مجزرة كوجو …..(43)
الباحث/ داود مراد ختاري
كنت خادمة لجرحاهم وهم مبتوري الاطراف
كنت في المدرسة، أخذوا زوجي وأطفالي من قرية كوجو، وحينما خرجت من المدرسة ولم أرَ أحداً، كانوا يأخذون كل رجال كوجو، أخذوهم في ثلاثة أتجاهات، بعدها دخلوا الى المدرسة بالاسلحة وطلبوا منا أن لا ننظر في النوافذ، لذلك لم نكن نعرف ما يحدث في الخارج، قالوا لنا بأنهم سيأخذوننا الى أهلنا في تل بنات، أحمد جاسو كان أخر رجل معنا، أخذوا الفتيات الى سولاغ، كان عندي طفلين قلت بأنهم أطفالوا في البداية لم يصدقوا، لكنهم قبلوا بالأمر في النهاية.
وقالت الناجية (ج. ش . ع) وهي في عمر ثلاثين سنة: في المدرسة تحججوا بأن المكان حار جدا، ليأخذوا النساء الى مكان يتوفر فيه التبريد، أخذوا كنة أحمد جاسو معهم، بعدها رجعت وهي تبكي وترتجف، كانت زوجة شهاب، قالت بأنها صادفت الحرب والنار في الطريق على شفراتهم.
كانوا يأخذوننا مجموعات، كنت في المجموعة الأخيرة، حل الليل، وبسبب القصف الجوي للطائرات على شنكال، جاءوا الى داخل المدرسة وأطفأوا الكهرباء، لم يكن هناك شيء لا ماء ولا طعام، الأطفال كانوا جائعين جدا، بعضهم كانوا يبكون من الجوع، في منتصف الليل جاءت سيارات تحمل البرغل والبطاطا والماء، لم أكل شيئا فقط شربت الماء، في نفس الليلة قاموا بنقلنا بواسطة سيارات نقل كبيرة (منشأة) الى تلعفر، وضعونا في مدرسة كبيرة، كان فيها كل الايزيديين المعتقلين ما عد النساء الطاعنات في السن.
في تلعفر أصعدونا في السيارات بقوة السلاح والعصي، أخذونا الى داخل سوريا، كان ذلك في الشهر الثاني عشر، ودخلونا في مزرعة، عددنا كان يقارب خمسمئة شخص، رجال ونساء، يأتون الدواعش ويأخذون ما يريدونه من النساء، كانوا يطلبون منا القيام، وخلع النقاب والملابس الأساسية، وكذلك يتفحصون جسمنا، إن أعجبوا بنا يأخذوننا.
جاء أحد مسؤوليهم الى هناك، سألني أن كنت أخت جليلة، فأجبته بنعم، قام بأخذي الى احدى الغرف، خلع غطاية الرأس وجاكيت كنت ألبسه، وطلب أن ألتف حول نفسي وأن أفتح شعري، وقال بأنه سيأخذني الى أختي جليلة، كنت حينها أعلم بأن جليلة قد تخلصت من الحجز وهربت، لكنني لم أرد أن أظهر معرفتي بالأمر خوفا منهم، في النهاية لم يتفق هذا الشخص مع بائعنا وظهرت بينهم مشكلة في السعر، فلم يقم بأخذي.
بعدها بفترة قاموا بتفريغ المزرعة وأخذوا كل شخص أو شخصين الى مكان ما، بقيت في الوجبة الأخيرة، مع ستة أشخاص من قرية حردان، أخذونا الى منطقة (طبقة) بعد السير لساعات على الأقدام، حين وصلنا كان المكان تحت الأرض فاصابنا الذعر، وأدخلونا بالقوة الى غرفة وأغلقوا الباب علينا، ثم جاء أحد أمراءهم وأخرجنا من هناك وأخذنا الى مقره، بقينا هناك لعشرة أيام، حينها قاموا بأجراء القرعة علينا كنا ثلاثة نساء، والذي فاز بي لم يكن موجودا، كان في حضني رضيع ستة أشهر، لم يكن يعطوننا شيء، لا حفاظات ولا حليب، كنت أطلب منهم لكنهم كانوا يقولون هذه ليست مشكلتنا حتى يأتي صاحبك الذي فاز بك في القرعة، فكنت أقوم بشحذ الفتات من هنا وهناك وأتدبر أمر الرضيع، لم يطلبوا منا الصلاة ولا الشهادة.
بعدها أخذوني مع أثنين من صديقاتي الى مقر للجرحى، أغلبهم مقطوعي الأيدي والأرجل، بقيت هناك لعشرة ايام أخرى، خلال بقائنا هناك أيضا كان يأتي الكثيرين ليرونا بهدف شراءنا. في أحد الليالي جاء أحدهم وسأل أي منكن هي جميلة، فقمت وقلت أنا، هذا كان أمير الأتصالات، كنت ملكا للأمير (أبوعماد)، لكنه لم يكن موجودا، فأهداني الى هذا الأمير (أمير الاتصالات)، وأخذني الى مقر الأتصال وهو أيضا في مطار الطبقة بالرقة السورية، كان في المقر ستة أشخاص، ثلاثة منهم روسيين وثلاثة سوريين، كنت حينها ملكا لهم كلهم، في يوم ما لم يتفقوا علي، فصار الخلاف بينهم، فجاء أمير وأخذني منهم، فذهبت مع الأمير الجديد، وبقيت عنده لسبعة أشهر في بيته، كنت خلالها جارية أخدمهم في بيتهم، وكان تعاملهم سيئا جدا، والعمل يشبه العذاب، كنت بالنسبة لزوجته خادمة، كانت تطلب مني القهوة في منتصف الليل لكي تزعجني، في أيام الثلج كانت تطلب مني أن أقوم بغسل السجاد، فكنت أحمل رضيعي على ظهري وأقوم بغسل السجاد في الخارج، على الرغم من ممارسة الجنس معي من قبلهم إلا أنني لم أكن أعطي المجال لأن أحبل منهم.
حين كنت أنهي جميع الأعمال في البيت، كانوا يطلبون مني الذهاب الى بيت جيرانهم ومساعدتهم في العمل كي لا أجلس واستريح، في الحقيقة كنت خادمة لبيتين.
هربت مع أطفالي من البيت، ذهبت الى أربعة بيوت إلا أنهم كانوا خائفين ولم يستطيعوا مساعدتي، البيت الرابع قال سأخذك الى بيت آمن، فأخذني الى بيت داعشي أخر وارجعوني مرة أخرى الى البيت نفسه الذي هربت منه، أربعة نساء قاموا بربط يدي ورجلي، خلعوا ملابسي وربطوا فمي أيضا، وأخذوا اطفالي من عندي في تلك الليلة، قاموا بضربي كثيرا، الرجال لم يكونوا في البيت، كان أغلبهم موجودا في جبهات القتال بمدينة حماة، في الصباح فكوا وثاقي وأخذوني الى الحاكم الشرعي، فقال بأنه لا يستطيعون معاقبتنا حتى يأتي صاحبي الشرعي، فأرجعوني الى البيت وقد عذبتني كثيرا حتى جاء زوجها وسألني لماذا هربت؟ فشرحت له الوضع السيء الذي نتعرض له، بعدها تحدث مع زوجته وقال لها بأنها أساءت معاملتنا مما دفعنا للهروب من البيت.
كانوا يهينون بقوميتنا الكوردية وأصلنا الايزيدي، خاصة زوجة الأمير، كانت تقول لي دائما يجب أن تدخلي الى ديانة الاسلام، وتشبه الكورد بالخنازير. كانت تمنعني من رؤية الضيوف، فيجب أن لا يراني أحد في بيتها. بعدها بفترة قمت بمحاولة هروب أخرى، إلا أنهم مسكوا بي أيضا. أخذني الرجل معه الى مقره في حماة لمدة اسبوع، وضعوني مع اطفالي في غرفة سجن، كانت سيئة جدا، بعدها ارجعني معه الى بيته في الرقة.
في يوم ما خرج الرجل مع زوجته لا أعرف بالضبط الى أين ذهبوا، أتوقع أنهم ذهبوا الى المستشفى، بقت أخته معي في المنزل، كانت ترحمنا أكثر من زوجته، فطلبت الأذن منها بأن أخذ أطفالي معي الى الحديقة القريبة لبعض الوقت، فوافقت، عندما وصلنا أعطيت رقم أخي لبعض الناس كانوا هناك، بعضهم كان يرفض خوفا من داعش، وافق شخص على ان يتصل مع أخي، أخذ مني الرقم، وأتفقت معه على أن نرى بعضنا اذا حصل على خبر من اخي، بأن يأتي الى المنزل الذي أنا فيه، ليخبرني ما صار معه بصورة سرية أو بالاشارات حتى، كذلك اعطاني عنوان منزله في حالة أردت الهروب.
بعد العودة الى المنزل رجع الرجل مع زوجته واخبرته أخته بأنني خرجت وعدت، فقام بضربي، الرجل كان أدلبي من سورية، ضربني حتى نزفت دماً من انفي ، أمسك بشعري ويلفني حوله، وضرب على ظهري، كانت أخته وزوجته تشاهدان ولم تتدخلا أبدا في الموضوع، بالعكس كانتا تظهران السخرية والإستهزاء بدل التعاطف على الاقل.
تزوجت أخته مرة أخرى من أحد المقاتلين، قتل زوجها الثاني أيضا في تلك الفترة، فجاءت وقالت لي بأننها مذنبة بحقي والله عاقبها بموت زوجها.
حل شهر رمضان في ذلك الوقت، الرجل هددني بأنه سوف يأخذ أولادي الى معسكرات تدريب خاصة بأطفال داعش، فقررت الهروب والخلاص مهما كانت النتيجة خوفا من أخذ أطفالي مني، عندما قاموا للامساك بعد منتصف الليل، قمت معهم، بعد الأكل ناموا وبقيت يقظة وأيقظت بنتي وحملت رضيعي وأخذت المفتاح المعلق على حائط المنزل، وخرجت، أقفلت الباب خلفي عليهم وأخذت المفتاح معي، مشيت قرابة نصف ساعة ودقت على أحد الأبواب، فتحت امرأة الباب، فشرحت لها الوضع وطلبت مساعدتها، أدخلتني الى البيت وأعطتني الماء، أخبرتني سرا بأنها كوردية، جلبت بعض الشربت والبسكويت للأطفال، بعدها أستدعت تاكسي وأعطته حق التوصيل، وطلب منه أن يأخذني الى عفرين، أعطتني هوية أختها وقالت أن سألوك شيئا بالسيطرات والطريق قولي بأنك أختي وهذه هي هويتها. كذلك أعطتني بعض المال لكي أستخدمه حتى أصل، أخذني التاكسي بدون مشاكل حتى وصلت كراج مدينة الباب، ومن هناك ركبت تاكسي أخر وطلبت منه أن يوصلني الى عفرين، حين وصلت الى هناك ذهبت الى أحد البيوت، بصدفة كان البيت لأحد الايزيديين، وتكلمت مع أخي فجاء مع المهربين وأرجعوني الى هنا. أسوء ما رأيته خلال هذا كله، يوم طالبوني بشرفي وقد تعدى علي أميرهم في هذا الأمر، كذلك رأيت صورا لأناس مقطوعي الرؤوس قالوا بأنهم ايزيديون لا أعرفهم لكن الصور كانت حقيقية، أيضا رأيت فتاة في الثالثة عشر من عمرها أخذوها من عندنا في مقرهم بالرقة، وأغتصبها إمام مسجد طاعن في السن بالقوة، بعدها أرجعوها إلينا.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية
