يوليو 29, 2025

Lalish Media Network

صحيفة إلكترونية يومية تصدر باشراف الهيئة العليا لمركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك - كوردستان العراق

مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي) / الحلقة (21)

مأساة إيزيدية تركيا قبل قرن في مذكرات (ميرازي)

إعداد وترجمة: الباحث/ داود مراد ختاري

الحلقة (21)

في الخريف تجمعنا في المدرسة، لكن هذه المرة لم أكن في بيت سوسن أفندي، مكاني كان في بيت عمر جاويش.

عمر جاويش كان رجلا بخيلا، أبنه عبد الحميد كان زميلي في المدرسة. أمه كانت في الخامسة والثمانين. في زمن ذهاب عمر جاويش إلى عسكريته ذات السبع سنوات (في ذلك الوقت كانت العسكرية سبع سنوات)، قامت أمه بأخذ ملعقته التي يتناول بها الطعام وحملها معها لمدة سبع سنوات، وفي الليل كانت تضعها عند رأسها وتنام، وعند عودة إبنها عمر من العسكرية تقول له “يا بني خذ هذه هي ملعقتك”.

عمر جاويش كان يقدرها كثيرا. ولكن زوجته حلي، كانت بعيدة عن النظافة، ولم يكن لها أي عمل نظيف تقوم به، الطعام التي تطبخه حلي لم أكن أستطيع أكله، إلا في أوقات الجوع الشديد كنت أتناوله، وذلك بصعوبة.

ولدى عمر جاويش أخت أسمها خجي، زوجها مقتول، وهي في العشرين من عمرها ولديها ولد واحد، لقد كانت تركب مع الفرسان خلال سنتين استطاعت أن تنتقم لزوجها. ولم يكن أحد قادرا على قول أي كلمة لها. وعندما كانت تأتي لبيت أخيها عمر جاويش، كانت تقول لزوجته حلي “أعتني جيدا بأبن أخي الجاويش، فنحن أهل، ولكن ويلك لو تزعلين أحمد، مع أبوك العجوز سأدخلكم في حلقة الطلقات وأبيدكم معا”. حينها كان الجميع يضحك.

في الأسبوع الأول من الدراسة لم تكن حلوة بالنسبة لنا، لأننا تعودنا في الشهور الماضية على العطلة واللعب والحرية في الجبال والمصايف، لكننا أستسلمنا في النهاية ورويدا رويدا لأمر الواقع.

العمة آمي، عندما تراني، تسعد كثيرا، كانت تضرب على كتفي وتلمس بيدها رقبتي، وتقبلني، وكانت تسأل عن أمي:

– أحمد، يا بني، منذ ذهابك فقط أرسلت رسالة لأخوك إبراهيم، لم يكن هناك من يكتبها لي، وتلك الرسالة كتبها لي أخ الملا بكر في منطقة خيرالدين.

وقد وعدت العمة، أن أكتب لها رسالة بعد الدروس وقد ذهبت بعد أيام. وكتبت الرسالة، وشربت صلاحية الحليب. (لأنني إن لم أشربها فسوف تستاء العمة). وقد خرجنا من البيت معا، كان هناك حمار يأكل القش والعشب الذي جمعته العمة، لأجل بقرتها في الشتاء.

– هوشة… هوشة، يا أيها الحمير، فليهدم الله بيت صاحبك، – العمة أمي كانت تقول، – من سيجمع العشب لي، وأنت تأكله بكل يسر؟ – وقد رمته بحجرٍ صغيرٍ -كم مرة قلت لصاحبه ان ينتبه له. لكنه لوكان شخصا جيدا لجاء يرعى حماره. وهو أيضا يقول : “أنا حفيد سورملي ممد باشا، وإبن أحمد بك…” ولهذا يقول المثل: “من الأولياء يخرج التافهون ومن التافهون يخرج الأولياء…”.

– يا عمة، لماذا هم أولاد البكاوات؟

– صحيح يا بني هو إبن أحمد بك، الذي قتل مع إبنه عبد الله على يد الجركس في قلعة توبراخقلي، إنها قصة كاملة، سأرويها لك فيما بعد.

– يا عمة إذا كان من البكاوات، لماذا جاء ليصبح راعيا للحمير؟ (رعاة الحمير، كان يحملون على الحمير الأخشاب والحطب وروث الحيوانات ويبيعونها، ويتدبرون أمرهم بها).

– يا بني، عندما لا يكون هناك آغاوية لهم، فكلهم رعاة الحمير، فماذا سيفعلون إذا؟ فهم لا يعرفون القراءة، ولا يعرفون أي مهنة، وحين لا يكون لديهم المال كلهم سيصبحون كسعيد بك رعاة للحمير.

لقد ودعت العمة وذهبت، ولكن القصة التي كانت تريد أن تقولها لي العمة، لم أكن أعرفها، ولذلك كنت متشوقا لسماعها منها.

كان يوم الجمعة، يوم عطلتنا، نحن والكثيرين من ابناء (ديادين ) ذهبنا إلى الميدان الكبير، مكان العرس الفخم.

البابا أفندي (أحد أغنياء بيازيد القراح) خطب ابنة مصطفى الأفندي جميلة، لأبنه مصطفى. الرقص كان موجودا في مكانين:- الأول في داخل الدار الكبير لمصطفى أفندي، والأخر خلف السور. البابا أفنديٍ كان قدٍ جاء بثلاث مجموعات عزف الطبل والزرناية. داخل سور البيت كان المدعوٌون، شباباً وبناتاً وكنائن (كنات) الأفندية وآغاوات ( ديادين) يرقصون، وفي الخارج كانت جماعة الوسط والفقراء يرقصون، وهم الأكثرية.

ومع اقتراب ركوب العروسة الخيل، جاءت المجموعات الثلاثة للعازفين إلى الميدان الكبير، عزفوا نغمة ركوب الخيل، الفرسان بدأوا بالرقص على خيولهم ولعبوا الجري.

تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2021 by Lalish Media Network .   Developed by Ayman qaidi