أكتوبر 24, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

طفلة مصرية تقتل والدها لتخلص امها واختها من عذابهم

طفلة مصرية تقتل والدها لتخلص امها واختها من عذابهم
جرائم القتل كثيرة وأسبابها مختلفة، بعضها لا يستوقفك ويمرّ مرور الكرام، لكن عندما تكون القاتلة طفلة لم يتجاوز عمرها 11 عاماً والقتيل هو والدها، لابد أن تتوقف وتصاحبك علامات الدهشة وتطاردك الأسئلة الكثيرة، لماذا فعلت هذا؟ وكيف جاءتها الجرأة لتطعن والدها؟ ما هي حكايتها؟ وكيف تحوّلت طفلة إلى قاتلة والدها؟ السطور الآتية تكشف الأجوبة عن كل هذه الأسئلة، وتزيح علامات الدهشة.

هادئة،  متماسكة، صغيرة على القتل، هكذا قال الجميع. عندما تشاهدها للوهلة الأولى ترى أمامك طفلة لا تعرف أكثر من اللهو واللعب مع الأطفال في مثل سنها، وفي مكتب رئيس النيابة كانت تقف صلبة صامدة دون أن تدمع عيناها، وقفت وهي تنظر إلى المجهول لا تتحدث إلى أحد، كانت تقف أمام رئيس النيابة ببراءة الأطفال، وفي الوقت نفسه كانت أسئلة كثيرة حائرة تدور في أذهاننا: ما الذي يدفع فتاة لم يتجاوز عمرها الحادية عشرة لتمسك سكيناً وتقتل أقرب الناس إليها، والدها؟ فهي صغيرة على القتل، وكيف تواجه ندى السجن؟
بين ليلة وضحاها وجدت الطفلة نفسها متهمة في جريمة بشعة، كانت حديث مدينة الخانكة، حيث انهالت ندى على والدها وهو نائم بالسكين ولم تتركه حتى فارق الحياة وسط بركة من الدماء، وذلك بسبب مشاجراته المتعددة مع أفراد أسرته.

حكاية ندى

في مدينة الخانكة، الكل يروي قصة الطفلة التي قتلت والدها دون خوف أو حزن على فراقه، أما الأوراق الرسمية فتحكي قصتها منذ بدايتها، لأن مشهد القتل كان الأخير بعد مشاهد أخرى جسدت مأساة الصغيرة القاتلة.

نشأت الطفلة ندى وسط أسرة بسيطة فقيرة، لها خمسة أشقاء أربع بنات وولد، كان أهالي القرية جميعاً يعرفون تلك الأسرة البسيطة من خلال ماكينة الخياطة التي تعمل عليها الأم التي تجلس في منزلها تستقبل الجيران لتحيك لهم الملابس، الكل يعرف أم ندى التي تربي أطفالها وتساعد زوجها، لكن حياتهم دائماً متوترة في قلق مستمر، ولم يعرفوا معنى الراحة، وامتلأت دنياهم بالألم، والسبب في ذلك الأب، الذي حوّل حياتهم إلى جحيم، لأنه دائم الشجار معهم، لكن في تلك الليلة المثيرة التي تختلف عن كل الليالي التي سبقتها، عندما دخل الأب المنزل متأخراً بعد عودته من عمله، جلس مع زوجته وبناته، وما هي إلا لحظات حتى بدأت الحرب من جديد. الأب أمسك إحدى بناته وضربها بكل قسوة، وكانت صرخاتها تثير الألم والشفقة في القلوب، ولم تكن الأم تملك أن تفعل أي شيء لإنقاذ ابنتها من براثن زوجها، مما دفع الطفلة إلى توعّد والدها بالانتقام، لكن الأب لم يهتم بما تقوله ابنته، ولم يدر أنها ستنفّذ تهديدها بعد فترة ليست ببعيدة.

في تلك الليلة، انتظرت ندى داخل غرفتها وسط أشقائها الذين كانوا يحاولون تهدئتها، لم تعرف طعم النوم، لم يكن أشقاؤها يعلمون ما تفكر فيه شقيقتهم الصغيرة التي بدت مختلفة تماماً هادئة لا تتحدث إلى أحد، وفجأة خرجت من غرفتها متجهة إلى المطبخ، واستلت سكيناً وخبأتها بين ملابسها، وانتظرت حتى خلود والدها الى النوم ثم طعتنه طعنات عدة أودت بحياته في الحال. صرخت الطفلة وهي تضرب والدها: قتلته! الصدمة والدهشة تملآن المنزل، وأشقاؤها يصرخون لما ارتكبته ندى في حق والدها، وكان الجيران في حالة ذهول وحاولوا إنقاذ الأب ونقله إلى أقرب مستشفى الذي أخطر العقيد صموئيل عطاالله، نائب مأمور مركز شرطة الخانكة، بوصول مصطفى (50 عاماً) مصاباً بطعنات نافذة في أنحاء متفرقة من الجسد.

على الفور تم إخطار اللواء محمود يسري، مدير أمن القليوبية، فكلف اللواء محمد القصيري مدير المباحث، وتم تشكيل فريق بحث على مستوى عالٍ لكشف أسرار الحادث المثير الذي قلما تشهده الشرطة. وتوصلت التحريات إلى قيام زوجة المجني عليه، وهي ربة منزل تعمل على ماكينة خياطة، باتهام نجلتها بالتعدي على والدها المجني عليه بسكين، نتج عنه إصابة غائرة بالظهر من الجهة اليمني، وذلك أثناء خلوده إلى النوم.
أكدت الأم أن سبب الجريمة قيام زوجها القتيل بمعاملة أولاده معاملة سيئة، حيث كان دائم التعدي عليهم بالضرب، وفي يوم الحادث وقعت مشاجرة بينه وبين بناته، وأهانهن وتعدى عليهن بالضرب المبرح، بعدها خلد للنوم في صالة الشقة، فتوجهت ابنته الصغرى إلى المطبخ وأحضرت سكيناً، وتعدّت على والدها بالضرب وأحدثت إصابته التي أودت بحياته.

«أنا سعيدة»

وعلى عكس كل المتهمات في قضايا القتل كانت الطفلة ندى مبتسمة، هادئة، متماسكة، أكدت الطفلة التي التقيناها في محبسها أنها غير نادمة على ما فعلت، كل ما تعرفه أنها تخلصت من العذاب والألم اللذين كان يسببهما لها والدها، وتخلصت من ضربه لها وشجاره المستمر معها ومع أشقائها، ولم تذرف دمعة واحدة من عينيها ووقفت صامدة، لأنها لم تشعر يوماً بوجود الأب.

أصاب الشرود الطفلة وكأنها تسترجع تفاصيل أصعب ليلة في حياتها، ومشاهدها المؤلمة التي قادتها إلى هذا المكان، ورغم أنها غير نادمة على جريمتها وأنها سعيدة بقيامها بتخليص أسرتها من كابوس اسمه والدها، لكنها في الوقت نفسها وجدت نفسها في السجن، وأصبح مستقبلها مهدداً بالضياع والإيداع في دار رعاية الأحداث لسنوات طويلة.

وعادت ندى لتقول: «لا أدري لماذا لم تأت والدتي للسؤال عني؟ أنا فعلت ما فعلت من أجلها، لأن والدي كان يتعدى عليها هي الأخرى، ولم يكن الأب الذي نعرفه، فالأبوة كنت أراها في بيوت صديقاتي اللاتي كنت أزورهن وأشاهد معاملة الأب لهن، كنت أحزن على نفسي لأن والدي لم يكن مثل هؤلاء، كانت كلمة بابا تتوقف على لساني قبل أن أنطقها، فهي ليست مجرد كلمة لكنها إحساس لم أعشه».
أنهت ندى حديثها وعادت لتستكمل قراءة أحد الكتب في العنبر المحتجزة فيه، فهي كانت مدمنة للقراءة وتسبق زميلاتها في النضج.

وفي النهاية، لم تبد الطفلة كلمة ندم واحدة تعبر بها عن خوفها أو حزنها لقتل الأب، هي تقف صلبة، وثار السؤال، لماذا كل هذه القسوة التي تبديها طفلة في عمر الزهور؟ هل الأب كان قاسياً إلى هذه الدرجة؟! المؤكد أنها متهمة ومصيرها حتماً إحدى دور الأحداث، لكنها ضحية والدها وقسوته، ولذلك طالبت في التحقيقات باعتبار نفسها ضحية وليست قاتلة، ومن يدري فربما تتعاطف معها المحكمة!

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi