أكتوبر 24, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

النمل يبني الطوافات وينقل الملكة الى ملجأ آمن عند الفيضانات

النمل يبني الطوافات وينقل الملكة الى ملجأ آمن عند الفيضانات

وكالات: برهنت دراسة أجريت في جامعة “لوزان” في سويسرا، ونشرت نتائجها هذا الاسبوع، على انّ النمل كائنات “اجتماعية” على درجة عالية من التنظيم اكثر مما كان يُعتقد من قبل، لاسيما في أوقات الخطر والكوارث حيث تعمل ككيان موحد، يعمل بشكل جماعي لإنقاذ المستعمرة.
ووفق الدراسة التي اشرفت عليها الباحثة، جيسيكا بورسيل، فان النمل يُسرع الى انقاذ الملكة أولاً، فيحرص الافراد من الطبقة العاملة على نقلها الى مكان آمن، حتى في الظروف الصعبة التي تتطلب منهم الموت والتضحية لأجلها، فيما يبدو الجنود اكثر تركيزاً للحيلولة دون وقوع اكبر عدد من الضحايا عبر فتح منافذ وممرات تُوصِل الى المناطق البعيدة عن خطر المياه.
وتوصّل البحث الى نتائجه، عبر تجارب تحاكي البيئة التي يعيشها النمل، تم خلالها إحداث فيضانات اجتاحت مستعمرات النمل الاصطناعية.

استعدادات

وأولى خطوات النمل، في سعيه الى تجاوز نتائج الكارثة، الهَرَع الجمعي الى مساعدة الضعفاء من أفراده أولا ، عبر تأمين جزيئات خشبية صغيرة تطفو على سطح الماء، خزّنها النمل من قبل، لمثل هذه الحالات الطارئة، لإنقاذ أفراده من الموت غرقاً.
وعبر عمل منسّق، تمكّن النمل من تجاوز الكثير من مخاطر الفيضانات عبر العبور الى المناطق المرتفعة، ومن ثم سحب الجرحى والمصابين اليها، فيما شرعت مجاميع أخرى الى القيام بإجراءات الاسعاف التي تأهّل المصابين الى العمل ثانية، لتجاوز الكارثة.
ان أكثر ما لفت الباحثين هو الذكاء الذي قاد الى استخدام وسائل لتجاوز مخاطر الغرق في المياه الا وهي “الطوافات”، ان صحّ التعبير، وهي عيدان خشبية تتمتع بخاصية الطفو فوق سطح الماء بعد عزلها بمادة جيلاتينية.
وفي إحدى المشاهد التي كشفت عنها المراقبة، صعود النمل على ظهر هذه العيدان فيما تقوم مجاميع اخرى بتحريكها نحو الجهة المقصودة عبر الغطس في الماء، مضحية بحياتها لأجل انقاذ الآخرين.
لكنّ النمل أثبت ايضاً، انه مثل البشر، يفقد رباطة جأشه، لكن بدرجة أقل، اذ تتزاحم مجاميــع النمــل الـــى منافذ الهرب وتتدافع لأجل الصعود الى الطوافــــة، لكن ليس الى الحدّ الذي يدفعها الى التقاتـــل فيما بينهـا.
وتصف الدراسة الهلع الذي اصاب مجتمع النمل بأنّه يرقى الى الشعور “الانساني” في الاحساس بالخطر، ذلك ان الملكة بعد نقلها الى مكان آمن، اعادت خطوط التواصل مع مساعديها، عبر اتصال “تليباثي” مع الكوادر العاملة، عبر ارسال إشارات كيميائية لاستعادة دورها القيادي بسرعة، واصدار الاوامر التي تنظم العلاقات في المستعمرة و التي يتفاعل معها الافراد عبر ردود أفعال منتظمة تتجسد في إبراز ‏قرون الاستشعار.
وأول الأوامر التي تصدرها الملكة في تلك اللحظات الحرجة، توجيه العمال بالبحث عن مأوى جديد تُبنى فيه “أعشاش” مؤقتة، مثل تلك التي ينصبها البدو الرحل، لحين اتخاذ قرار اختيار المكان النهائي الجديد للمستعمرة.
لقد اكدت التجربة ان هذ الكائنات الاجتماعية، عزّزت نشاطها بعد الكارثة، وسعت الى استعادة رفاهية مجتمعها بسرعة فائقة.
لكن هل انّ كل انواع النمل التي صُنّفت الى نحو 12500 نوع، لها هذه القدرات الخارقة في تجاوز الفيضانات ؟.
تجيب عن ذلك تجارب أخرى يستعد لها العلماء، ذلك ان تجربة الفيضان الاصطناعي هذه، أُجرِيت على أنواع من النمل تم انتقاؤه من سهول الفيضانات في سويسرا المغمورة بالمياه، ويتميز بقدرته على تجاوز اقسى انواع التيارات المائية.

مجاميع الانقاذ

واذا كانت بعض المجاميع، ركّزت في اولويات الانقاذ على الملكة، والضعفاء، والجرحى والمصابين، فان مجاميع اخرى اكثر نشاطا شرعت في حمل الصغار بعيداً عن المخاطر، فيما توجّهت مجامع كبيــرة الــــى مخابئ اليرقات والشرانــق والبيوض لتحملها الى المناطق الامنة التي لــــم تصلها المياه.
واظهرت التجارب ايضا، ان قرون الاستشعار المعقوفة، تساعد النمل، على الاستعــداد المبكر لكوارث الفيضـــــان، ما يساعده علــــى تحصـين مستعمراته مسبقا، وتأميــــن حواضن للبيوض والشرانق يمكنها الطفو على سطح الماء، لها خاصية الانسياب مع التيار، وبُنيت بشكل يتيح للنمل الذي يدفعها بعيدا، من التمسك بها لغرض توجيهها مع التيار.
وصُممت هذه الحواضن وفق آلية هندسية دقيقة، من مواد هلامية تشبه الـــــى حـــد كبير قــــوام معجــــــون الاسنان، لا تسمح للمياه بالنفــــاذ اليها، كما انها حين تتعرض للضغـــــط يسترجع حجمـــــها الاصــلي مرة أخرى، مثل الاربطة المطاطية.

طبقة شفافة

وفي حالات المطر والمياه الناتجة عنه، فان النمل يحيط نفسه بطبقة شفافة تبقيه جافاً لأطول فترة ممكنة لكي يتمكن من الاستمرار في عمليات الانقاذ.
اضف الى ذلك، فان هذه الطلاء الشفاف يسمح للنمل في الطفو فوق الماء، ويَحول دون غرقه بسهولة، كما يعمل العمال والجنود من النمل على تعزيز قــدراتهم في العمل والانقـاذ عبر اكساء المناطق المفصلية لأجسامهم بهذه المواد الهلامية لتمكّنهم من حمل الاوزان الثقيلة.
ان التجربة الجديــدة تؤكد بلا مواربة، ما تردّده القصص الشعبـيـــة، والروايــات التـاريـخـــية القديمــــة، والاسـفــار، والنصوص الدينية عن حكايات الكد والعمــل الجمعــي التعاونــي لمجتمع النمل، وما يمثّله ذلك للبشر من مثال يدفعهم الى التعاون والبناء.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi