الباحث/ داود مراد ختاري
استشهاد (80) إمرأة مسنة.
قالت الناجية (د. م. ب 1985):
إننا جئنا الى المدرسة كي نخرج الى الجبل، ونهبونا بما نمتلك من الاسلحة والاموال والذهب والموبايلات، حينما أخذوا الوجبة الاولى من الرجال كنت في الطابق العلوي ورأيتهم بإيصالهم عند مجموعة من الرجال هناك في الجهة الغربية من المدرسة عند حوض ماء وكانوا مبينين وسمعت صوت الرمي وأدركت حينها انهم قتلوا رجالنا، لكن انتابني خوفاً من ابلاغ بقية رجال القرية وانهم سيهاجمون الدواعش بأيديهم وحينها سيتم إبادة القرية بالكامل صغاراً وكباراً
ولكن يا ليتني قلت لرجالنا ما سمعت!!!!
في صولاغ عند المساء قالوا لنا على النساء واطفالهم بالصعود الى الطابق العلوي لغرض تقديم وجبة العشاء فأنا أخذت ابن شقيقي معي وشقيقتي الاخرى أيضاً فعلت ذلك وصعدنا مع النساء الى الطابق العلوي، وحينما نزلنا رأينا بأنهم قد أخذوا الفتيات ، وفي الساعة الثانية عشر ليلاً أخذوا الاطفال الكبار الى تلعفر ومن ضمنهم أطفال شقيقي .
في اليوم الثاني ظهراً أخذوا (80) إمرأة مسنة وعبروهن الى ماوراء ساتر ترابي من الصولاغ وبعد دقائق سمعنا صوت الرمي أيضاً وكنت جالساً في شباك العلوي للمدرسة وحينها أدركنا بأنهم قتلوا النساء ولم تمر نصف ساعة حتى جاءت (حفارة – شفل) لتدفنهم بمقبرة جماعية.
تم تحويلنا الى تلعفر بـ (14) سيارة نوع (منشأة) وبقينا 13 يوماً فيها واعادوا الينا الاطفال وسألت عن فتاة من عائلتنا كانت قد القي القبض عليها مع عائلة خالها في يوم 3-8 -2014، فرد الداعشي لا تسألين عن الفتيات لم يبقى لعوائلهم السابقة أية علاقة بهن وهن الأن من حصة المقاتلين للدولة الاسلامية .
تم تحويلنا الى قرية كسر المحراب، وفي أحد الأيام أبلغنا بالتجمع في المدرسة لغرض التفتيش وعلمنا بأنهم يودون أخذ النساء والفتيات .
أخذنا نحن تسعة من ضمنهن (أنا وشقيقتي وإثنتان من زوجات أشقائي) الى تلعفر وبقينا (28) يوماً يأتون المشترين لشراءنا لكنهم كانوا يبحثون عن الجميلات وحتى المعاقين في كراسيهم والعجزة من عمر الثمانين جاءوا ولم يرضوا بالزواج منا.
أنقلونا الى سوريا وفي الطريق قلت للحارس (من عشيرة المتيوتي) لماذا فعلتم هكذا بقرية كوجو القريبة منكم، فرد قائلاً: لم أكن معهم، فقلت له: والله انت كنت في داخل كوجو، وطلبت منه أن يقتلني بضرب إطلاقة رصاص على جبيني ، لكنه لم يفعل، وكان الحارس الوحيد معنا في السيارة وكانت سيارة تيوتا نوع (مرزي) في المقدمة، عندما وصلنا الى هياكل الشقق في شنكال، طلبت من زميلاتي أن نهجم عليه ونأخذ منه السلاح ونقتله مع السائق ونهرب، لكن زميلاتي رفضن المحاولة.
حاولت أن أنفذ العملية لوحدي.
وصلنا في قاعة سوريا وبعد مرور 11 يوماً باعوني الى شخص متوسط العمر وكان متزوجاً وقال لي ستصبحين خادماً لزوجتي، ووافقت على العمل في البيت شرط أن لا يمس كرامتي، فردت زوجته: انا لا أوافق على أن تكوني ضرتي، لا تخافي من هذه الناحية، وبعد مرور ستة أيام طلبت الزوجة من زوجها بطردنا من البيت مدعياً لا نستطع أن نطعم ثلاث أشخاص (كان معي اثنان من اطفال شقيقي وكنت أقول لهم انا متزوجة وهؤلاء اطفالي)، ترجوت منها بان ابقى لديها وقلت لها (انك تمنحينا وجبتين من الأكل في اليوم والأكل قليل جداً) فردت : حتى هذا الاكل في الوجبتين لا أستطع تقديمها لكم ، طلبت منها أن تمنحنا وجبة واحدة في اليوم لكنها رفضت.
باعني الى شخص آخر سوري (25 سنة) رغماً عني، ووضعوا الأطفال في السيارة، لكني رفضت الصعود، والزمت الباب الحديدي للدار، الاثنان حاولا فك يدي من الباب لكنهم لم يستطيعوا فضربوا ظهري عدة مرات على الباب وانسلخ جلد ظهري بالكامل دون أن يستطيعوا ذلك، وأخيراً الاثنان حملوني الى السيارة وحاولا دخولي اليها لكني رفضت ، بكل قوة دخلوني اليها وبقت قدمي خارجاً وغلق الباب بكل قوة، حينها كسروا قدمي، ودخلونا في مدرسة (لكونه لا يمتلك داراً، وفي خصام مع عائلته) دخلنا إحدى الغرف، وفي الليل كنت أتألم كثيرا من كسر القدم ومن إنسلاخ جلد ظهري أيضاً، والطفلان يبكيان علي.
كان مهنته زرع العبوات في المطارات السورية ومناطق كوباني، جلب لنا مدفأة قديمة جداً وخمس لترات من النفط الأبيض وقال: لابد أن تكفي لعشرة أيام، بقيت عنده خمسة عشر يوماً.
لم يشتري لي الملابس لاني لم أنفذ طلباته، وحينما يأتي في الليل لم أنهض من الفراش، حاول عدة مرات الزواج مني.
في احدى الليالي كنت نائماً بين الطفلين فنهضني من الفراش، ورفضت طلبه، وقلت له: هل يعجبك أن شخصاً ما يود التعدي على شرف أختك ؟ فصفعني بكل قوة وقيدني، عضت أصابعه فعذبني.
طلب مني أن أكون على علاقة مع أحد أصدقاءه الشيشاني، لكني رفضت.
ولم يأتي لعدة أيام ولم نكن نمتلك مبلغاً من المال لشراء الخبز، فكنت أبحث عن فتات الخبز القديمة والمعفنة واغسلها للأكل، وبعدها جاء الينا أحد أصدقاءه وسلم للولد الخبز، وقال : الرجل مصاب وسيأتي بعد يومين.
ذات يوم خرج لمدينة الرقة مع صديقه الشيشاني وقال: لقد وعدت صديقي أن تكوني حصتنا نحن الاثنين ولا يجوز لك أن ترفضي طلباته، وحينما نعود سوف يأخذك الى فراشه.
لم يبقى لي الا الهروب ، وفي الساعة الرابعة بعد منتصف الليل نهضت الطفلين وخرجنا من المدرسة، ولا نعلم اين نتجه ؟
حملت الطفلة على صدري والزمت يد الولد ، خرجنا من المدينة ، ووصلنا الى خيم الرعاة، كنت أتألم كثيراً، قال لي الولد : لندخل الى خيم الرعاة، فقلت له: بان مقرات الدواعش قريبة منهم، وهربنا بالهرولة لمدة ساعتين ونصف، دخلت الى دارٍ نظراً لبزوغ الفجر، وقصصت لهم قصتي وطلبت ايوائي لفترة النهار فقط وسأرحل بعد مغيب الشمس، لكنهم رفضوا ايوائي، وطرقت باب ببعد ثلاث دور عنهم وللأسف لم يفتحوا لي، ومشينا بين الدور ودخلت داراً ثالثاً، بالرغم من الحاحي لكنهم لم يشفقوا وطردوني مدعياً بان الدواعش قريبين منا، طلبت منهم ان أتصل مع أهلي مقابل تراجي في أذن الطفلة ، فرفضوا أيضاً.
خرجت من هذا الحي ودخلت حياً آخر ، وطرقت باباً لم يفتحوا لنا، لشروق الشمس لم يبقى لنا المجال وان الدوريات الداعشية ستلقي القبض علينا، فقفزت جدار الدار الى الداخل وفتحت الباب للأطفال، ثم ناديت على ربة البيت، فخرجت فدخلت عليها وقصصت لها مصيبتي وطلبت منها أن أتحدث مع أهلي في العراق، وتبين أنها عائلة كردية، ثم جاء زوجها ، فأخبرت الاهل ، لكنهم طلبوا مني الرحيل خوفاً من الدواعش، بعد التوسل والالحاح تم ايواءنا الى المغرب وتبين أنهم عائلة فقيرة الحال.
خرجنا من الدار عند الغروب وتواعدنا مع رجلين لانقاذنا وحينما وصلنا الى الحدود التركية ركضنا مسافة (4) كلم ، ثم أصطدمت بالاسلاك المعدنية المدببة للحدود مع تركيا فأصيبت بجروح عديدة في جسمي ووقعت أرضاً، لم استطيع السير لكن الرجلان حملوا الطفلين وسحبوا من يدي .الى أن وصلنا الى بر الأمان.
تُتاح هذه الصورة أيضا في: العربية