أكتوبر 22, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

مجزرة كوجو ….. (37)

مجزرة كوجو ….. (37)

الباحث/ داود مراد ختاري

 

من أجل إنقاذ الوالد كانت لعائلتنا رحلة مأساوية .

 

     تحدث لنا السيد (يوسف) عن الرحلة المأساوية لدى الدواعش قائلاً:

كنت اسكن مركز شنكال وفي ٣/٨ اكملنا التحضيرات لمغادرة المدينة وأخبرني والدي فجأة بان مجمع تل بنات السكني قد غادروا هربا الى جبل شنكال خوفا من بطش الدواعش وطلب مني ان اقوم بنجدته لكونه طاعن في السن وهو في الثمانين من العمر. في هذه اللحظات غادر الجيران وطلبوا مني ايضا المغادرة لكن قلبي لم يطاوعني ان اترك والدي هناك وأعلم بانه لايستطيع المشي ولم يتوفر له فرصة الخروج باية سيارة قريبة منه. لذا ذهبت لنجدته وتركت زوجتي مع أطفالي السبعة وهم صغار السن في البيت لحين جلب الوالد ثم التوجه نحو الجبل.

وعندما وصلت تل قصب رأيت العوائل الباقية تهرب ايضا وحالما عبرت مركز الشرطة هناك كان فارغا من اي منتسب وفي طريقي الى تل بنات فوجئت بنقطة سيطرة بين تل قصب وتل بنات في البداية اعتقدت بانها تعود للبيشمركة لاني لم أعلم بانسحابهم وعندما اقتربت اكثر وجدت بانها تعود لداعش في هذه الاثناء لم يكن تفصلني عنهم سوى مسافة لاتتجاوز مائة متر،حاولت الرجوع لكنهم شهروا اسلحتهم المختلفة نحوي وطلبوا مني الترجل من السيارة رافعا يداي الى الاعلى.

فاستجوبت لاوامرهم. قيدوني واخذوا سيارتي ونقلوني الى مركز شرطة تل قصب، وحينما وصلنا سألوني عن هويتي الشخصية اخبرتهم باني تركتها في البيت حيث كنت مستعجلا لالبي نداء والدي العجوز لكنهم لم يصدقوا قولي واخبرتهم باني شخص مدني بعيد عن الاحزاب السياسية ، ثم سالوني عن معتقدي واخبرتهم باني ايزيدي بعدها رفعت التكابير وطلب احدهم ان يجلبوا له السيف ليقوم بنحري وقال الاخر سوف أضربه طلقة في رأسه هنا تجرأت للدفاع عن النفس وقلت لهم: لا ….المسلم لا يقتل الاسير فضربني أحدهم باخمس السلاح على جبيني حيث سال الدم على وجنتي بحيث لا أستطع التحدث.

 

بعدها قال اخر بانه سوف يحتجزوني في سجن مركز الشرطة الى حين التاكد من المعلومات الموجودة في حاسوب عندهم ، ادخلوني السجن حيث كان الجو حارآ و بعد فترة وجيزه جاءوا بمجموعة اخرى من الشباب والعجزة وادخلوهم معي في السجن ولكن بعد التاكد من هوياتهم افرجوا عنهم وكذلك اتوا بمجموعة ثانية وثالثة وافرجوا عنهم ماعدا انا وشابان كانا متهمان بقتل احد افراد الدواعش اثناء المواجهات التي حدثت في الساعات الصباح الأولى من نفس اليوم وعندما طلبت منهم الافراج عني واخبرتهم باني اتيت لإنقاذ والدي وان شريعة الاسلام أيضا تقر الاهتمام بالوالدين الا انهم رفضوا وكانوا يعتقدون باني ضابط شرطة او مسؤول حزبي سيستفادون من جمع المعلومات، بقينا هناك يومين واستطعت الاتصال بعائلتي عن طريق احدهم لانه تساهل قليلا عندما اخبرتهم باني كنت استطيع الهرب لاني كنت قريبا من الجبل لكن لم استطيع التنازل عن ترك والدي الذي تعب من اجلي كثيرا الى أن انهيت دراستي الجامعية، وتكلمت مع زوجتي واخبرتها بما حصل وطلبت منها أن تهرب ان تستطع ذلك الا انها اخبرتني بانها حاولت لكنها فشلت لسوء الاوضاع في داخل شنكال حيث كان الرمي واصوات العيارات النارية لايزال مستمرا.

 

وخلال فترة احتجازنا منعوا عنا الماء والغذاء. بعدما ايقنت بان الحالة كارثية لبقاء عائلتي ايضا، وقالوا لي في السجن بان عليك إعتناق الإسلام حيث كانوا يرددون عبارة وهي (اسلم تسلم) ، بمعنى اذا لم نعتنق الاسلام سوف يقومون بقتلنا وخاصة في اليوم الثالث بعدما اتصلت بزوجتي مرة ثانية أعلمت بوضعهم المأساوي قد بقت العائلة بلا أكل وماء مع عائلة اخرى ايزيدية مقابل بيتنا، لذا أخبرت الشخصين الذان كانا معي في السجن بان نلبي طلبهم باعتناق الإسلام والا سوف يتم تصفيتنا ، ثم أخبرت احد الدواعش باننا وافقنا على اعتناق الاسلام وبعدها اخرجونا الى سياج السجن واخبرونا بالبقاء قريبا وان لا نذهب الى الجبل لاننا أسلمنا، بعدها طلبت ان يساعدني في جلب عائلتي من شنكال لانهم بقوا لوحدهم وذهبت معهم حيث وجدت الجثث مرمية على الطرق من العسكريين والمدنيين. وعند وصولنا وجدت عائلتي في حالة يرثى لها فالصغار مرضى واصابهم حالة فزع وذعر وطلبت منهم ان ابقى مع عائلتي ليوم وبعدها أعود اليهم لاني كنت احاول كسب الوقت كي أهرب لكنهم رفضوا واصروا على الرجوع معهم ، رجعنا بعد المغيب وتركونا في منزل داخل تل قصب وقضينا ليلة صعبة لانه كان خالياً من البشر الا عدد قليل من العجزة واخبروني بان لا أذهب بعيدا لان نقاطهم للحراسة بالقرب من هذا الدار.

كان ابني الاكبر عمره ١٢ سنة لديه موبايل فاتصلت بأخي واخبرني بان الوالد قد وصل الى الجبل وعليك الاتصال بصديق وكريف مسلم كردي قريب عن تل قصب لعله يجد مخرجا لك ،فاتصلت به لكنه أعتذر وقال بامكان خالي (ح.ق.ح) ان يجد حلاً، وان اهل قرية كوجو والحاتمية لم يغادروا لان الدواعش اقنعوهم بان يرفعوا رايات بيضاء على منازلهم ولن يمسهم بسوء.

في الصباح ذهبنا الى كوجو دون علم الدواعش، في البداية كنت ارغب بالذهاب الى الحاتمية ولكن (ح.ق.ح) اقنعني بان ياخذني الى كوجو في بيت صديق قريب له. بقينا عندهم مايقارب اسبوع وبعدها جاء الى القرية امير داعشي وامهلوهم ثلاثة ايام موعد اما ان يسلموا او يقتلوا في هذه الفترة وتوافد مجاميع من شيوخ ومخاتير عرب الى القرية والتقوا بالمختار، وكنا نتحدث عن المشكلة احيانا واحاول اقناع مجموعة من الشباب بالواقع اغلبيتهم كانوا يؤيدون الرأي.ثم اخبرونا بان امير داعش قد جاء عند المختار واعفى عن الشرطين اي (اعتناق الإسلام او القتل) ، ارتحنا قليلا وبعدها بيوم أعلمنا بان اهل قرية الحاتمية قد استطاعوا الهروب الى الجبل وفي اليوم الثاني نصبوا الدواعش نقاط السيطرة داخل القرية وخارجها.

وبعدها بيومين اخبرونا بان داعش سوف يسمح لنا بالذهاب الى الجبل وطلبوا منا التواجد في بناية ثانوية كوجو، في داخل بناية المدرسة كنت أتحدث مع صديقي (رياض حسن عمو) وهم ينقلون الرجال بالسيارات على شكل وجبات (باعتقادنا الى الجبل) وأخيراً بقينا عشرة أشخاص أو أكثر، ورآني الداعشي الذي كان في تل بنات معي حينما دخلت الى ديانة الاسلام فطلب مني أن أخرج من المدرسة وجلب عائلتي من الطابق العلوي للمدرسة كي ينقلونا لكوننا مسلمون حالياً، لكن داعشي آخر وهو تلعفري رفض ذلك وقال : لا تدافع عنه الجميع هم كفرة ليبقى معهم لكن الداعشي العربي أصر على انه أسلم منذ أكثر من اسبوع ، لذا طلبت من عائلتي بالنزول من الطابق العلوي ورأتنا العوائل وفي الباب الرئيسي ودعت صديقي رياض والعم أحمد جاسو، في حينها تألمت كثيراً لاني اعتقدت بانهم قد وصلوا الى الجبل ، أنا وعائلتي أصبحنا تحت ظلم الدواعش.

نقلونا الى مجمع تل بنات لكوننا قد اعتنقنا الاسلام في اليوم الأول بعد القاء القبض علينا وعندما وصلنا وجدت مجموعة من الشباب والعجزة في بيوت تابع للموظفين ، بعدها نقلوني الى قرية (قصر الحصينيات) وبقيت تسعة أشهر كنت افكر دائما بطريقة كي اهرب منهم والح على والدي وأشقائي بإيجاد وسيلة كي أنقذ العائلة، لان بناتي في عمر الزواج، حتى تمكنت اخيرا من الهرب الى الجبل وبمساعدة قوات البيشمركة والاسايش.

ولازلنا نعاني من الوضع النفسي الصعب بسبب المعاناة التي واجهتها افراد عائلتي من حرب نفسية و خوف ورعب لان اغلبيتهم اطفال صغار دون العاشرة من العمر.

وهنا في زاخو نعاني الظروف المعاشية الصعبة لان اية جهة حكومية او انسانية لم يتصل بنا لحد الان لمد يد العون لنا ، علما بان المبلغ الذي دفعناه مقابل الافراج (٤٠٦٠0- أربع دفاتر و60 ورقة) دولار ، اشترى والدي سيارة (الدفع خلال أربعة اشهر) وباعها نقداً، وقد أقتربنا من موعد الدفع وحينها سيتم تحويلي من سجون الدواعش الى سجن حكومي في حالة لم استطع دفع المبلغ المقرر.

 

 

 

 

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi