باحث أميركي: إمساك المالكي بزمام الأمن يمهد الطريق أمام ولاية ثالثة
خندان – رأى باحث اميركي بارز ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يمسك بزمام مؤسسات الدولة الامنية والمحكمة العليا والاعلام الحكومي، وهذا ما يجعله يعزز احتمالات اعادة انتخابه رئيسا للوزراء في ولاية ثالثة.
وقال مايكل نايتس في تحليل مطول بمعهد واشنطن ان هناك رأيين شائعين عن رئيس الوزراء العراقي الذي عاد للتو من اولى لقاءاته عالية المستوى في واشنطن منذ انسحاب القوات الاميركية في العام 2011، مشيرا إلى أن “احد الاراء البورتريهات عنه تعرضه بوصفه ديكتاتورا ناشئا، يزيد بكل طاقته من سلطاته التنفيذية ويسحق المؤسسات والشخصيات المنافسة له باستعماله سلطة الدولة”.
وتابع أن “سمعة المالكي هذه ليست وليدة اليوم، فما ان يخرج من ازمة سياسية وامنية حتى يدخل في اخرى”.
ويضيف “يرى مراقبون كثيرون، ان حاله هذا يشير الى ان ايامه السياسية باتت معدودة، ولو دامت، فان الانتخابات الوطنية المقرر عقدها في 30 من نيسان 2014 ستطرده من السلطة”، موضحا أنه “على هذا، من هو نوري المالكي الحقيقي: اهو الرجل القوي الذي قد يدوم حكمه عقودا، ام هو الشخصية التي سرعان ما يطويها النسيان ويرجح انه سيطرد في اول عملية اقتراع في مرحلة ما بعد الاحتلال؟”.
واستدرك “لكن على الرغم من عملية اعادة مركزته السلطة، كان المالكي في حاجة الى ان يدير بعناية التوازن السياسي داخل البرلمان العراقي المنقسم بعد الانسحاب الاميركي في كانون الاول 2011″، موضحا “بدلا من ان يقدم على هذا، راح في الوقت نفسه يبعد فصائل عراقية كثيرة جدا تقريبا منذ لحظة انسحاب الاميركيين”.
وتابع القول “في ربيع العام 2012، سعت الاحزاب الكردية ومقتدى الصدر الى اجراء تصويت في البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء.. لكن هذه الجهود فشلت بسبب الضغط الايراني الشديد بالنيابة عن المالكي، لكن الامر اصبح واضحا ان المالكي سيواجه تحديا كبيرا في تامين الحصول على ولاية ثالثة في العام 2014”.
وأضاف “لا بل ان الاسوأ حتى الان هو ان الموالين للمالكي داخل دولة القانون بدوا ايضا ان اعدادهم تتضاءل في تلك الانتخابات.. ففي معقله السابق، البصرة مثلا، لم ينتخب من مرشحي دولة القانون البالغ عددهم 16 سوى ثلاثة، كانوا على صلة قوية برئيس الوزراء”.
ويقول نايتس “بعد ان وجد المالكي نفسه محاصرا، راح يبدي مرونة ويتخيل ان له موطئ قدم في الملعب السياسي وهو في شهوره الاخيرة، فقد فسح المجال للكرد في جملة من المسائل، بابتعاده عن طريقهم وهم يعززون من قبضتهم على مدينة كركوك المتنازع عليها، وانجزوا بناء الانبوب النفطي المستقل الخاص بهم الى تركيا”.
وبالمقابل، كما يرى الباحث الأميركي “سكت الاكراد في يوم 26 من اب الماضي عندما ضرب رجال المالكي في المحكمة العليا قانونا من شانه ان يمنع رئيس الوزراء من الحصول على ولاية ثالثة”.
ويضيف “في جهده الناجح بنحو متزايد لشق صفوف المعارضة العربية السنية، اعاد المالكي بانتقائية حركة الصحوة العشائرية المسلحة، وراح يواصل اطلاق الوعود للفصائل السنية باجراء اصلاحات على قانون اجتثاث البعث وقانون مكافحة الارهاب”، مشيرا إلى أنه “أخذ يذكر العراقيين بدوره في دحر سطوة الميليشيا في العام 2008”.
وفي يوم الاثنين الماضي، حث المالكي العراقيين على “تذكر سيطرة ميليشيا الصدر التي رعت القتل والخطف والسرقة في البصرة وكربلاء وبغداد ومحافظات اخرى”. ويرى نايتس ان “المالكي يبين الآن انه يلعب لصالح المؤسسة السياسية، وهو لم يكن الزعيم الوحيد لكتلة خسرت مقاعدها لصالح قوائم صغيرة مستقلة في انتخابات 2013 المحلية، ما ادى به الى دعم الجهود التشريعية لوضع عتبة اصوات مقيدة في انتخابات 2014 الوطنية التي من شانها ان تعيق انتخاب مرشحين مستقلين”.
واخيرا وليس اخرا، راح المالكي يتودد بشدة للشركاء الدوليين. وقال الكاتب ان “المالكي يرمي الان الى الخروج من اقتراع العام 2014 بوصفه المرشح الاوفر حظا لمنصب رئيس الوزراء على اساس ان حجمه معروف، وان استبداله لربما سيكون امرا عسيرا او يتسبب بزعزعة”.
فالمالكي رديف تعبير “العمل كالمعتاد”، باعتماده على حقيقة ان معظم الزعماء السياسيين العراقيين يخافون كثيرا من القاعدة ومن ظهور سياسيين مستقلين اكثر من خوفهم من فصائل سياسية اخرى.
لكن يبقى هناك احتمال ان تتكشف الامور عن مفاجئة حالما تبدأ عملية اختيار رئيس وزراء وراء الابواب المغلقة بعد انتخابات 2014، حسب ما يرى نايتس، الذي يقول إن “أحد سيناريوهات استبدال المالكي قد يكون انقلاب قصر شيعي، حيث تفتح نتائج اصوات فقيرة بابا لاطراف شيعية اخرى تستبدله برجل رمادي جديد يأملون ان يكون اسهل انقيادا من المالكي”.
وزاد “حتى الوقت الذي سيكون فيه رئيس وزراء مؤقتا خلال المدة الانتقالية المقبلة، فان المالكي سيمسك بالعديد من الاوراق المهمة التي قد تميل كفة الميزان، من بينها سيطرته على المحكمة العليا، وهي الحكم في الخلافات الانتخابية، فضلا عن تحكمه بالمؤسسات الاستخبارية والامنية”. وتابع “كما اخفقت محاولة التصويت على سحب الثقة منه في ايار من العام 2012، فان رغبة المالكي بالتنحي من خلال عملية انتقال سلمي لم توضع موضع اختبار”.
ويرى أنه “خلال تلك الازمة، جيء بالقوات الامبراطورية ووضعت في حالة التاهب على مداخل بغداد وحول مركز الحكومة، في رد على احتمال التصويت ضد المالكي وكأنه محاولة انقلاب”. ويختتم الكاتب لافتا الى أن “أي سيناريو يستدعي إزالة المالكي من شأنه ان يكون اختبارا للطرح القائل ان العراق ما يزال نظاما ديمقراطيا دستوريا بعد مرور ثلاث سنوات على انسحاب القوات الاميركية منه”.
عن صحيفة “العالم”
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية