أكتوبر 24, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

اختيار نوع الجنين… بين الحقيقة والخيال

اختيار نوع الجنين… بين الحقيقة والخيال920

 منذ مئات السنين والبشرية تحلم بكيفية اختيار نوع الجنين وتحديد نوعه حتى قبل حدوث الإخصاب والحمل. ففكرة أن الزوجين قد يكونان قادرين على القيام ببعض الأمور لتعزيز الفرص في الحمل إما بذكر أو أنثى قد فتنت الجنس البشري قروناً عدة.

وتراوحت الأساليب المستخدمة لاختيار جنس المولود عن طريق الجماع والقمر مكتمل، أو في وضع معين أو اتجاه معين، أو الجماع عندما تهب الرياح شمالاً أو جنوباً، أو خلال موسم معين من السنة (عندما يكون دافئاً أو بارداً) أو حتى في وقت معين من اليوم. وفي العصور الوسطى، الكيميائيون اقترحوا ارتداء ملابس أو مجوهرات معينة قبل الجماع. واستخدم الصينيون التقويم القمري بناء على عمر المرأة والشهر الذي تريد الحمل فيه. كل هذه الطرق القديمة على مر العصور تعتمد على التنجيم ونظريات لا أساس لها من الصحة. ثم تطورت الحاجة إلى تحديد نوع الجنين من مجرد اعتبارات خاصة تحكمها الطبيعة والفطرة البشرية والاعتقادات المتوارثة المرتكزة على الاحتياجات الإنسانية إلى احتياجات طبية يفرضها كثير من الأمراض المرتبطة بالكروموسوم الذكري Y على حدة أو الكروموسوم الأنثوي X. فكان أمر عزل الأجنة الذكور عن الإناث حاجة ملحة على الصعيد الطبي للحد من ولادة أطفال مرضى ومشوهين الأمر الذي بذل فيه علماء الأجنة قصاري جهودهم لاختيار جنس المولود.
الدكتور أشرف طلعت يستعرض الطرق المعملية والتقليدية المؤثرة في تحديد نوع الجنين.
تحدد مادة الوراثة أو الكروموسومات نوع الجنين وفقاً للحيوانات المنوية، وليس للبويضة أي دخل في تحديد نوع الجنين. وعليه فإنه خلافاً للمعتقد السائد عند كثيرين فإن الرجال هم المسؤلون عن تحديد نوع الجنين وليس الإناث. فالحيوان المنوي الذي يحمل كروموسومY يلقح البويضة وينتج جنيناً ذكراً، والحيوان المنوي الذي يحمل كروموسومX يلقح البويضة وينتج جنيناً أنثى. وتتوقف نسبة الأطفال الذكور إلى الإناث في ذرية كل زوجين حسب خصائص ونسبة الحيوانات المنوية للزوج.
فما هي طرق تحديد نوع الجنين؟
بداية يجب أن نستيقن تماماً أن الوهاب هو الله سبحانه وتعالى وأننا فقط نأخذ بالأسباب ولا دخل لنا حقيقة في تحديد الجنس، وعلى من يستخدم الطرق المنزلية التقليدية أن يتقبل تماماً إن جاء الجنين عكس ما أراد، لأن كل الطرق التقليدية التي تعتمد على نوعية الغذاء أو استخدام جداول أو غسول مهبلي، كلها تعتمد على نظريات وملاحظات وأبحاث فردية، ولا تتوافر أدلة علمية محققة ودراسات موسعة تثبت مدى جدواها، ويعتمد معظمها على ملاحظات فردية ونظريات بعضها يستند إلى أساس علمي لكن تظل نتائجها محل شك بإجماع العلماء، وتظل نتائجها غير مؤكدة ولا تتجاوز في أفضل الحالات 70-60% من الجنس المراد. لكن يبقى لهذه الطرق جمهورها ومؤيدوها نظراً إلى أنها غير مكلفة، وسهلة، ويمكن استخدامها في المنزل، ولا تحتاج إلى كثير من التحاليل أو الفحص الإكلينيكي.
أولاً: الطرق المعملية:
• الطرد المركزي
ثم فصل الحيوانات المنوية:
تعتمد هذه الطريقة على الفرق في الخصائص الفيزيائية بين المنويات الذكرية Y والأنثويةX حيث يتم فصلها باستخدام تقنية الطرد المركزي، ثم عمل تلقيح صناعي بعدها. إلا أن نتائج هذه التقنية منفصلة غر مرضية، ولا بد من أن يصحبها تجهيز جيد للمرأة قبل التلقيح.
• صبغ كروموسومات تحديد الجنس
Flow Cytometry / Sperm Separation
تعتمد هذه الطريقة على استخدام تقنية معقدة لوسم الحيوانات المنوية بصبغيات بيولوجية معينة تسم الكروموسومات الذكورية Y باللون الأخضر، والأنثوية X باللون الزهري، ثم يتم عزل الجنس المطلوب، وإما استخدامه في التلقيح الصناعي أو الحقن المجهري. تبلغ دقة هذه الطريقة 90% تقريبا وفقاً للأبحاث العلمية.
• الخزعة الجنينية PGD:
تعتمد هذه الطريقة على استخدام الأجنة الناتجة في برنامج الحقن المجهري أو طفل الأنبوب وأخذ خلية منها وتحديد مادة الوراثة لجنس الجنين، وذلك قبل نقل الأجنة إلى رحم الأم. وتبلغ دقة هذه الطريقة 100-99%.
ونظرا إلى الكلفة العالية لمثل هذه التقنيات، فثمة تشريع منظم في معظم دول العالم يقنن استخدام هذه التقنيات حرصاً على التوازن السكاني ومنعاً للانزلاق في منزلق أخلاقي واجتماعي قد يؤثر على استقرار تلك المجتمعات. لذا اقتصراستخدام هذه التقنيات في كثير من البلدان على الأسباب الطبية كالأمراض المرتبطة بجنس الجنين مثلا. وتم وقف تغطية التأمين الصحي للأسباب الفردية.
ثانياً: الطرق التقليدية
ثمة عشرات الطرق التقليدية التي مارستها شعوب العالم المختلفة على مر السنين، منها:
• الجدول الصيني:
قدمه الصينيون قبل ما يتجاوز 700 عام. عندما عكف علماء الفلك القدامى لديهم لإيجاد علاقات فلكية خاصة بين عمر الجنين وعمر الأم وربطها بعوامل خمس هي الماء، الأرض، الخشب، النار والمعدن. لا يمكن التعويل عليها أو الركون إليها لأنها لا ترتكز على أساس علمي يعتمد عليه إلا أنه قد يصدف المنجمون.
• الوسطان الحامضي والقاعدي
من المتعارف عليه أن الوسط الحامضي هو أكثر ملائمة للحيوان المنوي الأنثوي والوسط القاعدي يناسب الحيوان المنوي الذكري، حيث يتم عمل دش مهبلي حامضي أو قاعدي يمكن أن يغير من الوسط وهذه الطريقة غيرت فرص النجاح إلى ما يقارب 5% وهي نسبة لا يمكن تجاهلها، إلا أنه يجب التنويه بأن هذه المحاليل المستخدمة يجب أن تكون محضرة بدقة ويمكن الحصول عليها من الصيدليات المختلفة.
• توقيت الجماع لتحديد الجنس:
ثمة طرق عدة تستخدم هذا الأسلوب وأؤكد أنها تعتمد على نظريات فردية لمن نشرها ولا يوجد ما يدعمها بدراسات علمية محققة:
• طريقة شتلز (Shettles)
تعتمد هذه النظرية على أن الحيوانات المنوية الحاملة للكروموسومات Y (للذكور) تتحرك بشكل أسرع، ولكنها لا تعيش طويلاً مثل الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسومات X (للبنات). إذا كنت تريدين صبياً، فإن طريقة شتلز تقضي بالجماع في أقرب وقت ممكن من التبويض. أما إذا كنت ترغبين في بنت، فيجب أن يكون الجماع قبل يومين إلى أربعة أيام من الإباضة. نجاح هذه الطريقة غير مضمون.
• طريقة ويلان (Whelan)
تتناقض طريقة ويلان بصورة مباشرة مع طريقة شتلز. والنظرية هنا أن التغيرات الكيماوية الحيوية التي قد تسهّل وصول الحيوانات المنوية الحاملة لكرموسومات الذكور تحدث في مرحلة مبكرة من الدورة الشهرية للمرأة. لذا، إذا كنت تريدين صبياً، فعليك المجامعة قبل أربعة إلى ستة أيام من التبويض. أما إذا كنت ترغبين في إنجاب بنت، فعليك المجامعة قبل يومين أو ثلاثة أيام من توقيت التبويض. هذه الطريقة غير مضمونة ولا دليل علمياً يؤكدها.
• الحمية الغذائية:
طريقة Rajan S. Joshi
تعتمد هذه الطريقة على حصول الأم على نوعيات محددة من الطعام تساعد في حصول الحمل بنوع الجنين المرغوب فيه. ووفقاً لهذه النظرية، فإن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم يحدث تغييرات على جدار البويضة لجذب الحيوان المنوي الذكري (Y) واستبعاد الحيوان المنوي الأنثوي (X)، وبالتالي نتيجة التلقيح تكون ذكراً.
والعكس صحيح فان زيادة نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدم وانخفاض الصوديوم والبوتاسيوم تجذب الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الأنثوي (X) وتستبعد الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الذكري (Y) وبالتالي تكون نتيجة التلقيح والحمل أنثى.
ولإتباع هذه الطريقة، على المرأة اتباع حمية غذائية لمدة زمنية لا تقل عن الشهرين تدعم بها المخزون الغذائي الذي يشجع الجنس المرغوب به. وثمة جداول غذائية لدى الأطباء لتحديد نوعية الغذاء المطلوب تناوله حسب نوع الجنين المطلوب.هذه الطريقة تعتمد نظرياً على التوازن الأيوني للبويضة، ولكنها غير مضمونة ولا مؤكده.
الجانب الأخلاقي والتوازن المجتمعي:
أثارت التكنولوجيا الفائقة في اختيار جنس المولود جدلاً كبيراً في جميع أنحاء العالم. يعتقد بعض الخبراء أنها وسيلة رائعة لتحقيق التوازن بين الأسر، بينما يرى آخرون أننا نسير على منحدر زلق. ثمة جدل أخلاقي حول حقوق الأجنة غير المرغوب فيها والمخاوف من أن الاستخدام واسع النطاق لطرق اختيار جنس المولود قد يسبب انحرافاً في نسبة الجنس في عموم السكان.
وقد أجريت مشاورات عامة في المملكة المتحدة بشأن اختيار جنس المولود ووجدت أن الغالبية العظمى من الناس (80%) لا تدعم استخدام مثل هذه التقنيات لأسباب غير طبية. ووضعت الجهات الطبية المختصة توصيات للحكومة بإخضاع فرز الحيوانات المنوية لقوانين محددة، ما قد يعني في نهاية المطاف أن يصبح استخدام هذا الإجراء غير قانوني لأسباب غير طبية، مثل {موازنة الأسرة} أو لأسباب اجتماعية.
غير أنه لا شك في أن استخدام مثل هذه التقنيات للأغراض الطبية كالأمراض الوراثية المرتبطة بالجنس لا جدال في مشروعيته وحاجة البشرية إلى تطبيقه هنا.
لم تثر الأساليب منخفضة التقنية في اختيار جنس المولود الجدل نفسه، ربما لأنها ما زالت غير مضمونة النتائج بشكل كبير أو لأن الأزواج الذين يجرونها لا يعولون كثيراً على نجاحها فلا يبذلون الكثير في الجانبين المادي والمعنوي.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi