سيزدهر بكل الاطياف القومية والدينية في ظل سلطة علمانية ، الشعب الكوردي مدعو ليأخذ دوره التاريخي في هذه الحقبة الزمنية ويتحالف مع المكونات القومية والدينية من اجل غدٍ زاهر لكل شعوب المنطقة ” .
تفهم عميق لدى الرئيس بارزاني للمرحلة المقبلة
وعن تأكيدات رئيس اقليم كوردستان على ضرورة وجود اتفاق سياسي بين الاطراف المعنية،قبل انطلاق عملية تحرير الموصل وضمان حقوق مكونات نينوى خاصة المسيحيين والايزيديين،قال القيادي المسيحي العراقي ” انه تفهم عميق من لدن سيادته للمرحله المقبلة كما إنه يجسد حالة وطنية وأخوية وتاريخية كبيرة ، عصر الأحتواء والالغاء والتهميش أنتهى وأن وجد يفشل ، شعوب العالم المتحضر تتعايش وترتقي بالأتفاق والتحالف والأعتراف المتبادل ، وهذا بالضبط ما دعا اليه سيادة الرئيس مسعود بارزاني ، نحن تماماً نشيد ونثمن دعوة الرئيس ونأمل ان لا يكون فقط تحالف سياسي بل تحالف شعوب طبعا كل حسب حجمه وعدده لكن بشراكة وليس تبعية ، بمصير مشترك لنقدم للبشريه نموذج شرق اوسطي ديمقراطي وحضاري وانساني ” .
من الصعب التكهن بمستقبل المسيحيين في العراق
وعن تصورهم لمستقبل المكون المسيحي في العراق،قال رئيس حزب بيت نهرين الوطني صباح ميخائيل برخو، ان ” من الصعب التكهن بمصير العراق فكيف بأمكان المرء أن يكون لديه رؤية لمستقبل المسيحيين في العراق ، العالم يمر بمخاضات كبرى من المؤكد ستنتج عنها تغيرات كبيرة ، على مستوى العراق مع الأسف تفتتت الوطنية العراقية وكادت أن تنهار ، استمرار الوجود المسيحي مرهون بدولة علمانية وطنية “. لافتا الى ان “الاسلام السياسي وعوامل اخرى وجهت ضربات مميتة للعلمانية والوطنية العراقية المرتبطتين ارتباطاً جدلياً ،هجرة شعبنا مستمره حكومة المركز غير جادة أو متعمدة بتهميش المسيحيين وعدم الأهتمام بهم ” ، مضيفا ” ممثلينا بالبرلمان والاحزاب التي تدّعي تمثيلنا تحولت الى شركات تجاريه وتماهت بجمع الاموال وانغمست بالفساد ، الغرب والشرق غير مبالٍ بقضية وجودنا في العراق ، مآساتنا كبيرة”.
عراق وكوردستان بلا مسيحيين خسارة كبيرة
وختم القيادي المسيحي العراقي بالقول ” نأمل من الشرفاء العراقيين كوردا وعربا سيياسيين ، مثقفين ، وطنيين ، من اصحاب الضمير أن يولوا للوجود المسيحي سواءً في العراق أو اقليم كوردستان اهمية ، لأن عراق بلا مسيحيين وكوردستان بلا مسيحيين خسارة كبيرة للجميع ، أملنا بحكومة الاقليم كبيرة لمرحلة ما بعد داعش ، فأن تظافرت الجهود وكان هناك جدية للمحافظة على المكون المسيحي فسيكون لنا مستقبل والا سنجد العراق خلال عقد من السنين خالي من مكون اصيل ومخلص هم المسيحيين ” .
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية