مفتاح كهربائي حال دون وقوع الكارثة النووية
سلاح الطيران الأميركي كاد يحول بلاده إلى هيروشيما جديدة
كشفت وثيقة سرية أن سلاح الجو الأميركي كان قاب قوسين أو أدنى من إلقاء قنبلة ذرية على ولاية نورث كارولاينا تزيد قوتها 260 مرة على القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما.
لندن: تتضمن الوثيقة السرية التي حصلت عليها صحيفة الغارديان بموجب قانون حرية المعلومات، أول دليل قاطع على أن الولايات المتحدة بالكاد أفلتت من كارثة ذات أبعاد لا يمكن تخيلها عندما أُسقطت قنبلتان هيدروجينيتان نتيجة حادث طارئ على منطقة غولدسبورو، في ولاية نورث كارولاينا في 23 كانون الثاني (يناير) 1961. وسقطت القنبلتان على الأرض بعد أن تحطمت قاذفة من طراز ب ـ 52 في الجو، وتصرّفت احدى القنبلتين تمامًا كسلاح نووي صُمم للاستخدام في الحرب، إذ انفتحت مظلتها وجرى تفعيل آليات تفجيرها ولكن مفتاحًا كهربائيًا واطئ الفولتية وحده الذي حال دون إحداث دمار لا يوصف.
تهديد لحياة الملايين
وكانت كل قنبلة تحمل ما يعادل 4 ملايين طن من مادة تي ان تي المتفجرة. ولو انفجرت القنبلة، لانتشر غبارها الذري فوق واشنطن وبالتيمور وفيلادلفيا ووصل إلى مدينة نيويورك، مهددًا ارواح الملايين بالموت.
ورغم التكهنات التي راجت عن حجم الكارثة التي كانت محدقة بالولاية، وعدة مدن اميركية أخرى، فان الحكومة الأميركية دأبت على نفي أن تكون ترسانتها النووية هددت ذات يوم أرواح مواطنيها بسبب أخطاء أو ثغرات في إجراءات السلامة.
ولكن الوثيقة السرية التي حصلت عليها صحيفة الغارديان، تكشف أن مهندسا كبيرًا في مختبرات سانديا الوطنية المسؤولة عن السلامة الآلية للأسلحة النووية، خلص إلى “ان مفتاحًا بسيطا واطئ الفولتية وقف حائلا بين الولايات المتحدة وكارثة عظمى”.
تجنب الكارثة
وكانت القنبلتان الذريتان سقطتا على ولاية نورث كارولاينا بعد ثلاثة ايام على خطاب التنصيب الذي القاه الرئيس جون كندي، وبعد ثماني سنوات كتب الخبير باركر جونز في تقرير أُبقي طي الكتمان، أن صمامات الأمان في القنبلتين لم تكن كافية وان المفتاح النهائي الذي لم يشتغل فحال دون وقوع الكارثة كان من الجائز أن يعمل بكل سهولة نتيجة رجة كهربائية مؤدية إلى وقوع الانفجار النووي.
…وفي التفاصيل
وأعد الخبير جونز تقريره السري عن الحادث بعنوان “عودة إلى غولدسبورو أو كيف تعلمتُ ألا أثق بالقنبلة الهيدروجينية”، مستوحيًا عبارة تهكمية من فيلم ستانلي كوبريك، الذي أخرجه عام 1064 “كيف تعلمتُ أن أكف عن القلق وأحب القنبلة”.
وقع الحادث عندما واجهت قاذفة قنابل من طراز ب ـ 52 مشاكل فنية حين كانت تحلق في مهمة تدريبية روتينية على امتداد الساحل الشرقي الأميركي. وعندما بدأت تهوى في الجو انفصلت القنبلتان الهيدروجينيتان اللتان كانتا على متنها، وسقطت احداهما في حقل حيث علقت مظلتها بأغصان شجرة وهوت الثانية وسط مرج يحاذي الطريق العام.
واكتشف الخبير باركر جونز ان ثلاثة من صمّامات الأمان الأربعة المبنية لمنع حدوث انفجار بطريق الخطأ، لم تعمل على الوجه المطلوب في القنبلة الثانية، وعندما سقطت القنبلة على الأرض أُرسلت اشارة نهائية إلى النواة الذرية لها، ولكن صمام الأمان الأخير المتبقي بين الاشارة والنواة وحده الذي منع الكارثة. وخلص جونز إلى أن صمامات الأمان في هذه القنبلة كانت قاصرة.
محاولة اخفاء الحقائق
وقال الصحافي اريك شلوسر الذي يعمل في الغارديان وحصل على الوثيقة السرية في إطار بحث يجريه لتأليف كتاب عن سباق التسلح “إن الحكومة الأميركية حاولت بدأب أن تحجب المعلومات عن الشعب الأميركي لمنع اثارة تساؤلات عن سياستنا التسلحية النووية. وكان يُقال لنا ان احتمال ان تنفجر هذه الأسلحة بطريق الخطأ احتمال غير وارد، ولكن هناك سلاحًا كاد أن ينفجر فعلا”.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية